فدک نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فدک - نسخه متنی

سید محمدحسن قزوینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فوارة و نخيل كثيرة [ معجم البلدان للحموى «مادة فدك» ] يقدر نخيلها بنخيل الكوفة فى القرن السادس الهجرى [ شرح ابن أبى الحديد 16/ 236 طبعة الحلبى الحديثة. ]

أما وارادتها فقدروا فيها نصابه الأول 24 ألف دينار فى السنة، والثانى 70 ألف [ كشف المحجة للسيد ابن طاووس ص 94 ]، و يمكن توجيه النصيبين باختلاف السنين فى كمية الثمر.

كان جماعة من اليهود يسكنون فدك و يستثمرونها حتى السنة السابعة للهجرة، فلما حارب النبى صلى الله عليه و سلم يهود خيبر لنقضهم عهود المصالحة المبرمة بينهم و بين رسول الله و فتح حصونهم و بقى حصنان [ تاريخ الطبرى حوادث سنة سبع من الهجرة. ] أو ثلاثه [ معجم البلدان. ] منها لم تفتح، حاصرهم رسول الله فلما اشتد بهم الحصار، راسل أهلها النبى صلى الله عليه و سلم، على أن يؤمنهم على حياتهم و ينزلوا له عن حصونهم و أراضيهم. فقبل النبى صلى الله عليه و آله بعرضهم هذا، فانجلوا عن حصونهم و تركوها للمسلمين. و الانتصار الذى أحرزه المسلمون يوم خيبر ارعب أهل فدك كما أن الا تفاقية الاخيرة بين النبى صلى الله عليه و سلم و أهل الحصون فتحت بابا للأمل عندهم. و لذا لما جاءهم رسول النبى صلى الله عليه و سلم بعد ذلك- يدعوهم إلى الإسلام- أبو أن يسلموا، ولكنهم استعدوا أن يقدموا نصف أرضهم للنبى صلى الله عليه و سلم مع الاحتفاظ لأنفسهم بالنصف الآخر على ان يعملوا فى أرضهم و أرض رسول الله، و متى ما شاء النبى أن يجليهم عن أرضهم فعل، شريطة أن يعوضهم عن أتعابهم و أرضهم. فصارت فدك ملكا لرسول الله بنص القرآن الكريم «و ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شى ء قدير»، فكان يتصرف فى فدك حسبما يشاء إلى أن نزل «و آت ذاالقربى حقه» فاستوضح رسول الله من جبرائيل مراد الآية فقال له: اعط فاطمة فدكا لتكون بلغة لها و لأولادها و ذلك عوض ما بذلته أمها خديجة من أموال و جهود فى سبيل الإسلام.

فدعا النبى صلى الله عليه و سلم فاطمة و أعطاها فدكا و انتهت بهذا ملكية النبى صلى الله عليه و سلم لفدك و صارت ملكا للزهراء تتصرف فيها تصرف المالك بملكه. و بقى الأمر هكذا حتى توفى النبى (ص) و استولى أبوبكر على الخلافة الإسلامية فوضع اليد على فدك و انتزعها من يد الزهراء فابتدأ النزاع بينها و بينه فطالبته بفدك على أنها نحلة و عطية من أبيها. فطلب أبوبكر منها إقامة البينة على دعواها مع أنها صاحبة اليد، والتصرف واليد حجه و امارة على الملكية، و ليس على صاحب اليد البينة، بل البينة على غير صاحب اليد و هو المدعى، و صاحب اليد يكون مدعى عليه «و يدل على أن اليد لها لفظ الإيتاء فى الآية [ أى آية «و آت ذاالقربى حقه» و رواية أبى سعيد الخدرى: دعا رسول الله فاطمة فأعطاها فدكا، و رواية ابن عباس: أقطع رسول الله فاطمة فدكا. ]- والاقطاع والإعطاء فى الأخبار، فإنها ظاهرة فى التسليم والمناولة كما يشهد لكون اليد لها دعواها النحلة و هى سيدة النساء و أكملهن، و شهادة أقضى الأمة (على) بها لأن الهبة لاتتم بلا إقباض، فلو لم تكن صاحبة اليد لما ادعت النحلة، و لرد القوم دعواها بلا كلفة و لم يحتاجوا إلى طلب البينة» [ دلائل الصدق للحجة المظفر 3/ 68. الطبعة الثالثة بمصر ]، «على أن البينة طريق ظنى مجعول لإثبات ما يحتمل ثبوته و عدمه، فلا مورد لها مع القطع واليقين المستفاد فى المقام من قول سيدة النساء التى طهرها الله تعالى و جعلها بضعةه من سيد أنبيائه، لأن القطع طريق ذاتى إلى الواقع لا بجعل جاعل فلا يمكن رفع طريقتيه أو جعل طريق ظاهرى على خلافه، فالمفروض بالزهراء أنها صادقة و قد شهد الله و رسوله لها بالصدق و لا يسلم إسلام أى أحد أن يقول: الزهراء كاذبة. و الخليفة الأول كان يعلم تمام العلم بأنها صادقة، ولكنه مع هذا طالبها بالبينة، و جعلها مدعية بعد أن كانت صاحبة اليد والتصرف، و أنها مدعى عليها ولكن الحق مع القوة.



  • و دعوى القوى كدعوى السباع و دعوى القوى كدعوى السباع


  • من الظفر والناب برهانها من الظفر والناب برهانها


فاضطرت حينئذ أن تقيم البينة على نحلتها، و هنا روايات متعددة تشعر بأن الزهراء احضرت الشهود عند أبى بكر عدة مرات و كانوا يختلفون من حيث العدد و فى كل مرة يردها بطريقة خاصة ففى المرة الأولى قدمت عليا و أم أيمن، فقال لها أبوبكر أبرجل و امرأة تستحقينها؟ و فى رواية قد علمت يا بنت رسول الله أنه لا يجوز الا شهادة رجل و امرأتين. والزهراء تعلم تماما بأن المحاكمات العادية تحتاج إلى شهادة رجلين أو رجل و امرأتين، ولكن قضيتها لم تكن كسائر المحاكمات إذ ليس لها خصم فى دعواها حتى تحتاج إلى ما تحتاجه سائر الخصومات، بل هى قضية شخصية عائلية كانت تحتاج إلى شاهد و أحد يصدق قولها إذ المفروض بأبى بكر أن يكون حاكما و قاضيا، لا أن يكون طرفا فى النزاع و خصما لها. ولكن الخليفة جعل نفسه خصما و حكما فى آن واحد.

فالتجأت الزهراء حينئذ أن تقدم شهودا أكثر...

ففى المرة الثانية قدمت عليا و أم أيمن و أسماء بنت عميس والحسنين [ ذكر فى «المواقف» و شرحها فى المقصد الرابع من مقاصد الإمامه أنها ادعت النحلة و شهد لها على والحسنان و أضاف فى «المواقف» أم كلثوم و قال فى شرحها الصحيح: أم أيمن، أنظر: دلائل الصدق للإمام المظفر 3/ 65، 66 الطبعة الثالثة بمصر». ] .

و هنا صار الخليفة و صاحبه امام أمر واقع فحاولا التخلص من الموقف والتهرب من الحق فالتجأوا إلى لمغالطة فجرحا الشهود قائلين: أما على فزوجها، والحسنان ابناهما و هم يجرون إلى أنفسهم، و أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبى طالب فهى تشهد لبنى هاشم، و أما أم أيمن فامرأة أعجمية لا تفصح. و جاء المتأخرون من أتباع أبى بكر و عمر والمدافعين عنهما فأعطوا الموضوع صبغة علمية
قال ابن حجر فى الصواعق «إن فى قبول شهادة الزوج لزوجته خلافا بين العلماء و أن شهادة الفرع والصغير غير مقبولة [ الصواعق المحرقه: لابن حجر. ]

أى لأنهم يجرون إلى أنفسهم، و لم يكن لهم
من حجة و مدرك سوى سيرة الشيخين والحمد لله الذى جعل الشيخين من جملة المشرعين فيجب الاقتداء بهم. و على فرض صحة قولهم فى الزوج والفرع، فان عليا والحسنين ليسوا موضع تهمة، و لم يشهدوا زورا ليجروا إلى أنفسهم، فهم من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و هم من باهل بهم رسول الله نصارى نجران، و هم من نزلت فى حقهم عدة سور و آيات. و هم الذين شهد النبى لهم بالجنة، و فضائلهم لا تحصى، فهل يسلم إسلام أحد أن يتهمهم بالباطل والكذب على رسوله، و الاجحاف بحق المسلمين من أجل أنفسهم؟ و هل يشك أحد فى صدق على و إيمانه و ورعه و هو القائل «والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصى الله فى نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، و إن دنياكم عندى أهون من ورقة فى فم جرادة تقضمها، ما لعلى و لنعيم يفنى و لذة، لا تبقى»، و كل الناس يعرفون عليا بالصدق و لا يناقض فعله قوله. و أما ماقيل عن الحسنين بأنهما كانا طفلين لا يعتمد على شهادتهما [ قال الشيخ المفيد عند ذكره لحياة الإمام الحسين عليه السلام متحدثا عن مقتل الحسنين عليهماالسلام: «و كان من برهان كمالهما عليهماالسلام و حجة اختصاص الله تعالى لهما بعد الذى ذكرناه من مباهلة النبى بهما ] بيعة رسول الله لهما، و لم يبايع صبيا فى ظاهر الحال غيرهما. و نزول القرآن بإيجاب ثواب الجنة لهما على عملهما مع ظاهر الطفولة فيهما و لم ينزل بذلك فى مثلهما، قال تعالى فى سورة هل أتى: «و جزاهم بما صبروا جنة و حريرا» فعمهما هذا القول مع أبيهما و أمهما عليهماالسلام «الإرشاد: ص 180 طبعة الآخوندى سنة 1377 ه».

فالجواب عنه هو أن صغر سنهما لا يؤثر فى صدق قولهما و قبول شهادتهما، لأن النبى صلى الله عليه و سلم قبل بيعتهما، والبيعة عقد من العقود و شرطها البلوغ، فهل ترى أن النبى صلى الله عليه و آله كان لا يعلم بهذا الشرط؟ أم أنه علم به، ولكن قبل بيعتهما، لأن لهذا حكما خاصا؟ والشهادة دون البيعة بمراتب و إذا قبلت بيعتهما فبالأحرى أن
تقبل شهادتهما مع أن سنهما عند الشهادة كان أكبر بكثير من سنهما عند البيعة. و أما أسماء بنت عميس المرأة التى شهد النبى صلى الله عليه و سلم بأنها من أهل الجنة فقد اتهموها بحب بنى هاشم فأسقطوا شهادتها، فهل الحب مسقط للشهادة؟ و هل المفروض بالإنسان أن يشهد له أعداؤه حتى يثبت حقه؟. و أم أيمن المرأة الثانية التى شهد النبى صلى الله عليه و سلم بأنها من أهل الخير و أهل الجنة... فقد أسقطوا شهادتها زاعمين أنها أعجمية لا تفصح، فهل من شروط الشهادة: العربية والفصاحة؟ و هل الصدق عند العرب فقط؟ و أن بقية المسلمين لا تقبل شهادتهم؟ و إلى هذا الموقف أشار شريف مكة قائلا:




  • ثم قالت فنحلة لى من والد
    فأقامت بها شهودا فقالوا
    لم يجيروا شهادة ابنى رسول
    لم يكن صادقا على و لا فاطم
    كان أتقى لله منهم عتيق
    قبح القائل المحال وشاها



  • ى المصطفى فلم ينحلاها
    بعلها شاهد لها و ابناها
    الله هادى الأنام إذ ناصباها
    ة عندهم و لا ولداها
    قبح القائل المحال وشاها
    قبح القائل المحال وشاها



لم يكن صادقا على و لا فاطمه عندهم و لا ولداها.

و أخيرا رجع الشهود على أعقابهم يجرون أذيال الخيبة متألمين من رد شهادتهم و تجريح القوم إياهم، مما حدا بالآخرين الذين يعلمون بإعطاء النبى فدكا للزهراء أن يحجموا عن الشهادة، كأبى سعيد الخدرى وابن عباس الذين رويا أن النبى أعطى فاطمة فدكا و ذلك خوفا من أبى بكر و أعوانه لما رأوه من شدتهم على أهل البيت، و علما بأن شهادتهم ستره، كما ردت شهادة على والحسن والحسين و أم أيمن و أسماء بنت عميس. و لكن الزهراء لم تكف عن مطالبتها بفدك آملة نجاح مساعيها و هادفة إقامة الحجة على غاصبيها فأعادت الكرة عليه ثالثة، و فى هذه المرة لما رأى أبوبكر إلحاحها الشديد أراد أن يوصد الباب فى وجهها و يقطع عليها خط العودة لتكف عن الطلب
فقال لها «إن هذا المال لم يكن للنبى و إنما كان مالا من أموال المسلمين يحمل النبى به الرجال و ينفقه فى سبيل الله، فلما توفى وليته كما كان يليه» [ شرح النهج 16/ 214 رواه أبوبكر الجوهرى عن هشام بن محمد عن أبيه ] ، إذن ففدك على رأى أبى بكر ليست ملكا للنبى صلى الله عليه و سلم حتى يعطيها لمن يشاء بل هى ملك للمسلمين، و معنى ذلك أن الزهراء لو أقامت سبعين بينة و شاهدا على أن النبى صلى الله عليه و سلم أنحلها فدكا لا يعطيها أبوبكر إياها بحجة أنها ليست للنبى و ليس له أن يعطيها لفاطمة. و هذا خروج على حكم الله إذ يقول: «و ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شى ء قدير».

فالله تعالى جعل فدكا لرسول الله، و أبوبكر يأبى ذلك و إذا صح ما قاله الخليفة أن هذا المال لم يكن للنبى و إنما كان مالا من أموال المسلمين فلماذا لم يرد الزهراء من أول و هلة بهذا الكلام؟ و لماذا طالبها بالبينة؟ ثم لماذا اتهم الشهود؟! و لما بلغ الأمر إلى هذا الحد انسحبت الزهراء من الميدان، و ذهبت تشكو حالها إلى ابن عمها على عليه السلام؟ قائلة «هذا ابن أبى قحافة يبتزنى نحلة أبى، و بلغة إبنى، لقد أجهد فى خصامى، و ألد فى كلامى».

دعوى الميراث: و كانت تدور دعوى الميرات حول ثلاثة أشياء: فدك، ما أفاء الله على رسوله فى المدينة، ما بقى من سهم رسول الله بخيبر [ روى البغوى فى «المصابيح» فى باب الفى ء من الحسان عن عمر قال: كان لرسول الله ثلاث صفايا: بنوالنضير، و خيبر، و فدك. ]

أولا- فدك- طالبت الزهراء بفدك إرثا بعد ما أخفقت فى الحصول عليها نحلة، و لصاحب الحق أن يسلك أى طريق مشروع يوصله إلى حقه حتى إذا تعددت الدعاوى عنده، و هذا شى ء يقره الشرع والقانون المدنى، فعلى اعتبار أن فدك مما أفاء
الله به على رسوله فإذا لم تنتقل فى حياته إلى الزهراء حسب زعم أبى بكر، فلا بد أن تنتقل إليها بعد وفاته بالميراث، لأنها الوريثة الشرعية الوحيدة لأبيها رسول الله على رأى الشيعة، أو أن العباس يشاركها على رأى السنة القائلين بالتعصيب.

ثانيا- ما أفاء الله على رسوله فى المدينة، أو ما كان لرسول الله بالمدينة، او ما يعبر عنه بصدقة النبى صلى الله عليه و آله بالمدينة- إذ كانت النبى صلى الله عليه و سلم أموال فى المدينة أفاءها الله عليه، و هى الحوائط السبعة التى و هبها مخيريق اليهودى من بنى النضير يوم أحد لرسول الله.

قال السمهودى فى وفاء الوفا 2/ 153، قال المجد، قال الواقدى: كان مخيريق أحد بنى النضير حبرا عالما فآمن بالنبى صلى الله عليه و سلم، و جعل ماله- و هو سبع حوائط- لرسول الله. و قال: روى ابن زباله عن محمد بن كعب أن صدقات رسول الله كانت أموالا لمخيريق اليهودى فلما كان يوم أحد قال لليهود: ألا تنصرون محمدا فوالله إنكم لتعلمون أن نصرته حق، قالوا: اليوم السبت، قال: فلا سبت لكم، و أخذ سيفه فمضى مع النبى صلى الله عليه و سلم فقاتل حتى أثخنته الجراح، فلما حضرته الوفاة قال: أموالى إلى محمد يضعها حيث يشاء، و كان ذا مال، فهى عامة صدقات النبى صلى الله عليه و سلم. و أمواله هذه التى أوصى بها هى بساتينه السبع، و هى: الدلال، و برقة، والصافية، والمثيب، و مشربة أم ابراهيم، و الأعواف، و حسنى، و أوقفها النبى صلى الله عليه و سلم على خصوص فاطمة و كان يأخذ منها لأضيافه و حوائجه، و عند وفاتها أوصت بهذه البساتين و كل ما كان لها من مال إلى أميرالمؤمنين عليه السلام. و قال: مخيريق سابق اليهود، و سلمان سابق فارس. و بلال سابق الحبشة،... و قال فى «مجمع البحرين» مادة حسن: الحسنى أحد الحيطان الموقوفة على فاطمة عليهاالسلام.

فظهر من هذه الروايات أن النبى صلى الله عليه و سلم أعطى فاطمة الحوائط السبعة و أوقفها عليها، ولكن أبابكر استولى على فدك، فطالبت الزهراء بها ميراثا من أبيها رسول الله مع أن النبى صلى الله عليه و سلم أوقفها عليها فى حياته تماما كفدك التى أنحلها إياها أبوها فى حياته، ولكنها طالبت بها ميراثا بعد أن لم تستطع الحصول عليها عن طريق النحلة.

ثالثا- ما بقى من سهم رسول الله بخيبر- لقد أثبت القرآن الكريم حقا لله و لرسوله فى الغنيمة فقال «واعلموا أنما غنمتم من شى ء فأن لله خمسه و للرسول و لذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل» و من جملة ما غنمه المسلمون أموال يهود خيبر، فأخذ النبى صلى الله عليه و سلم سهمه و سهم الله و سهم ذى القربى و أعطى المسلمين سهامهم. روى الطبرى فى تاريخه 3/ 19 قال: «كانت المقاسم على أموال خيبر على الشق، و نطاه، والكتيبة، فكانت الشق و نطاه فى سهام المسلمين، و كانت الكتيبة خمس الله عز و جل و خمس النبى و سهم ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل» فالنبى صلى الله عليه و سلم قدعين لنفسه و لذويه حصن الكتيبة و ميزه عن سهام المحاربين، فملك النبى و ذووه حصن الكتيبة بأشخاصهم. و للزهراء فى خمس خيبر حقان، حق من حيث أنها شريكة رسول الله صلى الله عليه و سلم، و حق من جهة ميراثها لحقه و قد استولى أبوبكر على خمس خيبر كله فمنعها الحقين. و الجدير بالذكر أن ما بقى من سهم رسول الله بخيبر لم يخص فاطمة وحدها بل يعم ورثة رسول الله جميعا و لهذا طالبت زوجات النبى صلى الله عليه و سلم أبابكر بحقهن من سهم رسول الله، فقد روى ياقوت الحموى عن عروة ابن الزبير أن أزواج رسول الله أرسلن عثمان بن عفان إلى أبى بكر يسألن مواريثهن من سهم رسول الله، فقال أبوبكر: سمعت رسول الله يقول: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» إنما هذا المال لآل محمد لنائبتهم وضيقهم، فإذا مت فهو إلى ولى الأمر من بعدى. و نحن نلاحظ أن زوجات النبى صلى الله عليه و سلم لم يطالبن بفدك و لا الحوائط السبعة ميراثا
لأنهن يعلمن علم اليقين بأنها لفاطمة عليهاالسلام، و ما طلبتها بهما عن طريق الإرث ذريعة للحصول عليهما و إلا فقد ملكتهما فاطمة فى حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم. و على كل حال إن دعوى الميراث كما ذكرنا، كانت تدور حول هذه الأشياء الثلاثة، و طالبت الزهراء بها منفردة و مجتمعة، و كانت تأتيه حينا مع عمها العباس و آونة وحدها.

فمرة طالبت بفدك وحدها، و ثانية طالبت بسهم رسول الله وحده، و ثالثة طالبت بفدك و سهم رسول الله معا. و رابعة طالبت بفدك و سهم رسول الله و ما أفاء الله عليه فى المدينة مجتمعة. و فى كل مرة كان أبوبكر يردها بحديث خاص عن النبى صلى الله عليه و سلم انفرد باستماعه.

فمرة يقول لها: إنى سمعت رسول الله يقول: إن النبى لا يورث [ شرح النهج لابن أبى الحديد 16/ 219. ] و مرة يقول لها: إن رسول الله قال: لا نورث، ما تركناه صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال- أو فى هذا المال [ شرح النهج 16/ 218 و رواه البخارى فى غزوة خيبر و مسلم فى باب قول النبى لا نورث من كتاب الجهاد. ] و مرة يقول لها: سمعت رسول الله يقول إنما هى طعمة أطعمنيها الله، فإذا مت كانت بين المسلمين [ شرح النهج 16/ 218 كنزالعمال 3/ 125 ] ، أو إنما هى طعمة أطعمنيها الله فى حياتى، فإذا مت فهى بين المسلمين [ فتوح البلدان للبلاذرى ص 38. ] و مرة يقول لها: حدثنى رسول الله أن الله يطعم النبى الطعمة ما كان حيا، فإذا قبضه الله إليه رفعت [ شرح النهج 16/ 233. ] و مرة يقول لها إنى سمعت رسول الله يقول: إذا أطعم الله نبيا طعمه ثم قبضه كانت للذى بعده، فلما وليت رأيت أن أرده على المسلمين [ كنزالعمال 3/ 130. ]

أو سمعت رسول الله يقول: إن الله إذا أطعم نبيا طعمه فهى للذى يقوم بعده [ رواه أبوداود فى سننه فى باب: صفايا رسول الله، من كتاب الخراج. و نحوه فى كنزالعمال 3/ 130، و رواه أيضا ابن أبى الحديد فى الشرح 16/ 219. ] و مرة يقول لها- سمعت رسول الله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا و لا فضة و لا دارا و لا عقارا، و إنما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة، و ما كان لنا من طمعه فلولى الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه. و هكذا حلول التأكيد على أن النبى لا يورث و ما تركه صدقة، و معنى ذلك أن الأموال التى كانت تحت يد الرسول كانت طعمة له فى حياته و كان يتصرف فيها باعتباره ولى أمر المسلمين لا أنها ملكه الشخصى، و سيكون أمرها من بعده الى ولى الأمر الذى يقوم بعده، و لا تصل إلى ورثته لأنه ما كان يملكها. و قد رأى أبوبكر باعتباره ولى الأمر أن يردها إلى المسلمين، و هنا يناقض الحديث الذى رواه عن النبى صلى الله عليه و سلم «إنما هى طعمة أطعمنيها الله فإذا مت كانت بين المسلمين» ففى هذا الحديث يخبر النبى صلى الله عليه و سلم أنها للمسلمين من بعده. و فى ذاك الحديث يخبر النبى بأنها لولى الأمر من بعده يحكم فيها بحكمه. و قد رأى ردها إلى المسلمين لا إعطاءها للمسلمين، فكأن النبى صلى الله عليه و سلم كان قد أخذها من المسلمين و أبوبكر ردها عليهم. و إذا كانت تركة النبى صلى الله عليه و سلم طعمة له فى حياته و أمرها إلى ولى الأمر أو إلى المسلمين من بعده، فماذا تجدى احتجاجات الزهراء و استدلالاتها بثبوت التوارث بين الأنبياء و أولادهم، فهى إن قدمت سبعين دليلا على أن الأنبياء يورثون لا تحصل
على شى ء من تركة أبيها، و إذن فهذه محاوله من الخليفة فى صد الزهراء عن حقها فى الميراث بعد أن اثبتته فى خطبتها و مجادلاتها مع الرجال تماما، كما كان فى أمر النحلة، فهناك بمجرد أن أكملت شهود الإثبات، اتهم الشهود و سد باب النحلة بقوله: إن هذا المال لم يكن للنبى صلى الله عليه و سلم و إنما كان مالا من المسلمين. و هنا لما فندت مزاعم الخليفة فى عدم التوارث بين الأنبياء و أولادهم سد باب الإرث بقوله سمعت رسول الله يقول: «إنما هى طعمة أطعمنيها الله فى حياتى، فإذا مت فهى بين المسلمين. و ما كان لنا من طعمة فلولى الأمر بعدنا أن يحكم فيها بحكمة». و ماذا تقول الزهراء حينئذ؟ أنقول حاشا النبى أن يقول هذا؟ فما دليلها على ذلك؟ أو تقول للخليفة: أنت تكذب على رسول الله، فما حجتها؟

لذا انسحبت من الميدان مهيضة الجناح، تذرف دموع اليأس، شاكية حالها إلى أبيها رسول الله قائلة:




  • قد كان بعدك أنباء و هنبثة
    إنا فقدناك فقد الأرض و ابلها
    أبدى رجال لنا نجوى صدورهم
    لما مضيت و حالت دونك الترب



  • لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
    واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا
    لما مضيت و حالت دونك الترب
    لما مضيت و حالت دونك الترب



أو: فليت بعدك كان الموت صادفنا- لما مضيت و حالت دونك الترب
شرح النهج 16/ 251».





  • وأتت فاطم تطالب بالإرث
    ليت شعرى لما خولفت سنن القر
    رضى الناس إذ تلوها بما لم
    نسخت آية المواريث منها
    أم ترى آية المودة لم تأ
    ثم قالا أبوك جاء بهذا
    قال: للأنبياء حكم بأن لا يورثوا
    أفبنت النبى لم تدر إن كا
    بضعة من محمد خالفت ما قا
    سمعته يقول ذاك و جاءت
    هى كانت لله أتقى و كانت
    أو تقول النبى قد خالف القر
    سل بإبطال قولهم سورة النمل
    فهما ينبئان عن إرث يحيى
    فدعت و اشتكت إلى الله من
    ذاك و فاضت بدمعها مقلتاها



  • من المصطفى فما ورثاهما
    آن فيها والله قد أبداها
    يرضى فيها النبى حين تلاها
    أم هما بعد فرضها بدلاها
    ت بود الزهراء فى قرباها
    حجة من عنادهم نصباها
    فى القديم و انتهراها
    ن نبى الهدى بذلك فاها
    ل حاشاها مولاتنا حاشاها
    تطلب الإرث ضلة و سفاها
    أفضل الخلق عفة و نزاها
    آن ويح الأخبار ممن رواها
    وسل مريم التى قبل طاها
    و سليمان من أراد انتباها
    ذاك و فاضت بدمعها مقلتاها
    ذاك و فاضت بدمعها مقلتاها



دعوى سهم ذوى القربى [ قال ابن أبى الحديد فى شرح النهج 16/ 330 «واعلم أن الناس يظنون أن نزاع فاطمة أبابكر كان فى أمرين: فى الميراث و النحلة، و قد وجدت فى الحديث أنها نازعت فى أمر ثالث و منعها أبوبكر إياه أيضا، و هو سهم ذوى القربى. ] :

تقدمت الزهراء إلى أبى بكر بدعوى ثالثة و هى المطالبة بسهم ذوى القربى من خمس الغنائم المنصوص عليه فى القرآن الكريم بقوله: «واعلموا أنما غنمتم من شى ء فأن الله خمسه و للرسول و لذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل» [ الأنفال: 41. ]

فقد فرض الله تعالى فى هذه الآية لذوى القربى حقا فى الخمس قصره عليهم.

كما أن النبى صلى الله عليه و سلم كان يخص أقاربه بسهم من الخمس و يخص نفسه بسهم آخر، و لذا قسم أموال خيبر و أعطى المسلمين حقهم، و جعل الكتيبة خمس الله و خمس النبى و سهم ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل» ذكره الطبرى فى تاريخه 3/ 19

/ 22