الواردة من طرق أهل السنّة والشيعة وتحقيقها والتعمّق فيها، وفي مذاهب
العلماء في ما اشترطوا في قبول الاَحاديث وعدمه، وفي ما يخصّ هذه
الكتب عند أهلها بحسب الواقع من غير نزعة وعصبية، فأراد أن يبيّن
للمحقّقين والمنصفين من أهل السنّة والشيعة نتائج بحثه وثمرات فحصه،
التقليد والعصبية
غير مبال بغيظ المتعصبّين والمقلدين
من المنتحلين إلى أهل العلم، فان
الحق أحق ان يتبع، والله يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم.
واعلم اني ألّفت كتابين، أحدهما: في الروايات الواردة من طرق
الشيعة، وثانيهما: في الروايات الواردة من طرق أهل السنة، وهو هذا
الكتاب الماثل بين يديك أيّها القارئ الكريم، وهو أقلّ من الكتاب الاَول،
اسأل الله تبارك وتعالى التوفيق لاتمامه واصابة الحق ثم التوفيق لطبعه
وجعله مفيداً لطلاب الحق وروّاد العلم.
وينبغي ذكر أُمور قبل الشروع في مقاصد الكتاب:
(الاَمر الاَول): ايّاك وسوء الظن بالعلماء، فانّ الله تعالى أمر الناس
باجتناب الكثير من الظن وهو ظن السوء بالمؤمنين كلّهم، فكيف بقادتهم
وعلمائهم وأهل فضلهم الذين اكرمهم الله تعالى في كتابه بقوله: (هل
يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)(1).
وايّاك وسرعة الاسترسال على كلّ الرواة واهل العلم والمؤلّفين،
والاعتماد المطلق في كلّ ما يقولون وينقلون في دينك، فان سرعة
الاسترسال لا تستقال، والتقليد الاَعمى وترك التحقيق واهمال البحث والنظر
ونسيان حكم العقل بمجرد اتباع الآباء وصلاح السلف ممّا لا يقبله ديننا
(1) الزمر 39: 9.