مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(70)

على أن يقطع يده لم يسعه ان يفعل ذلك لان العبد في حكم نفسه باق على أصل الحرية على ما بينا ان ذمته لا تدخل تحت القهر و الملك فكما لا يسعه الاقدام على أن يفعل شيأ من ذلك بحر لو أكره عليه فكذلك العبد بخلاف سائر الاموال ( ألا ترى ) أن عند ضرورة المخمصة يجوز له أن يصرف ماله إلى حاجته و ليس له أن يقتل عبده ليأكل من لحمه فان فعله كان له أن يأخذ الذي أكرهه بقتله قودا بعبده ان كان مثله و يأخذ دية يده ان كان قطع يده بمنزلة ما لو بأشر المكره ذلك بنفسه بناء على أصلنا أن القود يجرى بين الاحرار و المماليك في النفس و لا يجرى فيما دون النفس و ان كان الاكراه بحبس لم يكن على المكره شيء و انما عليه الادب بالضرب و الحبس و الالجاء لم يتحقق فكان فعل القتل مقصورا على المولى فلا يرجع على المكره بشيء و ليس على المولى سوى الاثم لان الحق في بدل نفس العبد للمولى و لا يستوجب هو على نفسه عقوبة و لا ما لا فاما الاثم فهو حق الشرع فكما يصير آثما بالاقدام على قتل الحر مكرها لانه يؤثر روحه على روح من هو مثله في الحرمة و يطيع المخلوق في معصية الخالق و قد نهاه الشرع عن ذلك فكذلك المولى يكون آثما بهذا الطريق و لو ان قاضيا أكره رجلا بتهديد ضرب أو حبس أو قيد حتى يقر على نفسه بحد أو قصاص كان الاقرار باطلا لان الاقرار متمثل بين الصدق و الكذب و انما يكون حجة إذا ترجح جانب الصدق على جانب الكذب و التهديد بالضرب و الحبس يمنع رجحان جانب الصدق على ما قال عمر رضي الله عنه ليس الرجل على نفسه بأمير إذا ضربت أو أوثقت و لم ينقل عن أحد من المتقدمين من أصحابنا رحمهم الله صحة الاقرار مع التهديد بالضرب و الحبس في حق السارق و غيره الا شيء روى عن الحسن بن زياد رضى الله عنه ان بعض الامراء بعث اليه و سأله عن ضرب السارق ليقر فقال ما لم يقطع اللحم أو يبين العظم ثم ندم على مقالته و جاء بنفسه إلى مجلس الامير ليمنعه من ذلك فوجده قد ضربه حتى اعترف و جاء بالمال فلما رأى المال موضوعا بين يدى الامير قال ما رأيت ظلما أشبه بالحق من هذا فان خلى سبيله بعد ما أقر مكرها ثم أخذ بعد ذلك فجئ به فأقر بما كان تهدد عليه بغير اكراه مستقل أخذ بذلك كله لان إقراره الاول كان باطلا و لما خلى سبيله فقد انتهى حكم ذلك الاخذ و التهديد فصار كان لم يوجد أصلا حتى أخذ الآن فأقر بغير اكراه و ان كان لم يخل سبيله و لكنه قال له و هو في يده بعد ما أقر انى لا أؤاخذك بإقرارك الذي أقررت به و لا أضربك و لا أحبسك و لا أعرض

(71)

لك فان شئت فأقر و ان شئت فلا تقر و هو في يد القاضي على حاله لم يجز هذا الاقرار لان كينونته في يده حبس منه له و انما كان هدده بالحبس فما دام حابسا له كان أثر ذلك الاكراه باقيا و قوله لا أحبسك نوع غرور و خداع منه فلا ينعدم به أثر ذلك الاكراه و لان الظاهر انه انما أقر لاجل إقراره المتقدم فانه علم أنه لا ينفعه الانكار و انه إذا تناقض كلامه يزداد التشديد عليه بخلاف الاول فهناك قد خلى سبيله و صار بحيث يتمكن من الذهاب ان شاء فينقطع به أثر ذلك الاكراه و ان خلى سبيله و لم يتوار عن بصر القاضي حتى بعث من أخذه ورده اليه فأقر بالذي اقر به أول مرة من أكراه جديد فان هذا ليس بشيء لانه ما لم يتوار عن بصره فهو متمكن من أخذه و حبسه فيجعل ذلك بمنزلة ما لو كان في يده على حاله و ان كان حين رده أول مرة لم يحبسه و لكنه هدده فلما أقر قال انى لست أصنع بك شيأ فان شئت فأقر و ان شئت فدع فأقر لم يأخذه بشيء من ذلك لانه ما دام في يده فكانه محبوس في سجنه فكان أثر التهديد الاول قائما أ رأيت لو خلى سبيله ثم بعث معه من يحفظه ثم رده اليه بعد ذلك فأقر أ كان يؤخذ بشيء من ذلك أو لا يؤخذ بهد لان يد من يحفظه له كيده في ذلك و لو أكرهه قاض بضرب أو حبس حتى يقر بسرقة أو زنا أو شرب خمر أو قتل فأقر بذلك فأقامه عليه فان كان رجلا معروفا بما أقر به الا أنه لا بينة عليه فالقياس أن يقتص من المكره فيما أمكن القصاص فيه و يضمن من ماله ما لا يستطاع القصاص فيه لان إقراره كان باطلا و الاقرار الباطل وجوده كعدمه فبقى هو مباشرا للجناية بغير حق فليزمه القصاص فيما يستطاع فيه القصاص و لكن يستحسن أن يلزمه ضمان جميع ذلك في ماله و يدرأ القصاص لان الرجل إذا كان معروفا بما أقر به على نفسه فالذي يقع في قلب كل سامع انه صادق في إقراره لما أقر به و ذلك يورث شبهة و القصاص مما يندرئ بالشبهات و لان على قول أهل المدينة رحمهم الله للامام أن يجبر المعروف بذلك الفعل على الاقرار بالضرب و الحبس فان مرتكب الكبيرة قل ما يقر على نفسه طائعا و إذا أقر به مكرها عندهم يصح إقراره و تقام عليه العقوبة فيصير اختلاف العلماء رحمهم شبهة و القاضي مجتهد في ما صنع فهذا اجتهاد في موضعه من وجه فيكون مسقطا للقود عنه و لكن يلزمه المال لان المال مما يثبت مع الشبهات و بالاقرار الباطل لم تسقط حرمة نفسه و أطرافه فيصير ضامنا له مراعاة لحرمة نفسه و طرفه و ان كان المكره معروف بشيء مما رمى به أخذت فيه بالقياس

(72)

و أوجبت القصاص على القاضي في ما يستطاع فيه القصاص لانه إذا كان معروفا بالصلاح فالذي يسبق اليه أوهام الناس أنه بري الساحة مما رمى به و انما أقر على نفسه كاذبا بسبب الاكراه و نظير هذا ما قيل فيمن دخل على إنسان بيته شاهرا سيفه مادا رمحه فقتله صاحب البيت ثم اختصم أولياؤه مع صاحب البيت فقال أولياؤه كان هاربا من اللصوص ملتجئا إليك و قال صاحب البيت بل كان لصا قصد قتلى فان كان المقتول رجلا معروفا بالصلاح فالقول قول الاولياء و يجب القصاص على صاحب البيت و ان كان متهما بالذعارة ففى القياس كذلك و فى الاستحسان القول قول صاحب البيت و لا قصاص و لكن عليه الدية في ماله و فى رواية الحسن عن أبى حنيفة لا شيء عليه لان الظاهر شاهد عليه انه كان دخل عليه مكابرا و انه قد أهدر دمه عليه بذلك و لكن في ظاهر الرواية يقول مجرد الظاهر لا يسقط حرمة النفوس المحترمة و لا يجوز إهدار الدماء المحقونة و لكن يصير الظاهر شبهة في إسقاط القود عنه فيجب عليه الدية في ماله صيانة لدم المقتول عن الهدر فكذلك ما سبق و الله أعلم ( باب تعدى العامل ) ( قال رحمه الله ) و إذا بعث الخليفة عاملا على كورة فقال لرجل لتقتلن هذا الرجل عمدا بالسيف أو لاقتلنك فقتله المأمور فالقود على الآمر المكره في قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله و لا قود على المكره و قال زفر رحمه الله القود على المكره دون المكره و قال الشافعي رحمه الله يجب القود على المكره قولا واحد و له في إيجاب القود على المكره قولان و قال أهل المدينة رحمهم الله عليهما القود و زادوا على هذا فأوجبوا القود على الممسك حتى إذا أمسك رجلا فقتله عدوه قالوا يجب القود على الممسك و قال أبو يوسف أستحسن أن لا يجب القود على واحد منهما و لكن تجب الدية على المكره في ماله في ثلاث سنين أما زفر رحمه الله فاستدل بقوله تعالى و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا و المراد سلطان استيفاء القود من القاتل و القاتل هو المكره حقيقة و المعنى فيه ان من قتل من يكافئه لاحياء نفسه يعتمد بحق مضمون فليزمه القود كما لو أصابته مخمصة فقتل إنسانا و أكل من لحمه و الدليل على ان القاتل هو المكره أن القتل فعل محسوس و هو يتحقق من المكره و الطائع بصفة واحدة فيعرف به انه قاتل حقيقة و من حيث الحكم انه يأثم أثم القاتل و اثم القتل على من

(73)

بأشر القتل و الدليل عليه ان المقصود بالقتل إذا قدر على قتل المكره كان له أن يقتله كما لو كان طائعا و به نعلل فنقول كل حكم يتعلق بالقتل فانه لا يسقط عن المكره بالاكراه كالاثم و التفسيق ورد الشهادة و إباحة قتله للمقصود بالقتل بل أولى لان تأثير الضرورة في إسقاط الاثم دون الحكم حتى ان من أصابته مخمصة يباح له تناول مال الغير و يكون ضامنا ثم هنا لا يسقط اثم الفعل عن المكره فلان لا يسقط عنه حكم القتل أولى و لما جعل هذه نظير الاكراه بالحبس في اثم الفعل فكذلك في حكمه و لا يقال انما يأثم أثم سوء الاختيار أو اثم جعل المخلوق في معصية الخالق لانه مكره على هذا كله كما هو مكره على القتل و الشافعي يستدل بهذا أيضا الا أنه يوجب القود على المكره ايضا للسبب القوي لان القصد إلى القتل بهذا الطريق ظاهر من المتخيرين و القصاص مشروع بطريق الزجر فيقام السبب القوي مقام المباشرة في حق المكره لتغليظ أمر الدم و تحقيق معنى الزجر كما قال في شهود القصاص يلزمهم القود قال و على أصلكم حد قطاع الطريق يجب على الردي بالسبب القوي و الدليل عليه ان الجماعة يقتلون بالواحد قصاصا لتحقيق معنى الزجر و من أوجب القود على الممسك يستدل بها أيضا فنقول الممسك قاصدا إلى قتله مسبب له فإذا كان التسبب يقام مقام المباشرة في أخذ بدل الدم و هو الدية يعنى حافر البئر في الطريق فكذلك في حكم القصاص الا أن المتسبب إذا قصد شخصا بعينه يكون عامدا فليزمه القود و إذا لم يقصد بتسببه شخصا بعينه فهو بمنزلة المخطئ فتلزمه الدية و للشافعي رحمه لله طريق آخر ان المكره مع المكره بمنزلة الشريكين في القتل لان القصد وجد من المكره و ما هو المقصود به و هو الانتقام يحصل له و المباشرة وجدت من المكره فكان بمنزلة الشريكين ثم وجب القود على أحدهما و هو المكره فكذلك على الآخر و الدليل على أنهما كشريكين أنهما مشتركان في اثم الفعل و ان المقصود بالقتل ان يقتلهما جميعا و حجة أبى حنيفة و محمد أن المكره ملجأ إلى هذا الفعل و الالجاء بأبلغ الجهات و يجعل الملجأ آلة للملجئ فلا يصلح أن يكون آلة له كما في إتلاف المال فان الضمان يجب على المكره و يصير المكره آلة له حتى لا يكون عليه شيء من حكم الاتلاف و معلوم أن المباشر و المتسبب إذا اجتمعا في الاتلاف فالضمان على المباشر دون المتسبب و لما وجب ضمان المال على المكره علم أن الاتلاف منسوب إلى المكره و لا طريق للنسبة اليه سوى جعل المكره آلة للمكره فكذلك في القتل لان المكره يصلح أن يكون آلة للمكره فيه بأن يأخذ بيده

(74)

مع السكين فيقتل به غيره و تفسير الالجاء انه صار محمولا على ذلك الفعل بالتهديد بالقتل فالإِنسان مجبول على حب الحياة و لا يتوصل إلى ذلك الا بالاقدام على القتل فيفسد اختياره بهذا الطريق ثم يصير محمولا على هذا الفعل و إذا فسد اختياره التحق بالآلة التي لا اختيار لها فيكون الفعل منسوبا إلى من فسد اخيتاره و حمله على هذا الفعل لا على الآلة فلا يكون على المكره شيء من حكم القتل من قصاص و لا دية و لا كفارة ( ألا ترى ) ان شيأ من المقصود لا يحصل للمكره فلعل المقتول من أخص أصدقائه فعرفنا أنه بمنزلة الآلة فأما الآثم فبقاء الاثم عليه لا يدل على بقاء الحكم كما إذا قال لغيره اقطع يدى فقطعها كان آثما و لا شيء عليه من حكم القطع بل في الحكم يجعل كان الآمر فعله بنفسه و قد بينا أنه مع فساد الاختيار يبقى مخاطبا فلبقائه مخاطبا كان عليه اثم القتل و لفساد اختياره لم يكن عليه شيء من حكم القتل ثم حقيقة المعني في العذر عن فعل الاثم من وجهين أحدهما أن تأثير الالجاء في تبديل النسبة لا في تبديل محل الجناية و لو جعلنا المكره هو الفاعل في حكم الضمان لم يتبدل به محل الجناية و لو أخر جناية المكره من أن يكون فاعلا في حق الآثم تبدل به محل الجناية لان الاثم من حيث انه جناية علي حد الدين و إذا جعلنا المكره في هذا آلة كانت الجناية على حد دين المكره دون المكره و إذا قلنا المكره آثم و يكون الفعل منسوبا اليه في حق الآثم كانت جناية على دينه بارتكاب ما هو حرام محض و بسبب الاكراه لا يتبدل محل الجناية فأما في حق الضمان فمحل الجناية نفس المقتول سواء كان الفعل منسوبا إلى المكره أو إلى المكره و بهذا تبين أن في حق الاثم لا يصلح أن يكون آلة لان الانسان في الجناية على حد دين نفسه لا يصلح أن يكون آلة لغيره و الثاني انا لو جعلنا المكره آلة في حق الاثم كان ذلك إهدار و ليس تأثير الالجاء في الاهدار ( ألا ترى ) ان في المال لا يجعل فعل المكره كفعل بهيمة ليس لها اختيار صحيح و المكره آثم بإكراهه فإذا لم يجعل المكره آثما كان هذا اهدارا للآثم في حقه أصلا و لا تأثير للاجاء في ذلك بخلاف حكم الفعل فانه إذا جعل المكره آلة فيه كان المكره مؤاخذا به الا أن يكون هدرا و لا يقال الحربي إذا أكره مسلما على قتل مسلم فان الفعل يصير منسوبا إلى المكره عندكم و فى هذا إهدار لانه ليس على المكره شيء من الضمان و هذا لانه ليس باهدار بل هو بمنزلة ما لو بأشر الحربي قتله فيكون المقتول شهيدا و لا يكون قتل الحربي إياه هدرا و ان كان لا يؤاخذ بشيء من الضمان إذا أسلم و به فارق المضطر لانه ملجأ إلى ذلك الفعل من جهة غيره ليصير

(75)

هو آلة للملجئ ( ألا ترى ) أن في المال الضمان واجب عليه فعرفنا به أن حكم الفعل مقصور عليه و الدليل على أن الفاعل هو المكره أن القصاص يلزمه عند الشافعي رحمه الله و القصاص عقوبة تندرئ بالشبهات فيعتمد المساواة حتى ان بدون المساواة لا يجب القصاص كما بين المسلم و المستأمن و كما في كسر العظام و لا مساواة بين المباشرة و التسبب و لا طريق لجعل المكره شريكا الا بنسبة بعض الفعل اليه و إذا كان للالجاء تأثير في نسبة بعض الفعل إلى المجيء فكذلك في نسبة جميع الفعل اليه و لا معنى لايجاب القود على الممسك لان القصاص جزاء مباشرة الفعل فانه عقوبة تندرئ بالشبهات و فى التسبب نقصان فيجوز أن يثبت به ما يثبت مع الشبهات و هو المال و لا يجوز أن يثبت ما يندرئ بالشبهات بخلاف حد قطاع الطريق فان ذلك جزاء المحاربة و الردء مباشر للمحاربة كالقاتل و قد بينا هذا في السرقة و الاصل فيه قوله عليه الصلاة و السلام يصبر الصابر و يقتل القاتل أى يحبس الممسك و يقتل القاتل فاما أبو يوسف رحمه الله فقال استحسن أن لا يجب القود على واحد منهما لان بقاء الاثم في حق المكره دليل على أن الفعل كله لم يصر منسوبا إلى المكره و القصاص لا يجب الا بمباشرة تامة و قد انعدم ذلك من المكره حقيقة و حكما فلا يلزمه القود و ان كان هو المؤاخذ بحكم القتل فيما يثبت مع الشبهات و الدليل عليه ان وجوب القصاص يعتمد المساواة و لا مساواة بين المباشرة و الاكراه فلا يمكن إيجاب القود على المكره الا بطريق المساواة و لكنا نقول المكره مباشر شرعا بدليل أن سائر الاحكام سوى القصاص نحو حرمان الميراث و الكفارة في الموضع الذي يجب والدية يختص بها المكره فكذلك القود و الاصل فيه قوله تعالى يذبح أبناءهم و يستحيى نساءهم فقد نسب الله الفعل إلى المعين و هو ما كان يباشر صورة و لكنه كان مطاعا فأمر به و أمره اكراه إذا عرفنا هذا فنقول سواء كان المكره بالغا عاقلا أو كان معتوها أو غلاما يافع فالقود على المكره لان المكره صار كالآلة و البلوغ و العقل لا معتبر به في حق الآلة و انما المعتبر تحقق الالجاء لخوف التلف على نفسه و كذلك حرمان الميراث فانه يثبت في حق المكره دون المكره و ان كان الآمر بالغ و لكنه مطاع بتحقق الاكراه منه أو كان رجلا مختلط العقل و لكن يتحقق الاكراه منه فان الفعل يصير منسوبا اليه و ذلك يكون بمنزلة جنايته بيده في أحكام القتل و استدل بقول الحسن البصري رحمه الله في أربعة شهدوا على رجل بالزنا و رجمه الناس فقتلوه ثم رجع بعض الشهود ان على الراجع

(76)

القتل و هذا شيء لا يؤاخذ به و لكن قصد بهذا الاستشهاد دفع النسبة عمن تمسك بالصورة و يقول كيف أوجبتم القتل على المكره و لم يباشر القتل حسا و استدل عليه بقول أهل المدينة في الممسك و يقتل الردي في قطع الطريق و ان لم يباشروا قتل أحد حسا و كذلك لو قال العامل له لتقطعن يده أو لاقتلنك لم ينبغ له أن يفعل ذلك لان لاطراف المؤمن من الحرمة مثل ما لنفسه ( ألا ترى ) ان المضطر لا يحل له أن يقطع طرف الغير ليأكله كما لا يحل له أن يقتله و كذلك لو أمره بقطع أصبع أو نحوه فان حرمة هذا الجزء بمنزلة حرمة النفس فان القتل من المظالم و المكره مظلوم فليس له أن يظلم أحدا و لو ظلم و ان أقدم على القتل فليس عليه الا الاثم فاما الفعل في حق الحكم فقد صار منسوبا إلى المكره لوجود الالجاء بالتهديد بالقتل و ان رأى الخليفة أن يعزر المكره و يحبسه فعل لاقدامه على ما لا يحل له الاقدام عليه و أن أمره ان يضربه سوطا واحدا أو أمره أن يحلق رأسه أو لحيته أو أن يحبسه أو أن يقيده و هدده على ذلك بالقتل رجوت أن لا يكون آثما في فعله و لا في تركه أما في تركه فلانه من المظالم و الكف عن المظالم هو العزيمة و المتمسك بالعزيمة لا يكون آثما و أما إذا قدم عليه فلانه يدفع القتل عن نفسه بهم و حزن يدخل على غيره فان بالحبس و القيد و بحلق اللحية و ضرب سوط يدخله هم و حزن و لا يخاف على نفسه و على شيء من أعضائه و لدفع الهلاك عن نفسه قد رخص له الشرع في إدخال الهم و الحزن على غيره ( ألا ترى ) أن المضطر يأخذ طعام الغير بغير رضاه و لا شك ان صاحب الطعام يلحقه حزن بذلك الا انه علق الجواب بالالجاء لانه لم يجد في هذا بعينه نصا و الفتوى بالرخصة فيما هو من مظالم العباد بالرأي لا يجوز مطلقا فلهذا قال رجوت و ان كان يهدده على ذلك بحبس أو قيد أو ضرب سوط أو حلق رأسه و لحيته لم ينبغ له أن يقدم على شيء من الظلم قل ذلك أو كثر لان الرخصة عند تحقق الضرورة و ذلك إذا خاف التلف على نفسه و هو بما هدده هنا لا يخاف التلف على نفسه و لو أكرهه بالحبس على أن يقتل رجلا فقتله كان القود فيه على القاتل لان بالتهديد بالحبس لا يتحقق الالجاء و لهذا كان الضمان في المال عند الاكراه بالحبس على المكره دون المكره و لو أمره بقتله و لم يكرهه على ذلك الا أنه يخاف ان لم يفعل أن يقتله ففعل ما أمر به كان ذلك بمنزلة الاكراه لان الالجاء باعتبار خوفه التلف على نفسه أن لو امتنع من الاقدام على الفعل و قد تحقق ذلك هنا و من عادة المتجبرين الترفع عن التهديد بالقتل و لكنهم يأمرون




/ 28