مبسوط جلد 23

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 23

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(161)

نصيبه فسدت المزارعة للمنفعة في هذا الشرط لاحدهما فان أبطله صاحبه جازت المزارعة لان المنفعة في هذا الشرط للموهوب له خاصة فتسقط بإسقاطه و هو شرط وراء ما تم به العقد فإذا سقط صار كان لم يكن فبقى العقد صحيحا و الله أعلم ( كتاب الشرب ) قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة و فخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبى سهل السرخسي رحمه الله أملاء أعلم بان الشرب هو النصيب من الماء للاراضى كانت أو لغيرها قال الله تعالى لها شرب و لكن شرب يوم معلوم و قال تعالى و نبئهم ان الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر و قسمة الماء بين الشركاء جائزة بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم و الناس يفعلون ذلك فأقرهم عليه و الناس تعاملوه من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا من نكير منكر و هو قسمة تجري باعتبار الحق دون الملك إذا الماء في النهر مملوك لاحد و القسمة تجري تارة باعتبار الملك كقسمة الميراث و المشترى و تارة باعتبار الحق كقسمة الغنيمة بين الغانمين ثم بدأ الكتاب بحديث رواه عن الحسن البصري رحمه الله ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من حفر بئرا فلهم ما حوله أربعين ذراعا عطنا لما شقه و المراد الحفر في الموات من الارض عند أبى حنيفة رحمه الله باذن الامام و عندهما لا يشترط اذن الامام على ما نبينه و ظاهر الحديث يشهد لهما لان النبي صلى الله عليه و سلم ذكر الحفر فقط و مثل هذا في لسان صاحب الشرع لبيان السبب لقوله عليه الصلاة و السلام من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر و لكن أبو الحسن رحمه الله يقول اتفقنا على ان الاستحقاق لا يثبت بنفس الحفر ما لم يكن ذلك في الموات من الارض و هذا اللفظ لا يمكن العمل بظاهره الا بزيادة لا يدل اللفظ عليها فلا يقوى الاستدلال بها ثم فيه دليل على ان البئر لها حريم مستحق من قبل أن حافر البئر لا يتمكن من الانتفاع ببئره الا بما حوله فانه يحتاج أن يقف على شفير البئر يسقى الماء و إلى أن يبنى على شفير البئر ما يركب عليه البكرة و إلى أن ينبنى حوضا يجمع فيه الماء و إلى موضع تقف فيه مواشيه عند الشرب و ربما يحتاج أيضا إلى موضع تنام فيه مواشيه بعد الشرب فاستحق الحريم لذلك و قدر الشرع ذلك بأربعين ذراعا و طريق معرفة المقادير النص دون الرأي الا أن من العلماء رحمهم الله من يقول أربعين ذراعا من الجوانب الاربعة من كل جانب

(162)

عشرة أذرع لان ظاهر اللفظ يجمع الجوانب الاربع و الاصح ان المراد التقدير بأربعين ذراعا من كل جانب لان المقصود دفع الضرر عن صاحب البئر الاول لكيلا يحفر أحد في حريمه بئرا أخرى فيتحول إليها ما ببئره و هذا الضرر ربما لا يندفع بعشرة أذرع من كل جانب فان الاراضى تختلف بالصلابة و الرخاوة و فى مقدار أربعين ذراعا من كل جانب يتيقن بدفع هذا الضرر و يستوى في مقدار الحريم بئر العطن و بئر الناضح عند أبى حنيفة رحمه الله و عندهما حريم بئر العطن أربعون ذراعا و حريم بئر الناضح سبعون ذراعا و استدلا بحديث الزهرى أن النبي عليه الصلاة و السلام قال حريم العين خمسمأة ذراع و حريم بئر العطن أربعون ذراعا و حريم بئر الناضح ستون ذراعا و لان استحقاق الحريم باعتبار الحاجة و حاجة صاحب البئر الناضح إلى الحريم أكثر لانه يحتاج إلى موضع يسير فيه الناضح ليستقى فيه الماء من البئر بذلك و فى بئر العطن انما يستقى بيده فلا يحتاج إلى هذا الموضع و استحقاق الحريم بقدر الحاجة ( ألا ترى ) أن صاحب العين يستحق من الحريم أكثر مما يستحق صاحب البئر لان ماء العين يفيض على الارض و يحتاج صاحبه إلى اتخاذ المزارع حول ذلك لينتفع بما يفيض من الماء و إلى أن ينبنى غديرا يجتمع فيه الماء فاستحق لذلك زيادة الحريم و استدل أبو حنيفة رحمه الله بالحديث الاول فانه عليه الصلاة و السلام قال من حفر بئرا فله ما حولها أربعون ذراعا و ليس فيه فصل بين بئر العطن و الناضح و من أصله أن العام المتفق علي قبوله و العمل به يترجح على الخاص المختلف في قبوله و العمل به و لهذا رجح قوله عليه الصلاة و السلام ما أخرجت الارض ففيه العشر على قوله عليه الصلاة و السلام ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة و على قوله عليه الصلاة و السلام ليس في الخضراوات صدقة و رجح أصحابنا رحمهم الله قوله عليه الصلاة و السلام التمر بالتمر مثلا بمثل على خبر العرايا و لان استحقاق الحريم حكم ثبت بالنص بخلاف القياس لان الاستحقاق باعتبار عمله و عمله في موضع البئر خاصة فكان ينبغى أن لا يستحق شيأ من الحريم و لكنا تركنا القياس بالنص فبقدر ما أنفق عليه الآثار ثبت الاستحقاق و ما زاد على ذلك مما اختلف فيه الاثر لا يثبت استحقاقه بالشك هذا أصل أبى حنيفة رحمه الله في مسائل الحريم و لهذا لم يجعل للنهر حريما و كذلك في هذا الموضع فانه قال لا يستحق الغازي لفرسه الا سهما واحدا لان استحقاقه ثبت بخلاف القياس بالنص فلا يثبت الا القدر المتيقن به فأما حريم العين خمسمأة ذراع كما ورد به الحديث لان الآثار اتفقت عليه

(163)

و لكن عند بعضهم الخمسمائة في الجوانب الاربعة من كل جانب مائة و خمسة و عشرون ذراعا و الاصح أن له خمسمأة ذراع من كل جانب و قد ذكر أبو يوسف في الامالي هذا مفسرا في بئر الناضح قال يتقدر حريمه بستين ذراعا من كل جانب الا أن يكون الرشا أطول من ذلك فهذا دليل على أن المذهب التقدير من كل جانب بما سمى من الذرعان ثم الاستحقاق من كل جانب في الموات من الارض بما لا حق لاحد فيه أما فيما هو حق الغير فلا حتى لو حفر إنسان بئرا فجاء آخر و حفر على منتهى حد حريمه بئرا فانه لا يستحق الحريم من الجانب الذي هو حريم صاحب البئر الاول و انما يستحقه من الجوانب الاخر فيما لا حق فيه لان في ذلك الجانب الاول قد سبق اليه و قد ثبت استحقاقه كما قال عليه الصلاة و السلام منا مباح من سبق فلا يكون لاحد أن يبطل عليه حقه و يشاركه فيه و عن ابن مسعود رضى الله عنه قال أسفل النهر آمر على أهل أعلاه حتى يرووا و فيه دليل انه ليس لاهل الا على أن يسكروا النهر و يحبسوا الماء عن أهل الاسفل لان حقهم جميعا ثابت فلا يكون لبعضهم ان يمنع حق الباقين و يختص بذلك و فيه دليل على انه إذا كان الماء في النهر بحيث لا يجرى في أرض كل واحد منهم الا بالسكر فانه يبدأ بأهل الاسفل حتى يرووا ثم بعد ذلك لاهل الاعلى أن يسكروا ليرتفع الماء إلى أراضيهم و هذا لان في السكر احداث شيء في وسط النهر المشترك و لا يجوز ذلك مع حق جميع الشركاء و حق أهل الاسفل ثابت ما لم يرووا فكان لهم أن يمنعوا أهل الاعلى من السكر و لهذا سماهم آمرا لان لهم أن يمنعوا أهل الاعلى من السكر و عليهم طاعتهم في ذلك و من تلزمك طاعته فهو أميرك بيانه في قوله عليه الصلاة و السلام صاحب الدابة العطوف أمير على الراكب لانه يأمرهم بانتظاره و عليهم طاعته بحق الصحبة في السفر و فيه حكاية أبى يوسف رحمه الله حين ركب مع الخليفة يوما فتقدمه الخليفة لجوده ابنه فناداه أيها القاضي الحق بي فقال أبو يوسف ان دابتك اذا حركت طارت و ان دابتي إذا حركت قطعت و إذا تركت وقفت فانتطرنى فان النبي عليه الصلاة و السلام قال صاحب الدابة العطوف أمير على الراكب فامر بان يحمل أبو يوسف رحمه الله عل جنبة له و قال احمل أباك على هذا أهون من تأميرك على و عن محمد بن اسحق يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال إذا بلغ الوادي الكعبين لم يكن لاهل الا على أن يحبسوه عن الاسفل و المراد به الماء في الوادي و الوادي اسم لموضع في أسفل الجبل ينحدر الماء من كل جانب من الجبل فيجتمع

(164)

فيه و يجرى إلى الموضع الذي ينتفع به الناس فقوله إذا بلغ الوادي الكعبين ليس بتقدير لازم بالكعبين بل الاشارة إلى كثرة الماء لان في موضع الوادي سعة فذا بلغ الماء فيه هذه المقدار فهو كثير يتوصل كل واحد منهم إلى الانتفاع به بقدر حاجته عادة فإذا أراد أهل الاعلى أن يحبسوه عن أهل الاسفل فانما قصدوا بذلك الا ضررا بأهل الاسفل فكانوا متعنتين في اذلك لا منتفعين بالماء و إذا كان الماء دون ذلك فربما لا يفضل عن حاجة أهل الاعلى فهم منتفعون بهذا الحبس و الماء الذي ينحدر من الجبل إلى الوادي على أصل الاباحة فمن يسبق اليه فهو أحق بالانتفاع به بمنزلة النزول في الموضع المباح كل من سبق إلى موضع فهو أحق به و لكن ليس له أن يتعنت و يقصد الاضرار بالغير في منعه عما وراء موضع الحاجة فعند قلة الماء بدئ أهل الاعلى أسبق إلى الماء فلهم ان يحبسوه عن أهل الاسفل به قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم للزبير بن العوام رضى الله في حادثة معروفة و عند كثرة الماء يتم انتفاع صاحب الاعلى من حبس فليس له أن يتعنت بحبسه عن أهل الاسفل و عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال المسلمون شركاء في ثلاث في الماء و الكلا و النار و فى الروايات الناس شركاء في ثلاث و هذا أعم من الاول ففيه إثبات الشركة للناس كافة المسلمين و الكفار في هذه الاشياء الثلاثة و هو كذلك و تفسير هذه الشركة في المياه التي تجري في الاودية و الانهار العظام كجيحون و سيحون و فرات و دجلة و نيل فان الانتفاع بها بمنزلة الانتفاع بالشمس و الهواء و يستوى في ذلك المسلمون و غيرهم و ليس لاحد أن يمنع أحدا من ذلك و هو بمنزلة الانتفاع بالطرق العامة من حيث التطرق فيها و مرادهم من لفظة الشركة بين الناس بيان أصل الاباحة و المساواة بين الناس في الانتفاع لا انه مملوك لهم فالماء في هذه الاودية ليس بملك لاحد فأما ما يجري في نهر خاص لاهل قرية ففيه نوع شركة لغيرهم و هو حق السعة من حيث الشرب و سقى الدواب فانهم لا يمنعون أحدا من ذلك و لكن هذه الشركة أخص من الاول فليس لغير أهل القرية أن يسقوا نحيلهم و زروعهم من هذا النهر و كذلك الماء في البئر فيه لغير صاحب البئر شركة لهذا القدر و هو السعة و كذلك الحوض فان من جمع الماء في حوضه و كرمه فهو أخص بذلك الماء مع بقاء حق السقي فيه للناس حتى إذا أخذ إنسان من حوضه ماء للشرب فليس له أن يسترده منه و إذا أتى إلى باب كرمه ليأخذ الماء من حوضه للشرب فله أن يمنعه من أن يدخل كرمه لان هذا ملك خاص له و لكن ان كان يجد الماء قريبا

(165)

من ذلك الموضع في ملك أحد يقول له اذهب إلى ذلك الموضع و خذ حاجتك من الماء لانه لا يتضرر بذلك و ان كان لا يجد ذلك فاما أن يخرج الماء اليه أو يمكنه من أن يدخل فيأخذ بقدر حاجته لان له حق السعة في الماء الذي في حوضه عند الحاجة فأما إذا أحرز الماء في جب أو جرة أو قربة فهو مملوك له حتى يجوز بيعه فيه و ليس لاحد أن يأخذ شيئا منه الا برضاه و لكن فيه شبهة الشركة من وجه و لهذا لا يجب القطع لسرقته و على هذا حكم الشركة في الكلا في المواضع التي لا حق لاحد فيها بين الناس فيه شركة عامة فلا يكون لاحد أن يمنع أحدا من الانتفاع به فاما ما نبت من الكلا في أرضه مما لم ينبته أحد فهو مشترك بين الناس أيضا حتى إذا أخذه إنسان فليس لصاحب الارض أن يسترده منه و إذا أراد أن يدخل أرضه ليأخذ ذلك فلصاحب الارض أن يمنعه من الدخول في أرضه و لكن ان كان يجد ذلك في موضع آخر يأمره بالذهاب إلى ذلك الموضع و ان كان لا يجد و كان بحيث يخاف على ظهره فاما أن يخرج اليه مقدار حاجته أو يمكنه من أن يدخل أرضه فيأخذ مقدار حاجته فاما ما أنبته صاحب الارض بان سقي أرضه و كربها لنبت الحشيش فيها لدوابه فهو أحق بذلك و ليس لاحد أن ينتفع بشيء منه الا برضاه لانه حصل بكسبه و الكسب للمكتسب و هذا الجواب فيما لم ينبته صاحب الارض من الحشيش دون الاشجار فاما في الاشجار فهو أحق بالاشجار النابتة في أرضه من غيره لان الاشجار تحرز عادة و قد صار محرزا له من يده الثابتة على أرضه فأما الحشيش فلا يحرز عادة و تفسير الحشيش ما تيسر على الارض مما ليس له ساق و الشجر ما ينبت على ساق و بيان ذلك في قوله تعالى و النجم و الشجر يسجدان و النجم ما ينجم فتيسر على الارض و الشجر ما له ساق و بيان الشركة في النار ان من أوقد نارا في صخر لا حق لاحد فيه فلكل واحد أن ينتفع بناره من حيث الاصطلاء بها و تجفيف الثياب و العمل بضوئها فاما إذا أراد أن يأخذ من ذلك الجمر فليس له ذلك إذا منعه صاحب النار لان ذلك حطب أو فحم قد أحرزه الذي أوقد النار و انما الشركة التي أثبتها رسول الله صلى الله عليه و سلم في النار و النار جوهر الحر دون الحطب و الفحم فان أخذ شيئا يسيرا من ذلك الجمر نظر فان كان ذلك ما له قيمة إذا جعله صاحبه فحما كان له أن يسترده منه و ان كان يسيرا لا قيمة له فليس له أن يسترده منه و له منه أن يأخذه من استئذان لان الناس لا يمنعون هذا القدر عادة و المانع يكون متعنتا لا منتفعا و قد بينا ان المتعنت ممنوع

(166)

من التعنت شرعا و عن عائشة رضى الله عنها قالت نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بيع بقع الماء يعنى المستنقع في الحوض و به نأخذ فان البيع تمليك فيستدعى محلا مملوكا و الماء في الحوض ليس بمملوك لصاحب الحوض فلا يجوز بيعه فلظاهر الحديث لا يجوز بيع الشرب وحده لان ما يجرى في النهر الخاص ليس بمملوك للشركاء و البيع لا يسبق الملك و انما الثابت للشركاء في النهر الخاص حق الاختصاص بالماء من حيث سقي النخيل و الزرع و لصاحب المستنقع مثل ذلك و بيع الحق لا يجوز و عن الهيثم ان قوما وردوا ماء فسألوا أهله أن يدلوهم على البئر فأبوا فسألوهم أن يعطوهم دلوا فابوا أن يعطوهم فقالوا لهم ان أعناقنا و أعناق مطايانا قد كادت تقطع فابوا أن يعطوهم فذكروا ذلك لعمر رضى الله عنه فقال لهم عمر فهلا وضعتم فيهم السلاح و فيه دليل انهم إذا منعوهم ليستقوا الماء من البئر فلهم أن يقاتلوهم بالسلاح فإذا خافوا على أنفسهم أو على ظهورهم من العطش كان لهم في البئر حق السعة فإذا منعوا حقهم و قصدوا إتلافهم كان لهم أن يقاتلوهم عن أنفسهم و عن ظهورهم كما لو قصدوا قتلهم بالسلاح فاما إذا كان الماء محرزا في إناء فليس للذي يخاف الهلاك من العطش أن يقاتل صاحب الماء بالسلاح على المنع و لكن يأخذ منه فيقاتله على ذلك بغير سلاح و كذلك في الطعام لانه ملك محرز لصاحبه و لهذا كان الاخذ ضامنا له فإذا جاز له أخذه لحاجته فالمانع يكون دافعا عن ماله و قال عليه الصلاة و السلام من قتل دون ماله فهو شهيد فكيف يقاتل من إذا قتله كان شهيدا على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم فاما البئر مباح مملوك لصاحب البئر فلا يكون هو في المنع دافعا عن ملكه و لكنه مانع عن المضطر حقه فكان له أن يقاتله بالسلاح و للاول أن يقاتل بما دون السلاح لان صاحب الماء مأمور بأن يدفع اليه بقدر ما يدفع به الضرورة عنه فهو في المنع مرتكب ما لا يحل فيؤد به على ذلك بغير سلاح و ليس مراد عمر رضى الله عنه المقاتلة بالسلاح على منع الدلو فان الدلو كان ملكا لهم و لو كان المراد ذلك فتأويل قوله فهلا وضعتم فيهم السلاح أى برهنتم عندهم ما معكم من السلاح ليطمئنوا إليكم فيعطونكم الدلو لا أن يكون المراد الامر بالقتال و عن عروة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من أحيا أرضا ميتة فهي له و ليس لعرف ظالم حق و فيه دليل على ان الموات من الاراضى يملك بالاحياء و أصح ما قيل في حد الموات أن يقف الرجل في طرف العمران فينادى بأعلى صوته فالى أى موضع ينتهى صوته يكون من فناء العمران لان سكان ذلك الموضع يحتاجون إلى ذلك

(167)

لرعى المواشي و ما أشبه ذلك و ما وراء ذلك من الموات ثم عند أبى حنيفة رحمه الله انما يملكها بالاحياء بعد اذن الامام و عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله لا حاجة فيه إلى اذن الامام لان النبي صلى الله عليه و سلم قد أذن في ذلك و ملكها ممن أحياها أو لانه لا حق لاحد فيها فكل من سبقت يده إليها و تم إحرازه لها فهو أحق بها كمن أخذ صيدا أو حطبا أو حشيشا أو وجد معدنا أو ركازا في موضع لا حق لاحد فيه و أبو حنيفة استدل بقوله عليه الصلاة و السلام ليس للمرإ الا ما طابت به نفس امامه و هذا و ان كان عاما فمن أصله ان العام المتفق فعى قبوله يترجح على الخاص و قال صلى الله عليه و سلم الا ان عادي الارض هى لله و رسوله ثم هى لكم من بعد فما كان مضافا إلى الله تعالى و الرسول صلى الله عليه و سلم فالتدبير فيه إلى الامام فلا يستبد أحد به بغير اذن الامام كخمس الغنيمة فرسول الله صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث أشار إلى ان هذه الاراضى كانت في يد المشركين ثم صارت في يد المسلمين بإيجاف الخيل فكان ذلك لهم من الله تعالى و رسوله عليه الصلاة و السلام و ما كان بهذه الصفة لم يختص أحد بشيء منه دون اذن الامام كالغنائم و قوله صلى الله عليه و سلم من أحيأ أرضا ميتة لبيان السبب و به نقول ان سبب الملك بعد اذن الامام هو الاحياء و لكن اذن الامام شرط و ليس في هذا اللفظ ما ينفى هذا الشرط بل في قوله عليه الصلاة و السلام و ليس لعرف ظالم حق اشارة إلى هذا الشرط فالإِنسان على رأى الامام و الاخذ بطريق التغالب في معنى عرق ظالم و قيل معنى قوله عليه الصلاة و السلام و ليس لعرق ظالم حق ان الرجل إذا غرس أشجارا في ملكه فخرجت عروقها إلى أرض جاره أو خرجت أغصانها إلى أرض جاره فانه لا يستحق ذلك الموضع من أرض جاره بتلك الاغصان و العروق الظالمة فالظلم عبارة عن تحصيل الشيء في موضعه قيل المراد بعرق الظالم أن يتعدى في الاحياء ما وراء أحد الموات فيدخل في حق الغير و لا يستحق بذلك شيئا من حق الغير و عن عمر رضى الله عنه قال من أحيا أرضا ميتة فهي له و ليس بعد ثلاث سنين حق و المراد بالمحجر المعلم بعلامة في موضع و اشتقاق الكلمة من الحجر و هو المنع فان من أعلم في موضع من الموات علامة فكانه منع الغير من احياء ذلك الموضع فسمى فعله تحجيرا و بيان ذلك ان الرجل إذا مر بموضع من الموات فقصد احياء ذلك الموضع فوضع حول ذلك الموضع أحجارا أو حصد ما فيها من الحشيش و الشوك و جعلها حول ذلك فمنع الداخل من الدخول فيها فهذا تحجير و لا يكون أحياء انما الاحياء أن يجعلها صالحة للزراعة بان




/ 31