في أن للمعصية منشأين للعقوبة
قوله: ثم لا يذهب عليك... إلخ (1).لا يخفى أن الالتزام بكون منشأ استحقاق العقاب في المعصية والتجريأمرا واحدا هو الهتك الواحد - كما أفاده رحمه الله - خلاف الضرورة، للزوم أن
لا يكون للمنهي عنه مفسدة أخروية أصلا، بل لازمه أن يكون في الطاعة
والانقياد منشأ واحد للاستحقاق، وأن لا يكون للمأمور به مصلحة أصلا، وهو
خلاف ارتكاز المتشرعة، وخلاف الآيات الكريمة (2) والأخبار الشريفة في
باب الثواب والعقاب (3).كما أن الالتزام بأن التجري والهتك لحرمة المولى لا يوجب شيئا أصلا
أيضا خلاف الضرورة والوجدان الحاكم في باب الطاعة والعصيان.بل الحق ما أوضحنا سبيله من كون التجري سببا مستقلا، وله عقوبات
لازمة لذاته، وتبعات في عالم الملكوت وباطن النفس، وصور مؤلمة موحشة
مظلمة، كما أن للانقياد صورة ملكوتية بهية حسنة ملذة.
(1) الكفاية 2: 17.(2) كقوله تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) العنكبوت: 29 وقوله تعالى: (وأذن في
الناس بالحج... ليشهدوا منافع لهم) الحج: 27 - 28.(3) راجع كتاب علل الشرائع: 247 - 275 باب 182 علل الشرائع وأصول الإسلام. وغيره
من الأبواب.