الموعظة الحسنة و النصيحة
إذا بلغت القراءة إلى مالِكِ يَوْمِالدِّينِ، فإن كان القلب مذعنا لتلكالمواقف و العقبات، و معتقدا بتلك الأيّامو الساعات، و متوجّها إلى تبعات الأقوال والأعمال، فترتعد منها عظامه، و ترتعش منهاأفئدة القارئين، و إذا كان عالما بأنهتعالى لا يقول لغوا و لا شططا و لا غلطا، ولا يكون مستهزئا و لا ممازحا، بل كلماتهكلّها صادقة تطابق الواقعيّات، و هوبريء من الأباطيل و الأكاذيب، فيتحرّكنحو الفرار عن المعاصي و العمل بالطاعات،و يتحلّى بحلية الأخلاق الحسنة، و يتجلّيبجلباب السعادة، و يخلع ألبسة الشقاق والشقاوة، و يرتقي بأسباب العزّة و الإسلامإلى الملكوت الأعلى و مقام أَوْ أَدْنى.فإيّاك يا أخي الأعزّ و يا حبيبي و عزيزيأن تكتفي بالقراءات و آدابها الأدبيّة والتجويديّة، و عليك بالجدّ و الاجتهاد والسعي إلى التخلّق بأخلاق اللّه حتّى تكونتسمع الآية من قائلها و تصدر من حقيقتك ورقيقتك، فتكون- بإذن اللّه تعالى- مماثلاللملكوتيّين في الناسوت السفلى، و مشابهاللعلويّين في هذه الطبيعة الظلماء، و ليكنتمام السعي و الجدّفي أن تكون أنت مظهر هذا الاسم في ناحية مننواحي تلك النشأة الكبرى، و في ذلك اليومالذي تخشى فيه القلوب و تبلغ لديه الحناجر.و لا يتمكن من هذا المقام المنيع و المحلّالرفيع، إلّا بعد رفض الشيطان الرجيمحقيقة و واقعا، لا تخيّلا و تقوّلا، فإنّهذا من الأطباق الشديدة الفخمة، لا يقتدرعلى هدمها إلّا الأوحدي.