النُّظُم الكفيلة بضبط الأوقاف :
لابدّ لنا من نُظُمٍ تكفل ضبط الأوقاف وحفظها من الضياع والاستيلاء والاندثار فقد قرر الشرع الحنيف لابدّية وجود متولٍّ للوقف يتعين إمّا من قِبل الواقف أو من قِبل الحاكم الشرعي ، ولابدّ في تعيين المتولي أو الناظر من قِبل الحاكم الشرعي من إحراز عدالته وأمانته علي الوقف ومعرفته بما يُصلح الوقف . وقد نجد في بعض الأحيان وجود إشراف شرعي بصورةٍ ما علي متولي الوقف ، فيُعزل إن لوحظ عليه خيانة أو عدم معرفة بحفظ الوقف وإصلاحه ، ويُنصَب شخص آخر مكانه .وقد يتقدم الحاكم الشرعي لنصب متولٍّ علي الأوقاف التي ليس لها متولٍّ يقوم برعايتها وإصلاحها وصرف وارداتها التي يعتبر الإفراط أو التفريط فيها لا يخلو من عقوبة شرعية دنيوية .
وكانت بعض الحكومات تعيّن محاسبين وجباة للإشراف علي الأموال الموقوفة ، كما وجدت في بعض المقاطع التاريخية مراكز باسم ( ديوان الأوقاف أو صدر الصدور ) كما أنّ في بعض الحكومات صدر أمر رسمي بتعيين وزير للأوقاف ( 21 ) .
ورغم هذه النظم الكفيلة بضبط الأوقاف نجد بعض الحكام يقدمون علي غصب الأراضي والعمارات الموقوفة ، فيخلقون المبررات لمصادرتها وضمّها إلي أملاكهم الخاصة ، كما حصل في إيران أيّام العهد البهلوي في محافظتي كيلان ومازندران . وتوسعت حدود الاعتداء علي الأوقاف من قِبل المتنفذين ، ولكن بعد إقصاء رضا شاه عن الحكم ونفيه خارج البلاد عام ( 1320 ه·· . ش = 1941 م ) وتنصيب ولده محمّد رضا خليفة له ـ والذي تميّزت حكومته بالضعف في بدء أمرها ـ اُعيدت بعض تلك الأراضي إلي حالة وقفيّتها السابقة في إطار تنفيذ قانون اعادة الأراضي إلي أصحابها .
وهكذا الأمر في أكثر البلدان الإسلامية التي ترأسها حكومات غير دينية وغير ملتزمة ، فقد تطاولوا علي الأوقاف وغصبوا وأفسدوا ، وكانت نتيجة أمرهم الخسران والهوان ، وهذه نتيجة من لم يلتزم أو يخالف أحكام شرع اللّه تعالي . . هوان وخسران في الدنيا والآخرة ، وهذه صحائف أعمالهم نقرؤها الآن مملوءة بالفساد والخزي ومخالفة الشريعة ، ولا زالوا في هوان وذل وخسران ما داموا غير ملتزمين بالقرآن العظيم وسنّة رسوله الكريم .
ولكن بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بزعامة المرجع الديني العظيم الإمام الخميني قدسسره كانت هناك مساعٍ جادة وحثيثة لصيانة الأوقاف وحفظها وانتزاعها من الأيادي الخبيثة التي سيطرت عليها ظلما وزورا ، وأوقفوا معينها العظيم في إسناد العلم والمجتمع ورقيّه في طريق العيش الكريم :
1 ـ فبعد شهرين من انتصار الثورة اتّخذت الثورة أوّل خطواتها لاستعادة حقوق الأوقاف إلي نصابها في تاريخ ( الرابع من اُرديبهشت 1358 ه·· . ش ) صوّب