فيها الطعام من مصر إلى مصر أو دواب لان هذا كله من صنع التجار في الطعام و لا يجد منه بدا فلما أمره صاحب المال بذلك مع علمه انه لا يجد بدا من ذلك فقد صار اذنا له بجميع ذلك و كذلك كل صنف سماه فهو عليه خاصة لانه تقييد مفيد فان اشترى غيره فهو ضامن للخلاف و كذلك لو قال خذه مضاربة في الرقيق فليس له أن يشترى به الرقيق لما بينا أن حرف في للظرف و لا يتحقق ذلك الا من حيث العمل في الرقيق و له أن يشترى ببعضه كسوة للرقيق و طعاما لهم و ما لا بدلهم منه و يستأجر ما يحملهم عليه لان التاجر في الرقيق يحتاج إلى هذا كله عادة فيكون هذا من توابع التجارة في الرقيق و بمباشرة البيع لا يصير مخالفا و لو قال خذه مضاربة بالنصف و اشتر به البر و بع فله أن يشترى به ما بداله من البر و غيره لان قوله و اشتر به البر مشورة و ليس بشرط و كذلك لو قال و اشتر به من فلان أو قال و انظر فلانا و عامله فيه و اشتريه البر و بع لان هذا مشورة لا شرط فيبقى الامر الاول بعده على إطلاقه و لو دفع اليه مضاربة على أن يشترى من فلان و يبيع منه فليس له أن يشترى من غيره و لا أن يبيع من غيره لان هذا تقييد بشرط مفيد و الناس يتفاوتون في المعاملة في الاستقضاء و المساهلة و يتفاوتون في ملاءة الذمة و قضاء الديون و لو دفعه اليه مضاربة على أن يشترى به من أهل الكوفة و يبيع فاشترى و باع بالكوفة من رجل ليس من أهل الكوفة فهو جائز لان مقصوده هنا تقييد العمل بالكوفة لا تعيين من يعامله و تقييد ذلك بأهل الكوفة لان طريق جميع أهل الكوفة في المعاملة و قضاء الديون لا يتفق فعرفنا أن مراده تقييد التصرف بالكوفة و قد وجد ذلك سواء تصرف بالكوفة مع أهل الكوفة أو مع الغرباء بها و كذلك لو دفعه اليه مضاربة في الصرف على أن يشترى من الصيارفة و يبيع كان له أن يشترى من الصيارفة و ما بداله من الصرف لانه لما لم يعين شخصا لمعاملته عرفنا أنه ليس مراده الا التقييد بالمكان و إذا دفع الرجل ما لا مضاربة بالنصف فاشترى به حنطة فقال رب المال دفعته إليك مضاربة في البر و قال المضارب دفعته إلى مضاربة و لم يقل شيأ فالقول قول المضارب مع يمينه عندنا و قال زفر رحمه الله القول قول رب المال و لو قال المضارب أمرتني بالبر و قد خالفت فالربح لي قال رب المال لم أسم شيأ فالقول قول رب المال و الربح بينهما على الشرط بالاتفاق فزفر رحمه الله يقول الاذن يستفاد من جهة رب المال و لو أنكر الاذن أصلا كان القول قوله فكذلك إذا أقربه بصفة دون صفة و قد تقدم نظيره في
(43)
الاجارات إذا قال الحائك أمرتني بستة في أربعة و قال رب الغزل أمرتك بسبعة في خمسة ان القول قول رب الغزل و كذلك المعير مع المستعير إذا اختلفا في صفة الاعارة كان القول فيه قول المعير و الوكيل مع الموكل إذا اختلفا كان القول قول الموكل فهذا مثله و حجتنا في ذلك أن مطلق المضاربة يقتضى العموم لان المقصود تحصيل الربح و تمام ذلك باعتبار العموم في التفويض للتصرف اليه و الدليل عليه انه لو قال خذ هذا المال مضاربة بالنصف يصح و يملك به جميع التجارات فلو لم يكن مقتضى مطلق العقد العموم لم يصح العقد الا بالتنصيص على ما يوجب التخصيص كالوكالة و إذا ثبت ان مقتضى مطلق العقد العموم فالمدعى لا طلاق العقد متمسك بما هو الاصل و الآخر يدعي تخصيصا زائدا فيكون القول قول من يتمسك بالاصل كما في البيع إذا ادعى أحدهما شرطا زائدا من خيار أو من أجل و به يتضح الفرق بين هذا و بين ما استشهد زفر رحمه الله مع أنه لا فرق فان هنا كل واحد منهما يدعى التخصيص بشيء آخر و في المضاربة لو ادعى أحدهما التقييد بالبر و الاخر بالحنطة كان القول فيه قول رب المال أيضا لانهما اتفقا على تغيير مطلق العقد فبعد ذلك القول قول رب المال باعتبار أن الاذن يستفاد من جهته فأما هنا فأحدهما متمسك بما هو مقتضى العقد فيترجح قوله لذلك فان أقام كل واحد منهما البينة على ما ادعى من تجارة خاصة أخذ ببينته لانه أثبت بالبينة ما يعين مقتضى العقد و هو محتاج إلى إثبات ذلك و لو دفع اليه ما لا مضاربة بالنصف و لم يقل شيأ ثم قال له رب المال بعد ذلك لا تعمل بالمال الا في الحنطة فليس له أن يعمل به الا في الحنطة لان تقييده الامر بعد الدفع مضاربة لتقييده بذلك عند الدفع و هذا لان رأس المال ما دام في يد المضارب نقدا فرب المال يملك نهيه عن التصرف فيملك تقييد الامر بنوع دون نوع لان من يتمكن من دفع شيء أصلا يتمكن من تغيير وصفه بطريق الاولى و بعد ما صار المال عروضا لو قال لا تعمل به الا في الحنطة لا يعتبر تقييده هذا ما لم يصر المال في يده نقدا لانه لا يملك نهيه عن التصرف بعد ما صار المال عروضا و لو نهاه لا يعمل نهيه ما لم يصر المال في يده نقدا فكذلك لا يملك تغيير صفة الامر بالتقيبد و ان كان اشترى ببعض المال ثيابا ثم أمره بان لا يعمل في المال الا في الحنطة فليس له أن يشتري بما بقي في يده من المال الا في الحنطة اعتبارا للبعض بالكل و أما الثياب فله أن يبيعها بما بداله لانه إذا رجع اليه رأس المال الذي كان نقد في الثياب فليس له أن يشترى به الا الحنطة و ذلك التقييد بعمل الآن اعتبارا
(44)
للبعض بالكل و لو دفع إلى رجلين ما لا مضاربة و أمرهما بان يعملا في ذلك برأيهما فليس لواحد منهما أن يشترى و يبيع الا بامر صاحبه لانه رضى و فوض الامر في العمل إلى رأيهما ورأى الواحد لا يكون كر أي المثنى فباعتبار هذه الزيادة لا ينفذ تصرف أحدهما وحده و في الوكيلين الجواب كذلك و لو دفع اليه المال مضاربة بالنصف و لم يقل شيأ ثم قال بعد ذلك اشتر به البر و بع فله أن يشتري به غيره و ليس هذا بنهي انما هو مشورة كما لو قال عند الدفع خذه مضاربة بالنصف و اشتر به البر و ان قال رب المال دفعته إليك مضاربة في الطعام خاصة و قال المضارب في البر خاصة فالقول قول رب المال لا تفاقهما على تعيين مقتضي مطلق العقد بالتقييد و ان أقام المضارب البينة أن رب المال دفع اليه المال و أمره أن يشتري ما بداله و اقام رب المال البينة أنه نهاه أن يشترى به شيأ الطعام و قد و قتت البينتان فانه يؤخذ ببينة الوقت الاخير لانه لا تنافي بينهما فيجعل كان البينتين صدقتا و القول الآخر ينقض الاول لان النهى بعد الاذن صحيح و الاذن بعد النهى عامل و ان لم توقت البينتان وقتا أو و قتت احداهما دون الاخرى فالبينة بينة رب المال لانه هو المحتاج إليها فان القول قول المضارب لدعواه الاطلاق و لان في بينة رب المال زيادة إثبات التقييد و لو كان ادعى كل واحد منهما شيأ خاصا و أقام البينة فان و قتت البينتان أخذ بالوقت الاخير لما بينا أن الثاني ينقض الاول و ان و قتت احداهما أو لم توقتا فالبينة بينة المضارب لانه هو المحتاج إلى إثبات ما ادعاه بالبنية فان القول قول رب المال في هذا الفصل و لو دفعه اليه مضاربة على أن يشترى بالنقد و يبيع فليس له أن يشترى الا بالنقد لان هذا تقييد مفيد في حق رب المال و هو أن يكون متمكنا من ماله مستردا فان قال المضارب أمرتني بالنقد و النسيئة و قال رب المال أمرتك بالنقد فالقول قول المضارب مع يمينه عندنا لانه يدعى ما هو مقتضى مطلق العقد و البينة بينة رب المال لانه هو المحتاج إلى إثبات المعين بالبينة و لو أمره أن يبيع بالنسيئة و لا يبيع بالنقد فباع بالنقد فهو جائز لان هذا خير لصاحب المال و الخلاف إلى خير في جنس ما أمر به لا يكون خلافا في المضاربة كما لو أمره بان يبيعه بألف درهم و لا يبيعه بأكثر من ألف فباعه بالفين لا يصير مخالفا و هذا لانه بأشر ما به يحصل مقصود الآمر و زيادة خير فكذلك إذا أمره بالبيع نسئية فباعه بالنقد قالوا و هذا إذا باعه بالنقد بمثل قيمته أو أكثر أو بمثل ما سمي له من الثمن فان كان بدون ذلك فهو مخالف لانه ليس فيه تحصيل مقصود الآمر في القدر
(45)
فالشئ يشتري بالنسيئة بأكثر مما يشترى به بالنقد و إذا دفعه اليه مضاربة على أن يشترى به الطعام خاصة فله أن يستأجر لنفسه دابة إذا خرج للطعام خاصة كما يستأجر للطعام لانه لا يجد يدا من ذلك فهو من توابع تجارته في الطعام و له أن يشترى دابة يركبها إذا سافر كما يشترى التجار لان ركوبه إذا سافر في مال المضاربة كنفقته على ما نبينه في بابه ان شاء الله عز و جل و ربما يكون شراء الدابة أوفق من استئجاره و ذلك من صنع التجار عادة و له أن يشترى أيضا حمولة يحمل عليها الطعام فان ذلك من صنع التجار عادة إذا لم يوجد الكراء أو يكون الشراء أوفق في ذلك من الكراء فان اشترى سفينة يحمل عليها الطعام فان ذلك لا يجوز على رب المال لان هذا ليس من صنع التجار عادة و لا يعد شراء السفينة من توابع التجارة في الطعام فان كان في بلد يشترى للطعام الحمولة فيحمل عليها فاشترى شيأ من الحمولة فهو جائز استحسانا في القياس شراء الحمولة ليس من التصرف في الطعام و لكنه استحسن فقال ما يصنعه التجار عادة إذا خرجوا في حمولة الطعام فذلك يملكه المضارب بتفويض التصرف اليه في هذا المال في الطعام و ما ليس من صنع التجار عادة كشراء السفينة يؤخذ بأصل القياس فيه و يكون مشتريا ذلك لنفسه فان نقد ثمنها من المضاربة فهو ضامن لما نقد لانه قضى بمال المضاربة دين نفسه و لو كان رب المال دفع المال اليه مضاربة بالنصف و لم يسم فاشترى بها طعاما و سفينة يحمل عليها الطعام أو اشترى دواب جاز ذلك على المضاربة لانه يملك التجارة في المدفوع اليه هنا مطلقا و جميع ما اشترى من عقود التجارة و إذا اختلفا بعد ما اشترى بها في المصر فقال أحدهما كانت المضاربة على أن يكون الشراء و البيع في المصر خاصة و قال الآخر لم يسم شيأ فالقول قول الذي لم يسم شيأ لتمسكه بمطلق العقد في مقتضاه و البينة بينة الآخر لانه هو المدعى المحتاج إلى إثبات ما يدعيه بالبينة و إذا دفع إلى رجلين ألف درهم مضاربة ليس لواحد منهما أن يتصرف في المال الا باذن صاحبه فهو جائز و قد زعم بعض المتأخرين من مشايخنا رحمهم الله أن ذلك لا يجوز لان صاحب المال ما رضى برأى أحدهما فليس للمضارب أن يرضى بما لم يرض رب المال به و ما ذكره في الكتاب أصح لان الذي أذن لصاحبه في التصرف يكون كالموكل و للمضارب أن يوكل و لو و كل إنسانا واحدا بالتصرف نفذ تصرف الوكيل بيعا و شراء فكذلك إذا و كل أحدهما صاحبه و ان أبضع أحدهما بعض المال بغير أمر صاحبه فاشترى المستبضع و باع و ربح أو وضع فربح ذلك للمضارب الذي أبضع و و ضيعته عليه لان
(46)
ابضاعه صحيح في حق نفسه صحيح في حق صاحبه و لا في حق رب المال فيجعل تصرف المستبضع له كتصرفه بنفسه و لرب المال أن يضمن ان شاء المستبضع و يرجع به المستبضع على الآمر و ان شاء ضمن المضارب الآمر لان كل واحد منهما في حقه غاصب فان ضمنه لم يرجع على المستبضع بشيء لانه ملك المال بالضمان فانما أبضع ملك نفسه و لان المستبضع عامل له لو لحقه ضمان رجع به عليه و رجوع الآمر عليه بالضمان لا يفيده شيأ فان أذن كل واحد من المضار بين لصاحبه في أن يبضع ما شاء من المال فابضع أحدهما رجلا و ابضع الآخر رجلا فذلك جائز عليهما و على رب المال لان فعل كل واحد منهما باذن صاحبه بمنزلة فعلهما جميعا و ان باع المضاربان عبدا من رجل فلكل واحد منهما أن يقبض نصف الثمن من المشترى و ان لم يأذن له شريكه في ذلك لان كل واحد منهما بائع للنصف و حق قبض الثمن إلى العاقد و العاقد في ذلك لغيره كالعاقد لنفسه و لا يقبض أكثر من نصف الثمن الا باذن شريكه فان أذن له شريكه في ذلك فهو جائز كما لو و كل به غيره لان حق قبض النصف الآخر للشريك و لو قال لهما حين دفع المال إليهما مضاربة لا تبضعا المال فابضعاه فهما ضامنان له لان هذا نهى مفيد فيكون عاملا مع العقد و بعده و ان ابضعاه رب المال فهو جائز على المضاربة لان قبول رب المال البضاعة منهما و الشراء لهما به فسخ منه لذلك النهى فيكون بمنزلة ما لو أذن لهما في الابضاع أو كان العقد مطلقا و في ذلك لا فرق بين أن يبضعا رب المال أو غيره و إذا ابضع المضارب في المضاربة الفاسدة فهو جائز على رب المال لان الفاسد يعتبر بالجائز في الحكم فانه لا يمكن تعرف معرفة الحكم الفاسد الا باعتباره بالجائز فكما لا يصير مخالفا به في المضاربة الجائزة فكذلك لا يصير مخالفا في المضاربة الفاسدة و للمضارب أجر المثل فيما عمل المستبضع لان عمل المستبضع له بأمره كعمله بنفسه و قد بينا ان له في المضاربة الفاسدة أجر مثله فيما عمل و كذلك لو كان قال له اعمل فيه برأيك فانه ينفذ منه بعد هذا ما ينفذ في المضاربة الصحيحة فلا يصير به ضامنا و لو دفع إلى رجلين ألف درهم مضاربة على أن لا حدهما ثلث الربح و للآخر مائة در هم فثلث الربح للمضارب الذي شرط له ثلث الربح و ما بقي من الربح فهو لرب المال و عليه أجر المثل للمضارب الآخر فيما عمل لان المضاربة فيما بينه و بينه فاسدة باشتراطه له مقدارا مسمى من المال و هذا المفسد ممكن فيما هو من صلب العقد بينه و بين الذي شرط له ثلث الربح فاستحق هو ثلث الربح بالشرط لصحة العقد بينهما فان لم يعملا به حتى ابضع
(47)
أحدهما المال مع صاحبه فعمل به أيهما كان فكذلك الجواب لانا قد بينا أن عمل أحدهما باذن صاحبه كعملهما إذا كان العقد صحيحا في حقهما أو فاسدا فكذلك إذا كان صحيحا في حق أحدهما فاسدا في حق الآخر و المضارب الذي شرط له مائة درهم أجر مثله في العمل بنصف المال سواء كان هو العامل أو صاحبه لان عمله في النصف لصاحبه و عمل صاحبه في النصف له فيكون كعمله بنفسه و إذا باع المضارب متاع المضاربة و سلمه إلى المشتري ثم أخر الثمن عن المشترى بعيب أو عيب فهو جائز على المضاربة و لا يضمن المضارب بهذا التأخير شيأ بخلاف الوكيل فهناك عند أبى يوسف رحمه الله لا يصح تأجيله في الثمن و عند أبى حنيفة و محمد رحمهما الله يجوز و يصير ضامنا للموكل لان المضارب يملك أن يشترى ما باع بمثل ذلك الثمن ثم يبيعه بمثله مؤجلا فكذلك يملك أن يؤجله في ذلك الثمن لان ذلك من صنع التجار و هو يملك ما هو من صنع التجار فاما الوكيل في حق الموكل لا يملك الشراء و البيع ثانيا بثمن مؤجل فكذلك تأجيله في حق الموكل لا يصح و كذلك لو أحال به المضارب على إنسان أيسر من المشترى أو أعسر منه لان قبول الحوالة من صنع التجار و لو أقال العقد مع الاول ثم باعه بمثله من المحتال عليه جاز فكذلك إذا قبل الحوالة بالثمن عليه و به فارق الوكيل و المضارب في هذه ليس نظير الاب و الوصي فان قبولهما الحوالة على من هو أعسر من المحيل لا يصح في حق الصغير لان تصرفهما مقيد بشرط الاحسن و الا صلح له و ذلك لا يوجد في قبول الحوالة على من هو أفلس و تصرف المضارب مقيد بمثله بل بما هو من صنع التجار عادة و ذلك يوجد هنا و كذلك لو حط شيأ بعيب مثل ما يحط التجار في مثل ذلك العيب أو يتغابن به الناس فذلك جائز لانه من صنع التجار عادة و لو قبله بالعيب ثم باعه منه بغبن يسير ثانيا جاز فكذلك إذا حط عنه هذا المقدار و ان حط عنه شيأ فاحشا أو حط بغير عيب جاز ذلك على المضارب خاصة في قول أبى حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله و هو ضامن ذلك لرب المال و ما قبضه من الثمن فعمل به فهو على المضارب خاصة و رأس المال في ذلك الذي قبضه من المشترى و قال أبو يوسف رحمه الله لا يجوز هذا الحط لان هذا الحط ليس من صنع التجار فلا يملكه بمقتضى عقد المضاربة و لكنه هو العاقد فيكون في هذا الحط كالوكيل بالبيع و الحط و الابراء عن الثمن من الوكيل بالبيع باطل في قول أبى يوسف رحمه الله صحيح في قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله و هو ضامن ذلك للموكل و في مقدار ما صار ضامنا يبطل حكم المضاربة لان شرط المضاربة
(48)
الصحيحة ان يكون رأس المال أمانة في يد المضارب و إذا قال رب المال للمضارب اعمل فيه برأيك فخلطه بماله ثم اشترى به جاز على المضاربة لانه بتعميم التفويض إلى رأيه يملك الخلط بماله فلا يصير به مخالفا و لو لم يقل له اعمل فيه برأيك كان هو بالخلط مخالفا ضامنا للمال و الربح له و الوضيعة عليه لبطلان حكم المضاربة بفوات شرطها فان لم يخلطه و لكنه اشترى به و بألف من ماله عبدا واحدا و قبضه و نقد الثمن قبل أن يخلط فهو جائز على المضاربة كما لو اشترى نصف العبد بألف المضاربة في صفقة و نصفه بمال نفسه في صفقه أخرى اذ لا فرق بينهما في المعنى و هذا لان الا ختلاط انما يحصل حكما اما لا تحاد الصفقة أو لاتحاد المحل من فعل من المضارب في الخلط و بمثله لم يصر مخالفا ضامنا كما لو اشترى العبد بألفين ينفذ شراؤه في النصف على المضاربة و ان باع العبد بألفين و قبضه مختلطا فهو جائز على المضاربة لما بينا أن الاختلاط بمعنى حكمي لا بفعل باشره المضارب قصدا فان عزل حصة المضارب ثم اشترى بأحد المالين فربح أو وضع فالربح لهما نصفه للمضارب و نصفه على ما اشترطا في المضاربة و الوضيعة عليهما نصفان و قسمته باطلة لانه لا يكون مقاسما لنفسه فلا يكون أمينا في المقاسمة مع نفسه و قد بينا في كتاب القسمة أن القسمة لا تتم الا باثنين فكان هذا و شراؤه ببعض المال قبل القبض سواء و الله أعلم ( باب شراء المضارب و بيعه ) ( قال رحمه الله ) و إذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة بالنصف و قال لهما اعملا برأيكما أو لم يقل فاشترى أحدهما بنصف المال بامر صاحبه و باعه حتى أصاب ما لا و عمل الآخر بنصف المال بغير أمر صاحبه حتى أصاب ما لا فالعامل بغير أمر صاحبه مخالف ضامن لنصف رأس المال لان صاحب المال فوض التصرف في المال إلى رأيهما و لم يرض برأى أحدهما فيه و العامل بغير أمر صاحبه ينفرد بالرأي فيه حقيقة و حكما فيكون مخالفا ضامنا و ما يحصل بتصرفه من الربح له و يتصدق بالفضل لحصوله له بسبب حرام و أما الذي عمل بأمر صاحبه فتصرفه حاصل برأيهما حكما فيكون على المضاربة يؤخذ مما في يده نصف رأس المال و الباقى بين المضار بين و رب المال على الشرط كما لو عملا فيه فان توى ما في يد العامل بغير أمر صاحبه و هو معسر فان رب المال يأخذ جميع رأس المال مما في يد المضارب