فالشرط لا يزيده الا و كادة و هذا لان مقتضى المضاربة الشركة بينهما في الربح خاصة و الربح لا يظهر الا بعد أجر الاجراء كما لا يظهر الا بعد رفع رأس المال فهذا الشرط لا يغير مقتضى العقد فاما عقد المضاربة فمقتضاه الشركة في جميع الريع فاشتراط أجر الاجراء من الريع أو على أن يرجع به العامل في الريع بمنزلة اشتراط رفع صاحب البذر بذره من الريع و ذلك مفسد للعقد و لو كانا اشترطا أن أجر الاجراء على المضارب في ماله و على رب المال في ماله كان ذلك باطلا و تفسد المضاربة لانه يغير مقتضى العقد فان أجر الاجراء في مال المضاربة فإذا شرط على أحدهما خاصة كان هذا شرطا مخالفا لموجب العقد فيفسد به العقد و الله أعلم ( باب التولية في المزارعة و الشركة ) ( قال رحمه الله ) رجل دفع إلى رجل أرضا و بذرا يزرعها سنته هذه على أن الخارج بينهما نصفان و لم يقل له اعمل فيه برأيك فله أن يستأجر فيه الاجراء بماله لانه التزم عمل الزراعة في ذمته فان شاء أقامه بنفسه و ان شاء باعوانه و إجرائه و لما استأجره رب الارض و البذر مطلقا لعمل الزراعة مع علمع أنه قد يعجز عن اقامة جميع الاعمال بنفسه و قد يبتلى بسوء أو مرض لا يمكنه اقامة العمل معه فقد صار راضيا بإقامته العمل باعوانه و إجرائه و ليس له أن يوليها أحدا فيدفعها اليه مع البذر يعملها على أن الخارج بينهما نصفان لانه يوجب للغير شركة في الخارج من يد رب الارض فانما رضى رب الارض بشركته لا بشركة غيره و لانه لا يملك نصيبه قبل اقامة العمل فلا يتمكن من إيجابه لغيره بطلق العقد و لا يتمكن من إيجاب نصيب رب الارض لغيره لان رب الارض لم يرض به و ان فعل ذلك فعملها الرجل فالزرع بين الآخر و الاوسط نصفان لان الاول صار غاصبا للارض و البذر بتولية العقد فيه إلى الثاني و إيجاب الشركة في الخارج و من غصب أرضا و بذرا و دفعهما مزارعة كان الخارج بين الغاصب و المزارع على شرطهما لا شيء منه لرب الارض و لرب الارض أن يضمن بذره أيهما شاء لان كل واحد منهما غاصب فتعدى في حقه الثاني بالالقاء في الارض لا على وجه رضى به رب الارض و الاول بالدفع إلى الثاني مع إيجاب الشركة في الخارج منه و كذلك نقصان الارض في قول محمد و في قياس قول أبى يوسف الاول يضمن أيهما شاء فاما في قياس قول أبى حنيفة و أبى يوسف الآخر فانما يضمن نقصان الارض الثاني خاصة لانه هو المتلف بعمله و العقار
(71)
يضمن بالاتلاف دون الغصب عندهما فان ضمن الثاني فله أن يرجع بما ضمن على الاول لانه مغرور من جهته و ان ضمن الاول لم يرجع على الثاني بشيء لانه ملك البذر بالضمان فانما دفع بذره مزارعة و كذلك نقصان الارض عند محمد رحمه الله إذا ضمن الاول لم يرجع على الثاني لانه لا فائدة فيه فان الثاني يرجع على الاول بما يضمنه لاجل الغرور و لو قال له اعمل فيه برأيك و المسألة بحالها فالتولية جائزة و نصف الخارج للمزارع الآخر و نصفه لرب الارض و لا شيء منه للمزارع الاول لانه فوض الامر إلى رأيه على العموم و الدفع إلى الغير مزارعة بالنصف من رأيه فيقوم هو مقام رب الارض و البذر ثم هو يقيم غيره مقام نفسه في ثبوت حق الشركة له في الخارج بمقابلة عمله عند حصوله و قد رضى به صاحب الارض حين أجاز صنعه على العموم فهو كالوكيل يوكل غيره فيما و كل به فيصح منه إذا قيل له اعمل فيه برأيك و ان ثبت أن الثاني قائم مقام الاول فانما يستحق النصف الذي كان يستحقه الاول و لا يستحق شيأ من نصيب رب الارض لانه لم يرض بذلك فلهذا كان الخارج بين المزارع الاخر و بين رب الارض نصفين و لو لم يقل له اعمل فيه برأيك فأشرك فيه رجلا ببذر من قبل ذلك الرجل و اشتركا على أن يعملا بالبذرين جميعا على أن الخارج بينهما نصفان فعملا على هذا فجميع الخارج بينهما نصفان و المزارع الاول ضامن لبذر صاحب الارض لانه مخالف له بإلقائه في الارض على وجه يثبت للغير شركة في الخارج منه و ان خلطه ببذر الاخر فهو ضامن له بالخلط لانه اشتراك لم يرض به صاحب الارض و البذر ثم هو بالضمان يملك بذر صاحب الارض فظهر أنهما زرعا ببذر بينهما نصفين فيكون الخارج بينهما نصفين على قدر البذر و هما ضامنان نقصان الارض لانهما باشرا عمل الزراعة فكانا مباشرين إتلاف الجزء الذي تمكن النقصان في الارض بذهاب قوتها فعليهما ضمان ذلك و لا يرجع الثاني على الاول بشيء من النقصان لان الثاني عامل لنفسه و الاول كالمعير منه لنصف الارض و المستعير لا يرجع بما يلحقه من الضمان على المعير ثم يأخذ كل واحد منهما من نصيبه ما غرم و ما أنفق و يتصدق بالفضل لانه ربي زرعه في أرض غيره بغير رضاه و لو كان أمره أن يعمل فيها برأيه و يشارك فيها من أحب و المسألة بحالها جاز و نصف الخارج للآخر لانه نماء بذره و نصفه بين الاول و رب الارض نصفان لانه نماء بذر رب الارض و المزارع موافق له في عمل الزراعة فيه فالخارج بينهما على الشرط و لا شيء لرب الارض على واحد
(72)
منهما لان نصف الارض زرعه الاول و نصفه زرعه الثاني و الاول كالمعير منه لذلك النصف و قد رضى به رب الارض حين أمره أن يعمل في ذلك برأيه و ان يشارك من أحب و لو لم يكن شاركه و لكنه دفع اليه البذر على أن يعمل فيه و يبذر مثله من عنده في الارض على أن الخارج بينهما نصفان فهذه مزارعة فاسدة لان المزارع الاول قائم في الدفع مقام المالك حين فوض الامر إلى رأيه على العموم و قد بينا أن المالك إذا دفع البذر و الارض إلى رجل على أن يزرعها مع مثل ذلك البذر من عنده على أن الخارج بينهما نصفان لم يجز لانه يجعل منفعة نصف الارض له بازاء عمله لصاحب الارض في النصف الآخر فهذا مثله ثم المزارع الآخر له نصف الخارج لانه نماء بذره و عليه أجر نصف مثل نصف الارض لرب الارض لانه استوفى منفعة نصف الارض بعقد فاسد و الذى يلى قبضه منه المزارع الاول لانه وجب بعقده و يكون نصف الزرع بين المزارع الاول و رب الارض على الشرط لانه نماء بذر رب الارض و المزارع الاول لم يصر مخالفا له بالدفع إلى الثاني بحكم عقد فاسد لان الامر مفوض إلى رأيه فانما يضمن بالخلاف لا بالفساد و يطيب لهما هذا النصف لانه لا فساد في العقد الذي جرى بينهما و قد صار هذا النصف من الزرع مربى في أرض رب الارض فلا يتمكن فيه الخبث و أما المزارع الآخر فيأخذ مما أخرج بذره و نفقته و ما غرم من الاجر و يتصدق بالفضل لانه رباه في أرض غيره بعقد فاسد و لو لم يكن رب الارض أمره أن يعمل فيه برأيه أو يشارك في المزارعة و المسألة بحالها كان الخارج بين المزارع الاول و الآخر نصفين لان الاول صار ضامنا بذر رب الارض بالخلاف فالخارج نماء بذرهما بسبب عقد فاسد جرى بينهما فيكون بينهما نصفين على قدر البذر و للمزارع الاول على الآخر أجر مثل نصف الارض لانه استوفى منفعة نصف الارض بحكم عقد فاسد جرى بينهما و الاول و ان صار غاصبا للارض و لكن وجوب أجر المثل باعتبار العقد و هو العاقد فيكون بمنزلة من غصب أرضا و أجرها و يضمنها رب الارض نقصان الارض في قول محمد رحمه الله و هو قول أبى يوسف الاول لان الاول غاصب للارض و الثاني متلف في مقدار النقصان فيضمن أيهما شاء و يرجع به الآخر على الاول إذا ضمن لانه مغرور من جهته و الغرور يتمكن بالعقد الفاسد كما يتمكن بالعقد الصحيح و ظاهر ما نقل في الكتاب يدل على أنه يضمن كل واحد منهما نصف النقصان أيهما شاء فاما في قياس قول أبى حنيفة و أبى يوسف الآخر رحمهما الله فان رب الارض
(73)
يضمن جميع النقصان المزارع الآخر لانه هو المتلف و ضمان النقصان في العقار يجب على المتلف دون الغاصب عنده ثم يرجع به المزارع الآخر على الاول بحكم الغرور و لو دفع إلى رجل أرضا و بذرا يزرعها سنته هذه بالنصف و لم يقل له اعمل فيه برأيك فدفعها المزارع إلى رجل آخر على أن يزرعها سنته هذه بذلك البذر على أن للآخر ثلث الخارج و للاول ثلثاه فعملهما الثاني على هذا فالخارج بينهما أثلاث كما شرطاه في العقد الذي جرى بينهما و المزارع الاول صار مخالفا باشراك الغير في الخارج بغير رضا رب المال فلرب الارض أن يضمن بذره أيهما شاء و كذلك نقصان الارض في قول محمد و أبى يوسف الاول فان ضمنها الآخر رجع على الاول بذلك كله و ان ضمنها الاول لم يرجع على الآخر و فى قول أبى حنيفة و أبى يوسف الآخر رحمهما الله انما يضمن نقصان الارض للاجر و يرجع هو على الاول ثم يأخذ الاول من نصيبه بذره الذي ضمن و ما غرم و يتصدق بالفضل لتمكن الخبث في تصرفه بخلافه و لا يتصدق الآخر بشيء قال لانه كان أجيرا بنصف الخارج و هو سهو و الصحيح أن يقال لانه كان أجيرا بثلث الخارج و معنى هذا التطيل أن العقد بين الاول و الثاني صحيح و ان كان الاول غاصبا مخالفا فالثاني انما استحق الاجر على عمله بعقد صحيح فلا يلزمه أن يتصدق بشيء بخلاف ما سبق فهناك الثاني انما استحق الخارج بكونه نماء بذره و قد رباه في أرض غيره بغير رضا صاحب الارض و لو كان رب الارض قال له اعمل فيه برأيك و المسألة بحالها كان ثلث الخارج للآخر و نصفه لرب الارض و سدسه للمزارع الاول لان الاول لم يصر مخالفا بالدفع إلى الثاني و لكنه أوجب له ثلث الخارج بعقد صحيح فينصرف ذلك إلى نصيبه خاصة و ذلك ثلثا نصيبه و رب الارض مستحق لنصف الخارج كما شرط لنفسه و يبقى ثلث نصيب المزارع الاول و ذلك سدس جميع الخارج فيكون له بضمان العمل في ذمته و ان كان دفع اليه البذر و الارض على أن يزرعها سنته هذه فما رزقه الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان و قال له اعمل في ذلك برأيك فدفعها المزارع إلى رجل بالنصف فهو جائز و للآخر نصف الخارج لان عقد المزارع الاول معه بعد تفويض الامر إلى رأي الاول على العموم كعقد رب الارض فيستحق هو نصف الخارج و النصف الآخر بين الاول و بين رب الارض نصفين لان رب الارض ما شرط لنفسه هنا نصف جميع الخارج و انما شرط لنفسه نصف ما رزقه الله تعالى للاول و ذلك ما وراء نصيب الآخر فكان ذلك بينهما نصفان و فيما تقدم
(74)
انما شرط رب الارض لنفسه نصف جميع الخارج فلا ينتقض حقه بعقد الاول مع الثاني و كذلك لو قال على أن ما أخرج الله لك منها من شيء فهو بينا نصفين أو قال ما أصبت من ذلك من شيء فهو بيننا نصفان فهذا و قوله و ما رزقك الله سواء و لو لم يقل له اعمل فيه برأيك و المسألة بحالها كان الاول مخالفا ضامنا حين زرعها الآخر لما قلنا و الخارج بينهما نصفان و لا شيء منه لرب الارض و يضمن رب الارض بذره أيهما شاء و فى نقصان الارض خلاف كما بينا و لو لم يزرع الآخر حتى ضاع البذر من يده أو غرقت الارض ففسدت و دخلها عيب ينقصها فلا ضمان على واحد منهما في شيء من ذلك لان الاول بمجرد الدفع إلى الثاني لا يصير مخالفا ( ألا ترى ) انه لو دفع اليه البذر و الارض و استعان به في عمل الزراعة أو استأجره على ذلك بدراهم لم يكن مخالفا و انما يصير مخالفا بإيجاب الشركة للغير في الخارج و ذلك لا يحصل بمجرد العقد و لا بدفع الارض و البذر اليه و انما تكون حقيقة الشركة عند حصول الخارج و سببه إلقاء البذر في الارض على طريق المزارعة فما لم يوجد هذا السبب لا يصير واحد منهما مخالفا فهذا لا ضمان على واحد منهما لرب الارض و الدليل عليه أن الشركة بعقد المزارعة لا تكون في البذر بل تكون في النماء الحاصل من البذر و سببه ليس هو قبض المزارع البذر و انما سببه إلقاء البذر في الارض و لو دفع اليه أرضا و بذرا يزرعها سنته هذه بالنصف و قال له اعمل فيه برأيك فدفعها المزارع إلى آخر مزارعة على ان للمزارع الآخر الثلثين مما تخرج الارض و للاول الثلث فهذا فاسد لان إيجاب الاول للثاني انما يصح في مقدار نصيبه من الخارج و قد أوجب له أكثر من نصيبه فالزيادة على مقدار نصيبه انما يوجبها له في نصيب رب الارض و البذر و هو راض بذلك أو قال له اعمل فيه برأيك لانه فوض الامر إلى رأيه على العموم على أن يكون له نصف الخارج فلهذا فسد العقد و إذا حصل الخارج كان للآخر أجر مثله على الاول لانه استوفى عمله بحكم عقد فاسد جرى بينهما و الزرع بين رب الارض و المزارع الاول نصفان لان عمل أجيره اجارة فاسدة بمنزلة عمل أجيره ان لو أستأجره بالدراهم اجارة صحيحة و ذلك كعمله بنفسه فيكون الخارج بينهما على الشرط و يطيب لهما ذلك لانه لا فساد في العقد الذي جرى بينهما و انما الفساد في العقد المعقود على عمل المزارع الآخر و لسببه لا يتمكن الخبث في الخارج قال و لا يشبه هذا المضاربة يريد به ما بينا في كتاب المضاربة في هذه الصورة بعينها لان للمضارب الآخر نصف الربح نصيب المضارب الاول و يرجع على الاول
(75)
بسدس الربح لان الربح دراهم أو دنانير فاستحقاق رب المال بعض ما شرطه الاول للثاني لا يبطل العقد بينهما و لكن يثبت للآخر حق الرجوع على الاول بمثله كما لو استاجره بدراهم أو دنانير بأعيانها فاستحقت و فى المزارعة الذي أوجبه الاول للآخر طعام بعينه و هو الخارج من الارض و استحقاق رب الارض و البذر بعض ما أوجبه له يبطل العقد الذي جرى بينهما يوضح الفرق انه لا مجانسة بين الآخر و بين الخارج من الارض فلا يمكن الجمع بينهما للمزارع الآخر بعقد واحد و فى المضاربة الاجر من جنس الربح فيجوز أن يجمع بينهما للمضارب الآخر على أن ما يأخذ مما شرط له من الربح مقدار ما تمكن الاول من تسليمه اليه و يرجع عليه بما زاد على ذلك إلى تمام حقه دراهم أو دنانير و لو لم يكن قال له اعمل فيه برأيك و المسألة بحالها كان المزارع الاول مخالفا و الخارج بينه و بين الآخر أثلاثا على شرطهما و يضمن رب الارض بذره أيهما شاء و في نقصان الارض اختلاف كما بينا و لو كان رب الارض قال للاول اعمل فيه برأيك على ان ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان و المسألة بحالها كان ثلثا الزرع للاخر و الثلث بين الاول و رب الارض نصفان لان رب الارض ما شرط هنا لنفسه نصف الخارج بل نصف ما يرزقه الله تعالى المزارع الاول و ذلك ما وراء نصيب مزارع الاخر فكان للمزارع الآخر جميع ما شرط له و الباقى بين الاول و رب الارض نصفين على شرطهما ( باب تولية المزارع و مشاركته و البذر من قبله ) ( قال رحمه الله ) و إذا دفع الرجل إلى الرجل أرضا يزرعها سنته هذه ببذره على أن الخارج بينهما نصفان و قال له أعمل في ذلك برأيك أو لم يقل فدفعها إلى المزارع و بذرا معها إلى رجل من مزارعة بالنصف فهو جائز لان الاول هنا مستأجر للارض بنصف الخارج و له أن يتصرف في الارض التي أستأجرها بالدفع مزارعة على الوجه الذي يتصرف في أرض نفسه ( ألا ترى ) أنه لو استأجرها بدراهم كان له أن يدفعها مع البذر مزارعة بالنصف فذلك إذا استأجرها ببعض الخارج بخلاف ما سبق فهناك المزارع أجر رب الارض بنصف الخارج و حقيقة المعنى أن المستأجر عامل لنفسه فانما يوجب الشركة للاجير في حق نفسه و أما الاجير عامل المستأجر فانما هو يوجب الشركة للآخر في الخارج من بذر رب الارض فلهذا افترقا
(76)
ثم إذا حصل الخارج هنا فنصفه للآخر بمقابلة عمله كما أوجبه له صاحب البذر و نصفه لرب الارض بازاء منفعة أرضه كما شرط له صاحب البذر و لا شيء لصاحب البذر لانه أوجب لغيره جميع الخارج من بذره بعقد صحيح و كذلك لو كان البذر من قبل الآخر لان الاول مستأجر للارض بنصف الخارج ثم أجرها من الآخر بنصف الخارج و للمستأجر أن يؤاجر فيما تتفاوت الناس في استيفائه و لو كان الشرط للمزارع الآخر ثلث الخارج في المسئلتين جميعا جاز و للآخر الثلث و لرب الارض النصف و للاول السدس طيب له لانه نماء بذره في المسألة الاولى و هو فاضل عما وجبه لغيره و لانه عاقد العقدين جميعا في المسألة الثانية فيسلم الفضل له باعتبار عقده فان قيل في المسألة الثانية و هو مستأجر للارض و قد أجره بأكثر مما استأجره في العقد الثاني من ان زاد من عنده شيئا فينبغي أن لا تطيب له الزيادة قلنا هذا في أجر يكون مضمونا في الذمة فيقال انه ربح حصل لا على ضمانة فاما في المزارعة فلا يتأتى هذا لان الاجر في العقد جزء من الخارج و لا يكون مضمونا في ذمة أحد و سلامته لكل واحد منهما باعتبار الشركة لا باعتبار أنه عوض عن منفعة الارض و لو كان رب الارض دفعها اليه على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان أو قال ما أصبت أو ما خرج لك من ذلك و لم يقل اعمل فيه برأيك فدفعها المزارع و يزارع معها إلى رجل بالنصف فنصف الخارج للآخر و النصف الآخر بين الاول و رب الارض نصفين لان رب الارض انما شرط لنفسه هنا نصف ما يرزق الله المزارع الاول و هو ما وراء نصيب المزارع الآخر فيستوي ان كان البذر من قبل الاول أو الآخر و لو دفع أرضه إلى الاول على أن يعملها ببذره على أن الخارج بينهما نصفان فدفعها الاول إلى الآخر على أن يعملها ببذره على أن للآخر ثلثي الخارج و للاول الثلث فعملها على ذلك فثلثا الخارج للآخر لان الخارج نماء بذره فلا يستحق الغير عليه شيئا منه الا بالشرط و انما شرط للاول ثلث الخارج ثم هذا الثلث يكون لرب الارض و لرب الارض على المزارع الاول أجر مثل ثلث أرضه لانه أستأجرها منه بنصف الخارج و قد حصل الخارج و لم يسلم له ثلث ذلك النصف بل استحقه المزارع للاجر و استحقاق بعض ما هو أجر للارض إذا كان بعينه يوجب الرجوع بحصته من أجر المثل اعتبار للبعض بالكل لانه لو استحق جميعه رجع بأجر مثل جيمع الارض فكذلك إذا استحق ثلثه و لو كان البذر من قبل الاول كان ثلثا الخارج للاجير كما أوجبه له المزارع الاول و الثلث لرب الارض و لرب الارض أجر مثل ثلث