أصبح وجه الزمان قد ضحكا أصبح وجه الزمان قد ضحكا برد مأمون هاشما فدكا برد مأمون هاشما فدكا
عبارة السجل كما فى معجم البلدان
كتب المأمون إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة «أنه كان رسول الله أعطى ابنته فاطمة فدك و تصدق عليها بها و ان ذلك كان أمرا ظاهرا معروفا عند آله عليه السلام، ثم لم تزل فاطمة تدعى منه بما هى اولى من صدق عليه و انه قد رأى ردها إلى ورثتها و تسليمها إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، و محمد بن عبدالله بن الحسينابن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ليقوما بها لأهلهما [ قال ابن أبى الحديد فى شرح النهج 16/ 217 «قال أبوبكر ] الجوهرى حدثنى محمد بن زكريا قال حدثنى مهدى بن سابق قال: جلس المأمون للظالم فأول رقعة وقعت فى يدة نظر فيها و بكى و قال للذى على رأسه: ناد أين وكيل فاطمة؟ فقام شيخ عليه دراعة و عمامة و خف تعزى فتقدم فجعل يناظرة فى فدك والمأمون يحتج عليه و هو يحتج على المأمون ثم أمر أن يسجل لهم بها فكتب السجل و قرى ء عليه فأنفذه فقام دعبل إلى المأمون فأنشده الأبيات التى اولها:
أصبح وجه الزمان قد ضحكا أصبح وجه الزمان قد ضحكا برد مأمون هاشما فدكا برد مأمون هاشما فدكا
صاحب اليد لا يكلف بإقامة البينة
ليس فى الشرع سؤال البينة من ذى اليد و إنما تكون البينة على غيره [إن اليد والتصرف إمارة الملكية و حجة شرعية، فلو نازع صاحب اليد منازع يجب حينئذ على المنازع أن يقدم البينة على دعواة لأن الحجة مع صاحب اليد والتصرف، والأصل فى التصرف الملكية. و باعتبار أن الزهراء كانت متصرفة بفدك فى حياة أبيها فهى صاحبة اليد والحجة معها و أبوبكر منازع لها فتجب عليه إقامة البينة على دعواه أن رسول الله جعل أمر فدك إلى ولى الأمر من بعده. و قال الحجة المظفر فى دلائل الصدق 2/ 39 «مطالبة أبى بكر للزهراء بالبينة خلاف الحق و ظلما محضا لأنها صاحبة اليد و هو المدعى و يدل على أن اليد لها لفظ الإيتاء فى الآية و الإقطاع و الإعطاء فى الأخبار المذكورة (أى خبر أبى سعيد و ابن عباس) فإنها ظاهرة فى التسليم والمناولة كما يشهد لكون اليد لها دعواها النحلة و هى سيدة النساء و أكملهن و شهادة أقضى الأمة بها، لأن الهبة لا تتم بلا إقباض فلو لم تكن صاحبة اليد لما ادعت النحلة و لرد القوم دعواها بلا كلفة و لم يحتاجوا إلى طلب البينة».] و المقدار المعلوم من التواريخ المعتبرة والصحاح والسنن أن أبابكر ادعى أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم جعل أمر فدك إلى ولى الأمر من بعده و قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إنما يأكل آل محمد و ذريته فى هذا المال يعنى مال الله، فاللازم أن يقيم هو على دعواه البينة.
الحجة منقطعة عمن انتزع فدك من فاطمة
لا وجه لسماع دعوى أبى بكر أن هذا المال يرجع إلى بيت المال من غير شاهد و لا بينة، أترى أنه يسمع دعوى أبى بكر أن مال أبى هريرة مثلا تكون من بعده صدقة لولا البينة، بل ضرورة الشرع على عدم سماع أمثال هذه الدعاوى فى الأموال فى قبال الوارث الذى هو رب المال بضرورةالشرع، و مع ذلك على أى وجه صحيح يحمل سؤال أبى بكر الشاهد من فاطمة عليهاالسلام، و لذلك انقطعت الحجة عن أبى بكر على انتزاعه فدك و إرجاعها إلى بيت المال.
اعتراض و دفع
لو قيل ان أبابكر قضى فى فدك بمقتضى علمه فأدخلها فى بيت المال، قلنا إن حكم الحاكم بمقتضى علمه أمر مرغوب عنه فى الشريعة لقوله صلى الله عليه و آله و سلم «إنما أقضى بينكم بالبينات و الأيمان» و كلمة إنما تفيد الحصر فلا ترتفع الخصومة الا بالبينة، و لذا طلب أبوبكر البينة من فاطمة حيث اجتهد و رأى أنها المدعية و إن أخطأ فى اجتهاده فإن فاطمة عليهاالسلام ممن تكون لها اليد المتصرفة فى فدك حسبما عرفت. فلا تكون بحسب القواعد الشرعية مدعية (حتى تجب عليها إقامة البينة بل هى مدعى عليها) [ يعرف الفقهاء المدعى بأنه الذى لو ترك ترك، و بأنه يخالف قوله الأصل، و هذان التعريفان ينطبقان على أبى بكر دون فاطمة، فإنه لو ترك فدك لفاطمة لتركته. و إن قوله أيضا مخالف للأصل لأن الأصل فى التصرف بالأشياء الملكية. ] ثم أقول: إن كان أبوبكر جازما و قاطعا بكون فدك ملكا للمسلمين لرواية رواها من رسول الله [ أى قوله سمعت رسول الله يقول «إنما هى طعمة أطعمنيها الله حياتى فإذا مت فهى بين المسلمين». ] فبأى وجه صحيح سأل الاشهاد من فاطمة، و كيف تجدى الشهادة غير المفيدة للقطع فى قبال اليقين بالخلاف. أم كيفيعقل انصراف القاطع عن قطعه سيما مثل أبى بكر الذى يكون مدرك يقينه بحسب دعواه السماع من رسول الله. ثم أقول: أنه يحصل العلم للحاكم المنصف من دعوى فاطمة التى هى الصديقة و سيدة نساء العالمين و مشهود لها بالطهارة من الرجس [ فى قوله تعالى: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا». ]، و كذلك من شهادة على و أم أيمن التى شهد لها النبى صلى الله عليه و سلم و سلم بالجنة فلا حاجة إلى إكمال نصاب البينة.
فاطمة أولى بالتصديق من غيرها
لا إشكال و لا شبهة فى أن الزوجات [ أى زوجات النبى صلى الله عليه و سلم. ] ادعين ملكية الحجرات من غير شاهد و لا بينة و مع ذلك صدقهن أبوبكر فى ادعائهن، و فاطمة أولى بقبول قولها أن فدك نحلة أبيها، لأنها مأمونة عن الكذب بآية التطهير و آية المباهلة و أنها الحجة الإلهية لإثبات الرسالة فتكون معصومة و مصونة عن الخطأ [ قال السيد المرتضى فى رده على قاضى القضاة ] إن فاطمة ما ادعت من نحل فدك إلا ما كانت مصيبة فيه و إن مانعها و مطالبها بالبينة متعنت، عادل عن الصواب لأنها لا تحتاج إلى شهادة و بينة. أما الذى يدل على ما ذكرناه فهو أنها كانت معصومة من اللغلط مأمونا منها فعل القبيح، و من هذه صفته لا يحتاج فيما يدعيه إلى شهادة و بينة. فإن قيل دللوا على الأمرين قلنا: بيان الأول قوله تعالى «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا، و الآية تتناول جماعة منهم فاطمة عليهاالسلام بما تواترت الأخبار فى ذلك، و الإرادة ها هنا دلالة على وقوع الفعل للمراد. و أيضا فيدل على ذلك قوله صلى الله عليه و سلم: فاطمة بضعة منى، من آذاها فقد آذانى و من آذانى فقد أذى الله عز و جل، و هذا يدل لعى عصمتها، لأنها لو كانت ممن تقارف الذنوب لم يكن من يؤذيها مؤذيا له على كل حال، بل كان متى فعل المستحق من ذمها أو إقامة الحد عليها- إن كان الفعل يقتضيه- ساترا له و مطيعا. على أنا لا نحتاج أن ننبه فى هذا الموضع على الدلالة على عصمتها، بل يكفى فسى هذا الموضوع العلم بصدقها فيها ادعته. و هذا لا خلاف فيه بين المسلمين لأن أحدا لا يشك أنها لم تدع ما ادعته كاذبة، وليس بعد ألا تكون كاذبة إلا أن تكون صادقة. و إنما اختلفوا فى: هل يجب مع العلم بصدقها تسليم ما ادعته بغير بينة، أم لا يجب ذلك؟ قال الذى يدل على الفعل الثانى. إن البينة إنما تراد ليغلب فى الظن صدق المدعى، ألا ترى أن العدالة معتبرة فى الشهادات لما كانت مؤثرة فى غلبة الظن لما ذكرناه، و لهذا جاز أن يحكم الحاكم بعلمه من غير شهادة لأن علمه أقوى من الشهادة، و لهذا كان الإقرار أقوى من البينة من حيث كان أغلب فى تأثير غلبة الظن، و إذا قدم الإقرار على الشهادة لقوة الظن عنده فأولى أن يقدم العلم على الجميع، و إذا لم يحتج مع الإقرار إلى شهادة لسقوط حكم الضعيف مع القوى، لا يحتاج أيضا مع العلم إلى ما يؤثر الظن من البينات والشهادات. و الذى يدل على صحة ما ذكرناه أيضا أنه لا خلاف بين أهل النقل فى أن أعرابيا نازع النبى صلى الله عليه و سلم فى ناقة، فقال صلى الله عليه و آله: هذه لى، و قد خرجت اليك من ثمنها، فقال الأعرابى: من يشهد لك بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد بذلك، فقال النبى صلى الله عليه و سلم: من أين علمت و ما حضرت ذلك؟ قال لا ولكن علمت ذلك من حيث علمت أنك رسول الله، فقال صلى الله عليه و سلم قد أجزت شهادتك و جعلتها شهادتين فسمى ذا الشهادتين، و هذه القصة شبيهة لقصة فاطمة عليهاالسلام لأن خزيمة اكتفى فى العلم بأن الناقة له صلى الله عليه و سلم، و شهد بذلك من حيث علم أنه رسول الله و لا يقول إلا حقا، و أمضى النبى صلى الله عليه و سلم ذلك له من حيث لم يحضر الابتياع و تسليم الثمن، فقد كان يجب على من علم أن فاطمة عليهاالسلام لا تقول إلا حقا، ألا يستظهر عليها بطلب شهادة أو بينة. انتهى عن الشرح للمعتزلى 16/ 274 عن الشافعى. و قال الحجة المظفر فى دلائل الصدق 2/ 39 ردا على الفضل بن روزبهان- أن البينة طريق ظنى مجعول لإثبات ما يحتمل ثبوته و عدمه، فلا مورد لها مع القطع واليقين المستفاد فى المقام من قول سيدة النساء التى طهرها الله تعالى و جعلها بضعة من سيد أنبيائه، لأن القطع طريق ذاتى إلى الواقع لا بجعل جاعل فلا يمكن رفع طريقتيه أو جعل طريق ظاهرى على خلافه، و لذا كان الأمر فى قصة شهادة خزيمة للنبى صلى الله عليه و سلم هو ثبوت ما ادعاه النبى صلى الله عليه و سلم بلا بينة مع مخاصمة الأعرابى له، فإن شهادة خزيمة فرع عن قول النبى صلى الله عليه و سلم و تصديق له، فلا تفيد أكثر من دعوى النبى صلى الله عليه و سلم، بل كان اللازم على أبى بكر والمسلمين أن يشهدوا للزهراء، تصديقا لها كما فعل خزيمة مع النبى صلى الله عليه و سلم و أمضى النبى صلى الله عليه و سلم فعله، ولكن يا للأسف من اطلع على أن النبى صلى الله عليه و سلم نحلها فدك أخفى شهادته رعاية لأبى بكر كما فى الأكثر أو خوفا منه و من أعوانه لما رأوه من شدتهم على أهل البيت أو علما بأن شهادتهم ترد لما رأوه من رد شهادة أميرالمؤمنين و اجتهاد الشيخين فى غصب الزهراء، و لذا لم يشهد أبوسعيد وابن عباس مع أنهم علموا و رووا أن النبى صلى الله عليه و سلم أعطى فاطمة فدك و لا يبعد أن سيدة النساء لم تطلب شهادة ابن عباس و أبى سعيد و أمثالهما لأنها لم ترد واقعا بمنازعة أبى بكر إلا إظهار حاله و حال أصحابه للناس إلى آخر الدهر ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حيى عن بينة. .توضيح مقال و شرح حال
الغرض الذى شرحت لأجله البينة هو تقوية الظن بصدق المدعى، والعدالة إنما اعتبرت فى الشاهد لأنها تكون مؤثرة فى قوة الظن، و من هذه الجهة جاز على رأى أن يحكم الحاكم بعلمه من غير شهادة، لأن علمه أقوى من الظن الحاصل بالبينة، و لما كان الإقرار أقوى من البينة و أبلغ فى تأثير غلبة الظن من الشهادة، قدم شرعا على الشهادة لقوه الظن، فأولى ان يقدم العلم على الجميع لسقوط حكم الضعيف فى جنب القوى، فلا يحتاج مع العلم إلى ما يورث الظن من البينات والشهادات.كفاية شاهد واحد و يمين
الثابت من الشرح الاكتفاء بالشاهد واليمين، و هو مذهب الخلفاء الأربع. و فى «كنزالعمال» للمتقى الحنفى فى الفصل الثالث من كتاب «الشهادات» 3/ 178 أن رسول الله و أبابكر و عمر و عثمان كانوا يقضون بشهادة الواحد واليمين. و فى الكنز أيضا عن على عليه السلام قال: نزل جبرائيل على النبى صلى الله عليه و آله و سلم باليمين مع الشاهد. و فى صحيح مسلم 5/ 128 باب وجوب الحكم بشاهد و يمين من، كتاب الأقضية عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قضى بشاهد و يمين، قالالنووى فى الشرح جمهور علماء الإسلام من الصحابة والتابعين، و من بعدهم من علماء الأمصار على أنه يقضى بشاهد و يمين فى الأموال، و به قال أبوبكر و على، و عمر بن عبدالعزيز، و مالك بن أنس، والشافعى، و أحمد و فقهاء المدينة و سائر علماء الحجاز، و جاءت فى ذلك أحاديث كثيرة، فإذن لا وجه لكلام أبى بكر لفاطمة جيئينى برجل آخر أو امرأة أخرى [ بل كان له أن يحلفها لتكمل البينة. ] فإن قال قائل: إن براءة أبى بكر عن التهمة ترفع الشبهة عن دعواه: أن تركه رسول الله صدقة! قلنا له: ان براءة على عليه السلام عن التهمة ترفع الشبهة عن شهادته فتكون فدك نحله حال حياة رسول الله لفاطمة عليهاالسلام من دون ان تكون من التركة الداخلة فى الصدقة، و قد علم بالضرورة والعيان من السير والتواريخ أن للنبى صلى الله عليه و آله و سلم عطايا و مواهب حال حياته، و منها فدك بشهادة على عليه السلام المبرا عن الاتهام، و لأنه أعرف بمواقع الشهادة من غيره للحصر المستفاد من الرواية المتفق عليها عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: أقضاكم على عليه السلام، لو كان فى كلامه أثر للتهمة لما قدم هو بنفسه على الشهادة، و حيث أقدم عليها علم صدق شهادته، فلا تدخل حينئذ فدك فى التركة حتى تكون إرثا لفاطمة عليهاالسلام، أو تلحق ببيت المال و تكون صدقة تصرف فى مصالح المسلمين. ادعت فاطمة أن فدك نحلة و شهد لها على عليه السلام و أم أيمن، و لم يعتن أبوبكر بدعواها ولكنه ترك السيف والبغلة والعمامة فى يد أميرالمؤمنين بمحض ادعائه النحلة من غير بينة، فلو قيل إن أبابكر قضى فى
المذكورات بعلمه، قلنا لزم على أبى بكر البيان حسما لمادة الشبهة سيما بعد ما نازع عليا العباس فى التركة [ أى تركة رسول الله و إرثه. ] و لما لم يبين أبوبكر جهة الفرق توجه نحوه السؤال: بمه؟ ولمه؟
قبول شهادة على وحده
قال سبحانه: «أفمن كان على بينة من ربه و يتلوه شاهد منه»، والمراد بالشاهد هو على عليه السلام». قال السيوطى فى «الدر المنثور» 3/ 324 فى تفسير هذه الآية من سورة هود أنه أخرج ابن أبى حاتم وابن مردويه و أبونعيم فى المعرفة عن على عليه السلام، قال: ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال: أما تقرأ سورة هود، أفمن كان على بينة من ربه و يتلوه شاهد منه، رسول الله صلى الله عليه و آله على بينة من ربه، و أنا التالى الشاهد منه. الحموينى فى «فرائد السمطين» أخرج بسنده عن ابن عباس. و بسنده عن زادان هما عن على كرم الله وجهه قال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كان على بينة من ربه و أنا التالى الشاهد منه. و أيضا فى «الدر المنثور» أنه أخرج ابن مردويه و ابن عساكر عن علىعليه السلام فى الآية، قال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على بينة من ربه و أنا الشاهد منه. و أخرج ابن مردويه من وجه آخر عن على عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أفمن كان على بينة من ربه أنا، و يتلوه شاهد منه: على عليه السلام [ «ينابيع المودة»: للحموينى، أخرجه بسنده عن جابر بن عبدالله و بسنده عن البحترى هما عن على عليه السلام بلفظه أيضا و أخرجه موفق بن أحمد بسنده عن ابن عباس. إن ممن روى الحديث فى تفسيره فخرالدين الرازى شيخ الأشاعرة فى التفسير الكبير 5/ 46، والطبرى صاحب التاريخ فى تفسيره 12/ 10، وابن أبى الحديد المعتزلى فى الشرح 2/ 236، والحافظ أبونعيم: فى «حلية الأولياء» 1/ 68- مؤلف-. ] فعلى ذلك يجب على الأمة قبول شهادة على عليه السلام الذى جعله الله تعالى شاهدا منه، و معنى قبولها الحكم بمقتضى كلامه من غير توقف و ترقب انضمام شاهد آخر إليه، و إلا لم تكن مزية لشهادة على عليه السلام من بين المسلمين، و نص الآية الشريفة بضميمة السنن المروية، إن لشهادة على مزية وجهة اختصاص من بين الشهادات و ليست الا قبولها وحدها و ترتيب الأثر الشرعى عليها، و هل أبابكر لم يلتفت إلى هذه الخصوصية، و لذا رد شهادة على عليه السلام و لم يحكم لفاطمة عليهاالسلام على طبقها؟! النص الجلى على عصمة على و فاطمة و ذلك قوله تعالى: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا»، ففى جميع الصحاح، والسنن، و كتب المناقب للعامة والخاصة
أن النبى صلى الله عليه و آله جلل الحسن والحسين و على و فاطمة كساء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتى و خاصتى، أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، فنزلت الآية إجابة لدعاء النبى صلى الله عليه و آله و سلم فقالت أم سلمة و أنا معهم يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه و آله و سلم قفى مكانك إنك إلى خير [ مصادر الحديث من كتب أهل السنة: صحيح مسلم 7/ 130، صحيح الترمذى 13/ 200، مستدرك الحاكم 3/ 158، الجمع بين الصحيحين للحميدى، خصائص السيوطى 2/ 64، و أحمد فى المسند 6/ 292، ابن الصباغ المالكى فى الفصول المهمة ص 9، ذخائر العقبى ص 22، الرياض النضرة 2/ 188، الصواعق المحرقة 5، نور الأبصار للشبلنجى 101، تاريخ ابن عساكر 4/ 205، المعتزلى فى الشرح و كتاب إسعاف الراغبين 97 «المؤلف». ]
على مع القرآن فلا يرد عليه
ففى «الصواعق المحرقة» ص 76 الحديث الحادى والعشرون، أخرج الطبرانى فى الأوسط عن أم سلمه قالت: سمعت رسول الله يقول على مع القرآن والقرآن مع على عليه السلام، لا يفترقان حتى يردا على الحوض، و قد روى الجمهور أن النبى صلى الله عليه و آله و سلم قال: الحق مع على و على مع الحق يدور معه حيثما دار [قال عبدالباقى العمرى فى مدح أميرالمؤمنين عليه السلام: و أنت والحق يا أقضى الأنام به- غدا على الحوض حقا تحشران معا.] قلت: فعلى ذلك يكون على عليه السلام عدلا للقرآن، و برهانا ساطعا للإنس والجان، والراد عليه راد على القرآن، و حكم الراد على القرآن معلوم
شرعا، و كذلك التخلف عنه عليه السلام، فإنه تخلف عن الحق الذى يدور مدار أقواله و أفعاله، فهذا يدل على وجوب الاقتداء به عليه السلام فى الأمور و كونه مأمونا عن الخطأ، فكيف ترد شهادته فى فدك و أنها نحلة فاطمة عليهاالسلام، والحال أن الوصول إلى الحق لا يكون إلا منه عليه السلام.