آياتها : 5 بسم الله الرحمن الرحيمقال أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس * من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس . 1 -3 ـ قوله تعالى : {قل أعوذ برب الناس * مالك الناس * إله الناس } ؛ أي : قل يا محمد : استجير برب الناس ، فخصهم بالذكر لأنهم المستعيذون ، والرب : الذي يسوسهم ويرعاهم ويدبر أمورهم ، وهو ملكهم الذي يتصرف فيهم بالأمر والنهي ، فهم تحت قدرته ، وهو إلههم المستحق للعبادة دون سواه . 4 -6 ـ قوله تعالى : {من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس} ؛ أي : أستجير به سبحانه من شر الشيطان الذي يلقي في قلب العبد ، إذا غفل عن الذكر ، يلقي صوته الخفي ، الذي لا يحس به . ويتأخر عن القلب فلا يوسوس فيه إذا ذكر العبد ربه . وهذا الشيطان يوسوس في محل القلوب ، وهي صدور الناس : جنهم وإنسهم ، أو هذا الموسوس من الجبن والناس يوسوس في صدور الناس ، كما قال تعالى : {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} [الأنعام : 112]، والله أعلم . ^ ^ التحرير والتوير^ : 30 : 620 . تهذيب اللغة : 10 : 671 . هو ابن الأنباري . تهذيب اللغة : 4 : 347 . انظر مثلاً : مقاييس اللغة ، ولسان العرب ، وتاج العروس ، مادة (حشر) ؟ يشهد لمن قال : القرآن ، وهو مجاهد ، أن الاختلاف وقع فيه بين كفار مكة ، فوصفوه بأنه شعر ، وكهانة ، وكذب ، وغيرها ، وهو أعلم من القول الثاني ؛ لأن البعث جزء من أخبار القرآن الذي وقع فيه الاختلاف . يلاحظ أن الله سبحانه وتعالى لم ينص على النبأ بعينه ، وإنما اكتفى بذكر وصفه : بأنهم اختلفوا فيه، وهذا سبب في وقع الخلاف ، ولك أن تقول : إن سبب الاختلاف التواطؤ ، أو ذكر وصف لموصوف محذوف ، وهذا من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى قولين ، والله أعلم . كذا فسر الطبري لفظ "كلا" ، وهو من أفضل التعبيرات عن معناها ، وهي هنا بمعنى الرد ويعبر عنه بعض العلماء بالردع والزجر ، وهي تكون كذلك إذا وقع قبلها باطل أو خطأ من كلام أو فعل ، والله أعلم . عبر بعض المفسرين عن ذلك أنهم سيعلمون حقيقة النبأ ، وذلك القول أعلم ، لأنهم إذا علموا عاقبتهم فيه ، فإنهم سيكونون قد علموا حقيقته لزوماً ، والله أعلم . يذكر بعض المتأخرين ممن يحرص على تكثير الاحتمالات اللغوية في معاني الآي أقوالاً خمسة في معنى السبات ، وهو تكثر لا داعي له ؛ لأن أشهر المعاني في مادة سبت : الراحة ، قال ابن فارس في مقاييس اللغة ( 3: 124) : السين والباء والتاء أصل واحد يدل على راحة وسكون . أما تفسيره : بالموت ، أو النوم ، أو التمدد ، أو القطع ، فإنها وإن كانت صحيحة لغة ، فإنها مما تنبو عنها فصاحة القرآن في هذا الموضع ، كما أن سياق الآية الوارد في مجال الامتنان يردها ، والله أعلم . قال قتادة : لباساً : سكناً ، وهذا تفسير بالمعنى ، وكأنه اعتبر قوله تعالى : {وجعل الليل سكنا} [الأنعام : 96] ، وقوله تعالى : {هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه} [يونس : 67] ، وهو يؤول إلى معنى اللباس بالنظر إلى التغطية والستر فيهما ، والله أعلم . ورد هذا عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة ، وعن أبي العالية ، والضحاك ، والربيع بن أنس، وسفيان . وفسرها مجاهد وعكرمة وقتادة ومقاتل وابن زيد بأنها الرياح ، وعليه فقوله : "من" يكون بمعنى الباء ؛ أي : أنزلنا بالرياح ، والصواب أنها السحاب ، وعليه تبقى "من" على بابها ، وهو أولى ؛ لأنه إذا تعرض ظاهر الآية احتمال التأويل ، قدم الظاهر . ويبقى أنه يستفاد من تفسير هؤلاء صحة إطلاق المعصرات على الرياح من حيث اللغة ، لوروده عنهم ، وإن لم تحتمله الآية . وقد ورد عن الحسن وقتادة تفسير غريب ، وهو