ذكرنا ان الساحه بعد رسول اللّه كان فيها صحابه سمعوا من النبى شيئا ولم يحفظوه على وجهه، وكان فيها من سمع منه شيئا يامر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، وادى هذا فى نهايه المطاف الى تضارب القرارات ثم ضياع مال اللّه فى عهد بنى اميه، بعد ان بسطوا ايديهم على بيوت المال، وبالجمله، نقدم هنا الاحاديث التى تشهد بالمقدمات الاولى: روى البخارى ومسلم عن عائشه (ان فاطمه بنت رسول اللّه(ص) سالت ابا بكر بعد وفاه رسول اللّه(ص) ان يقسم لها ميراثها مما ترك رسول اللّه(ص)، فقال لها ابو بكر: ان رسول اللّه(ص) قال: لا نورث ما تركناه صدقه، فغضبت فاطمه فهجرت ابا بكر، فلم تزل مهاجره له حتى توفيت، وعاشت بعد رسول اللّه(ص) سته اشهر، فكانت فاطمه تسال ابا بكر نصيبها مما ترك رسول اللّه(ص) من خيبر وفدك وصدقته بالمدينه، فابى ابو بكر ذلك..)(154). وروى الامام احمد انه: (لما قبض رسول اللّه(ص) ارسلت فاطمه الى ابى بكر، فقالت: اانت ورثت رسول اللّه(ص) ام اهله؟ فقال: بل اهله، قالت: فاين سهم رسول اللّه(ص)؟ فقال: انى سمعت رسول اللّه(ص) يقول: ان اللّه -عز وجل- اذا اطعم نبيا طعمه ثم قبضه جعله للذى يقوم من بعده، فرايت ان ارده على المسلمين)(155). ولقد ثبت بالاحاديث الصحيحه ان ابا بكر ابى ان يعطى فاطمه -رضى اللّه عنها- ما ترك رسول اللّه(ص) من خيبر وفدك وصدقته بالمدينه، وذلك لما عنده من حديث لم يروه غيره. وفى عهد عمر روى البخارى ومسلم ان صدقه رسول اللّه(ص) بالمدينه دفعها عمر الى على بن ابى طالب والعباس، وامسك خيبر وفدكا (156)، وذلك ايضا لما عنده من حديث، وروى ان اهل البيت ردوا الى عمر ما دفعه اليهم لانهم وجدوه دون حقهم الذى بينه رسول اللّه لهم، فعن يزيد بن هرمز ان نجده الحرورى ارسل الى ابن عباس يساله عن سهم ذى القربى، ويقول: لمن تراه؟ فقال ابن عباس: لقربى رسول اللّه(ص)، قسمه لهم رسول اللّه(ص)، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رايناه دون حقنا فرددناه عليه، وابينا ان نقبله(157).