الاحتكاك الثقافي واللقاء الحضاري: - نهایة المرام فی علم الکلام نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نهایة المرام فی علم الکلام - نسخه متنی

حسن بن یوسف العلامه الحلی؛ مقدمه نویس: جعفر السبحانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الاحتكاك الثقافي واللقاء الحضاري:

إذا كان الكتاب والسنّة وحديث العترة الطاهرة هو المنطلق لنشوء علم الكلام وظهوره بين المسلمين، فقد كان للاحتكاك الثقافي واللقاء الحضاري دور خاص في ذلك المجال، وهو أنّه دفع عجلة علم الكلام إلى الأمام، وصار سبباً لنموه ونضوجه بين المسلمين بأقصر مدة، ولولا هذا الصراع الفكري لما نمت تلك البذور الطيبة الكامنة في الكتاب والسنّة، وما استوت على سوقه، وهذان العاملان (الداخلي والخارجي) وإن صارا سبباً لنشوء هذا العلم وتكامله إلاّ أنّ دور الأوّل، يخالف دور الثاني، فالأوّل يعد مصادر علم الكلام ومنابعه ومناشئه، وأمّا الثاني، فهو الذي أيقظ المفكرين من المسلمين حتّى ينمّوا ما تعلموه في مدرسة الدين من الأُصول والعقائد، وإليك بيان ذلك العامل الخارجي.

بُعِثَ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بدين عالمي، ونبوة خاتمة، وكتاب خاتم للكتب، والمهيمن عليها، وبثّ شريعته الغراء في ربوع الجزيرة العربية في بضع سنين، إلى أن مضى إلى جوار ربّه، وراية الإسلام خفّاقة عالية، تدين أهلها بالتوحيد، وتكافح الثنوية، وتُؤمن بالحياة الأُخروية وتعمل بسنن الإسلام وطقوسه.

وقد أحسّ المسلمون بواجبهم بعد رحلته، وهو نشر الإسلام وبسطه في العالم كلِّهِ ودعوة جميع البشر على مختلف قومياتهم إلى الانضواء تحت راية الإسلام، بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم كسر الأصنام والأوثان بالجهاد المتواصل، وبذل النفس والنفيس في سبيله، حتى تُصْبِح الأجواء صافية، والظروف حرّة، وترتفع العوائق والموانع بغية دخول الناس في دين اللّه زرافات ووحداناً عن طوع ورغبة، بلا خوف ولا رهبة من طواغيت العصر .

قام المسلمون بواجبهم ففتحوا البلاد، ونشروا الثقافة الإسلامية بين الأُمم

المتحضرة والتي كانت تتمتّع ـ وراء الآداب والفنون والعلوم والصناعات ـ بمناهج فلسفية، وآراء كلامية لا يذعن بها الإسلام .

وقد كان في ذلك الاحتكاك الثقافي واللقاء الحضاري تأثير بالغ عاد على الإسلام والمسلمين بالخير الكثير إلاّ أنّ هذا الاحتكاك لا يخلو عن مضاعفات، وهي انتقال تلك الآراء والأفكار إلى الأوساط الإسلامية وهم غير متدرّعين تجاه تلك الشبهات والمشاكل.

وأعان على ذلك أمر ثان وهو انتقال عدة من الأسرى إلى العواصم الإسلامية فانتقلوا إليها بآرائهم وأفكارهم وعقائدهم المضادّة للإسلام وأُسِسِه، وكان بين المسلمين من لم يتورّع في أخذ هاتيك العقائد الفاسدة، نظراء: عبد الكريم ابن أبي العوجاء، وحماد بن عجرد، ويحيى بن زياد، ومطيع بن اياس، وعبد اللّه بن المقفّع إلى غير ذلك بين غير متدرّع أو غير متورّع، فأوجد ذلك قلقاً ووحشة بين المسلمين.

أضف إلى ذلك أمراً ثالثاً كان له التأثير الحاسم في بسط الإلحاد والزندقة وهو نقل الكتب الرومانية واليونانية والفارسية إلى اللغة العربية من دون نظارة ورقابة وجعلها في متناول أيدي الناس، وقد ذكر ابن النديم تاريخ ترجمة تلك الكتب فقال:

«كان خالد بن يزيد بن معاوية محِبّاً للعلوم، فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونان ممّن كان ينزل مدينة مصر، وأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اللسان اليوناني والقبطي إلى العربي، وهذا أوّل نقل كان في الإسلام من لغة إلى لغة، ثم نقل الديوان وكان باللغة الفارسية إلى العربية في أيام الحجاج، وكان أمر الترجمة يتقدم ببطء، إلى أن ظهر المأمون في ساحة الخلافة، فراسل ملك الروم يسأله الاذن في انفاذ ما يختار من العلوم القديمة المخزونة، المدّخرة في بلد الروم،

فأجاب إلى ذلك بعد امتناع، فبعث المأمون جماعة، منهم: الحجاج بن مطر، وابن بطريق، ومحمد بن أحمد و الحسين بنو شاكر المنجّم، فجاءوا بطرائف الكتب، وغرائب المصنّفات في الفلسفة والهندسة وغيرهما»، ثم ذكر ابن النديم أسماء النقلة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، وجاء بأسماء كميّة هائلة(1) فأخذوا يصبون ما وجدوه من غث وسمين في كتب الوثنيين والمسيحيين على رؤوس المسلمين، وهم غير متدرّعين وغير واقفين على جذور هذه الشبه، مع أنّها كانت تزعزع أركان الإسلام.

فقد أثار انتقال هذه الشبه والعقائد والآراء إلى أوساط المسلمين ضجّة كبرى بينهم، فافترقوا إلى فرقتين:

فرقة اقتصرت في الذب عن حياض الإسلام بتضليلهم وتكفيرهم وتوصيفهم بالزندقة وتحذير المسلمين من الالتقاء بهم وقراءة كتبهم والاستماع إلى كلامهم، إلى غير ذلك مما كان يعدّ مكافحة سلبية التي لها الأثر القليل في مقابل ذلك السيل الجارف.

وفرقة قد أحسّوا بخطورة الموقف وأنّ المكافحة السلبية لها أثرها المؤقت، وإنّ ذلك الداء لو لم يعالج بالدواء الناجع سوف يعمّ المجتمع كلّه أو أكثره، فقاموا بمكافحة إيجابية أي الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال الذي يستحسنه الإسلام، فأزالوا شبهاتهم، ونقدوا أفكارهم في ضوء العقل والبرهان، وقد نجحوا في ذلك نجاحاً باهراً، وهؤلاء المناضلون هم الشيعة خرّيجو مدرسة أهل البيت أوّلاً، والمعتزلة أتباع واصل بن عطاء ثانياً الذين أخذوا أُصول مذهبهم عن علي ـ عليه السَّلام ـ بواسطتين:


1 . ابن النديم: الفهرست: 352، 356.

/ 704