مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(63)

كله و الولاء للمعتق و على المكره ان كان موسرا ضمان جيمع القيمة بينهما نصفين و لانه صار متلفا الملك عليهما و ان كان معسرا ضمن نصيب المكره لانه بأشر إتلاف نصيبه و يستسعى العبد في قيمة نصيب الشريك الآخر لانه لم يوجد من المكره إتلاف نصيب الشريك قصدا و لكنه تعدى اليه التلف حكما فيكون هو بمنزلة شريك المعتق و المعتق إذا كان معسرا لا يجب عليه ضمان نصيب شريكه و لكن يجب على العبد السعاية في نصيب شريكه لانه قد سلم له ذلك القدر من رقبته و لا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء اما على العبد فلانه سعى في بدل ما سلم له و أما المكره فلانه ضمن بمباشرة الاتلاف و أما في قياس قول ابى حنيفة رحمه الله فالمكره ضامن لنصيب المكره موسرا كان أو معسرا و فى نصيب الساكت ان كان المكره موسرا فالساكت بالخيار ان شاء أعتق نصيه و ان شاء استسعاه في نصيبه و ان شاء ضمن المكره قيمة نصيبه فان ضمنه يرجع المكره بهذا النصف من القيمة على العبد فاستسعاه فيه لانه قام مقام الساكت في ذلك و صار متملكا لنصيبه باداء الضمان و الولاء بين المكره و المكره نصفان و ان كان المكره معسرا فللساكت حق الاستسعاء و الاعتاق و الولاء بينه و بين المكره نصفان لانه عتق نصيب كل واحد منهما على ملكه و لو أكره بوعيد تلف على أن يطلق إمرأته ثلاثا ففعل و لم يدخل بها بانت منه لما قلنا و علي الزوج نصف الصداق ان كان سمى لها مهرا و المتعة ان لم يكن سمى لها مهرا و يرجع بذلك على المكره لانه هو الذي ألزمه ذلك المال حكما فان وقوع الفرقة قبل الدخول في حال الحياة مسقط لجميع الصداق الا إذا كان بسب مضاف إلى الزوج فحينئذ يجب نصف الصداق بالنص و المكره هو الذي جعل الفرقة مضافة إلى الزوج بإكراهه فكانه ألزم الزوج ذلك المال أو فوت يده من ذلك المال فليزمه ضمانه كالغاصب و بهذا الطريق يضمن شاهدا الطلاق قبل الدخول و لو كان الزوج قد دخل بها لم يرجع على المكره بشيء لان الصداق كله تقرر على الزوج بالدخول و المكره انما أتلف عليه ملك النكاح و ملك النكاح لا يتقوم بالاتلاف على الزوج عندنا و لهذا لا نوجب على شاهدي الطلاق بعد الدخول ضمانا عند الرجوع و لا على المرأة ان ارتدت بعد الدخول و لا على القاتل لمنكوحة الغير خلافا للشافعي رحمه الله فانه يجعل البضع مضمونا بمهر المثل عند الاتلاف على الزوج كما هو مضمون بمهر المثل عند دخوله في ملك الزوج و لكنا نقول البضع ليس بمال متقوم فلا يجوز أن يكون مضمونا

(64)

بالمال لانه لا مماثلة بين ما هو مال و بين ما ليس بمال و تقومه عند النكاح لاظهار خطر المملوك و هذا الخطر للمملوك لا للملك الوارد عليه ( ألا ترى ) أن ازالة الملك بغير شهود و بغير ولي صحيح فلا حاجة إلى اظهار الخطر عند الاتلاف فلهذا لا يضمن المتلف شيأ و لو أن رجلا أكره إمرأة أبيه فجامعها يريد به الفساد على ابيه و لم يدخل بها أبوه كان لها على الزوج نصف المهر لان الفرقة وقعت بسب مضاف إلى الاب و هو حرمة المصاهرة و يرجع بذلك على ابنه لانه هو الذي ألزمه ذلك حكما و ان كان الاب قد دخل بها لم يرجع على الابن بشيء لما قلنا و هذا الفصل أورده لايضاح ما سبق و قوله يريد به الفساد أى يكون قصده إفساد النكاح فأما الزنا فلا يكون إفسادا و لو أكره بوعيد قتل أو حبس حتى تزوج إمرأة على عشرة آلاف درهم و مهر مثلها ألف درهم جاز النكاح لما بينا أن الجد و الهزل في النكاح و الطلاق و العتاق سواء فكذلك الاكراه و الطواعية و للمرأة مقدار مهر مثلها لان التزام المال يعتمد تمام الرضا و يختلف بالجد و الهزل فيختلف أيضا بالاكراه و الطوع فلا يصح من الزوج التزام المال مكرها الا أن مقدار مهر المثل يجب لصحة النكاح لا محالة ( ألا ترى ) أن بدون التسمية يجب فعند قبول التمسية فيه مكرها أولى أن يجب و ما زاد على ذلك يبطل لانعدام الرضا من الزوج بالتزامه و لو أن المرأة هى التي أكرهت ببعض ما ذكرنا على أن تزوج نفسها منه بألف و مهر مثلها عشرة آلاف فزوجها أولياؤها مكرهين فالنكاح جائز و لا ضمان على المكره فيه لان البضع ليس بمال متقوم و تقومه على المتملك باعتبار ثبوت الملك فيما هو مصون عن الابتذال و هذا المعنى لا يوجد في حق المكره ثم يقول القاضي للزوج ان شئت فأتمم لها مهر مثلها و هي إمرأتك ان كان كفؤا لها فان أبى فرق بينهما و لا شيء لها و الحاصل أن الزوج ان كان كفؤا لها ثبت لها الخيار لما يلحقها من الضرر بنقصان حقها عن صداق مثلها و الزوج متمكن من ازالة هذا الضرر بان يلتزم لها كمال مهر مثلها فان التزم ذلك فالنكاح بينهما لازم و ان أبى فرق بينهما و لا شيء لها ان لم يكن دخل بها و ان كان دخل بها مكرهة فلها تمام مهر مثلها لانعدام الرضا منها بالنقصان و لا خيار لها بعد ذلك لان الضرر اندفع حين استحقت كمال مهر مثلها و ان دخل بها و هي طائعة أو رضيت بما سمى لها فعند أبى حنيفة للاولياء حق الاعتراض و عندهما ليس لهم ذلك و أصله فيما إذا زوجت المرأة نفسها من كفؤ بدون صداق مثلها و قد بيناه في كتاب النكاح و ان لم يكن الزوج كفؤا لها فلها

(65)

أن لا ترضى بالمقام معه سواء التزم الزوج لها كمال مهر المثل أو لم يلتزم دخل بها أو لم يدخل بها لما يلحقها من الضرر من استفراش من لا يكافئها فان دخل بها و هي طائعة أو رضيت فللاولياء أن يفرقوا بينهما لان للاولياء حق طلب الكفاءة ( ألا ترى ) أنها لو زوجت نفسها طائعة من كفوء كان للاولياء حق الاعتراض فهنا أيضا لم يوجد من الاولياء الرضا بسقوط حقهم في الكفاءة و الزوج لا يتمكن من ازالة عدم الكفاءة فيكون للاولياء أن يفرقوا بينهما سواء رضى بأن يتم لها مهر مثلها أو لم يرض بذلك و لو ان رجلا وجب له على رجل قصاص في نفس أو فيما دونها فأكره بوعيد قتل أو حبس حتى عفا فالعفو جائز لان العفو عن القصاص نظير الطلاق في أن الهزل و الجد فيه سواء فانه إبطال ملك الاستيفاء و ليس فيه من معنى الملك شيء و لا ضمان له على الجاني لان الجاني لم يلتزم له عوضا و لم يتملك عليه شيأ و تقوم النفس بالمال عند الخطأ لصيانة النفس عن الاهدار و هذا لا يوجد عند الاسقاط بالعفو لانه مندوب اليه في الشرع و البدل فيه صحيح و لا ضمان على المكره لانه لم يستهلك عليه ما لا متقوما فان التمكن من استفياء القصاص ليس بمال متقوم و لهذا لا يضمن شهود العفو إذا رجعوا و من عليه القصاص إذا قتله إنسان لا يضمن لمن له القصاص شيأ و كذلك إذا مات من عليه القصاص لا يكون ضامنا لمن له القصاص شيأ فكذلك المكره و لو وجب لرجل على رجل حق من مال أو كفالة بنفس أو ذلك فاكره بوعيد قتل أو حبس حتى ابرأ من ذلك الحق كان باطلا لان صحة الابراء تعتمد تمام الرضا و بسبب الاكراه ينعدم الرضا و هذا لان الابراء عن الدين و ان كان إسقاطا و لكن فيه معنى التمليك و لهذا يرتد برد المديون و إبراء الكفيل فرع لابراء الاصيل و الكفالة بالنفس من حقوق المال لان صحتها باعتبار دعوى المال فلهذا لا تصح البراءة في هذه الفصول مع الاكراه كما لا تصح مع الهزل و كذلك لو أكره على تسليم الشفعة بعد ما طلبها لان تسليم الشفعة من باب التجارة كالأَخذ بالشفعة و لهذا ملكه الاب و الوصي في قول أبى حنفية و أبى يوسف رحمهما الله و التجارة تعمتد تمام الرضا و ذلك يعتمد بالاكراه و لو كان الشفيع حين علم بها أراد أن يتكلم بطلبها فأكره حتى سد فمه و لم يتركه ينطق يوما أو أكثر من ذلك كان على شفعته إذا خلى عنه فان طلب عند ذلك و الا بطلت شفعته لان المسقط للشفعة ترك الطلب بعد التمكن منه ( ألا ترى ) أن ترك الطلب قبل العلم بالبيع لا يبطل الشفعة لانعدام تمكنه من الطلب

(66)

و هو لم يكن متمكنا من الطلب هنا حين سد فمه أو قيل له لئن تكلمت بطلب شفعتك لنقتلنك أو لنحبسنك فهذا لا يبطل شفعته فأما بعد زوال الاكراه إذا لم يطلب بطلت شفعته لترك الطلب بعد التمكن فان قيل أ ليس أن الاكراه بمنزلة الهزل و الهازل بتسليم الشفعة تبطل شفعته فكذلك المكره على تسليم الشفعة قلنا إذا هزل بتسليم الشفعة قبل الطلب بطلت شفعته لترك الطلب مع الامكان الا بالهزل بالتسليم فأما إذا طلب الشفعة ثم سلمها هازلا و اتفقا أنه كان هازلا في التسليم لم تبطل شفعته لما بينا أنه بمنزلة التجارة يعتمد تمام الرضا فان قال المشتري انه لم يكف عن الطلب للاكراه و لكنه لم يرد أخذها بالشفعة و قال الشفيع ما كففت الا للاكراه فالقول قول الشفيع لان قيام السيف على رأسه دليل ظاهر على انه انما كف عن الطلب للاكراه و لكنه يحلف بالله ما منعه من طلب الشفعة الا الاكراه لان المشترى ادعى عليه ما لو أقر به لزمه فإذا أنكره استحلف عليه و لو أن رجلا أكرهه أهل الشرك على أن يكفر بالله و له إمرأة مسلمة ففعل ثم خلى سبيله فقالت قد كفرت بالله تعالى و بنت منك و قال الرجل انما أظهرت ذلك و قلبي مطمئن بالايمان ففى القياس القول قولها و يفرق بينهما لانه لا طريق لنا إلى معرفة سره فوجب بناء الحكم على ظاهر ما نسمعه منه و هذا لان الشرع أقام الظاهر الذي يوقف عليه مقام الخفى الذي لا يمكن الوقوف عليه للتيسير على الناس فباعتبار الظاهر قد سمع منه كلمة الردة فتبين منه إمرأته و لكنه استحسن فقال القول قوله مع يمينه لان النبي عليه الصلاة و السلام قبل قول عمار رضى الله عنه و لم يجدد النكاح بينه و بين إمرأته و لان الظاهر شاهد له فان امتناعه من اجراء كلمة الشرك حتى تحقق الاكراه دليل على انه مطمئن القلب بالايمان و انه ما قصد بالتكلم الا دفع الشر عن نفسه و هذا بخلاف ما إذا أكره على الاسلام فانه يحكم بإسلامه لان الاسلام مما يجب اعتقاده فذلك دليل على انه قال ما قال معتقدا و هو معارض للاكراه فعند تعارض الدليلين يصار إلى ظاهر ما سمع منه فاما الشرك مما لا يجوز اعتقاده و الاكراه فدليل على انه معتقد فلهذا لا يحكم بردته إذا أجرى كلمة الشرك مكرها و الله أعلم ( باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله ) ( قال رحمه الله ) و لو أن رجلا أكرهه لص بالقتل على قطع يد نفسه فهو ان شاء الله

(67)

في سعة من ذلك لانه ابتلى ببليتين فله أن يختار أهونهما عليه لحديث عائشة رضى الله عنها قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أمرين الا اختار أيسرهما ثم حرمة الطرف تابعة لحرمة النفس و التابع لا يعارض الاصل و لكن يترجح جانب الاصل ففى اقدامه على قطع اليد مراعاة حرمة نفسه و فى امتناعه من ذلك تعريض النفس و تلف النفس يوجب تلف الاطراف لا محالة و لا شك ان إتلاف البعض لا بقاء الكل يكون أولى من إتلاف الكل ( ألا ترى ) أن من وقعت في يده أكله يباح له أن يقطع يده ليدفع به الهلاك عن نفسه و قد فعله عروة بن الزبير رضى الله عنه فهذا المكره في معنى ذلك من وجه لانه يدفع الهلاك عن نفسه بقطع طرفه الا انه قيده بالمشيئة هنا لان هذا ليس في معنى الاكلة من كل وجه و حرمة الطرف كحرمة النفس من وجه فلهذا تحرز عن الاثبات في الجواب و قال ان شاء الله في سعة من ذلك فان قطع يد نفسه ثم خاصم المكره فيه قضى القاضي له على المكره بالقود لان القطع صار منسوبا إلى المكره لما تحقق الاكراه على ما بينه في مسألة المكره على القتل فكان المكره بأشر قطع يده و هذا ظاهر على قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله و انما الاشكال على قول ابى يوسف رحمه الله فانه لا يوجب القود على المكره فقيل في هذا الفصل لا قود عليه عند أبى يوسف أيضا و ليكن يلزمه أرش اليد في ماله و قيل هنا يجب القود عنده لانه انما يجعل المكره آلة في قتل الغير لكونه آثما لا يحل له الاقدام على القتل وهنا يحل للمكره الاقدام على قطع يده فكان هو آلة بمنزلة المكره على إتلاف المال فيجب القود على المكره و لو أكرهه على أن يطرح نفسه في النار بوعيد قتل فهو ان شاء الله في سعة من ذلك اما ان كان يرجو النجاة من النار فانه يلقى نفسه على قصد النجاة و ان كان لا يرجو النجاة فكذلك الجواب لان من الناس من يختار ألم النار على ألم السيف و منهم من يختار ألم السيف و ربما يكون في النار بعض الراحة له و ان كان يأتى على نفسه و قيل على قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله لا يسعه أن يلقى نفسه إذا كان لا يرجوا النجاة فيه لانه لو ألقى نفسه صار مقتولا بفعل نفسه و لو امتنع من ذلك صار مقتولا بفعل المكره و حيث يسعه الالقاء فلوليه القود على المكره و هذا لا يشكل عند أبى حنيفة و محمد و كذلك عند أبى يوسف في الصحيح من الجواب لانه لما ابيح له الاقدام صار آلة للمكره و كذلك لو أكرهه على أن يطرح نفسه من فوق بيت الا أن في هذا الموضع عند أبى حنيفة لا يجب القود كما لو ألقاه المكره بنفسه و عندهما إذا كان

(68)

ذلك مما يقتل غالبا فهو و إلقاء النفس في النار سواء و كذلك لو أكرهه على أن يطرح نفسه في ماء وهنا القود لا يجب على المكره عند أبى حنيفة كما لو ألقاه بنفسه و كذلك عندهما إذا كان يرجى النجاة منه و ان كان مما يقتل غالبا يجب القود على المكره و استدل بحديث زيد بن وهب قال استعمل عمر بن الخطاب رجلا على جيش فخرج نحو الجبل فانتهى إلى نهر ليس عليه جسر في يوم بارد فقال أمير ذلك الجيش لرجل أنزل فابغ لنا مخاضة نجوز فيها فقال الرجل انى اخاف ان دخلت الماء ان أموت قال فاكرهه فدخل الماء قال يا عمراه يا عمراه ثم لم يلبث ان هلك فبلغ ذلك عمر رضى الله عنه و هو في سوق المدينة قال ياليتكاه ياليتكاه فبعث إلى أمير ذلك الجيش فنزعه و قال لو لا أن يكون سنة لا قدته منك ثم غرمه الدية و قال لا تعمل لي عملا أبدا قال و انما أمره الامير بهذا على إرادة قتله بل ليدخل الماء فينظر لهم مخاضة الماء فضمنه عمر رضى الله عنه ديته فكيف بمن أمره و هو يريد قتله بذلك و فيه دليل على انه يجب القود على المكره و انه يجب بغير السلاح و معنى قوله أن يكون سنة يعنى في حق من لا يقصد القتل و يكون مخطئا في ذلك فهو تنصيص على انه إذا كان قاصدا إلى قتله بما لا يلجئه فانه يستوجب القود و أبو حنيفة يقول انما قال عمر رضى الله عنه ذلك على سبيل التهديد و قد يهدد الامام بما لا يتحقق و يتحرز فيه عن الكذب ببعض معاريض الكلام و لو قال لتقطعن يد نفسك أو لاقطعنها انه لم يسعه قطعها لانه ليس بمكره فالمكره من ينجو عما هدد به بالاقدام على ما طلب منه وهنا في الجانبين عليه ضرر قطع اليد و إذا امتنع صارت يده مقطوعة بفعل المكره و إذا أقدم عليه صارت مقطوعة بفعل نفسه و هو يتيقن بما يفعله بنفسه و لا يتيقن بما هدده به المكره فربما يخوفه بما لا يحققه فلهذا لا يسعه قطعها و لو قطعها لم يكن على الذي اكرهه شيء لان نسبة الفعل إلى المكره عند تحقق الاكراه و الاكراه أن يدفع عن نفسه ما هو أعظم مما يقدم عليه و ذلك لا يوجد هنا فإذا لم يكن مكرها اقتصر حكم فعله عليه و كذلك لو قال له لتقتلن نفسك بهذا السيف أو لاقتلنك به لم يكن هذا اكراها لما قلنا و لو قال له لنقتلنك بالسياط أو لتقتلن نفسك بهذا السيف أو ذكر له نوعا من القتل هو أشد عليه مما أمره أن يفعل بنفسه فقتل نفسه قتل به الذي أكرهه لان الاكراه هنا تحقق فان قصد بالاقدام على ما طلب منه دفع ما هو أشد عليه فالقتل بالسياط أفحش و أشد على البدن من القتل بالسيف لان القتل بالسيف يكون في لحظة و بالسياط يطول و يتوالى الالم و اليه

(69)

أشار حذيفة رضى الله عنه حيث قال فتنة السوط أشد من فتنة السيف و كذلك ما دون النفس لو قيل له لتحرقن يدك بالنار أو لتقطعنها بهذا الحديد فقطعها قطعت يد الذي أكرهه ان كان واحد لتحقق الاكراه منه و ان كان عددا لم يكن عليهم في يده قود و عليهم دية اليد في أموالهم بخلاف النفس وأصل هذا الفرق في المباشرة حقيقة فانه لو قطع جماعة يد رجل لم يلزمهم القود عندنا و لو قتلوا رجلا كان عليهم القود و يأتي هذا الفرق في كتاب الديات ان شاء الله تعالى و لو أكره بوعيد قتل على أن يطرح ماله في البحر أو على ان يحرق ثيابه أو يكسر متاعه ففعل ذلك فالمكره ضامن لذلك كله لان إتلاف المال مما يصلح أن يكون المكره فيه آلة للمكره فعند تحقق الالجاء يصير الفعل منسوبا للمكره فكانه بأشر الاتلاف بيده و الشافعي في هذا لا يخالفنا لان المكره يباح له الاقدام على إتلاف المال سواء كان له أو لغيره و إذا صار الاقدام مباحا له كان هو آلة للمكره فالضمان على المكره خاصة و أصحابه خرجوا له قولين سوى هذا أحدهما أن الضمان يجب على المكره لصاحب المال لانه هو المتلف حقيقة ثم يرجع هو على المكره لانه هو الذي أوقعه في هذه الورطة و الثاني أن الضمان عليهم نصفان لان حقيقة الاتلاف وجد من المكره و القصد إلى الاضرار وجد من المكره فكانا بمنزلة الشريكين في الاتلاف و لكن الاولى أصح لما قلنا و ان أكرهه على ذلك بحبس أو قيد ففعله لم يكن على المكره ضمان و لا قود لان المكره انما يصير كالآلة عند تمام الالجاء و هو ما إذا خاف التلف على نفسه و ليس في التهديد بالحبس و القيد معنى الخوف التلف على نفسه فيبقى الفعل مقصورا على المكره فيؤاخذ بحكمه و هذا لانه ليس في الحبس و القيد الاهم يلحقه و من يتلف مال الغير اختيارا فانما يقصد بذلك دفع الغم الذي يلحقه بحسده إياه على ما آتاه الله تعالى من المال فلا يجوز أن يكون ذلك مسقطا للضمان عنه و لو أكرهه بتلف على أن يأكل طعاما له أو يلبس ثوبا له فلبسه مكرها حتى تخرق لم يضمن المكره شيأ لانه ليس بفساد بل أمره أن يصرف مال نفسه إلى حاجته و ذلك لا يكون فسادا ( ألا ترى ) أن الاب و الوصي يفعلان ذلك للصبي و لا يكون فسادا منهما ثم هذا من وجه أمر بالمعروف فان التقتير و ترك الانفاق على نفسه بعد وجود السعة منهى عنه و فى الامر بالمعروف دفع الفساد فعرفنا ان ما أمره به ليس بفساد فلا يكون سببا لوجوب الضمان على المكره بخلاف احراق المال بالنار أو طرحه في الماء فان ذلك فساد لا انتفاع بالمال و لو أكرهه بوعيد قتل على أن يقتل عبده بالسيف أو




/ 28