بهذا الطريق و كذلك لو لم يأخذ السلطان خراجا و لا مقاسمة و ترك ذلك أصلا أو أخذا شيأ من الطعام سرا ثم قاسمهم السلطان ما بقي فأخذ نصفه فان ما أخذاه سرا لصاحب الارض ثلثه و للمزارع ثلثاه فقد عطف أحد الفصلين على الآخر بقوله و كذلك و جوابهما يختلف فانه يأخذ إذا لم يأخذ السلطان شيأ فعطف ذلك على المسألة الاولى دليل على أن المشروط لخراج المقاسمة يكون لرب الارض و فيما إذا أخذا شيأ من الطعام سرا نص على انه يكون أثلاثا بينهما ففيما ذكره في هذا النوع نوع من التشويش و الحاصل أن على قول أبى حنيفة المشروط للخراج يكون مشروطا لرب الارض ففى الفصلين يكون النصف المشروط لخراج المقاسمة يكون لرب الارض و الباقى بينهم أثلاثا و عند أبى يوسف و محمد خراج المقاسمة في الخارج الا إذا أخذ السلطان الخراج من رب الارض فحينئذ يكون ذلك له عوضا عما أخذه السلطان منه فإذا لم يأخذ منه شيأ أو أخذا شيأ من الطعام سرا فذلك مقسوم بينهما على أصل المشترط لصاحب الارض ثلثه و للمزارع ثلثاه و قد ذكر في بعض النسخ في هذا الفصل الاخير ان ما أخذاه سرا يكون لصاحب الارض ثلثاه و للمزارع ثلثه فعلى هذا يتفق الجواب في الفصول الثلاثة و يتحقق العطف فان ذلك النصف لرب الارض و الثلث من النصف الباقى له فإذا أخذ ثلثي الخارج فقد وصل اليه جميع هذا و لكن هذا الجواب بناء على قول أبى حنيفة فاما عندهما فالتخريج ما ذكرنا و قيل بل هذا الجواب قولهم جميعا لان المقاسمة واجبة بإسم الخراج كالوظيفة و الخراج مؤنة تجب على رب الارض فالمشروط للخراج بمنزلة المشروط لرب الارض عندهما جميعا و كذلك لو كان البذر من صاحب الارض و الذى قلناه أولا من أن المسألة على الخلاف هو الاصح و قد نص عليه في بعض نسخ الاصل و لو قال لا أدري ما يأخذ السلطان في هذه السنة المقاسمة أو الخراج فانما تلك على أن أرفع مما تخر ج الارض حظ السلطان مقاسمة كان أو خراجا أو يكون ما بقي بيننا إلى الثلث و لك الثلثان فرضى المزارع بذلك فهذه مزارعة فاسدة من أيهما كان البذر لان هذا شرط يؤدي إلى قطع الشركة في الخارج مع حصول الخارج عشرا بان يأخذ السلطان خراج الوظيفة و يكون الخارج بقدر ذلك أو دونه ثم الريع كله لصاحب البذر كما هو الحكم في المزارعة الفاسدة و الخراج و المقاسمة أيهما كان على صاحب الارض لما بينا أن الخراج مؤنة للارض فيكون على صاحب الارض ثم أن كان البذر من قبل صاحب الارض فهو مستأجر للعامل و لو عمل بنفسه كان الخراج عليه فكذلك
(36)
إذا استأجر العامل فيه و ان كان البذر من قبل العامل قرب الارض مؤجر للارض و منفعة الارض تحصل له بهذه الاجارة كما يحصل إذا استوفاها بنفسه فيكون الخراج عليه و الله أعلم ( باب ما يفسد المزارعة من الشروط و ما لا يفسدها ) ( قال رحمه الله ) و إذا اشترط رب الارض على العامل الحصاد فالمزارعة فاسدة من أيهما كان البذر و الاصل أن العمل الذي به تحصل الخارج أو يتربى في المزارعة الصحيحة يكون على العامل و ذلك بمنزلة الحفظ و السقي إلى أن يدرك الزرع لان المزارعة على قول من يجيزها شركة في الخارج و رأس مال العامل فيها عمل مؤثر في تحصيل الخارج كما في المضاربة و ما يكون من العمل بعد الادراك التام إلى أن يقسم كالحصاد و الدياس والتذربة يكون عليهما لان الخارج ملكهما فالمؤونة فيه عليهما بقدر الملك و ما يكون من العمل بعد القسمة كالحمل إلى البيت و الطحن يكون على كل واحد منهما في نصيبه خاصة لان بالمقاسمة تميز ملك أحدهما عن ملك الآخر فيكون التدبير في ملك كل واحد منهما اليه فإذا شرطا الحصاد على العامل فهذا لا يقتضيه العقد و فيه منفعة لاحد المتعاقدين فيفسد به العقد كما لو شرط رب الارض الحمل و الطحن عليه في نصيب نفسه و لان المزارعة تنتهى باستحصاد الزرع ( ألا ترى ) أن الزرع بعد ما استحصد لو دفعه معاملة إلى رجل ليقيم فيه هذه الاعمال بالثلث لم يجز بخلاف ما إذا كان الزرع بقلا فدفعه معاملة إلى من يحفظه و يسقيه بالثلث فإذا شرط الحصاد على العامل فهذا عمل شرط عليه بعد انتهاء العقد و استحقاق العمل عليه بالعقد و كل شرط يوجب عليه عملا بعد انتهاء العقد فهو فاسد يفسد به العقد و روى بشر و ابن سماعة عن أبى يوسف ان العقد لا يفسد بهذا الشرط و لكن ان لم يشترطا فهو عليهما و ان شرطا فهو على المزارع لان العرف الظاهر أن المزارع يباشر هذه الاعمال فهذا شرط يوافق المتعارف فلا يفسد به العقد و لكن بمطلق العقد لا يستحق علليه الا ما يقتضيه العقد فان شرط ذلك عليه صار مستحقا بالعرف كما لو اشترى حطبا في المصر بشرط أن يوفيه في منزله و فى المعاملة قال هذا الشرط يفسد المعاملة لانه ليس فيه عرف ظاهر و كان نصر بن يحيى و محمد بن سلمة رحمها الله يقولان هذا كله على العامل شرط عليه أو لم يشرط لان فيه عرفا ظاهرا بتناوله و المعروف كالمشروط فقد جوزنا بعض العقود للعرف و ان كان القياس
(37)
يأباه كالاستبضاع فهذا مثله و هذا هو الصحيح في ديارنا أيضا و كان أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله إذا استفتى في هذه المسألة قال فيها عرف ظاهر و من أراد أن لا يتعطل فعليه أن لا يمتنع مما هو العرف و كذلك لو اشترطا شيأ من ذلك على صاحب الارض كان العقد فاسدا لما بينا و فى جانب رب الارض فساد العقد بهذا الشرط على الاقاويل كلها لانه ليس فيه عرف ظاهر ( ألا ترى ) أن رجلا لو جاء إلى رجل قد صار زرعه بقلا فعامله على أن يقوم عليه و يسقيه حتى يستحصد فما خرج فهو بينهما نصفان كان جائزا و لو عامله بعد ما استحصد على أن يحصده و يدوسه و يذريه و ينقيه و يحمله إلى منزله أو إلى موضع كذا كان العقد فاسدا و هذا لان المزارعة على قول من يجيزها انما تكون باعتبار الاثر و الاثر انما جاء في مزارعة يكون للعمل فيها تأثير في تحصيل الخارج و ذلك لايوجد في الفصل الثاني و فى الفصل الاول يوجد ذلك لان الزرع يزداد بعمل العامل بمنزلة الثمار تخرج بعمل العامل فلهذا صح العقد هناك و لم يصح هنا و لو دفع اليه أرضا و بذرا على أن يزرعها سنته هذه على أن ما رزق الله تعالى من شيء فهو بيننا نصفان فصار قصيلا فأرادا أن يقصلاه و يبيعاه فحصاد القصيل و بيعه عليهما لانهما أنهيا العقد بما عزما عليه و القصل في القصيل كالحصاد بعد الاستحصاد لانه عمل في ملك مشترك و ليس له تأثير في زيادة الخارج فكما أن الحصاد بعد الادراك عليهما فكذلك حصاد القصيل عليهما و يستوي ان كان البذر من قبل رب الارض أو المزارع و لو استحصد الزرع فمنعهم السلطان من حصاده اما ظلما أو لمصلحة رأى في ذلك أو استوفى منهم الخراج فالحفظ عليهما لان الحفظ بعد الاستحصاد بمنزلة الحصاد فان عقد المزارعة ينتهى بالحصاد و لو دفع إلى رجل نخلا له معاملة على أن يقوم عليه و يسقيه و يلقحه على أن الخارج بينهما نصفان فهو جائز و على العامل حفظه بالليل و النهار حتى يصير تمرا لان عقد المعاملة قائم بينهما ما لم يصير تمرا و الحفظ من الاعمال التي تستحق على العامل بعقد المعاملة فإذا صار تمرا فقد انتهى العقد و بقى التمر مشتركا بينهما فكان الحفظ بعد ذلك و الجداد عليهما بقدر ملكيهما فان اشترط صاحب النخل على العامل في أصل المعاملة بعد ما يصير تمرا كانت المعاملة فاسدة لانه شرط لنفسه منفعة عليه بعد انتهاء العقد و لو أراد في المعاملة الصحيحة ان يجداه بسرا فيبيعانه أو يلقطانه رطبا فيبيعانه فان اللقاط و الجذاذ عليها نصفين لما بينا انهما انهيا العقد بما عزما عليه فان الجذاذ قبل الادراك بمنزلته بعد الادراك و لكن الحفظ على العامل ما دام في رؤوس النخيل
(38)
حتى يصير تمرا لان عقد المعاملة بينهما باق فانه انما ينتهى ضمنا للجذاذ و اللقاط فلا يكون منتهيا قبله و حال قيام العقد الحفظ مستحق على العامل و الله أعلم ( باب الشرط فيما تخرج الارض و فى الكراب و غيره ) ( قال رحمه الله ) إذا دفع الرجل أرضا له مزارعة بالنصف سنتة هذه على أن البذر من قبل العامل فقال صاحب الارض اكربها ثم ازرعها فقال العامل أزرعها بغير كراب فانه ينظر في ذلك فان كانت تزرع بغير كراب و يحصل الريع الا أن بالكراب أجود فان شاء العامل كرب و ان شاء لم يكرب و ان كانت لا تخرج زرعا بغير كراب لم يكن له أن يزرع الا بكر اب لان المقصود بالمزارعة تحصيل الخارج فان العمل الذي لابد منه لتحصيل الخارج يصير مستحقا عليه بمطلق العقد و ما يحصل الخارج بدونه لا يصير مستحقا عليه الا بالشرط لان بمطلق العقد يستحق المعقود عليه بصفة السلامة و لا يستحق صفة الجودة الا بالشرط فإذا كانت تلك الارض بحيث لا يحصل ريعها الا بكر اب فهذا عمل لابد منه فيصير مستحقا على العامل بمطلق العقد الا ان شاء أن يدع الزرع لان البذر من قبله فلا يكون العقد لازما في حقه قبل إلقاء البذر في الارض و ان كان الريع يحصل بغير كراب و مع الكراب يكون أجود و لكن صفة الجودة لا تستحق بمطلق العقد و بدون الكراب صفة السلامة تحصل في الريع فيتخير العامل لذلك و ان كانت تخرج بعد الكراب شيأ قليلا نظرت فيه فان كان مما يقصد الناس ذلك بالزراعة تخير المزارع في الكراب و ان كان ذلك شيأ لا يقصده الناس بالعمل يجبر على الكراب لان مطلق العقد يتقيد بالمتعارف و لان ما لا يقصد تحصيله بالزراعة عادة يكون معينا و قضية عقد المعاوضة صفة السلامة عن العيب فيصير الكراب مستحقا على العامل لتحصيل صفة السلامة لصاحب الارض في نصيبه من الخارج و إذا كان يخرج بغير كراب ما يقصد بالزراعة فأدني السلامة يحصل بغير كراب و الا على لا يصير مستحقا الا بالشرط و كذلك ان زرع ثم قال لا أسقى و لكن أدعها حتى تسقيها السماء فان كانت تكتفى بماء السما الا أن السقي أجود للزرع لم يجبر على السقي و ان كانت مما لا يكفيه سقي السماء أجبر على السقي و كذلك لو كان البذر من قبل صاحب الارض في جميع ذلك للمعنى الذي قلنا و لو دفع اليه أرضا و بذرا على أن يكربها و يزرعها سنته هذه بالنصف فأراد أن
(39)
يزرعها بغير كراب فليس له ذلك و يجبر على الكراب سواء كان البذر من قبل المزارع أو من قبل رب الارض لان أصل الريع و ان كان يحصل بغير كراب فمع الكراب أجود وصفة الجودة تصير مستحقة بالشرط كصفة الجودة في المسلم فيه وصفة الكتابة و الحبر في العبد تصير مستحقة بالشرط و ان كان لا يستحق بمطلق العقد و كذلك لو شرط في المسلم فيه أن يوفيه في مصر كذا فله أن يوفيه في أى ناحية من نواحى المصر شاء و ان شرط عليه أن يوفيه في منزله في المصر فليس له أن يوفيه في موضع آخر الا أن يكون الريع يحصل بالكراب و غير الكراب على صفة واحدة فحينئذ لا يعتبر هذا الشرط لانه مفيد و كذلك ان كان الكراب بحيث يضر بالزرع و قد يكون ذلك عند قوة الارض فان الكراب يحرق الارض و الزرع و إذا كان بهذه الصفة فليس على المزارع أن يكربها لان اعتبار الشرط للمنفعة لا للضرر و اشتراط التثنية على المزارع في المزارعة يفسد العقد قال لانه يبقى منفعتها في الارض بعد مضى السنة بخلاف الكراب فانه لا تبقي منفعته في الارض بعد مضي السنة فاشتراطه لا يفسد المزارعة و تكلموا في تفسير التثنية فقيل المراد أن يكربها مرتين ثم يزرع فعلى هذا اشتراط التثنية في ديارنا لا يفسد المزارعة لانه لا تبقي منفعتها بعد مضى السنة و فى الديار التي تبقي منفعتها في الارض بعد سنة ان كانت المزارعة بينهما سنة واحدة يفسد بهذا القد لانه لا تبقي منفعتها في الارض بعد المدة و قيل معنى التثنية أن يكربها بعد ما يحصد الزرع فيردها مكروبة و هذا الشرط مفسد للعقد لان المزارعة تنتهى بإدراك الزرع فقد شرط عليه عملا بعد انتهاء العقد و فيه منفعة لرب الارض و قيل معنى التثنية أن يجعلها جداول كما يفعل بالمبطخة فيزرع ناحية منها و يبقى ما بين الجداول مكروبا فينتفع رب الارض بذلك بعد انتهاء المزارعة و هذا مفسد للعقد و الحاصل انه متى شرط على العامل ما تبقي منفعته لرب الارض بعد مضى المدة فالمزارعة تفسد به كما لو شرط عليه أن يكرب أنهارها و المزارعة بينهما سنة واحدة فان كرب الانهار تبقي منفعتها بعد انقضاء السنة و كذلك لو شرط عليه إصلاح مشاربها أو بناء حائط فيها أو أن يسرجنها فهذا كله مما تبقي منفعته في الارض بعد مضى مدة المزارعة فتكون مفسدة للمزارعة و لو دفع اليه الارض و البذر على أن يعمل سنته هذه على انه ان زرع بغير كراب فللمزارع ربع الخارج و ان كربها ثم زرعها فللمزارع ثلث الخارج و ان كرب وثني ثم زرع فالخارج بينهما نصفان فهذه مزارعة جائزة على ما اشترطا لانه ذكر أنواعا من
(40)
العمل و أوجب له بمقابلة كل نوع شيأ معلوما من الخارج فيصح العقد كما لو دفع ثوبا إلى خياط فقال ان خطته رومية فلك درهم و ان خطته فارسية فلك نصف درهم و هذا لان أوان لزوم العقد من الجانبين و انعقاد الشركة بينهما في الخارج عند إلقاء البذر في الارض و الكراب و التثنية كل ذلك يسبق إلقاء البذر فعند لزوم العقد نوع العمل معلوم و بدله معلوم فيجوز العقد كما في مسألة الخياطة فان وجوب الاجر عند اقامة العمل و ذلك عند العمل معلوم و البدل معلوم و قال عيسى رحمه الله هذا الجواب غلط لانه ذكر قبل هذا ان اشتراط التثنية على المزارع يفسد العقد وهنا قد شرط عليه التثنية و ضم اليه نوعين آخرين من العمل فتمكنت الجهالة هنا في العمل و مقدار البدل عند العقد مع اشتراط التثنية فلان يكون مفسدا للعقد كان أولى و ان كان لا يفسد العقد إذا كربها أو زرعها بغير كراب فينبغي أن يفسد العقد إذا ثنى لانه تعين ذلك بعمله فكانه شرط ذلك في الابتداء بعينه و لكن ما ذكره في الكتاب أصح أما إذا جعلنا تفسير التثنية أن يردها مكروبة فلا حاجة إلى الفرق بين هذا و بين ما سبق و ان جعلنا تفسير التثنية أن يكربها مرتين فهناك تعين عليه التثنية بالشرط و هي مما تبقي منفعتها بعد مضى المدة فلا يجوز أن يجبر المزارع على اقامتها وهنا لا يتعين عليه التثنية بل يتخير هو في ذلك ان شاء فعل و ان شاء لم يفعل و هذا مفسد للعقد كما إذا أطلق العقد يصح و يتخير المزارع بين أن يثنى الكراب و بين أن يكربها و يدع التثنية فان زرع بعضها بكر اب و بعضها بغير كراب و بعضها بكر اب و ثنيان فهو جائز و ما زرعها بغير كراب فالخارج بينهما يكون أرباعا و ما زرعها بكر اب فهو بينهما أثلاثا و ما زرع بكر اب و ثنيان فهو بينهما نصفان اعتبارا للبعض بالكل و هذا لانه لا يتعين على صاحب الارض و البذر شرط عقده بهذا التبعيض و هو متعارف بين الناس أن يزرع بعض الارض بكر اب و ثنيان و بعضها بكر اب و بعضها بغير كراب و هذا بخلاف مسألة الخياطة فان هناك ليس له أن يخيط بعض الثوب رومية و بعضه فارسية لان ذلك يفوت المقصود على صاحب الثوب و هذا متعارف في الثوب الواحد أن يخاط بعضه رومية و بعضه فارسية بل يعد ذلك عيبا في الثوب و كذلك لو كان البذر من قبل المزارع في جميع ذلك و كذلك لو كان الشرط أن ما زرع بكر اب و ثنيان فهو بينهما نصفان فهذا و الاول سواء و قد طعنوا في هذه المسألة فقالوا ينبغى أن لا يصح العقد هنا لان كلمة من للتبعيض فقد شرط عليه أن يزرع البعض بكر اب و البعض بثنيان و البعض
(41)
بغير كراب و ذلك البعض مجهول و هذه الجهالة تفضى إلى تمكن المنازعة لان العقد لازم من جانب العامل أو من جانب رب الارض إذا كان البذر من قبل العامل فينبغي أن يفسد العقد و استدلوا على هذا بما ذكره في آخر الباب من التخيير بين أجناس البذر بهذا اللفظ و أفسدوا العقد به لهذا المعنى الا أنا نقول حرف من قد يكون للصلة خصوصا في موضع يكون الكلام بدونه مختلا قال الله تعالى فاجتنبوا الرجس من الاوثان و إذا كان حرف من صلة كان له أن يزرع الكل باى نوع من الاعمال الثلاثة شاء فهذه المسألة و الاولى سواء و الفرق بين هذا و بين التخيير في جنس البذر بهذا اللفظ نذكره في آخر الباب و لو دفع اليه الارض على أن يزرعها ببذره سنته هذه على أن يزرعها حنطة فالخارج بينهما نصفان و ان زرعها شعيرا فلصاحب الارض ثلثه و ان زرعها سمسما فلصاحب الارض ربعه فهذا جائز على ما اشترطا لما بينا ان أوان لزوم العقد و انعقاد الشركة عند إلقاء البذر في الارض و عند ذلك المعقود عليه معلوم و البذر معلوم و الجهالة قبل ذلك لا تفضى إلى المنازعة و ان زرعها بعضها حنطة و بعضها شعيرا و بعضها سمسما فذلك جائز في كل نوع على ما اشترطا اعتبارا للبعض بالكل لانه لما رضى رب الارض بان يزرع كلها على صفة يكون راضيا بان يزرع بعضها على تلك الصفة و بذلك البذر كما في المسألة الاولى و كذلك لو دفع اليه أرضا ثلاثين سنة على أن ما زرع فيها من حنطة أو شعير أو شيء من غلة الصيف أو الشتاء فهو بينهما نصفان و ما غرس فيها من نخل أو شجر أو كرم فهو بينهما أثلاثا فلصاحب الارض الثلث و للعامل الثلثان فهو بينهما على ما اشترطا سواء زرع الكل على أحد النوعين أو زرع بعضها و جعل في بعضها كرما قال و لا يشبه البيوع في هذا الاجارات و الاجارات في مثل هذا تجوز و ذكر حماد عن إبراهيم رحمه الله قال سألته عن الاجير أقول له ان عملت في كذا كذا فبكذا و ان عملت كذا فبكذا فقال لا بأس به انما يكره ذلك في البيوع قيل معنى هذا الفرق أن في البيوع إذا اشترى أحد شيئين و سمي لكل واحد منهما ثمنا و لم يشترط الخيار ثلاثة أيام لواحد منهما كان العقد فاسدا و فى الاجارات يكون العقد صحيحا بدون شرط الخيار كما في مسألة الخياطة و المزارعة لان الثمن في البيع يجب بنفس العقد و العقد يلزم بنفسه فإذا لم يشترط الخيار فيه كان المعقود عليه مجهولا و الثمن مجهولا عند لزوم العقد و هذه الجهالة تفضى إلى المنازعة و فى باب المزارعة العقد لا يلزم من جانب من البذر من قبله قبل إلقاء البذر في الارض و فى الاجارة العقد و ان كان يلزم بنفسه و لكن البدل