المقام الثاني: في أنّ تصوّره أوّل الأوائل
المقام الثاني: في أنّ تصوّره أوّل الأوائلالأمر في هذا ظاهر، فإنّه لا شيء أعرف عند الإنسان من وجود نفسه، وثبوت ذاته.وأيضاً فإنّه أعمّ الأشياء والأعمّ جزء الأخص، والعلم بالكلّ متوقّف على العلم بالجزء، والمتوقّفعليه أعرف من المتوقف، فالوجود أعرف.وهو ضعيف، لأنّا نمنع كونه أعمّ الأُمور، فإنّ المعلوم والمخبَر (1) والمذكور والممكن العام أعمّ من الموجود، والشيء مساو له، هذا إن عنى الوجود الخارجي، وإن عنى المطلق كان مساوياً للمعلوم، والشيء إن أُطلق على الذهني فكذلك، كما قال الشيخ: «إنّ الوجود إمّا خارجيّ أو ذهنيّ، والشامل لهما الشيئية»، وإن أُريد الخارجي لا غير، كما هو رأي نفاة شيئية المعدوم كان أخص.سلّمنا أنّه أعم، لكن لا نسلّم أنّ الأعم جزء من الأخص، فإنّ العموم إذا كان عموم العارض لا يوجب كونه جزءاً، والوجود وصف خارجيّ.وقيل (2): إنّ الأعم أعرف، لأنّ النفس قابلة للتصوّر ولا منع عن الفيض من قبل اللّه تعالى إلاّ لعدم شرط أو وجود مانع، وكلاهما منتف هنا، فإنّ (3) الأعمّ يستحيل اشتراطه بالأخص، وكلّ ما عدا الوجود فهو أخصّ منه، والأُمور (4) الخاصّة قد تتعاند، ولا تعاند صورة ما يعمّها، لكن كلّ ما يعاند العام فهو يعاند1 . ق: «المتميّز»، وفي ج:«المتحيز».
2 . والقائل هو الرازي في المباحث المشرقية 1:101.
3 . بيان لانتفاء الشرط في الأعم.
4 . بيان لانتفاء المانع في الأعم.