( باب العذر في المعاملة ) ( قال رحمه الله ) و إذا دفع إلى رجل نخلا له معاملة على أن يقوم عليه و يسقيه و يلقحه فما أخرج الله تعالى في شيء منه فهو بينهما نصفان فقام عليه و لقحه حتى إذا صار بسرا أخضر مات صاحب الارض فقد انتقضت المعاملة بينهما في القياس و كان البسر بين ورثة صاحب الارض و بين العامل نصفين لان صاحب الارض استأجر العامل ببعض الخارج و لو أستأجره بدراهم انقضت الاجارة بموت أحدهما أيهما مات فكذلك إذا استأجره ببعض الخارج ثم انتقاضها بموت أحدهما بمنزلة اتفاقهما على نقضها في حياتهما و لو نقضاه و الخارج بسر كان بينهما نصفين و لكنه استحسن فقال للعامل أن يقوم عليه كما كان يقوم حتى يدرك الثمر و ان كره ذلك الورثة لان في انتقاض العقد بموت رب الارض اضرارا بالعامل و إبطالا لما كان مستحقا له بعقد المعاملة و هو ترك الثمار في الاشجار إلى وقت الادراك و ان انتقض العقد يكلف الجداد قبل الادراك و فيه ضرر عليه و كما يجوز نقض الاجارة لدفع الضرر يجوز إبقاؤها لدفع الضرر و كما يجوز أن ينعقد العقد ابتداء لدفع الضرر يجوز إبقاؤه لدفع الضرر بطريق الاولي و ان قال العامل أنا آخذ نصف البسر له ذلك لان ابقاء العقد لدفع الضرر عنه فإذا رضي بالتزام الضرر انتقض العقد بموت رب الارض الا انه لا يملك إلحاق الضرر بورثة رب الارض فيثبت الخيار للورثة فان شاؤوا صرموا البسر فقسموه نصفين و ان شاؤوا أعطوه نصف قيمة البسر و صار البسر كله لهم و ان شاؤوا أنفقوا على البسر حتى يبلغ و يرجعوا بنصف نفقتهم في حصة العامل من الثمر لتحقق المساواة بينهما في ملك البسر و اختصاص الورثة بملك النخل و الارض و اتصال الثمر بالنخل كاتصال النخل بالارض و اتصال البناء بالارض و قد بينا أن هناك عقد الشركة في النخل و البناء يكون الخيار لصاحب الارض بين هذه الاشياء الثلاثة فهذا مثله و لو كان مات العامل فلورثته أن يقوموا عليه و ان كرهه صاحب الارض لانهم قائمون مقامه و فى قيامهم على النخل تحصيل مقصود رب النخل و توفير حقهم عليهم بترك نصيب مورثهم من التمر في النخل إلى وقت الادراك كما صار مستحقا له فلا يكون لرب النخل أن يأبى ذلك عليهم و ان قالت الورثة نحن نصرمه بسرا كان لصاحب الارض من الخيار مثل ما وصفنا لورثته في الوجه الاول و لو مأتا جميعا كان الخيار في القيام عليه أو تركه إلى
(57)
ورثة العامل لانهم يقومون مقام العامل و قد كان له في حياته هذا الخيار بعد موت رب الارض فكذلك يكون لورثته بعد موته و ليس هذا من باب توريث الخيار بل من باب خلافة الوارث المورث فيما هو حق مالي مستحق له و هو ترك الثمار على النخيل إلى وقت الادراك فان أبوا أن يقوموا عليه كان الخيار إلى ورثة صاحب الارض على ما وصفنا في الوجه الاول و لو لم يمت واحد منهما و لكن انقضت مدة المعاملة و البسر أخضر فهذا و الاول سواء و الخيار فيه إلى العامل فان شاء عمل على ما كان يعمل حتى يبلغ الثمر و يكون بينهما نصفين فان في الامر بالجذاذ قبل الادراك اضرارا بهما و الضرر مدفوع و قد تقدم نظيره في الزرع الا أن هناك العامل إذا اختار الترك فعليه نصف أجر مثل الارض لان استئجار الارض صحيح فينعقد بينهما عقد الاجارة على نصف الارض إلى وقت الادراك وهنا لا أجر على العامل لان استئجار النخيل لترك الثمار عليها إلى وقت الادراك باطل ( ألا ترى ) أن من اشترى زرعا في أرض ثم أستأجر الارض مدة معلومة جاز و لو استأجرها إلى وقت الادراك وجب أجر المثل و لو اشترى ثمارا على رؤوس الاشجار ثم استأجر الاشجار إلى وقت الادراك لا يجب عليه أجر و إذا ظهر الفرق ابتنى على الفرق الاخر و هو ان هناك العمل عليهما بحسب ملكهما في الزرع لان رب الارض لما استوجب الاجر على العامل لا يستوجب عليه العمل في نصيبه بعد انتهاء المدة وهنا العمل على العامل في الكل لانه لا يستوجب رب النخيل عليه أجرا بعد انقضاء المدة كما كان لا يستوجب عليه ذلك قبل انقضاء المدة فيكون العمل كله على العامل إلى وقت الادراك كما قبل انقضاء المدة و ان أبى ذلك العامل خير رب النخيل بين الوجوه الثلاثة كما بينا و لو لم ينقض المعاملة و لكنه لحق رب النخل دين فادح لا وفاء عنده الا ببيع النخل و فى النخل بسرا و طلع لم يجبر على بيع النخل و يخرج من السجن حتى يبلغ الثمر و تنقضي المعاملة ثم يعاد في السجن حتى يقضى الدين لما بينا أن في البيع قبل الادراك ضررا بالعامل في إبطال حقه و فى الترك اضرارا بالغرماء في تأخير حقهم و بمقابلة هذا الضرر منفعة لهم و هو إدراك نصيب غريمهم من الثمر ليباع في دينهم فيكون مراعاة هذا الجانب أولى و لو مات أحدهما أو انقضت المدة أو لحق صاحب الارض دين فادح و قد سقي العامل النخل و قام عليه و حفظه الا أنه لم يخرج شيأ انقضت المعاملة و لم يكن له من منفعته شيء على الذي دفع اليه معاملة لان المعاملة شركة في الخارج فإذا لم يحصل الخارج بعد لم تنعقد الشركة
(58)
بينهما في شيء فاعتراض هذه العوارض قبل انعقاد الشركة كاعتراضها في المزارعة قبل إلقاء البذر في الارض و قد بينا أن هناك العقد ينتقض و لا شيء للعامل على رب الارض لان تقوم منافعه بالمسمى و لم يحصل شيء منه فهذا مثله و لو كان الطلع قد خرج و هو اسم لاول ما يبدو مما هو أصل التمر من النخل أو صار بسرا ثم استحقت الارض كان النخل و ما فيه للمستحق لان النخل تبع للارض كالبناء و كما ان باستحقاق الارض يستحق البناء فكذلك يستحق النخل و التمر زيادة متولدة من النخل و الاستحقاق بحجة البينة يثبت في الزيادة المتصلة و المنفصلة جميعا إذا كانت متولدة ثم يرجع العامل على الذي دفع اليه النخل معاملة باجر مثله فيما عمل لانه كان استأجره بنصف الخارج و قد حصل الخارج ثم لم يسلم له بالاستحقاق فيفسد العقد و يبقي عمله مستوفى بعمل فاسد فيستوجب أجر المثل كما لو استأجره للعمل بشيء بعينه فاستحق بعد ما أقام العمل و لو دفع إلى رجل زرعا له في أرض قد صار بقلا معاملة على أن يقوم عليه و يسقيه حتى يستحصد فما خرج منها فهو بينهما نصفان فهو جائز بالقياس على دفع النخيل معاملة لان الحب يتولد من النبات بعمل العامل كالتمر من النخيل و لان الريع يحصل بعمله هنا فهو بمنزلة دفع الارض و البذر مزارعة بل هذا أقرب إلى الجواز من ذلك لانه أبعد من الغرر فهناك لا يدرى أ يكون الزرع أولا وهنا الزرع ثابت فالظاهر أن يحصل الريع بعمله الا أن يصيبه آفة و إذا جاز العقد ثمة فهنا أولى فإذا قام عليه حتى انقعد حبه و لم يستحصد حتى مات أحدهما فالعامل أو ورثته بالخيار ان شاء مضي على العمل حتى يستحصد فيكون الخارج بينهما علي الشرط و ان شاء نقض المعاملة لان العامل استحق بتربية نصيبه من الزرع إلى وقت الادراك و وارثه يخلفه في ذلك و ان اختار نقض المعاملة فله ذلك لان ابقاء العقد بعد موت أحدهما كان لدفع الضرر عنه ثم يخير صاحب الزرع أو وارثه بين القلع و بين إعطاء قيمة نصيب العامل يومئذ و بين الانفاق على الزرع حتى يستحصد ثم يرجع بنصف نفقته من حصة العامل لانه شريك في التبع و هو مختص بملك الاصل و كذلك لو مأتا جميعا و لو لم يمت واحد منهما و كان دفعه اليه أشهرا معلومة فانقضت قبل أن يستحصد الزرع فالزرع بينهما و النفقة عليهما و على العامل أجر مثل نصف الارض و قد بينا هذا في المزارعة و الفرق بينه و بين المعاملة في الاشجار أن المعاملة في الفصل هذا على قياس المزارعة فان قال العامل أريد قلعه خير صاحب الارض بين
(59)
الاشياء الثلاثة كما وصفنا في المزارعة و المعاملة في النخيل و ان أراد صاحب الارض قلعه و قال العامل أنا أنفق عليه قال القاضي له أنفق عليه حتى يستحصد و عليك أجر مثل نصف الارض فإذا استحصدت أخذت نصف النفقة من حصته لانه مما يختار من الانفاق بقصد دفع الضرر عن نفسه و عن صاحب الارض فصاحب الارض إذا أبى ذلك عليه كان متعنتا فلا يلتفت القاضي إلى تعنته و لو لم تنقض المدة حتى استحصد الزرع ثم استحق رجل الارض بزرعها أخذها كلها و رجع العامل على الدافع باجر مثله فيما عمل لانه كان استأجره ببعض الخارج و قد حصل الخارج ثم لم يسلم له حين استحق فرجع عليه باجر مثله و إذا دفع إلى رجل نخلا فيه طلع كفرى على أن يقوم عليه و يلقحه و يسقيه فما خرج فهو بينهما نصفان و لم يضرب له وقتا أو بين له وقتا معلوما فهو جائز لان بعد خروج الطلع لادراك الثمار نهاية معلومة بطريق العادة و المعلوم بالعادة كالمشروط بالنص فلا يضرهما ترك التوقيت ثم التمر هنا يحصل أو يزداد بعمل العامل فباعتباره تجوز المعاملة بينهما كما تجوز المعاملة قبل خروج الطلع فان قام عليه حتى صار بسرا ثم مات أحدهما أو كلاهما و انقضى وقت المعاملة فالخيار في العمل إلى العامل أو وارثه و ان أبى أن يعمل خير صاحب النخل بين احدى الوجوه الثلاثة و لم يفرق هنا في الجواب بين الموت و بين انقضاء الوقت لان الثمر خارج عند المعاملة فالشركة بينهما تحصل عقيب العقد و لا يستوجب رب النخل الاجر على العامل عند انقضاء المدة كما لا يستوجب عند موت أحدهما في المدة و العمل كله على العامل إذا اختار الترك إلى وقت الادراك في الفصلين جميعا و لو لم يكن شيء من ذلك و لكن استحق الارض و النخل كان على الدافع أجر مثل العامل لانه استأجره للعمل ببعض ما يحصل بعمله و قد حصل ثم استحق فيستوجب عليه أجر المثل و لو استحقه المستحق بعد ما سقاه العامل و قام عليه و أنفق الا أنه لم يزدد شيأ حتى أخذه المستحق لم يكن للعامل على الدافع شيء لان أجر عمله نصف ما تحصل بعمله من زيادة أو أصل ثمرة و لم يوجد ذلك فان قيل فاين ذهب قولكم ان الشركة تحصل هنا عقيب العقد قلنا نعم و لكن فيما يحصل بعمله على أن يكون ما هو حاصل قبل عمله تابع له فاما أن يستحق الشركة فيما هو حاصل قبل عمله مقصودا فلا لان جواز هذا العقد بينهما بالقياس على المعاملة في النخيل و لو شرطا هناك الشركة في النخيل الحاصل و الثمر الذي لم يحصل له لم يجز العقد فعرفنا أن المقصود هنا الشركة فيما يحصل من الزيادة بعمله فإذا لم
(60)
يحصل شيء من ذلك حتى استحقه المستحق لم يستوجب عليه شيأ من الاجر لانه لم يستحق شيأ مما صار مستحقا للعامل بعمله و لو لم يستحق و مات أحدهما انتقضت المعاملة لانه لم يحصل بعمله شيء فهو نظير موت رب النخيل في المعاملة قبل خروج الثمار و لا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء فكان الكفري كله لصاحب النخيل كما كان قبل العقد و الله أعلم ( باب ما يجوز لاحد المزارعين أن يستثنيه لنفسه و ما لا يجوز ) ( قال رحمه الله ) و إذا اشترطا في المزارعة و البذر من أحدهما أن للزارع ما أخرجت ناحية من الارض معروفة و لرب الارض ما أخرجت ناحية منها أخرى معروفة فهو فاسد لان هذا الشرط يؤدى إلى قطع الشركة بينهما في الريع مع حصوله لجواز أن يحصل الريع في الناحية المشروطة لاحدهما دون الآخر لان صاحب الارض شرط على العامل العمل في ناحية من الارض له على أن يكون له بمقابلته منفعة ناحية أخرى و الخارج من ناحية أخرى فيكون هذا بمنزلة ما لو شرط ذلك في أرضين و فى الارضين إذا شرط أن يزرع أحدهما ببذره على أن له أن يزرع الاخرى ببذره لنفسه كان العقد فاسدا فهذا مثله ثم الزرع كله لصاحب البذر و قد بينا هذا الحكم في المزارعة الفاسدة و كذلك لو اشترطا أن ما خرج من زرع على السواقي فهو للمزارع و ما خرج من ذلك في الاتوار و الا واعى فهو لرب الارض فالعقد فاسد لما قلنا و كذلك لو اشترطا التبن لاحدهما و الحب للآخر كان العقد فاسدا لان هذا الشرط يؤدى إلى قطع الشركة في الخارج مع حصوله فمن الجائز أن يحصل التبن دون الحب بان يصيب الزرع آفة قبل انعقاد الحب و كل شرط يؤدى إلى قطع الشركة في الخارج مع حصوله كان مفسدا للعقد ثم الكلام في التبن في مواضع أحدها انهما إذا شرطا المناصفة بينهما في الزرع أو الريع أو الخارج مطلقا فالحب و التبن كله بينهما نصفان لان ذلك كله حاصل بعمل الزارع و الثاني أن يشترطا المناصفة بينهما في التبن و الحب لاحدهما بعينه فهذا العقد فاسد لان المقصود هو الحب دون التبن فهذا شرط يؤدى إلى قطع الشركة بينهما فيما هو المقصود و الثالث أن يشترطا المناصفة في الحب و لم يتعرضا للتبن بشيء فهذا مزارعة صحيحة و الحب بينهما نصفان لاشتراطهما الشركة فيما هو المقصود و التبن لصاحب البذر منهما لان استحقاقه ليس بالشرط و انما استحقاق الاجر بالشرط فانما يستحق
(61)
الاجر بالشرط و المسكوت عنه يكون لصاحب البذر و بعض أئمة بلخ رحمهم الله قالوا في هذا الفصل التبن بينهما نصفان أيضا لان فيما لم يتعرضا له يعتبر العرف و العرف الظاهر المناصفة بينهما في التبن و الحب جميعا و لان التبن في معنى التبع للحب و اشتراط المناصفة في المقصود بمنزلة اشتراطه في التبع ما لم يفصل عنه بشرط آخر فيه مقصود و الرابع أن يشترطا المناصفة بينهما في الحب و التبن لاحدهما بعينه فان شرطا التبن لصاحب البذر فهو جائز لانهما لو سكتا عن ذكره كان لصاحب البذر فإذا نصا عليه فانما صرحا بما هو موجب للعقد فلا يتغير به وصف العقد و ان شرطا التبن للآخر لم يجز لان الآخر انما يستحق بالشرط فلو صححنا هذا العقد أدى إلى أن يستحق أحدهما شيأ من الخارج بالشرط دون صاحبه بان يحصل التبن دون الحب بخلاف الاول فاستحقاق رب البذر ليس بالشرط بل لانه نماء بذره ثم التبن للحب قياس النخل للتمر و يجوز أن يكون النخل لصاحبه لا بشرط المزارعة و التمر بينهما نصفان و لكن لا يجوز أن يكون النخل للعامل بالشرط في المعاملة و التمر بينهما نصفان فكذلك في المزارعة و لو سميا لاحدهما أقفزة معلومة فسد العقد لان هذا الشرط يؤدى إلى قطع الشركة في الخارج مع حصوله بان يكون الخارج الا قفزة المعلومة لاحدهما بعينه من زيادة و لو دفع اليه أرضا عشرين سنة على أن يزرعها و يغرسها ما بدا له على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك فهو بينهما نصفان فهو جائز لان التالة للاشجار بمنزلة البذر للخارج و اشتراط ذلك على العامل في المزارعة صحيح فكذلك اشتراط الغرس على العامل بعد أن تكون المدة معلومة و ما زرع و غرس بينهما نصفان حبه و تبنه و ثمره و رطبه و أصول الرطب و عنبه و كرمه و أصول الكرم و حطبه و عيدانه لان هذا كله حاصل بعمله و بقوة أرض صاحبه فان الغروس تتبدل بالعلوق ( ألا ترى ) أن من غصب تالة فغرسها كان الشجر له بمنزلة ما لو غصب بذرا فزرعه فان كان الكل حاصلا بعمله و قد اشترطا المناصفة في جميعه كان الكل بينهما نصفين و لو اشترطا أن التمر بينهما جاز و التمر بينهما على ما اشترطا فأما الشجر و الكرم و أصول الرطبة فهو للغارس يقلعه إذا انقضت المعاملة و هو نظير ما بينا إذا شرط المناصفة في الحب أن التبن كله لصاحب البذر فهذا أيضا الثمر بينهما نصفان كما شرطا و الشجر و أصول الرطبة كله للغارس لان استحقاقه باعتبار ملك الاصل لا بالشرط و يقلعه انقضت المعاملة لان عليه تسليم الارض إلى صاحبها فارغة و لا يتمكن من ذلك الا بقلع
(62)
الاشجار و كذلك لو كان شرطا ذلك للغارس و ان كانا شرطاه لرب الارض كانت المعاملة فاسدة كما بينا في التبن لان استحقاق رب الارض بالشرط فلو جوزنا هذا الشرط أدى إلى أن يثبت له استحقاق الخارج قبل أن يثبت لصاحبه بالشروط و ربما لا يثبت لصاحبه بان لا تحصل الثمار و لو كان الغرس و البذر من قبل صاحب الارض كان جائز في جميع هذه الوجوه الا أن يشترط الشجر و الكرم و أصول الرطبة للعامل فحينئذ تفسد المعاملة لان استحقاق العامل هنا بالشرط فلا يجوز أن يسبق استحقاق صاحب الارض في الخارج و ان شرطا التمر لاحدهما بعينه و الشجر بينهما نصفان لم يجز لان المقصود بالمعاملة الشركة في الثمار فهذا شرط يؤدى إلى قطع الشركة بينهما فيما هو المقصود فيفسد به العقد كما لو شرطا في المزارعة الحب لاحدهما بعينه و التبن بينهما نصفين و قد بينا هذا و ان اشترطا في المزارعة ان ما خرج منها من حنطة فهو بينهما نصفان و ما خرج من شعير فهو لصاحب البذر كله يستوفيه فيأخذه فهذه مزارعة فاسدة و كذلك لو شرطا الشعير الذي سرق منها للذي ليس من قبله البذر فهو فاسد و المراد من هذا انه قد يكون في الحنطة حبات شعير فتقلع و ذلك إذا اشتد حبه قبل أن تدرك الحنطة و تجف فإذا شرطا ذلك لا حدها بعينه فسد العقد لان الحنطة و الشعير كل واحد منهما ريع مقصود فهذا الشرط يؤدي إلى قطع الشركة في ريع مقصود و ذلك مفسد للعقد و من الجائز أن يحصل الشعير و يصيب الحنطة آفة فيختص به أحدهما و ذلك ينفى صحة المزارعة بينهما و لو دفع زرعا في أرض قد صار بقلا مزارعة و اشترطا أن الحب بينهما نصفان و التبن لصاحب الارض أو سكنا عنه فهو جائز و التبن لصاحب الارض و لو شرطا التبن للعامل فهو فاسد لان دفع الزرع الذي صار بقلا مزارعة كدفع الارض و البذر مزارعة و قد بينا هذا الحكم فيما إذا دفع الارض و البذر مزارعة فكذلك إذا دفع الفضل مزارعة و الله أعلم ( باب عقد المزارعة على شرطين ) ( قال رحمه الله ) و إذا دفع إلى رجل أرضا يزرعها سنته هذه ببذره و عمله على انه ان زرعها في أول يوم من جمادى الاولى فالخارج بينهما نصفان و ان زرعها في أول يوم من جمادى الآخرة فالثلثان من الخارج لرب الارض و الثلث للمزارع فالشرط الاول جائز و الثاني