4 ـ الوقف علي الوقف :
وهذا الوقف متعارف عند الناس ، فقد جرت السيرة علي وقف الدكاكين والحمامات والعقار علي المدارس والمساجد وأمثالهما .ولقد ذكر المقريزي في تاريخه : أنّ ابن الخليفة الفاطمي المسمي ( بالحاكم ) في مصر بني مسجدا عُرف بجامع الحاكم ، وقد طلب من أساتذة ومدرسي جامع الأزهر أن يقيموا حلقات دراسية في مسجده الجديد ، ولكنه لم يغفل في الوقت نفسه عن الجامع الأزهر ، حيث أوقف بعض الأوقاف عليه وعلي مؤسسات اُخري بعد إعماره ( 4 ) .
وهذا القسم من الوقف يظهر منه أنّه تمليك علي المساجد والمدارس وإن كانت المساجد نفسها غير مملوكة ـ كما تقدم ـ لأنّ الملكية إضافة بين المالك والمملوك ، وهي خفيفة المؤونة ؛ فكما يمكن اعتبار الملكية للأحياء وللأموات من ذوي الشعور ، يمكن اعتبارها أيضا لغير ذوي الشعور من الجمادات .
وهكذا إذا ملّكنا المسجد فراشا وأواني وآلات وبناء وأدوات تبريد وتدفئة ، فإنّ كل هذه الاُمور تكون ملكا للمسجد ، وعليه يجوز بيعها إذا عرض لها ما يسوّغ البيع ـ كما سيأتي ـ ، كما أنّه إذا أخذها أحد يكون ضامنا لها وغاصبا أيضا .
ولكن الفرق بين الدكاكين الموقوفة علي المسجد وبين قناديل المسجد وأثاثه هو أنّ المنافع الآتية من الدكاكين وأمثالها الموقوفة علي المسجد تكون مملوكة ملكا طلقا للمسجد أو للمشهد أو للمدرسة ، فيجوز للمتولي بيع تلك المنافع وتبديلها بشيء آخر من غير عروض مجوّز لها من المجوزات التي تُجوّز بيع الوقف ـ كما سيأتي ـ كما يجوز بيع المشتري بالمنافع هذه أيضا وتبديله بشيء آخر ، بخلاف الأصل وهو الدكان والحمام فإنّه لا يجوز بيعه إلاّ عند عروض مجوّز له ، كما سيأتي .