فاسد في قياس قول أبى حنيفة رحمه الله على قول من أجاز المزارعة و فى قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله الشرطان جائزان و هذه المسألة تنبني على ما بينا في في الاجارات إذا دفع ثوبا إلى خياط فقال ان خطته اليوم فلك درهم و ان خطته غدا فلك نصف درهم و وجه البناء عليه ان صاحب الارض مؤاجر أرضه من صاحب البذر و ان كان البذر من قبل صاحب الارض فهو مستأجر للعامل و قد شرط عليه اقامة العمل في أحد الوقتين و سمى بمقابلة العمل في كل وقت بدلا مخالفا للبدل الآخر فيكون بمنزلة الخياطة في اليوم و فى الغد عند أبى حنيفة رحمه الله الشرط الاول صحيح و الثاني فاسدا ما لانه علقه بالاول أو لانه اجتمع سببان في الوقت الثاني فان زرعها في جمادى الاولى فالخارج بينهما نصفان و ان زرعها في جمادى الآخرة فالخارج كله لصاحب البذر و عليه أجر مثل الارض ان كان البذر من قبل العامل و أجر مثل العامل ان كان البذر من قبل صاحب الارض و عندهما الشرطان جميعا جائزان فان زرعها في جمادى الآخرة فالخارج بينهما أثلاثا و لو قال على ان ما زرع من هذه الارض في يوم كذا فالخارج منه بينهما نصفان و ما زرع منها في يوم كذا فللمزارع ثلث الخارج و لرب الارض ثلثاه فهذا فاسد كله لانه أجرها على شيء معروف فان مقدار ما يزرع منها في الوقت الاول على شرط النصف معلوم و كذلك مقدار ما يزرع في الوقت الثاني على شرط الثلث معلوم فيفسد العقد كله للجهالة كما لو دفع ثوبه إلى خياط على ان ما خاط منه اليوم فبحساب درهم و ما خاط منه غدا فبحساب نصف درهم كان فاسدا كله و لو كان في المسألة الاولى زرع نصفها في أول يوم من جمادى الاولى و نصفها في أول يوم من جمادي الآخرة فما زرع في الوقت الاول فهو بينهما على ما اشترطا و ما زرع في الوقت فهو لصاحب البذر في القول الاول و فى القول الثاني كل واحد منهما على ما اشترطا لان الشرط الاول في المسألة الاولى كان صحيحا في القول الاول و فى القول الثاني الشرطان صحيحان فزراعة البعض معتبرة بزراعة الكل اذ ليس في هذا التبعيض اضرار بأحد و هو نظير مسألة الخياطة إذا خاط نصف الثوب اليوم و نصفه غدا فله فيما خاطه اليوم نصف درهم اعتبارا للبعض بالكل و فيما خاطه غدا ربع درهم في قول أبى يوسف و محمد و فى قول أبى حنيفة أجر مثله لا ينقص عن ربع درهم و لا يزاد على نصف درهم اعتبارا للبعض بالكل بخلاف قوله على ان ما زرع منها لان هناك صرح بالتبعيض و البعض الذي تناوله كل شرط مجهول في نفسه فكان العقد
(64)
فاسدا وهنا أضاف كل شرط إلى جملة و هي معلومة و التبعيض عند اقامة العمل و لا جهالة في ذلك أيضا و لو قال على أنه ان زرعها بدالية أو سانية فالثلثان للمزارع و الثلث لرب الارض و ان زرعها بماء سيح أو سقت السماء فالخارج بينهما نصفان فهو جائز على ما اشترطا و هذا بناء على قول أبى حنيفة الاخر فاما على قياس قوله الاول و هو قول زفر رحمه الله فيفسد الشرطان جميعا لانه ذكر نوعين من العمل و جعل بمقابلة كل واحد منهما جزأ من الخارج معلوما فهو بمنزلة ما لو دفع ثوبا إلى خياط على أنه ان خاطه خياطة رومية فأجره درهم و ان خاطه خياطة فارسية فأجره نصف درهم و قد بينا هذا في الاجارات و لو قال على ان ما زرع منها بدلو فللعامل ثلثاه و لرب الارض ثلثه و ان زرع منها بماء سيح فللعامل نصفه فهذه مزارعة فاسدة لجهالة كل واحد من العملين فانه صرح بالتبعيض و شرط أن يزرع بعضها بدلو على ان له ثلثي الخارج و ذلك البعض مجهول و كذلك فيما شرط الزراعة بماء السيح و هو بمنزلة رجل دفع إلى خياط خمسة أثواب يقطعها قمصا و على ان ما خاط منها روميا فله درهم في كل ثوب و ما خاط منها فارسيا فله نصف درهم في كل ثوب و هناك يفسد العقد كله للجهالة فهذا قياسه و لو دفع اليه أرضا يزرعها خمس سنين ما بدا له على أن ما خرج منها من شيء في السنة الاولى فهو بينهما نصفان و فى السنة الثانية لرب الارض الثلث و للمزارع الثلثان و سميا لكل سنة شيأ معلوما فهو جائز من أيهما شرط البذر لان هذه عقود مختلفة بعضها معطوف على البعض ففى السنة الاولى عقد اجارة مطلق و فى السنة الثانية مضاف إلى وقت و الاجارة تحتمل الاضافة إلى وقت في المستقبل فيجعل في حق كل عقد من هذه العقود كانهما أفردا ذلك العقد بخلاف الاول و العقد هناك واحد باتحاد المدة و انما التغاير في شرط البدل ثم جواز المزارعة للحاجة و هما يحتاجان إلى هذا لان الارض في السنة الاولى يكون فيها من القوة ما لا يحتاج إلى زيادة عمل لتحصيل الريع و فى السنة الثانية يحتاج إلى زيادة في العمل لنقصان تمكن في قوة الارض بالزراعة في السنة الاولى فيشترط للمزارع زيادة في السنة الثانية باعتبار زيادة عمله و كذلك لو اشترطا أن البذر في السنة الاولى من قبل الزارع و فى السنة الثانية من قبل رب الارض و بينا نحو ذلك في كل سنة فهو جائز لانهما عقدان مختلفان أحدهما معطوف على الآخر ففى السنة الاولى العامل مستأجر للارض بنصف الخارج و فى السنة الثانية رب الارض مستأجر للعامل بنصف الخارج و كل واحد من العقدين صحيح عند الانفراد فكذلك عند الجمع بينهما و هو بمنزلة رجل دفع عبده
(65)
إلى حائك يقوم عليه في تعليم الحياكه خمسة أشهر على أن يعطيه في كل شهر خمسة دراهم و على أن يعطيه الحائك في خمسة أشهر أخري في كل شهر عشرة دراهم فهو جائز على ما اشترطا للمعنى الذي بينا لو دفع اليه أرضه ثلاث سنين على أن يزرعها في السنة الاولى ببذره ما بدا له على أن الخارج بينهما نصفان و على أن يزرعها في السنة الثانية ببذره و عمله على أن الخارج له و عليه أجر مائة درهم لرب الارض و على أن يزرعها في الثالثة ببذر رب الارض على أن الخارج لرب الارض و للمزارع أجر مائة درهم فهذا جائز كله لان العقد بينهما في السنة الاولى مزارعة صحيحة بنصف الخارج سواء كان البذر من قبل رب الارض أو من قبل العامل و فى السنة الثانية العامل استأجر الارض بأجرة معلومة لمنفعة معلومة و فى السنة الثالثة رب الارض استأجر العامل ببدل معلوم لعمل معلوم و كل عقد من هذه العقود صحيح عند الانفراد فكذلك عند الجمع لان الاضافة إلى وقت في المستقبل لا تمنع صحة الاجارة و إذا دفع إلى رجل أرضا على أن يزرعها أرزا أو قال رزا كل ذلك لغة عشر سنين و يغرسها نوى ببذره و عمله و على أن يحول ذلك من موضعه إلى موضع آخر من الارض و يسقيه و يقوم عليه على أن ما خرج منه فهو بينهما نصفان فهذا جائز سواء كان البذر من قبل العامل أو من قبل رب الارض لان العقد بينهما مزارعة بشرائطها و انما في هذا العقد زيادة شرط الحوالة على العامل و هو من عمل الزراعة به يزكو الريع فيكون بمنزلة اشتراط عمل الكراب و السقي عليه ثم الحوالة تكون في بعض الاشياء الذي تزرع كالباذنجان و الارز و الاشجار و ذلك معلوم عند أهل الصنعة و ربما يحتاج اليه في البعض دون البعض فلا يشترط إعلام ما يحوله بعينه اما لانه معلوم بالعادة أو لان في اشتراط إعلام ذلك بعض الحرج و الحرج مدفوع و لو دفع اليه أرضين على أن يزرع هذه أرزا أو هذه أرزا ببذره و على أن يحول ما يزرع في هذه في هذه الاخرى و ما يزرع في هذه في هذه الاخرى و يسقيه و يقوم عليه فما خرج فهو بينهما نصفان فهذه مزارعة فاسدة لوجهين أحدهما أنه اشترط عليه العمل في أرضين في احداهما بالزراعة و فى الاخرى بالحوالة على أن تكون الشركة بينهما في الخارج من احداهما و ذلك مفسد للعقد و الثاني أنه شرط عليه شرطا لا يمكنه الوفاء به و هو تحويل جميع ما ينبت في كل واحدة من الارضين إلى الارض الاخرى و ربما لا يتمكن من ذلك بأن لا تتسع له الارض الاخرى يوضحه أنه لا يحول جميع ما يزرع في هذه الارض إلى الارض الاخرى
(66)
الا بعد أن يقلعه من الارض التي زرع فيها و عقد المزارعة في كل واحد من الارضين معقود على حدة فبالقلع ينتهى و يصير كأنه شرط عليه في كل عقد عملا بعد انتهاء عقد المزارعة و ذلك مفسد للعقد بخلاف الارض الواحدة فالعقد فيها واحد و لا ينتهى بتحويل بعض ما نبت فيها من موضع إلى موضع منها و كذلك في الارضين لو شرطا الزرع في احداهما و التحويل إلى الاخرى و الغرس في احداهما و التحويل إلى الاخرى أو كانت أرضا واحدة و شرطا أن يزرع أو يغرس ناحية منها معلومة على أن يحول ذلك في ناحية منها أخرى معلومة فهذا فاسد لانه إذا ميز احدى الناحيتين من الاخرى كانتا في معنى أرضين و كذلك هذا الجواب في كل ما يحول كالزعفران و نحوه و إذا دفع إلى رجل أرضه سنته هذه على أن يزرعها ببذره قرط ما فما خرج منها من عصفر فهو للمزارع و ما خرج من قرطم فهو لرب الارض أو على عكس ذلك فالعقد فاسد سواء كان البذر من قبل رب الارض أو من قبل المزارع لان القرطم و المصفر كل واحد منهما ريع مقصود في هذه الزراعة فاشتراط أحد الجنسين لكل واحد منهما بعينه شرط يفوت المقصود بالمزارعة و هو الشركة بينهما في الريع و ربما يؤدي إلى قطع الشركة بينهما في الريع مع حصوله بأن يحصل أحدهما دون الآخر و قد يجوز أن يحصل العصفر ثم تصيبه آفة فلا يحصل القرطم و يكون ذلك للذي شرط له العصفر فهو بمنزلة ما لو دفع اليه أرضا ليزرعها حنطة و شعيرا على أن الحنطة لاحدهما بعينه و الشعير للآخر بعينه و كذلك هذا في كل شيء له نوعان من الريع كل واحد منهما مقصود كبزر الكتان إذا شرط لاحدهما بعينه الكتان و للآخر البزر و الرطبة إذا شرطا لاحدهما بعينه بزر الرطبة و للآخر العنب فالعقد فاسد و لو شرطا القرطم لاحدهما بعينه و العصفر بينهما نصفان أو العصفر لاحدهما بعينه و القرطم بينهما نصفان لم يجز ذلك من أيهما كان البذر لان كل واحد منهما ريع مقصود و لا يجوز في المزارعة تخصيص أحدهما بشرط ريع مقصود له و كذلك هذا في الكتان و بزره و الرطبة و بزرها بخلاف مسألة التبن فانه إذا شرط لصاحبه البذر و الحب بينهما نصفان كان جائزا لان التبن ليس بريع مقصود ( ألا ترى ) انه لا يشتغل بالزراعة لمقصود التبن خاصة بل المقصود هو الحب فإذا شرطا الشركة فيما هو المقصود جاز العقد ان شرطا تخصيص صاحب البذر بما ليس بمقصود فأما في هذه المسائل فكل واحد من النوعين مقصود فاشتراط تخصيص أحدهما بأحد النوعين يقطع الشركة بينهما فيما هو مقصود و ذلك مفسد للعقد و اشتراط بزر
(67)
البطيخ أو القثاء لاحدهما بمنزلة اشتراط التبن لان ذلك مقصود بل هو تبع للمقصود كالتين بخلاف بزر الرطبة فانه مقصود و ربما بلغ قيمة ألقت أو يزيد عليه فهو بمنزلة العصفر و الكتان على ما بينا و الله أعلم ( باب اشتراط عمل العبد و البقر من أحدهما ) ( قال رحمه الله ) و إذا دفع إلى رجل أرضا و بذرا على أن يزرعها هو و عبده هذا فما خرج فللمزارع ثلثه و لعبده ثلثه و لرب الارض ثلثه فهذا جائز و ما خرج فللمزارع ثلثاه نصيبه و نصيب عبده لان العبد ليس من أهل الملك بل المولى يخلفه في ملك ما يكون من كسبه فاشتراط الثلث لعبد المزارع يكون اشتراطا للمزارع و اشتراط عمل عبد المزارع معه كإشتراط البقر عليه لان عمل الزراعة يتأتى له بالبقر و بمن يعينه على العمل ثم يجوز اشتراط العمل على المزارع إذا كان البذر من قبله أو لم يكن فكذلك اشتراط عمل عبده معه يجوز و كذلك لو لم يشترطا على العبد عملا و لكنه شرط لعبده ثلث الريع فالمشروط للعبد مشروط لمولاه فكانه شرط الثلثين للمزارع و هو بمنزلة ما لو شرط الثلث لبقره فذلك اشتراط منه لصاحب البقر و سواء شرط العمل ببقره أو لم يشترط و لو شرط الثلث لمكاتبه أو لمكاتب رب الارض فان اشترط عمله عليه فهو جائز و هو مزارع معه له ثلث الريع لان المكاتب أحق بمكاسبه و هو بمنزلة الحريدا فهذا في معنى دفع الارض و البذر مزارعة إلى حرين على أن لكل واحد منهما ثلث الخارج و ان لم يشترط عليه عملا فالمزارعة جائزة بين المزارع و رب الارض فاشتراط ثلث الخارج للمكاتب باطل لان المشروط للمكاتب لا يكون مشروطا لمولاه فان المولى لا يملك كسب مكاتبه ما بقيت الكتابة فالمشروط له كالمشروط لاجنبي آخر و بطلان هذا الشرط لانه ليس من جهته بذر و لا أرض و لا عمل و الخارج لا يستحق الا بأحد هذه الاشياء و لكن هذا الشرط وراء عقد المزارعة بين المزارع و رب الارض فلا يفسد به العقد بل يكون ثلث الريع للمزارع كما شرط له و الثلثان لرب الارض لان رب الارض و البذر لا يستحق بالشرط و المزارع هو الذي يستحق بالشرط فما وراء المشروط له يكون لرب البذر و يجعل ما بطل الشرط فيه كالمسكوت عنه و كذلك لو شرط الثلث لامرأته أو لابنه أو لابيه فهو بمنزلة الشرط لاجنبي آخر ان شرط عليه العمل معه كان صحيحا و ان لم يشترط
(68)
عليه العمل معه كان باطلا و المزارعة بين رب الارض و المزارع صحيحة بالثلث و لو كان البذر من العامل فهو على هذا القياس ما شرط لعبد العامل فهو للعامل سواء شرط عليه العمل أو لم يشترط و المزارعة جائزة و ما شرط لمكاتبه أو لابنه أو لامرأته فهو كالمشروط لاجنبي آخر فان لم يشترط عليه أن يعمل معه فهذا الشرط باطل و ذلك الثلث للعامل لانه نماء بذره و صاحب الارض يستحق بالشرط فلا يستحق الا ما شرط له و لو شرط عليه العمل و عمل معه فله أجر مثله على المزارع لان المزارع استأجر الارض بثلث الخارج ثم استأجر العامل بثلث الخارج ليعمل معه و قد بينا أن هذا العقد يفسد بينهما لانعدام التخلية حين شرط عمل صاحب البذر المستأجر للارض مع العامل الآخر و لكنهما عقدان مختلفان جرى بينه و بين شخصين مختلفين فبفساد أحدهما لا يفسد الآخر فيكون للعامل الآخر أجر مثله على المزارع لانه استوفى عمله بعقد فاسد و لصاحب الارض ثلث الخارج لانه شرط له ذلك بعقد صحيح و ثلثا الزرع طيب للعامل لانه لا يتمكن خبث من جانب الارض حيث صح العقد بينه و بين رب الارض فيطيب له ثلثا الربع و كذلك لو شرط عمل رب الارض فهو كإشتراط بقر رب الارض و ذلك يفسد المزارعة بينهما و ان كان على العبد دين فعبد رب الارض إذا كان مديونا بمنزلة مكاتبه لان كسبه حق غرمائه و المشروط له لا يكون مشروطا لمولاه و كذلك لو شرط عليه من العمل فالمشروط عليه لا يكون مشروطا على مولاه فيكون له أجر مثله و العقد صحيح بين العامل الذي من قبله البذر و بين رب الارض بثلث الخارج كما شرط لرب الارض و لو دفع اليه الارض على أن يزرعها ببذره و عمله على أن له ثلث الخارج و لرب الارض ثلثه و على أن يكربها و يعالجها ببقر فلان على أن لفلان ثلث الخارج فرضي فلان بذلك فعلى العامل أجر مثل البقر بثلث الخارج و قد بينا أن البقر لا يكون مقصودا في المزارعة فكان العقد بينهما فاسدا و قد استوفى منفعة بقره فله أجر مثله عليه و ثلث الخارج لرب الارض و ثلثاه للعامل طيب لانه لا فساد في العقد بينه و بين رب الارض و إذا كان البذر من قبل رب الارض كان الثلثان له و عليه أجر مثل البقر لانه استأجر العامل بثلث الخارج و هو جائز و استئجار البقر مقصود بثلث الخارج و هو فاسد و لو كانا اشترطا عليه أن يعمل بنفسه مع بقره بالثلث حتى استحصد الزرع جاز و هما مزارعان جميعا لان عمل البقر هنا تبع لعمل صاحبه و قد بينا جواز اشتراط البقر على العامل في عقد المزارعة و لا فرق بين أن يشترط ذلك على العاملين
(69)
أو على أحدهما كسائر الآلات إذا شرط على أحد العاملين في الاجارة و لو كان البذر و البقر من واحد و الارض من آخر و العمل من ثالث كان فاسدا لما فيه من دفع البذر و البقر مزارعة و دفع كل واحد منهما على الانفراد مقصودا يفسد عقد المزارعة فدفعها أولى ثم الخارج كله لصاحب البذر و عليه للعامل أجر مثل عمله و لصاحب الارض أجر مثل أرضه يتصدق صاحب البذر بالفضل لانه ربي زرعه في أرض غيره بسبب فاسد و لو كان البذر من أحدهم و البقر من الآخر و الارض و العمل من الآخر كان فاسدا أيضا و فيه حديث مجاهد رحمه الله كما بينا و لو دفع اليه أرضا يزرعها سنته هذه ببذره و بقره و عمله على أن يستأجر فيها أجراء من مال الزارع فهو جائز لان هذا شرط يقتضيه العقد فان العمل بمطلق العقد كله يصير متسحقا على الزارع و له أن يقيمها بنفسه و أعوانه و إجرائه و هو الذي يستأجر هم لذلك فيكون الاجر عليه في ماله و ان لم يذكر فالشرط لا يزيده الا و كادة و لو اشترطا أن يستأجر الاجراء من مال رب الارض فهذه مزارعة فاسدة لان الاجير الذي يستوجب الاجر من مال رب الارض يكون أجيرا له فانه انما يستوجب الاجر عليه إذا كان عاملا له و اشتراط عمل أجير رب الارض كإشتراط عمل رب الارض مع المزارع و ذلك مفسد للمزارعة و كذلك لو شرطا أن يستأجرا الاجراء من مال المزارع على أن يرجع به فيما أخرجت الارض ثم يقتسمان ما بقي نصفين فهذا فاسد لان القدر الذي شرطا فيه رجوع المزارع مع الريع بمنزلة المشروط للمزارع فكانه شرط له أقفزة معلومة من الخارج و الباقى بينهما نصفان و ذلك مفسد للعقد لانه يؤدى إلى قطع الشركة في الخارج مع حصوله و ان كان البذر من قبل رب الارض فاشترط على الزارع أجر الاجراء من ماله جاز لما بينا أن العمل كله مستحق عليه و هو متمكن من اقامتها بنفسه و إجرائه و لو شرط أجر الاجراء على رب الارض من ماله لم يجز و هو بمنزلة اشتراط عمل رب الارض و البذر مع المزارع و كذلك لو اشترطاه على الزارع على أن يرجع به في الخارج فهو فاسد بمنزلة ما لو شرطا له ذلك العقد من الخارج فيفسد به العقد و يكون الريع كله لصاحب البذر و للعامل أجر مثله فيما عمل و أجر مثل أجرائه فيما عملوا و لا يشبه هذه المضاربة فانه لو دفع إلى رجل ما لا مضاربة بالنصف على أن أجر الاجراء من المال كان جائزا لان ذلك شرط يقتضيه العقد فان أجر الاجراء بمنزلة نفقة المضارب إذا خرج للعمل في مال المضاربة و ذلك يكون في المال بغير شرط فأجراء العمل في مال المضاربة كذلك