مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(147)

عن الواجب يوضحه أن في التصدق تعتبر المالية ( ألا ترى ) أن له أن يتصدق بقيمة الثوب مكان الثوب و عند النظر إلى القيمة يظهر الفضل و فى الهدايا و الضحايا و عتق الرقاب لا تعتبر المالية حتى لا يتأدى الواجب بالقيمة فلهذا قلنا إذا صار ضامنا للبعض ضمن الكل و ذا قال لله على أن أتصدق بعشرة أقفزة حنطه على المساكين فأكره بوعيد قتل على أن يتصدق بخمسة أقفزة حنطة جيدة تساوي عشرة أقفزة حنطة رديئة فالمكره ضامن لطعام مثله لان المؤدى لا يخرج عن جميع الواجب فانه لا معتبر بالجودة في الاموال الربوية عند مقابلتها بجنسها و لا يمكن تجويزها عن خمسة أقفزة حنطة لان في ذلك ضررا على الناذر فالمكره ظالم له في التزام الزيادة على الادنى فلهذا يضمن له طعاما مثل طعامه و على الناذر أن يتصدق بعشرة أقفزة رديئة و لو أن رجلا له خمسة و عشرون بنت مخاض فحال عليها الحول فوجب فيها ابنة مخاض وسط فاكره بوعيد قتل على أن يتصدق على المساكين بابنة مخاض جيدة غرم المكره فضل قيمتها على قيمة الوسط لانه ظالم له في إلزام هذه الزيادة و قد جازت الصدقة عن المتصدق في مقدار الوسط فلا يغرم المكره ذلك لان هذا ليس بمال الربا فيمكن تجويز بعضه عن كله ( ألا ترى ) انه لو تصدق بنصف ابنة مخاض جيدة فبلغ قيمته قيمة ابنة مخاض وسط أجزأه عن الواجب فلهذا لا يوجب على المكره الا ضمان الفضل بينهما و الله أعلم ( باب الاكراه في الوكالة ) ( قال رحمه الله ) و لو أن لصا أكره رجلا بوعيد قتل عن أن يوكل رجلا بعتق عبد له أو بطلاق إمرأة لم يدخل بها ففعل ذلك جاز التوكيل و نفذ تصرف الوكيل لان الاكراه لما لم يمنع صحة مباشرة الاعتاق و الطلاق لا يمنع صحة التوكيل بهما أيضا و لا ضمان على الوكيل لانه نائب معبر فعبارته كعبارة الموكل و لكن الضمان على المكره كما لو أكرهه على مباشرة الايقاع و هذا استحسان قد بيناه في جعل الامر في يد الغير عن اكراه فالتوكيل قياسه و لو أكرهه على أن وكله بيع عبده من هذا بألف درهم و أكرهه على دفعه اليه حتى يبيعه ففعل ذلك فباعه الوكيل و أخذ الثمن و دفع العبد إلى المشترى فهلك العبد في يده من فعله و الوكيل و المشترى مكرهين فالمولى بالخيار ان شاء ضمن المشترى قيمة عبده لانه قبضه طائعا بشراء فاسد و ان شاء ضمن الوكيل لانه متعد في البيع و التسليم طائعا و ان شاء ضمن

(148)

المكره لان اكراهه على التوكيل و التسليم بمنزلة الاكراه على مباشرة البيع و التسليم في حكم الاتلاف و الضمان فان ضمن المشترى لم يرجع على أحد بشيء لانه ضمن بسبب باشره لنفسه و ان ضمن الوكيل يرجع الوكيل على المشترى بالقيمة لانه قائم مقام المالك في الرجوع على المشترى و لانه ملكه بالضمان و قد قبضه المشترى منه بحكم شراء فاسد فيكون له أن يسترد منه قيمته لما تعذر استرداد العين و على الوكيل رد الثمن ان كان قبض و لا يكون له الثمن بما ضمن له من القيمة لانه باعه للمكره و نقض ما ضمنه له من القيمة لانه باعه للمكره و قد نقض المكره البيع بتضمينه القيمة و لا يشبه هذا الغصب يعنى ان الغاصب إذا باع ثم ضمن القيمة ينفذ البيع من جهته لانه باعه هناك لنفسه و قد تقرر الملك له بالضمان وهنا باعه بطريق الوكالة عن المكره ( ألا ترى ) أن المكره لو رضى بعد زوال الاكراه نفوذ البيع من جهته و المشترى بالقبض صار متملكا على المكره حتى لو أعتقه نفذ عتقه فلا يمكن أن يجعل متملكا بهذا السبب على الوكيل فلهذا لا ينفذ البيع من جهته و لا يسلم له الثمن بل يرده على المشترى لان استرداد القيمة من المشترى كاسترداد العين و لا شيء للوكيل على المكره لانه ما أكرهه على شيء و انما التزم الوكيل ضمان القيمة بالبيع و التسليم و هو كان طائعا في ذلك و ان كان المكره ضمن المكره القيمة كان له أن يرجع بها ان شاء على المشترى و ان شاء على الوكيل لانه قائم مقام المكره و قد كان له أن يرجع على أيهما شاء فان قال الوكيل للمكره لا أضمن لك شيأ لانك أنت الذي أمرته أن يدفع إلى لم ينفعه ذلك شيأ لانه كان مكره على قبضه و قد كان له أن لا يقبضه و انما ضمنه الذي أكرهه بقبضه و تسليمه فان قال الوكيل حين ضمن القيمة انا أجيز البيع فيما بيني و بين المشترى و يكون الثمن لي لم يكن له ذلك لان المشترى انما يملكه على المكره فلا يمكن جعله متملكا على الوكيل و ان مكله بخلاف الغصب على ما بينا و لو كان أكرهه بالحبس على ذلك كان كذلك الا أنه لا يضمن المكره لان الاتلاف لا يصير منسوبا اليه بالاكراه بالحبس و لو كان المولى و الوكيل مكرهين بالقتل فان المولى بالخيار ان شاء ضمن المشترى قيمة عبده لانه قبضه بشراء فاسد طائعا و ان شاء ضمن المكره بإكراهه إياه على التسليم بوعيد تلف ثم يرجع بها المكره على المشترى لانه قائم مقام من ضمنه و لانه ملكه بالضمان و لا ضمان له على الوكيل لانه كان مكرها بالقتل على القبض و التسليم فلا يبقى في جانبه فعل معتبر و ان كانوا جميعا مكرهين بالقتل فالضمان على المكره خاصة لان الاتلاف

(149)

منسوب اليه اذ لم يبق للمكره فعل معتبر في التسليم و القبض و لا يرجع المكره على أحد بشيء لانهم صاروا كالآلة له و ليس للمتلف أن يرجع على الآلة بشيء و ان كانوا مكرهين بالحبس فلا ضمان على المكره و للمولى أن يضمن المشترى قميه عبده لان فعل المشترى في القبض مقصور عليه و كذلك فعل الوكيل في التسليم فان الاكراه بالحبس لا يخرج واحد منهما من أن يكون مباشرا للفعل فان ضمن الوكيل رجع الوكيل بالقيمة على المشترى لانه قام مقام من ضمنه و ان اختار تضمين المشترى فهو الذي يلى خصومته بما دون الوكيل لان الوكيل كان مكرها على البيع و التسليم بالحبس و ذلك ينفى التزامه العهدة بالعقد فيخرج من الوسط إذا اختار المولى تضمين المشتري و تكون الخصومة فيه لمن بأشر العقد له بمنزلة ما لو و كل عبدا محجورا عليه أو صبيا محجورا ببيع فاسد و هذا لان الوكيل لو خاصم المشترى انما يخاصمه بحكم العقد فانه قد استفاد البراءة من الضمان حين اختار المولى تضمين المشتري و هو كان مكرها على العقد بالحبس و ذلك يمنع ثبوت أحكام العقد في حقه و لو أكره المولى بالقتل و أكره الوكيل و المشترى بالحبس فللمولى أن يضمن قيمته أيهم شاء لان فعلهم في التسليم منسوب إلى المكره و فعل الوكيل و المشترى مقصور عليهما فان ضمن المشترى لم يرجع على أحد بشيء و ان ضمن الوكيل كان له أن يرجع إلى المشترى و لا شيء له على المكره لما بينا و ان ضمن المكره كان له أن يرجع على المشترى بالقيمة التي ضمن و لا يرجع على الوكيل بشيء لانه أمر الوكيل بالقبض و البيع و الدفع حين أكرهه عليه بالحبس و المكره بالضمان يصير كالمالك فلا يكون له أن يرجع بشيء على من قبضه و دفعه إلى غيره بإكراهه على ذلك و لو أكره المولى و الوكيل بالقتل و أكره المشترى بالحبس فلا ضمان على الوكيل لانعدام الفعل منه حين كان مكرها بالقتل و للمولى أن يضمن المكره قيمته ان شاء و يرجع به المكره على المشترى و ان شاء ضمن المشترى لان فعله في القبض مقصور عليه فان قيل إذا ضمن المكره ينبغي ان لا يرجع على المشترى بشيء لان المشترى كان مكرها من جهته بالحبس كما في حق الوكيل في المسألة الاولى قلنا نعم و لكن المشترى قبضه على وجه التمليك لنفسه بالشراء فلا بد من أن يكون ضامنا لما كان حكم قبضه مقصورا عليه و أما الوكيل فما قبضه لنفسه و انما قبضه ليدفعه إلى غيره بامر المكره فلا يكون للمكره أن يرجع عليه بشيء و لو أكره المولي و الوكيل بالحبس و أكره المشترى بالقتل فلا ضمان على أحد منهم الا الوكيل خاصة لان المولى انما

(150)

يضمن المكره بتسليمه إلى الغير مكرها من جهته و انما كان مكرها هنا على ذلك بالحبس فلا يرجع عليه بشيء و المشترى على القبض مكره بالقتل فلا يكون قبضه موجبا للضمان عليه و أما الوكيل فهو مكره على القبض و التسليم بالحبس و ذلك لا يوجب نقل الفعل عنه إلى غيره فيكون ضامنا قيمته فان قيل ينبغى أن يكون المكره ضامنا لان فعل المشترى في القبض صار منسوبا اليه فيجعل كأنه قبضه بنفسه و هلك في يده قلنا المالك انما يضمن المكره باعبتار سبب جرى بينهما لا باعتبار سبب جري بينه و بين غيره و الذى جرى بينهما اكراهه إياه عل التسليم بالحبس فما اكراهه المشترى فهو سبب بين المكره و المشترى فلا يكون للمولى أن يضمن المكره بذلك السبب و انما يكون ذلك للمشتري في الموضع الذي لا يكون عاملا لنفسه في القبض و يتقرر عليه ضمان و هذا لان المالك انما يثبت له حق التضمين بتفويت يده و تفويت يده بالتسليم لا باعتبار قبض المشترى و لو أكره المولى و المشترى بالقتل و أكره الوكيل بالحبس و المسألة بحالها كان للمولى أن يضمن المكره ان شاء لانه فوت يده حين أكرهه بالقتل على التسليم و ان شاء ضمن الوكيل لان فعله في القبض و التسليم مقصور عليه و أيهما ضمن لم يرجع على صاحبه بشيء أما إذا ضمن الوكيل فلانه ما كان عاملا في البيع و التسليم للمكره و فعله في القبض و التسليم مقصور عليه و أما إذا ضمن المكره فلانه أذن له في بيعه و دفعه حين أكره بالحبس عللي ذلك و لا ضمان على المشترى لانه كان مكرها على القبض بوعيد قتل و ذلك ينفى الضمان عنه و لو أكرهه بالقتل على أن يوكل هذا الرجل بأن يهب عبده هذا لهذا الرجل فوكله بذلك فقبضه الوكيل و دفعه إلى الموهوب له و مات في يده و الوكيل و الموهوب له مكرهين فللمولى أن يضمن قيمته أيهم شاء بمنزلة الشراء لان الموهوب له يقبض لنفسه على وجه التملك بهبة فاسدة فيكون ضامنا كالمشترى فان ضمن الموهوب له لم يرجع على أحد و ان ضمن الوكيل رجع به الوكيل على الموهوب له و ان ضمن المكره رجع المكره ان شاء على الموهوب له و ان شاء على الوكيل و رجع به الوكيل على الموهوب له لما بينا في فصل الشراء و لو كان الاكراه بحبس لم يضمن المكره شيأ و كان للمولى أن يضمن ان شاء الوكيل و ان شاء الموهوب له فان ضمن الوكيل رجع به على الموهوب له لانه قام مقام من ضمنه أو لانه ملكه بالضمان و لم يقصد تنفيذ الهبة من جهته فكان له أن يرجع على الموهوب له لانه بالقبض متملك عامل لنفسه بغير اذن المالك فلا يسلم له مجانا و الله أعلم

(151)

( باب ما يسع الرجل في الاكراه و ما لا يسعه ) ( قال رحمه الله ) و إذا أكره الرجل بوعيد تلف على أكل الميتة أو لحم الخنزير أو شرب الخمر فلم يفعل حتى قتل و هو يعلم أن ذلك يسعه كان آثما لان حالة الضرورة مستثناة من التحريم و الميتة و الخمر في هذه الحالة كالطعام و الشراب في حالة الضرورة و لا يسعه أن يمتنع من ذلك حتى يتلف ( ألا ترى ) أن الذي يخاف الهلاك من الجوع و العطش إذا وجد ميتة أو لحم خنزير أو دما فلم يأكل و لم يشرب حتى مات و هو يعلم ان ذلك يسعه كان آثما و قد بينا هذا فيما سبق في الماء الذي خالطه الخمر التحرز عن قول من خالفنا في شرب الخمر عند العطش و فائدة و ذكره عن مسروق رحمه الله قال من اضطر إلى ميتة أو لحم خنزير أو دم فلم يأكل و لم يشرب فمات دخل النار و هذا دليلنا على قول أبى يوسف و فيه دليل انه لا بأس بإطلاق القول بدخول الدار لمن يرتكب ما لا يحل له و ان كان المذهب انه في مشيئة الله تعالى ان شاء عذبه و ان شاء عفى عنه حتى اشتغل بعضهم بالتأويل بهذا اللفظ قالوا مراده الدخول الذي هو تحله القسم قال الله تعالى و ان منكم الا واردها أى داخلها و هو المذهب عند أهل السنة و الجماعة و لكن هذا بعيد لان مراده بيان الجزاء على ارتكاب ما لا يحل و لكن لا يظن أحد بمثله انه يقصد بهذا اللفظ نفى المشيئة و قطع القول بالعذاب فان كان لا يعلم أن ذلك يسعه رجوت أن لا يكون آثما لانه قصد به التحرز عن ارتكاب الحرام في زعمه و هذا لان انكشاف الحرمة عند تحقق الضرورة دليله خفى فيعذر فيه بالجهل كما ان عدم وصول الخطاب اليه قبل أن يشتهر يجعل عذرا له في ترك ما ثبت بخطاب الشرع يعنى الصلاة في حق من أسلم في دار الحرب و لم يعلم بوجوبها عليه ثم ذكر في فصل الاكراه على الكفر انه إذا امتنع من ذلك حتى قتل لم يكن آثما و قد بينا أنه مأجور فيه كما جاء في الاثر ان المجبر في نفسه في ظل العرش يوم القيامة أن أبى الكفر حتى قتل و حديث خبيب رضى الله عنه فيه معروف و أشار إلى الاصل الذي بينا أن اجراء كلمة الشرك في هذه الحالة رخصة له و الامتناع هو العزيمة فان ترخص بالرخصة وسعه و ان تمسك بالعزيمة كان أفضل له لان في تمسكه بالعزيمة اعزاز الدين و غيظ المشركين فيكون أفضل و على هذا إذا قيل له لئن صليت لاقتلنك فخاف ذهاب الوقت فقام وصلى و هو يعلم انه يسعه تركه فلما صلى قتل لم يكن آثما في ذلك لانه تمسك بالعزيمة أيضا و كذلك صوم رمضان لو قيل له و هو مقيم لئن لم تفطر

(152)

لنقتلنك فأبى أن يفطر حتى قتل و هو يعلم أن ذلك يسعه كان مأجورا لانه متمسك بالعزيمة و فيما فعله اظهار الصلابة في الدين و أن أفطر وسعه ذلك لان الفطر رخصة له عن الضرورة الا أن يكون مريضا يخاف على نفسه ان لم يأكل و لم يشرب حتى مات و هو يعلم أن ذلك يسعه فحينئذ يكون آثما و كذلك لو كان مسافرا فصام في شهر رمضان فقيل له لنقتلنك أو لتفطرن فأبى أن يفطر حتى قتل كان آثما لان الله تعالى أباح له الفطر في هذين الوجهين معتدا بقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر فعند خوف الهلاك شهر رمضان في حقهما أيامه كلياليه و كايام شعبان في حق غيرهما فيكون في الامتناع حتى يموت بمنزلة المضطر في فصل الميتة بخلاف الصحيح المقيم فالأَمر بالصوم في حقه عزيمة قال الله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه و الفطر عند الضرورة رخصة فان ترخص بالرخصة فهو في سعة من ذلك و ان تمسك بالعزيمة فهو أفضل له و هذا كله بناء على مذهبنا انه يصير مفطرا بالتناول مكرها و عند الشافعي رحمه الله لا يصير مفطرا و قد بينا هذا في الصوم فان الخاطى و المكره عنده في الحكم سواء و قال المكره مسلوب الفعل ( ألا ترى ) ان الاتلاف الحاصل بفعله يصير منسوبا إلى المكره و لكنا نقول المكره انما يجعل آلة للمكره فيما يصلح أن يكون آلة له و هو في الجناية على صوم نفسه لا يصلح أن يكون آلة للغير فيقتصر حكم فعله في حق الافطار عليه ( ألا ترى ) أن المكره لو كان صائما لم يصر مفطرا بهذا فلو جعلنا الفعل عدما في حكم المكره في حق الصوم رجع إلى الاهدار و ليس للاكراه تأثير في الاهدار و لا في تبديل محل الجناية و به فارق حكم الضمان لانا لو جعلنا الفعل منسوبا إلى المكره لا يؤدى إلى الاهدار و لا إلى تبديل محل الجناية و لو قال له لاقتلنك أو لتأخذن مال هذا الرجل فتعطينيه فأبى أن يفعل ذلك حتى قتل و هو يعلم أن ذلك يسعه كان مأجورا ان شاء الله لان الاخذ عند الضرورة مباح له بطريق الرخصة و قيام الحرمة و التقوى حقا للمالك يوجب أن تكون العزيمة في ترك الاخذ فان تمسك بالعزيمة كان مأجورا و قيده بالاستثناء لانه لم يجعل هذا بعينه نصا بعينه و انما قاله بالقياس على ما تقدم و ليس هذا في معنى ما تقدم من كل وجه لان الامتناع من الاخذ هنا لا يرجع إلى اعزاز الدين فلهذا قيده بالاستثناء و لو أن محرما قيل له لنقتلنك أو لتقتلن هذا الصيد فأبى أن يفعل حتى قتل كان مأجورا ان شاء الله لان حرمة قتل الصيد على المحرم حرمة مطلقة قال الله تعالى لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم فكان لا الامتناع عزيمة و إباحة قبل الصيد رخصة

(153)

عند الضرورة فان ترخص بالرخصة كان في سعة من ذلك و ان تمسك بالعزيمة فهو أفضل له فان قتل الصيد فلا شيء عليه في القياس و لا على الذي أمره و فى الاستحسان على القاتل الكفارة أما الآمر فلا شيء عليه لانه حلال لو بأشر قتل الصيد بيده لم يلزمه شيء فكذلك إذا أكره عليه غيره و أما المحرم ففى القياس لا شيء عليه لانه صار آلة للمكره بالالجاء التام فينعدم الفعل في جانبه ( ألا ترى ) أن في قتل المسلم لا يكون هو ضامنا شيأ لهذا المعنى و ان كان لا يسعه الاقدام على القتل ففى قتل الصيد أولى و وجه الاستحسان أن قتل الصيد منه جناية على إحرامه و هو بالجناية على إحرام نفسه لا يصلح أن يكون آلة لغيره فاما قتل المسلم فجناية على المحل و هو يصلح أن يكون آلة للمكره في ذلك حتى ان في حق الاثم لما كان ذلك جناية على حق دينه و هو لا يصلح آلة لغيره في ذلك اقتصر الفعل عليه في حق الاثم توضيحه انه لما لم يجب على الآمر هنا شيء فلو لم توجب الكفارة على القاتل كان تأثير الاكراه في الاهدار و قد بينا انه لا تأثير للاكراه في الاهدار و لا في تبديل محل الجناية و ان كان محرمين جميعا فعلى كل واحد منهما كفارة أما على المكره فلانه لو بأشر قتل الصيد بيده لزمته الكفارة فكذلك إذا بأشر بالاكراه و أما المكره فلانه في الجناية على إحرام نفسه لا يصلح آلة لغيره يوضحه أنه لا جاحة هنا إلى نسبة أصل الفعل إلى المكره في إيجاب الكفارة عليه فكفارة الصيد تجب على المحرم بالدلالة و الاشارة و ان لم يصر أصل الفعل منسوبا اليه فكذلك هنا و به فارق كفارة القتل إذا كان خطأ أو شبه عمد فانه يكون على المكره دون المكره بمنزلة ضمان الدية و لا قصاص لان تلك الكفارة لا تجب الا بمباشرة القتل و من ضرورة نسبة المباشرة إلى المكره أن لا يبقى فعل في جانب المكره وهنا وجوب الكفارة لا يعتمد مباشرة القتل فيجوز إيجابه على المكره بالمباشرة و على المكره بالتسبيب و لان السبب هنا الجناية على الاحرام و كل واحد منهما جان على إحرام نفسه فأما هناك فالسبب هو الجناية على المحل و المحل واحد فادا أوجبنا الكفارة باعتبارها على المكره قلنا لا يجب على المكره و لو توعده بالحبس و هما محرمان ففى القياس تجب الكفارة على القاتل دون الآمر لان قتل الصيد فعل و لا أثر للاكراه بالحبس في الافعال و فى الاستحسان على كل واحد منهما الجزاء أما على القاتل فلا يشكل و أما على المكره فلان تأثير الاكراه بالحبس أكثر من تأثير الدلالة و الاشارة و إذا كان الجزاء يجب على المحرم بالدلالة




/ 28