«خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ و خَلَقَ مِنْها زَوْجَها» (1)
كلام في أنّ النسل الحاضر ينتهي إلى آدم عليه السلام و زوجته :گفتارى درباره اينكه نسل فعلى به آدم عليه السلام و...
يقول العلاّمة الطباطبائي قدس سره : «ربّما قيل : إنّ اختلاف الألوان في أفراد الإنسان ـ و عُمدتها البياض كلون أهل النقاط المعتدلة من آسيا و اُوربا ، و السواد كلون أهل إفريقيا الجنوبيّة ، و الصُّفرة كلون أهل الصين و اليابان ، و الحمرة كلون الهنود الأمريكيّين ـ يقضي بانتهاء النسل في كلّ لون إلى غير ما ينتهي إليه نسل اللون الآخر ؛ لما في اختلاف الألوان من اختلاف طبيعة الدماء ؛ و على هذا فالمبادئ الاُوَل لمجموع الأفراد لا ينقصون من أربعة أزواج للألوان الأربعة . و ربّما يستدلّ عليه بأنّ قارّة أمريكا انكشفت و لها أهل ، وهم منقطعون عن الإنسان القاطن في نصف الكرة الشرقيّ بالبعد الشاسع الذي بينهما انقطاعا لا يرجى و لا يُحتمل معه أنّ النَّسلَين يتّصلان بانتهائهما إلى أب واحد و اُمّ واحدة . و الدليلان ـ كما ترى ـ مدخولان : أمّا مسألة اختلاف الدماء باختلاف الألوان فلأنّ الأبحاث الطبيعيّة اليوم مبنيّة على فرضيّة التطوّر في الأنواع ، و مع هذا البناء كيف يطمأن بعدم استناد اختلاف الدماء فاختلاف الألوان إلى وقوع التطوّر في هذا النوع . و قد جزموا بوقوع تطوّرات في كثير من الأنواع الحيوانيّة كالفَرَس و الغنم و الفيل و غيرها ، و قد ظفر البحث و الفحص بآثار أرضيّة كثيرة يكشف عن ذلك ؟ على أنّ العلماء اليوم لا يعتنون بهذا الاختلاف ذاك الاعتناء . و أمّا مسألة وجود الإنسان فيما وراء البحار فإنّ العهد الإنسانيّ على ما يذكره علماء الطبيعة يزهو إلى ملايين من السنين ، و الذي يضبطه التاريخ النقليّ لا يزيد على ستّة آلاف سنة ، و إذا كان كذلك فما المانع من حدوث حوادث فيما قبل التاريخ تجزي قارّة أمريكا عن سائر القارّات ، و هناك آثار أرضيّة كثيرة تدلّ على تغييرات هامّة في سطح الأرض بمرور الدهور من تبدّل بحر إلى برّ و بالعكس ، و سهل إلى جبل و بالعكس ، و ما هو أعظم من ذلك كتبدّل القطبَين و المنطقة على ما يشرحه علوم طبقات الأرض و الهيئة و الجغرافيا ، فلا يبقى لهذا المستدلّ إلاّ الاستبعاد فقط . هذا . و أمّا القرآن فظاهره القريب من النصّ أنّ هذا النسل الحاضر المشهود من الإنسان ينتهي بالارتقاء إلى ذَكَر و اُنثى هما الأب و الاُمّ لجميع الأفراد . أمّا الأب فقد سمّاه اللّه تعالى في كتابه بآدم ، و أمّا زوجته فلم يسمّها في كتابه ، و لكنّ الروايات تسمّيها حوّاء كما في التوراة الموجودة ، قال تعالى :«و بَدَأ خَلْقَ الإنْسانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِن ماءٍ مَهينٍ» (2) و قال تعالى :«إنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ اللّه ِ كمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فيَكونُ» (3) و قال تعالى :
«و إذْ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائكَةِ إنّي جاعِلٌ في الأرضِ خَليفَةً قالوا أ تَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها و يَسْفِكُ الدِّماءَ و نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ و نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إنّي أعْلَمُ ما لا تَعْلَمونَ * و عَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها ...»
الآية
(4)
و قال تعالى :
«إذْ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائكَةِ إنّي خالِقٌ بَشَرا مِن طِينٍ * فإذا سَوَّيْتُهُ و نَفَخْتُ فيهِ من رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدينَ ...»
الآيات
(5)
، فإنّ الآيات ـ كما ترى ـ تشهد بأنّ سنّة اللّه في بقاء هذا النسل أن يتسبّب إليه بالنطفة ، لكنّه أظهره حينما أظهره بخلقه من تراب ، و أنّ آدم خلق من تراب و أنّ الناس بنوه ، فظهور الآيات في انتهاء هذا النسل إلى آدم و زوجته ممّا لا ريب فيه و إن لم تمتنع من التأويل . و ربّما قيل : إنّ المراد بآدم في آيات الخلقة و السجدة آدم النوعيّ دون الشخصيّ ، كأنّ مطلق الإنسان ـ من حيث انتهاء خلقه إلَى الأرض ، و من حيث قيامه بأمر النسل و الإيلاد ـ سمّي بآدم ، و ربّما استظهر ذلك من قوله تعالى :«و لَقَدْ خَلَقْناكُم ثُمَّ صَوَّرْناكُم ثُمَّ قُلنا لِلمَلائكةِ اسْجُدوا لآدَمَ» (6) فإنّه لا يخلو عن إشعار بأنّ الملائكة إنّما اُمروا بالسجدة لمن هيّأه اللّه لها بالخلق و التصوير . و قد ذكرت الآية أنّه جميع الأفراد لا شخص إنسانيّ واحد معيّن ؛ حيث قال :
«و لَقَدْ خَلَقناكُم ثُمَّ صَوَّرْناكُم» و هكذا قوله تعالى :
«قالَ يا إبليسُ ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقتُ بِيَدَيَّ ـ إلى أن قال : ـ قالَ أنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقْتَني مِن نارٍ و خَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ـ إلى أن قال : ـ قالَ فبِعِزَّتِكَ لاَُغوِيَنّهُم أجْمَعينَ * إلاّ عِبادَكَ مِنهُمُ المُخْلَصينَ» (7) حيث أبدل ما ذكره مفردا أوّلاً من الجمع ثانيا .
و يردّه ـ مضافا إلى كونه على خلاف ظاهر ما نقلناه من الآيات ـ ظاهرُ قوله تعالى ـ بعد سرد قصّة آدم و سجدة الملائكة و إباء إبليس ـ في سورة الأعراف :«يا بَني آدمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أخْرَجَ أبَوَيْكُم مِنَ الجَنّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُريَهُما سَوْآتِهِما» (8) فظهور الآية في شخصيّة آدم ممّا لا ينبغي أن يُرتاب فيه . و كذا قوله تعالى :
«و إذ قُلنا لِلمَلائكةِ اسْجُدوا لآدَمَ فَسَجَدوا إلاّ إبليسَ قالَ أ أسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينا * قالَ أ رأيتَكَ هذا الّذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أخَّرْتَنِ إلى يَومِ القِيامَةِ لأحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلاّ قَليلاً» (9) و كذا الآية المبحوث عنها :
«يا أيُّها النّاسُ اتَّقوا ربَّكُمُ الّذي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ و خَلَقَ مِنها زَوْجَها و بَثَّ مِنهُما رِجالاً كثيرا و نِساءً...» الآية بالتقريب الذي مرّ بيانه .
فالآيات ـ كما ترى ـ تأبى أن يسمَّى الإنسان آدم باعتبار و ابن آدم باعتبار آخر ، و كذا تأبى أن تنسب الخلقة إلَى التراب باعتبار و إلَى النطفة باعتبار آخر ، و خاصّة في مثل قوله تعالى :«إنّ مَثَلَ عيسى عِندَ اللّه ِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكونُ...» الآية ؛ و إلاّ لم يستقم استدلال الآية على كون خلقة عيسى خلقة استثنائيّة ناقضة للعادة الجارية . فالقول بآدم النوعيّ في حدّ التفريط ، و الإفراط الذي يقابله قول بعضهم : إنّ القول بخلق أزيد من آدم واحد كفر . ذهب إليه زين العرب من علماء أهل السنّة .
(10) 19648- امام صادق عليه السلام : حوّا را حوّا ناميده اند چون از حىّ (موجود زنده) آفريده شده است. خداوند عزّ و جلّ مى فرمايد : «شما را از نَفْسى واحد آفريد و جفتش را نيز از همان آفريد».
1-علل الشرائع : 16/1 .2-السجدة : 7 ، 8 .3-آل عمران : 59 .4-البقرة : 30 ، 31 .5-ص : 71 ، 72 .6-الأعراف : 11 .7-ص : 75 ـ 83 .8-الأعراف : 27 .9-الإسراء : 61 ، 62 .10-الميزان في تفسير القرآن : 4/141 .