مبسوط جلد 23

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 23

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(98)

في قول أبى حنيفة رحمه الله و قد صار ذلك دينا في ذمته و للآخر دين له على المستأجر فان نوى دينه على المستأجر فان سرق طعام المستأجر لا يسقط عن المؤاجر العشر الذي صار دينا عليه و لو استحصد الزرع فلم يحصد حتى هلك فالأَجر واجب لان وجوب الاجر بالتمكن من استيفاء المعقود عليه و قد تمكن المستأجر من ذلك و قد استوفاه حقيقة و لا عشر على واحد منهما لان وجوب العشر عند الحصاد قال الله تعالى و آتوا حقه يوم حصاده و انما يصير دينا في ذمة الآجر بعد وجوبه فإذا هلك الخارج قبل الحصاد لم يكن عليه شيء بخلاف ما إذا هلك بعد الحصاد لان العشر قد تقرر وجوبه هنا و صار دينا في ذمة الآجر و كذلك في المزارعة إذا هلك الزرع بعد ما استحصد قبل أن يحصد فلا عشر على واحد منهما في القولين جميعا سواء كان البذر من قبل رب الارض أو من قبل المزارع لان المحل فات قبل أن يأتى وقت وجوب العشر فهو بمنزلة ما لو استهلك النصاب قبل تمام الحول و الهلاك هنا في حق المؤاجر بمنزلة الاستهلاك في مال الزكاة حتى إذا استهلك بعد تمام الحول فالزكاة دين عليه فإذا هلك هنا بعد الحصاد يكون العشر دينا عليه و كذلك الجواب في معاملة النخيل و الكروم هو مثل الجواب في المزارعة انه إذا هلك قبل الجذاذ فلا عشر على رب النخيل و ان هلك بعد الجذاذ فعشر نصيب العامل دين عليه في قول أبى حنيفة فان الجذاذ في الثمار بمنزلة الحصاد في الزرع و ان استهلكه رجل فليس على رب النخيل في حصته شيء من العشر الا أن يستوفى بدله من المستهلك فحينئذ يؤدى عشره لان المحل فات و أخلف بدلا و ان استوفى منه بعض البدل يؤدى العشر بقدر ذلك اعتبارا للجزء بالكل و لو صالح الامام قوما من أهل الحرب على أن صاروا ذمة له و وضع على رؤوسهم شيأ معلوما و جعل خراج أراضيهم و نخيلهم و أشجارهم المناصفة فذلك جائز لانه نصف ناظر للمسلمين و ربما يكون خراج المقاسمة أنفع للفريقين من خراج الوظيفة فإذا دفع رجل أرضا مزارعة و البذر منه أو من العامل أو أجرها بدراهم أو أعارها رجلا ليزرعها لنفسه أو دفع الاشجار معاملة كان الجواب في جميع ذلك على نحو ما بينا في العشر لان الخراج هنا جزء من الخارج لا يجب الا بعد حصول الخارج حقيقة فيكون بمنزلة العشر في التخريج على القولين كما بينا بخلاف خراج الوظيفة فانه يجب بالتمكن من الانتفاع و ان لم يزرع كان على رب الارض في الوجوه كلها و إذا دفع أرضا من أرض العشر و بذرا إلى رجل على أن يزرعها سنته هذه على ان للمزارع

(99)

عشرين قفيزا من الخارج فأخرجت الارض زرعا كثيرا فللعامل أجر مثله و على رب الارض عشر جميع الخارج لانه استأجر العامل أجارة فاسدة و لو أستأجره اجارة صحيحة بدراهم مسماة للعمل كان عشر جميع الخارج على رب الارض فكذلك هنا و لا يرفع مما أخرجت الارض نفقة و لا أجر عامل لان بازاء ما غرم من الاجر دخل في ملكه العوض و هو منفعة العامل و صار اقامة العمل باجيره كاقامته بنفسه و لو زرع الارض كان عليه عشر جميع الخارج من أن يرفع من ذلك بذرا أو نفقة أنفقها فكذلك أجر العامل و لو كان البذر من العامل كان الخارج له و عليه أجر مثل الارض ثم في قول أبى حنيفة رحمه الله عشر جميع الخارج على رب الارض و عندهما العشر في الخارج اعتبار للاجارة الفاسدة بالاجارة الصحيحة في القولين و لو دفع اليه الارض على أن يزرعها ببذر منهما فما خرج فهو بينهما نصفان فالمزارعة فاسدة لانه جعل منفعة نصف الارض للعامل مقابلة عمله في النصف الآخر لرب الارض ثم الخارج بينهما نصفان لان البذر بينهما نصفان و الخارج نماء البذر و عشر الطعام كله على رب الارض في قول أبى حنيفة رحمه الله لانه صار مؤاجرا نصف الارض بما شرط بمقابلته من عمله في النصف الآخر فهو بمنزلة ما لو أجرها بدراهم و عندهما العشر في الخارج و لرب الارض نصف أجر مثل أرضه لانه استوفى منفعة نصف الارض بحكم عقد فاسد و لهذا المعنى يكون العشر في نصيب العامل على رب الارض في قول أبى حنيفة لانه قد حصل له منفعة ذلك النصف من الارض و هو أجر المثل و لا أجر للعامل لانه عمل فيما هو شريك فيه فلا يستوجب الاجر على غيره و لو دفع إلى رجل أرض عشر على أن يزرعها ببذره و عمله بالنصف فاستحصد الزرع و لم يحصد حتى استهلكه رجل أو سرقه و هو مقربه فلا عشر على واحد منهما حتى يؤدى المستهلك ما عليه و ما أدى من شيء كان على رب الارض عشره في قول أبى حنيفة رحمه الله سواء كان البذر من قبل العامل أو من قبل رب الارض لان حكم البدل حكم المبدل و سلامته بان يستوفى ممن عليه فأما ما كان دينا في ذمته فهو كالتاوي و فى قولهما ما خرج من شيء أخذ السلطان عشر ذلك و الباقى بينهما نصفان و كذلك لو كانت الارض مما صالح الامام أهلها على أن جعل خراجها نصف الخارج فان خراج المقاسمة بمنزلة العشر و كذلك لو كان أجر أرضه العشرية بدراهم فزرعها المستأجر فاستحصد زرعها ثم استهلكها مستهلك فلا عشر على واحد منهما حتى يؤدى المستهلك ما عليه

(100)

من البدل فإذا أدى شيأ منه فعند أبى حنيفة عشر مقدار ما وصل إلى المتسأجر على رب الارض و عندهما عشر ذلك القدر في الخارج لان رب الارض في حكم العشر بمنزلة ما لو كان زرعها بنفسه عند أبى حنيفة رحمه الله و إذا غصب الرجل أرض عشر أو خراج فزرعها فأخرجت زرعا كثيرا و لم تنقصها لزراعة شيأ فالخارج على الزارع و العشر عليه في الخارج لان رب الارض لم يسلم له شيء من منفعة الارض و لا كان متمكنا من الانتفاع بها مع منع الغاصب إياه من ذلك فلا يلزمه عشر و لا خراج فإذا تعذر إيجاب ذلك عليه وجب على الغاصب لان المنفعة سلمت له من عوض فكما التحق هو بالمالك في سلامة منفعة الارض له بغير عوض فكذلك في وجوب العشر و الخراج عليه و لو كانت المزارعة نقصت الارض فعلى الزارع غرم النقصان لان ذلك الجزء تلف بفعله فيجب عليه ضمانة ثم في قول أبى حنيفة رحمه الله على ما ذكره أبو يوسف عشر جميع ما أخرجت الارض على رب الارض و كذلك ان كانت له أرض خراج فعليه خراجها لان ما استوفى هو من قيمة النقصان منفعة سلمت له باعتبار عمل الزراعة فكان بمنزلة ما لو أجر الارض بذلك القدر فعليه العشر و الخراج سواء كان ما وصل اليه مثل العشر أو الخراج الواجب أو أقل أو أكثر و هذا يقوى قول من يقول من أصحابنا رحمهم الله ان نقصان الارض عوض عن منفعتها و ان الطريق في معرفة النقصان أن ينظر بكم تؤجر الارض قبل المزارعة و بعدها فمقدار التفاوت هو نقصان الارض و فى هذا اختلاف بين أئمة بلخ فان بعضهم يقولون ان المنفعة عندنا لا تضمن بالاتلاف و لكن النقصان في حكم بدل جزء فائت من العين و طريق معرفته أن ينظر بكم كانت تشتري تلك الارض قبل الزراعة و بكم تشتري بعدها فتفاوت ما بينهما هو النقصان و القول الاول أقرب إلى الصواب بناء على الجواب الذي ذكره هنا فانه جعل النقصان بمنزلة الاجرة عند أبى حنيفة و أما في قول محمد فان كان نقصان الارض مثل الخراج أو أكثر فلرب الارض قيمة النقصان على الغاصب و الخراج على رب الارض يعطيه بما يستوفى و ان كانت قيمة النقصان أقل من الخراج فالخراج على الغاصب و ليس عليه شيء من النقصان لرب الارض فكانه استحسن ذلك لدفع الضرر عن رب الارض فانه لا يمكن إيجاب موجبين على الغاصب بسبب زراعة واحدة فيجعل كأنه لم يتمكن نقصان في الارض حتى يجب الخراج على الغاصب و لا يتضرر به رب الارض و أما العشر على قوله و على قول أبى يوسف ففى الخارج و الخارج للغاصب فيؤدى

(101)

عشر الخارج و يغرم لصاحب الارض النقصان مع ذلك كما يغرم الاجر لو كان استأجرها منه وقع في بعض نسخ الاصل الجمع بين الخراج و العشر في تخريج قول محمد رحمه الله و هو سهو انما الصحيح ما ذكرناه و الله أعلم ( باب المعاملة ) ( قال رحمه الله ) و إذا دفع إلى رجل نخلا معاملة سنين معلومة بالنصف فهو جائز على قول من يرى جواز المزارعة و كذلك معاملة للشجر و الكرم و الرطاب في قول علمائنا رحمهم الله و قال الشافعي لا تجوز المعاملة الا في النخيل و الكروم خاصة لان جواز ذلك بالاثر و انما ورد الاثر في النخيل و الكروم و هو ما فعله رسول الله صلى الله عليه و سلم بخيبر و لكن هذا فاسد فقد كان أهل خيبر يعملون في الاشجار و الرطاب أيضا كما يعملون في النخيل و الكروم ثم هذا الكلام أنما يستقيم ممن لا يرى تعليل النصوص فإذا كان الشافعي يرى تعليل النصوص فلا يستقيم منه معنى فيصير حكم المعاملة على النخيل و الكروم باعتبار ان الاثر ورد فيها فان أراد صاحب النخيل أن يخرج العامل لم يكن له ذلك الا من عذر بخلاف ما لو دفع الارض و البذر مزارعة لان صاحب البذر يحتاج إلى ان يلقى بذره في الارض و فيه إتلاف ملكه فله أن لا يرضى به وهنا صاحب النخيل لا يحتاج في إيفاء العقد إلى إتلاف شيء من ماله فيلزم العقد في الجانبين بنفسه و لا ينفرد أحدهما بفسخه الا بعذر كسائر الاجارات و العذر هنا أن يلحقه دين فادح لا وفاء عنده الا ببيع النخيل أو يكون العامل سارقا معروفا بالسرقة فخاف منه على أخذ سعف النخل و سرقته أو على سرقة الثمار قبل الادراك و قد بينا أن هذا عذر في سائر الاجارات نحو اجارة الظئر لما يلحقه فيه من ضرر لم يلزمه بالعقد فكذلك في المعاملة و ان كان الثمر قد خرج و لم يبلغ ثم لحقه دين لا وفاء عنده الا ببيع النخيل لم يكن له أن ينقض المعاملة و لا يبيعه حتى يبلغ الثمر فيباع نصيب صاحب النخل من النخل من الثمر في الدين و تنتقض المعاملة فيما بقي و قد تقدم نظيره في المزارعة و المعنى فيهما سواء فان الشركة انعقدت بينهما في الثمر و لادراكه نهاية معلومة ففى الانتظار توفير المنفعة و دفع الضرر من الجانبين و فى نقض المعاملة في الحال اضرار بالعامل من حيث ان فيه إبطال حقه من نصيب الثمر فلدفع الضرر قلنا يخرج رب النخيل من الشجر و تبقى المعاملة بينهما إلى أن يدرك ما خرج

(102)

من الثمر و لو أراد العامل ترك العمل قبل خروج الثمر لم يكن له ذلك الا أن يمرض مرضا يضعف عن العمل معه فيكون هذا عذرا و لا يقال ينبغى أن يؤمر في المرض أن يستأجر عاملا ليقيم العمل لان في ذلك إلحاق ضرر به لم يلتزمه بعقد المعاملة و إذا كان عليه في إيفاء العقد ضرر فوق ما التزمه يصير ذلك عذرا في فسخ المعاملة قال في الاصل أو يريد سفرا أو يترك ذلك العمل فيكون هذه عذرا له و قد بينا في أول الكتاب ان في هذا الفصل روايتين و تأويل ما ذكر هنا أن العمل كان مشروطا بيده و لو دفع إلى رجل نخلا أو شجرا أو كرما معاملة بالنصف و لم يسم الوقت جاز استحسانا على أول ثمرة تخرج في أول سنته و في القياس لا يجوز لان هذا استئجار للعامل و بهذا لا يصير المعقود عليه معلوما الا ببيان المدة فإذا لم يبينا لا يجوز العقد كما في المزارعة و وجه الاستحسان أن لادراك الثمر أو انا معلوما في العادة و نحن نتيقن ان إيفاء العقد مقصود هنا إلى إدراك الثمار و الثابت بالعادة كالثابت بالشرط فصارت المدة معلومة و ان تقدم أو تأخر فذلك يسير لا يقع بسببه منازعة بينهما في العادة بخلاف المزارعة فان آخر المدة هناك مجهول لجهالة أولها لان ما يزرع في الخريف يدرك في آخر الربيع و ما يزرع في الربيع يدرك في آخر الصيف و ما يزرع في الصيف يدرك في آخر الخريف فلجهالة وقت ابتداء عمل المزارعة يصير وقت النهاية مجهولا و هذه الجهالة تفضى إلى المنازعة بينهما فلهذا لا يجوز العقد الا ببيان المدة ثم في المعاملة يتيقن ان العقد تناول أول ثمره و فيما وراء ذلك شك فلا يثبت الا المتيقن و إذا لم يخرج ثمره في تلك السنة انتقضت المعاملة لان العقد لا يتناول الا ذلك القدر من المدة فكأنهما نصا على ذلك و لو دفع اليه أصول رطبة ثابتة في الارض معاملة و لم يسم الوقت فهو فاسد لان الرطبة ليست لها غاية ينتهى إليها نموها و لكنها تنمو ما تركت في الارض بخلاف الثمار فان لها غاية تنتهى إليها فإذا تركت بعد ذلك تفسد فان كانت للرطبة غاية معلومة تنتهى إليها في نباتها حتى تقطع ثم تخرج بعد ذلك فهذه معاملة جائزة و المعاملة في ذلك على أول جزة كما في الثمار و كل شيء من هذا أخرنا فليس لواحد منهما أن ينقض المعاملة الا من عذر لان المعلوم بالعادة من المدة لما جعل كالمشروط لها في جواز العقد فكذلك في لزومه و لو دفع اليه نخلا فيه طلع معاملة بالنصف أو لم يسم الوقت أو دفعه اليه بعد ما صار بسرا أخضر أو أحمر انه لم ينته عظمه فهو جائز لانه بحيث ينمو بعمل العامل و له نهاية معلومة فيجوز العقد باعتباره و لو دفع اليه بعد ما تناهى عظمه و ليس يزيد بعد ذلك قليلا و لا كثيرا الا انه لم يرطب فالمعاملة

(103)

فاسدة لانه لا يزداد بعمله و الشركة بعقد المعاملة انما تصح فيما يحدث بعمل العامل أو يزداد بعمله فإذا لم يكن بهذه الصفة كان العقد فاسدا و ان عمل فيه العامل فله أجر مثله و لو اشترى من رجل طلعا في نخل أو بسراأخضر فتركه في النخل بغير أمر صاحبه حتى صار تمرا تصدق المشترى بالزيادة لتمكن الخبث في المشترى بالزيادة الحاصلة فيه من نخل صاحب النخل بغير رضاه و لو اشتراه و هو بسر أحمر قد انتهى عظمه لم يتصدق بشيء لانه لم يزد فيه من النخل شيء و انما النضج و اللون و الطعم يحدث فيه بتقدير الله تعالى و سبب ذلك على ما جعله الله تعالى سببا الشمس و القمر و الكواكب فلا يتمكن فيه خبث و انما أورد هذا لايضاح الفصل الاول و قد بينا تمام هذا الفصل في البيوع و لو دفع اليه رطبة له في أرض قد صارت بلحا و لم تنته إلى أن تجذ فدفعها اليه معاملة على أن يسقيها و يقوم عليها بالنصف و لم يسم وقتا معلوما فهو فاسد الا أن يكون للرطبة غاية معلومة تنتهى إليها فحينئذ يجوز و لو دفع اليه رطبة قد انتهى إحرازها على أن يقوم عليها و يسقيها حتى تخرج بذرها على ان ما رزق الله تعالى في ذلك من بذر فهو بينهما نصفان و لم يسميا وقتا فهو جائز استحسانا لان لادراك البذر أو انا معلوما عند المزارعين و البذر انما يحصل بعمل العامل فاشتراط المناصفة فيه يكون صحيحا و الرطبة لصاحبها و لو اشترطا أن الرطبة بينهما نصفان فسدت المعاملة لانهما شرطا الشركة فيما لا ينمو بعمل العامل و الرطبة للبذر بمنزلة الاشجار للثمار فكما أن شرط الشركة في الاشجار المدفوعة اليه مع الثمار يكون مفسدا للعقد فكذلك هنا و لو كان دفعها اليه و هي قداح لم تتناه و المسألة بحالها جاز العقد لان الرطبة هنا تنمو بعمله فيجوز اشتراط المناصفة فيه و لادراك البذر أو ان معلوم فلا يضرهما ترك التوقيت و لو دفع إلى رجل غراس شجر أو كرم أو نخل قد علق في الارض و لم يبلغ الثمر على أن يقوم عليه و يسقيه و يلقح نخله فما خرج من ذلك فهو بينهما نصفان فهذه معاملة فاسدة الا أن يسمى سنين معلومة لانه لا يدرى في كم تحمل النخل و الشجر و الكرم و الاشجار تتفاوت في ذلك بتفات مواضعها من الارض بالقوة و الضعف فان بينا مدة معلومة صار مقدار المعقود عليه من عمل العامل معلوما فيجوز و ان لم يبينا ذلك لا يجوز و لو دفع اليه نخلا أو كرما أو شجرا قد أطعم و بلغ سنين معلومة على أن يقوم عليه و يسقيه و يلقح نخله و يكسح كرمه على ان النخل و الكرم و الشجر و الخارج كله بينهما نصفان فهذا فاسد لاشتراطهما الشركة فيما هو حاصل لا بعمل العامل و هو الاشجار بمنزلة ما لو دفع الارض مزارعة على

(104)

أن تكون الارض و الزرع بينهما نصفين و لو دفع اليه أصول رطبه على أن يقوم عليها و يسقيها حتى تذهب أصولها و ينقطع بيتها على أن الخارج بينهما نصفان فهو فاسد و كذلك النخل و الشجر لانه ليس لذلك نهاية معلومة بالعادة و جهالة المدة في المعاملة تفسد المعاملة و لو دفع اليه نخلا أو شجرا أو كرما معاملة أشهرا معلومة يعلم انها لا تخرج ثمرة في تلك المدة بان دفعها أول الشتاء إلى أول الربيع فهذا فاسد لان المقصود بالمعاملة الشركة في الخارج و هذا الشرط يمنع ما هو المقصود فيكون مفسدا للعقد و لو اشترطا وقتا قد يبلغ الثمر في تلك المدة و قد يتأخر عنها جاز لانا لا نعلم تفويت موجب العقد فهذا الشرط انما يوهم ذلك و هذا التوهم في كل معاملة و مزارعة فقد يصيب الزرع و الثمار آفة سماوية فان خرج الثمر في تلك المدة فهو بينهما على ما اشترطا و ان تأخر عن تلك المدة فللعامل أجر مثله فيما عمل ان كان تأخير ذلك ليس من ذهاب في تلك السنة لانه تبين انهما سميا من المدة ما لا تخرج الثمار فيها و لو كان ذلك معلوما عند ابتداء العقد كان العقد فاسدا فكذلك إذا تبين في الانتهاء و بهذا يستدل على جواب مسألة السلم انه إذا انقطع المسلم فيه من أيدي الناس في خلال المدة بآفة فانه يتبين به فساد العقد بمنزلة ما لو كان منقطعا عند ابتداء العقد و ان كان قد أحال في تلك السنة فلم يخرج شيئا فهذه معاملة جائزة و لا أجر للعامل في عمله و لا شيء له لانه بما حصل من الآفة لا يتبين ان الثمار كانت لا تخرج في المدة المذكوره و إذا لم يتبين المفسد بقي العقد صحيحا و موجبه الشركة في الخارج فإذا لم يحصل الخارج لم يكن لواحد منهما على صاحبه شيء و ان كان قد خرج في تلك السنة و لم يحل الا أن الوقت قد انقضى قبل أن يطلع الثمر فللعامل أجر مثله فيما عمل لانه تبين المفسد للعقد و هو انهما ذكرا مدة كانت الثمار لا تخرج فيها و لو كان هذا معلوما في الابتداء كان العقد فاسدا فكذلك إذا تبين في الانتهاء في المعاملة الفاسدة للعامل أجر مثله فيما عمل لان رب النخيل استوفى عمله بعقد فاسد و الله أعلم ( باب من المعاملة أيضا ) ( قال رحمه الله ) و إذا دفع إلى رجل أرضا بيضاء سنين مسماة على أن يغرسها نخلا و شجرا و كرما على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من نخل أو شجرا و كرم فهو بينهما نصفان و على ان الارض بينهما نصفان فهذا كله فاسد لاشتراطهما الشركة فيما كان حاصلا




/ 31