معالجة الطرق السلبية لتطبيق الوقف الذرّي أو المؤبّد :
هناك طرق وأسباب تمّ التذرّع بها لإهمال الوقف أو إلغائه :منهـا : ما إذا خرب بعض الوقف بحيث لا ينتفع به ، فبناء علي جواز بيع ما لا ينتفع به مع بقاء عينه ، يباع هذا القسم ويجعل بدله ما يكون وقفا علي الجميع ( الموجود والذي سيوجد ) ، كما يجوز صرف الثمن في باقي الوقف الذرّي ببناءٍ أو غيره بحيث يوجب زيادة منفعته ، وكذلك يجوز صرف الثمن علي وقف آخر عليهم ، وهذا أمر واضح إذا رضي به الموجود والمعدوم بواسطة الحاكم أو الناظر .
ولكن إذا خرج بعض الوقف عن حيّز الانتفاع وبقي بعضه محتاجا إلي عمارة لا يمكن بدونها انتفاع البطون اللاحقة ، فهل يُصرف ثمن المخروبة أو منفعة الوقف إلي عمارة الباقي وإن لم يرضَ البطن الموجود ؟
الجواب : هو أنّ الواقف إذا كان قد اشترط من أوّل الأمر إخراج مؤونة الوقف من منفعته قبل قسمة المنفعة علي الموقوف عليهم ، فهنا لا كلام في تقديم مؤونة الوقف والصرف علي إصلاحه قبل القسمة علي الموجودين .
وأمّا إذا لم يشترط الواقف ذلك فهناك قول بوجوب صرف منفعة الوقف وثمن المخروب في إصلاح الوقف مقدما علي حقّ الموقوف عليهم . لأنّ المتفاهم العرفي من الوقف إبقاءه ، وأنّ وصول المنافع إلي الموقوف عليهم بعد لحاظ إبقائها .
وقد أفتي الإمام الخوئي قدسسره بهذه الفتوي حيث قال : « إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلي التعمير أو الترميم لأجل بقائها وحصول النماء منها ، فإن عيّن الواقف لها ما يُصرف فيها عمل عليه ، وإلاّ صرف من نمائها وجوبا مقدَّما علي حق الموقوف عليهم ، وإذا احتاج إلي التعمير بحيث لولاه لم يبقَ للبطون اللاحقة ، فالظاهر وجوبه وإن أدّي إلي حرمان البطن السابق » ( 17 ) .
وعلي هذا الفهم وعدم الاعتناء بالقول القائل بوجوب صرف المنفعة علي الموجودين وعدم لحاظ حقّ الباقين ، يتمّ الحفاظ علي أكبر سبب لإهمال الوقف سواء كان ذرّيا أو مؤبّدا .
كما يمكن تنوير الواقفين إلي هذه المشكلة وجعلهم يشترطون في الوقف أن تكون المنفعة للموقوف عليهم بعد إخراج مؤونة إصلاح الوقف وصيانته ؛ للخروج عن مخالفة من قال بأنّ النماء يصرف علي الموجودين إن لم يوافقوا علي إصلاح الوقف في صورة عدم الاشتراط ، فإنهم لا يقولون بذلك في صورة الاشتراط من الواقف .