وبذلك علم ما في قوله: من أن تفاوت أفراد الناس في القرب منه تعالى
والبعد عنه تعالى، سبب لاختلافها في استحقاق الجنة والنار ونيل الشفاعة
وعدمه، وتفاوتها في ذلك بالآخرة يكون ذاتيا والذاتي لا يعلل (1) فإن تفاوت
أفراد الناس والامتيازات الفردية إنما تكون بحسب الهوية الوجودية
والعوارض الشخصية التي هي الأمارات للهوية البسيطة الوجودية، لا بحسب
المهية ولوازمها، والتفاوت الوجودي ليس بذاتي للأشياء، فالاختلاف الفردي
إنما هو بجعل الجاعل، لا بالذات.لا أقول: إن الجاعل جعل بسيطا وجود زيد وعمرو، ثم جعلهما مختلفين
بالجعل التأليفي، بل أقول: إن هوية زيد المختلفة مع هوية عمرو مجعولة بالجعل
البسيط، وهذا هو المراد بالذاتي في باب الوجود الذي لا ينافي الجعل.وإن شئت قلت: إن اختلاف الهويات الوجودية بنفس ذاتها المعلولة،
فافهم، فإنه دقيق جدا.
في سبب اختلاف أفراد الإنسان
فإن قلت: إذا كانت الذات والذاتيات ولوازمها في أفراد الإنسان غيرمختلفة، فمن أين تلك الاختلافات الكثيرة المشاهدة؟ فهل هي بإرادة الجاعل
جزافا؟ تعالى عن ذلك علوا كبيرا، [إضافة إلى] ورود إشكال الجبر أيضا.
(1) الكفاية 2: 16.