الفصل فيما تقدم و إذا زاد الراهن مع الرهن رهنا آخر نظر إلى قيمة الاول يوم رهنه و إلى قيمة الزيادة يوم قبضها المرتهن في قسمة الدين لان حكم الرهن في الزيادة انما يثبت بقبض المرتهن فتعتبر قيمتها حين ثبت حكم الرهن فيها كما يعتبر ذلك في قيمة الاصل و لو كان لرجل على رجل عشرون درهما فرهنه بعشرة منها ما يساوى عشرة ثم قضاه عشرة فله أن يجعلها بما في الرهن و يقبض الرهن أما جواز هذا الرهن فللشيوع في الدين و لا شيوع في الرهن و الشيوع في الدين لا يمنع جواز العقد ثم القاضي هو الذي ملك المستوفي هذه العشرة و اليه بيان الجهة التي أوفاها فإذا قال انما أوفيتها مما كان في الرهن و لو كان رهنه الثوب لجميع المال لم يكن له أن يقبضه حتى يؤدى جميع المال قلت قيمته أو كثرت لان الرهن محبوس بكل جزء من الدين لا تحاد الصفقة و لو رهنه بعشرة منها ثوبا يساوى عشرين ثم زاده ثوبا آخر رهنا بالعشرة الاخرى فهو جائز لما قلنا و ان جعله رهنا بالعشرين جميعا فهو جائز فان هلك الثوب الاول ذهب بثلثي العشرة و ان هلك الثوب الآخر ذهب بثلث العشرة التي بها الرهن الاول و يجمع العشرة الاخرى لانه لما رهنه الثوب الاخرى بجميع العشرين كان نصفه بالعشرة التي لا رهن بها و نصفه زيادة في الرهن الاول بالعشرة الآخر فيقسم ملك العشرة على قيمة الثوب الاول يوم رهنه و ذلك عشرون و على قيمة نصف الثوب الثاني و ذلك عشرة فيقسم أثلاثا ثلثاها في الثوب الاول فإذا هلك هلك به و ثلثها مع العشرة الاخرى في الثوب الثاني فإذا هلك هلك به لان في قيمته وفاء بالدين و زيادة و إذا كان لرجل على رجلين مال و كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فأعطاه أحدهما رهنا بجميع المال يساويه ثم أعطاه الآخر رهنا بجميع المال يساويه فهو جائز و أيهما هلك هلك بنصف المال لان كل واحد منهما مطالب بجميع المال هنا فهما كشخص واحد في إيفاء هذا الدين حتى لو أداه أحدهما رجع على صاحبه بنصفه فيجعل الرهن من الثاني زيادة في الرهن الاول فيقسم الدين على قيمة الرهنين و قيمتهما سواء فانهما هلك ذهب بنصف المال و كذلك لو كانا مكاتبين مكاتبة واحدة و كذلك لو كان المال على أحدهما و الآخر به كفيل و ذكر في اختلاف زفر و يعقوب رحمهما الله هذا الفصل و قال عند زفر رحمه الله إذا هلك أحدهما يهلك جميع المال لان كل واحد منهما ما رضى بالرهن في متاعه الا بجميع الدين و لكل واحد منهما في ذلك غرض صحيح فغرض الكفيل في ذلك أن يصير موفيا جميع الدين بهلاكه ليرجع بالكل على الاصيل و غرض الاصيل أن
(15)
يصير موفيا جميع الدين بهلاكه حتى لا يرجع الكفيل عليه بشيء و على قول أبى يوسف رحمه الله ان لم يعلم الثاني بالرهن الاول فكذلك الجواب و ان علم به فالثاني رهن بنصف المال و الاول رهن بجميع المال لوجود الرضا من الثاني بان يكون رهنه زيادة في الرهن الاول حين علم به و لو أن المديون رهن متاعه بالدين الذي عليه و تبرع إنسان بان رهن به متاعا آخر له فقد روى هشام عن محمد رحمهما الله قال ان هلك رهن المطلوب هلك جميع الدين و ان هلك رهن المتبرع هلك نصف الدين لان رهن المطلوب صار مضمونا بجميع الدين فالمتبرع لا يملك فيعتبر موجب عقده عليه و أما رهن المتبرع فهو زيادة في رهن المطلوب فيكون بنصف الدين و لو رهنه بعشرين درهما دينارا يساوى عشرة ثم رخص الورق فصارت عشرون درهما بدينار فهلك الدينار فانما يهلك بالعشرة لان المعتبر قيمة الرهن حين قبضه المرتهن و لو كان له عليه عشرة دراهم فرهن له دينارا يساوي عشرة ثم غلا الورق فصارت خمسة بدينار ثم رهنه دينارا آخر فهما جميعا رهن بالعشرة فان هلك الدينار الاول ذهب بثلثي العشرة و ان هلك الآخر ذهب بثلثها لان المعتبر في الانقسام قيمة كل واحد منهما حين ثبت حكم الرهن فيه و لو كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بخمسمائة منها عبدا يساوى خمسمأة ثم زاده أمة رهنا بالالف كلها تساوي الفا فولدت بنتا تساوي خمسمأة ثم مات العبد و الامة بقي الولد بسدس الخمسمائة التي كان العبد رهنا بها و بثلث الخمسمائة الاخرى لان نصف الامة رهن بخمسائة و نصفها زيادة في رهن العبد بالخمسمائة الاخرى فتقسم تلك الخمسمائة على قيمة العبد و قيمة نصف الامة و هما سواء فانقسم نصفين و صار في الامة نصف الخمسمائة الاول مع الخمسمائة الاخر فلما ولدت ولدا يساوي خمسمأة انقسم ما فيها على قيمتها و على قيمة ولدها أثلاثا لان قيمتها حين رهنت ألف و قيمة ولدها خمسمأة فصار في الولد ثلث الخمسمائة الاخرى و سدس الخمسمائة الاولى فيبقى ذلك القدر ببقاء الولد و يسقط ما سوى ذلك بموت العبد و الامة و إذا ارتهن عبدا بخمسمائة و هو يساوى ألفا ثم زاده المرتهن خمسمأة على أن زاده الآخر أمة رهنا بجميع المال ففى قول ابى حنيفة و محمد رحمهما الله تكون الامة رهنا بجميع المال نصفها مع العبد في الخمسمائة الاولى و نصفها بالخمسمائة الاخرى و عند أبى يوسف رحمه الله هما جميعا يكونان رهنا بالالف كلها لان أبا يوسف رحمه الله يجوز الزيادة في الرهن و الدين و هما يجوزان الزيادة في الرهن دون الدين فلهذا كان العبد مع نصف الامة رهنا بالخمسمائة
(16)
الاول و نصف الامة رهنا بالخمسمائة الاخرى و ليس في العبد من الخمسمائة الاخرى شيء و لو كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بخمسمائة منها جارية تساوي خمسمأة فولدت كل واحدة منهما ابنا قيمته مثل قيمة امه فالأَولى و ابنها و نصف الآخر و نصف ابنها رهن بالخمسمائة الاول و نصف الآخر و نصف ابنها رهن بالخمسمائة الاخرى فان ماتت الام الاخرى ذهب ربع هذه الخمسمائة التي فيها خاصة و يبقى نصف ابنها بثلاثة أرباع و يذهب من الخمسمائة الاول خمسون درهما لان الجارية الاخرى ثمنها خمسمأة فكل واحد من الولدين تبع لامه فنصف الجارية الاخرى زياده في رهن الخمسمائة الاولى و نصفها رهن بالخمسمائة الاخرى و قيمة هذا النصف مائتان و خمسون و الرهن مضمون بالاقل من قيمته و من الدين فصار ثلث المائتين و خمسين من هذه الخمسمائة مقسوما على نصف قيمتها ولدها و هما سواء و الذى فيها من هذه الخمسمائة ربعها مائة و خمسة و عشرون فلهذا يسقط بهلاكها ربع هذه الخمسمائة و بقي نصف ابنها بثلاثة أرباعها فأما الخمسمائة الاولى فانقسمت على قيمة الجارية الاولى و هي ألف و على قيمة نصف الجارية الثانية و هو مائتان و خمسون فإذا جعل كل مائتين و خمسين بينهما انقسم أخماسا خمس ذلك و هو مائة في نصف الجارية الاخرى ثم انقسم ذلك على نصف قيمتها و نصف قيمة ولدها نصفين فكان الذي فيها من الخمسمائة الاولى خمسون درهما فيذهب ذلك القدر بهلاكها و لو كان لرجل على رجل ألف درهم وزن سبعة فرهنه بخمسمائة منهما أمة تساوي ثمانمائة رهنا بالمال كله فولدت كل واحدة منهما ابنا قيمته مثل قيمة امه ثم ماتت الاولى ذهب من الخمسمائة الاولى السدس لان نصف الامة الثانية زيادة في الرهن بالخمسمائة الاولى و نصفها رهن بالخمسمائة الاخرى فالخمسمأة الاولى انقسمت على قيمة الجارية الاولى و هو مائتان و على نصف قيمة الاخرى و هو أربعمائة فيقسم أثلاثا ثلثها في الجارية الاولى و ثلثها في نصف الجارية الاخرى ثم انقسم ما في الاولى و هو ثلث الخمسمائة على قيمتها و قيمة ولدها نصفين فحاصل ما بقي فيها سدس الخمسمائة و ذلك ثلاثة و ثمانون و ثلث فإذا هلكت هلكت و لو لم تمت الاولى و ماتت الاخرى ذهب من الخمسمائة الاولى ثلثها و من الخمسمائة الاخرى خمساها لان ثلثي الخمسمائة الاولى كان في نصفها و قد انقسم ذلك عليها و على نصف ولدها نصفين فانما بقي فيها من تلك الخمسمائة ثلثها فيهلك بذلك و قد كان نصفها مرهونا بالخمسمائة الاخرى الا أن قيمة نصفها أربعمائة فلا يثبت فيه من الضمان الا قدر قيمتها ثم نصف ذلك قد تحول
(17)
إلى نصف ولدها فانما بقي فيها من الخمسمائة الاخرى مائتان و ذلك خمساها فلهذا هلك بذلك و لو كان رهنه بخمسمائة من الالف أمة تساوي الفا و رهنه بالخمسمائة الباقية عبدا يساوى الفا ثم زاده أمة رهنا فالمال كله يساوى ألفا ثم ولدت كل واحدة من الا متين أمة تساوي ألفا ثم ماتت الاخرى ذهب سدس المال لانها كانت زيادة في الكل فنصفها مع الامة رهن بالخمسمائة الاولى و نصفها مع العبد رهن بالخمسمائة الاخرى ثم كل خمسمأة تنقسم أثلاثا على نصفها و على جميع قيمة ما هو مرهون بها خاصة و هو ألف فحاصل ما ثبت فيها بالانقسام ثلث الالف ثم انقسم هذا القدر عليه و على ولدها نصفين فانما بقي فيها سدس المال فيهلك بذلك و كذلك لو ماتت الاولى ذهبت بسدس المال لان الذي كان فيها ثلثا الخمسمائة الاولى و هو ثلث جميع المال و قد تحول نصف ذلك إلى أولادها فانما بقي فيها سدس المال و هو أن بالعبد ذهب ثلث الدين لان الذي أصاب العبد بالقسمة ثلثا الخمسمائة الثاينة و ذلك ثلث جميع الدين فبموته يسقط ذلك العدد و لو لم يمت العبد فقضي المطلوب الطالب خمسمأة كان له أن يأخذ ان شاء العبد الاول و ان شاء الامة الاولى و ابنها لانه هو المالك فيكون له أن يصرف ذلك إلى أى الرهنين شاء فيسترد ذلك و ليس له أن يقبض الامة الآخرة و لا ولدها حتى يؤدي جميع المال لان الامة الآخرة رهن بجميع المال فتحبس بكل جزء من اجزاء المال و ولدها بمنزلتها و ذكر في اختلاف زفر و يعقوب رحمهما الله انه لو رهن جاريتين بألف درهم فاستحقت احداهما فعلى قول أبى يوسف رحمه الله الاخرى رهن بحصتهامن الالف و على قول زفر رحمه الله الاخرى رهن بجميع الالف ان هلكت و ذلك قيمتها يملكها به و لا يفتكها الا بجميع المال و لو ظهر أن احداهما مدبرة أو أم ولد فالأَخرى رهن بجميع المال بالاتفاق و ان هلكت هلكت به فزفر رحمه الله قاس استحقاق الغير احداهما باستحقاقها نفسها و أبو يوسف رحمه الله فرق بينهما فقال المستحق محل للرهن بدليل انه لو رهنها برضا صاحبها جاز فينقسم الدين على قيمتها فانما صارت الاخرى رهنها بحصتها فإذا هلكت هلكت به و المدبرة وأم الولد ليست بمحل للرهن فيكون جميع الدين في الاخرى فإذا هلكت و في قيمتها وفاء بذلك صار المرتهن مستوفيا جميع دينه و الله أعلم بالصواب ( كتاب المضاربة ) ( قال رحمه الله ) قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة و فخر الاسلام أبو
(18)
بكر محمد بن أبى سهل السرخسي رحمه الله املاء المضاربة مشتقة من الضرب في الارض و انما سمى به لان المضارب يستحق الربح بسعيه و عمله فهو شريكه في الربح و رأس مال الضرب في الارض و التصرف و أهل المدينة يسمون هذا العقد مقارضه و ذلك مروي عن عثمان رضى الله عنه فانه دفع إلى رجل ما لا مقارضة و هو مشتق من القرض و هو القطع فصاحب المال قطع هذا القدر من المال عن تصرفه و جعل التصرف فيه إلى العامل بهذا العقد فسمى به و انما اخترنا اللفظ الاول لانه موافق لما في كتاب الله تعالى قال الله تعالى و آخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله يعنى السفر للتجارة و جواز هذا العقد عرف باسنة و الاجماع فمن السنة ما روى أن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه كان إذا دفع ما لا مضاربة شرط على المضارب أن لا يسلك به بحرا و ان لا ينزل واديا و لا يشترى به ذات كبد رطب فان فعل ذلك ضمن فبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك فاستحسنه و كان حكيم بن حزام رضي الله عنه إذا دفع ما لا مضاربة شرط مثل هذا و روى أن عبد الله و عبيد الله ابنا عمر رضي الله عنهم قدما العراق و نزلا على أبى موسى رضى الله عنه فقال لو كان عندي فضل مال لأَكرمتكما و لكن عندي مال من مال بيت المال فابتاعا به فإذا قدمتما المدينة فادفعاه إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه و لكما ربحه ففعلا ذلك فلما قدما على عمر رضى الله عنه أخبراه بذلك فقال هذا مال المسلمين فربحه للمسلمين فسكت عبد الله و قال عبيد الله لا سببيل لك إلى هذا فان المال لو هلك كنت تضمننا قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين اجعلهما بمنزلة المضار بين لهما نصف الربح و للمسلمين نصفه فاستصوبه عمر رضى الله عنه و عن القاسم بن محمد قال كان لنا مال في يد عائشة رضى الله عنهما و كانت تدفعه مضاربة فبارك الله لنا فيه لسعيها و كان عمر رضى الله عنه يدفع مال اليتم مضاربة على ما روى محمد رحمه الله و بدا به الكتاب عن حميد بن عبد الله بن عبيد الانصاري عن أبيه عن جده أن عمر رضى الله عنه أعطاه مال يتيم مضاربة و قال لا أدري كيف كان الشرط بينهما فعمل به بالعراق و كان بالحجاز اليتيم كان يقاسم عمر رضى الله عنه بالربح و فيه دليل جواز المضاربة بمال اليتيم و ان للامام ولاية النظر في مال اليتامى و ان للمضارب و الاب و الوصي المسافرة بمال اليتيم في طريق آمن أو مخوف بعد أن كانت القوافل متصلة فقد كان عمر رضى الله عنه اعطى زيد بن خليدة رضى الله عنه ما لا مضاربة فاسلمه إلى عتريس بن عرقوب
(19)
في حيوان معلوم بأثمان معلومة إلى أجل معلوم فحل الاجل فاشتد عليه فأتى عتريس عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه يستعين به عليه فذكر ذلك فقال له عبد الله رضى الله عنه خذ رأس مالك و لا تسلمه شيأ مما لنا في الحيوان و فيه دليل جواز المضاربة و فساد السلم و انما اشتد على عتريس بن عرقوب لفساد العقد أيضا فلا يظن به المماطلة في قضأ ما هو مستحق عليه مع قوله صلى الله عليه و سلم خيركم أحسنكم قضأ و بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم و الناس يتعاملون بالمضاربة بينهم فأقرهم على ذلك و ندبهم أيضا اليه على ما قال صلوات الله و سلامه عليه من عال ثلاث بنات فهو أسير فاعينوه يا عباد الله ضاربوه داينوه و لان بالناس حاجة إلى هذا العقد فصاحب المال قد لا يهتدى إلى التصرف المربح و المهتدي إلى التصرف قد لا يكون له مال و الربح انما يحصل بهما يعنى المال و التصرف ففى جواز هذا العقد يحصل مقصود هما و جواز عقد الشركة بين اثنين بالمال دليل على جواز هذا العقد لان من جانب كل واحد منهما هناك ما يحصل به الربح فينعقد بينهما شركة في الربح و لهذا لا يشترط التوقيت في هذا العقد و لكل واحد منهما أن ينفرد بفسخه لان انعقاده بطريق الشركة دون الاجارة و لهذا العقد أحكام شتى من عقود مختلفة فانه إذا أسلم رأس المال للمضارب فهو امين فيه كالمودع و إذا تصرف فيه فهو وكيل في ذلك يرجع بما يلحقه من العهدة على رب المال كالوكيل فإذا حصل الربح كان شريكه في الربح و إذا فسد العقد كانت اجارة فاسدة حتى يكون للمضارب أجر مثل عمله و إذا خالف المضارب كان غاصبا ضامنا للمال و لكن المقصود بهذا العقد الشركة في الربح و كل شرط يؤدى إلى قطع الشركة في الربح بينهما مع حصوله فهو مبطل للعقد لانه مفوت لموجب العقد و من ذلك ما رواه عن إبراهيم رحمه الله انه كان يكره المضاربة بالنصف أو الثلث و زيادة عشرة دراهم قال أ رأيت ان لم يربح الا تلك العشرة و هو اشارة إلى ما بينا من قطع الشركة في الربح مع حصوله بان لم يربح الا تلك العشرة و عن إبراهيم رحمه الله في المضاربة و الوديعة و الدين سواء يتحاصون ذلك في مال الميت و به نأخذ و المراد مضاربة أو وديعة معينة فالأَمين بالتجهيل يصير ضامنا فهو و الدين سواء فاما ما كان معينا معلوما فصاحبه أولى به لان حق الغريم بموت المديون يتعلق بماله الا بما كان أمانة في يده لغيره و عن إبراهيم رحمه الله قال في الوصي يعطى مال اليتيم مضاربة و ان شاء أبضعه و ان شاء تجر إلى ذلك و كان خيرا لليتيم فعل لقوله تعالى قل إصلاح لهم خير و قال الله تعالى و لا تقربوا
(20)
مال اليتيم الا بالتي هى أحسن و الاحسن و الاصلح في حقه أن يتجر بماله قال صلى الله عليه و سلم ابتغوا في أموال اليتامى خيرا كيلا تأكلها الصدقة يعنى النفقة فان احتسب بالتصرف فيه أو وجد أمينا يحتسب ذلك و الا نفع لليتيم أن يدفعه اليه بضاعة و ان لم يجز ذلك و ربما لا يرغب في أن يتصرف فيه مجانا فلا بأس بأن يتصرف فيه على وجه المضاربة و هو أنفع لليتيم لما يحصل له من بعض الربح و بما لا يتفرغ الوصي لذلك فيحتاج إلى أن يدفعه مضاربة إلى غيره و إذا جاز منه هذا التصرف مع نفسه فمع غيره أولى و ذكر عن على رضى الله عنه قال ليس على من قاسم الربح ضمان و تفسيره أنه المواضعة على المال في المضاربة و الشركة و هو مروي عن علي رضى الله عنه قال المواضعة على المال و الربح على ما اشترطا عليه و به أخذنا فقلنا رأس المال أمانة في يد المضارب لانه قبضه باذنه ليتصرف فيه له و عن على رضى الله عنه أنه كان يعطى مال اليتيم مضاربة و يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم رفع القلم عن ثلاثة عن الغلام حتى يحتلم و عن المجنون حتى يصح و عن النائم حتى يستيقظ و فيه دليل أن ولاية النظر في مال اليتيم للقاضي إذا لم يكن له وصي لعجز اليتيم عن النظر لنفسه و اليه أشار على رضى الله عنه فيما استدل به من الحديث و عن الشعبي رحمه الله أنه سئل عن رجل أخذ ما لا مضاربة فأنفق في مضاربته خمسمأة ثم ربح قال يتم رأس المال من الربح و به أخذنا فقلنا للمضارب أن ينفق من مال المضاربة إذا سافر به لان سفره كان لاجل العمل في مال المضاربة فيستوجب النفقة فيه كالمرأة تستوجب النفقة على زوجها إذا زفت اليه لانها فرغت نفسها له فقلنا الربح لا يظهر ما لم يسلم جميع رأس المال لرب المال لان الربح اسم للفضل فما لم يحصل ما هو الاصل لرب المال لا يظهر الفضل قال صلى الله عليه و سلم مثل المؤمن كمثل التاجر لاتخلص له نوافله ما لم تخلص له فرائضه فالتاجر لا يسلم له ربحه حتى يسلم له رأس ماله و عن الشعبي رحمه الله أنه سئل عن رجل دفع إلى رجل أربعة آلاف درهم مضاربة فخرج بها إلى خراسان و أشهد عند خروجه أن هذا المال مال صاحب الاربعة الآلاف ليس لاحد فيها حق ثم أقبل فتوفى في الطريق فأشهد عند موته أيضا بذلك ثم ان رجلا جاء بصك فيه ألف مثقال مضاربة مع هذا الرجل له بها بينة و هي قبل الاربعة الآلاف بأحد و عشرين سنة فقال عامر رحمه الله أشهد في حياته و عند موته أن المال لصاحب الاربعة الآلاف و به نأخذ فان حق الآخر صار دينا في ذمته بتجهليه عند موته و قد بينا أن حق الغريم يتعلق بشركة الميت لا بما في يده من الامانة