مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(154)

و الاشارة فبالاكراه بالحبس أولى و لو كانا حلالين في الحرم و قد توعده بقتل كانت الكفارة على المكره لان جزاء الصيد في حكم ضمان المال و لهذا لا يتأدى الصوم فلا تجب بالدلالة و لا تتعدد بتعدد الفاعلين و هذا لان وجوبها باعتبار حرمة المحل فيكون بمنزلة ضمان المال و ذلك على المكره دون المكره عند التهديد بالقتل و ان توعده بالحبس كانت الكفارة على القاتل خاصة بمنزلة ضمان المال و بمنزلة الكفارة في قتل الآدمى خطا و لو أن رجلا وجب عليه أمر بمعروف أو نهى عن منكر فخاف أن فعل أن يقتل وسعه أن لا يفعل و ان فعل فقتل كان مأجورا لان الامر بالمعروف و النهى عن المنكر فرض مطلقا قال الله تعالى و أمر بالمعروف و انه عن المنكر و اصبر على ما أصابك الآية و الترك عند خوف الهلاك رخصة قال الله تعالى الا أن تتقوا منهم تقاة فان ترخص بالرخصة كان في سعة و ان تمسك بالعزيمة كان مأجورا و ذكر في السير الكبير أن المسلم إذا أراد أن يحمل على جمع من المشركين و هو يعلم انه لا ينكى فيهم و انه يقتل لم يسعه ذلك لانه يكون ملقيا نفسه في التهلكة من فائدة و لو أراد أن يمنع قوما من فسقة المسلمين عن منكر اجتمعوا عليه و هو يعلم أنهم لا يمتنعون بسببه و انهم يقتلونه فانه يسعه الاقدام على ذلك لان هؤلاء يعتقدون الاسلام فزجره إياهم يؤثر فيهم اعتقادا لا محالة و أولئك معتقدين فالشرط أن ينكى فعله فيهم حسا فإذا علم أنه لا يتمكن من ذلك لا يسعه الاقدام و لو أكره بالقتل على أن يزنى لم يسعه أن يفعل فان فعل و كان محرما فسد إحرامه و عليه الكفارة دون الذي أكرهه لما بينا أن فعله جناية على إحرامه و هو في الجناية على إحرامه لا يصلح أن يكون آلة لغيره و لو أكرهت إمرأة محرمة بالقتل على الزنا وسعها أن تمكن من نفسها و قد بينا الفرق بين جانبها و جانب الرجل في حكم الاثم فأما فساد الاحرام فلا فرق حتى يفسد إحرامها و يجب عليها الكفارة دون المكره لان تمكنها من نفسها جناية على إحرامها و هي لا تصلح في ذلك آلة للمكره و ان لم تفعل حتى تقتل فهي في سعة من ذلك لان حرمة الزنا و الجماع في حالة الاحرام حرمة مطلقة فهي في الامتناع تتمسك بالعزيمة و فى كل موضع من هذه المواضع أوجبنا الكفارة على المكره لا يرجع به على المكره لانه ألزمه كفارة يفى بها و لو رجع بها عليه يقضى بها عليه و لا يجوز أن يرجع عليه بأكثر مما التزمه و كل أمر أحله الله تعالى مثل ما أحل في الضرورة من الميتة و غيرها و الفطر في المرض و السفر فلم يفعل حتى مات أو قتل فهو آثم و كل أمر حرمه الله تعالى و لم

(155)

يجئ فيه احلال الا أن فيه رخصة فأبى أن يأخذ بالرخصة حتى قتل فهو في سعة لان هذا اغرار بالدين و ليس في الاول اغرار بالدين ( ألا ترى ) أن محرما لو اضطر إلى ميتة و إلى ذبح صيد حل له عندنا أكل الميتة و لم يحل له ذبح الصيد ما دام يجد الميتة لان الميتة حلال في حال الضروره و الصيد جاء تحريمه على المحرم جملة و لانه لو ذبح الصيد صار ميتة أيضا فيصير هو جامعا بين ذبح الصيد و تناول الميتة و إذا تناول الميتة كان ممتنعا من الجناية على إحرامه بقتل الصيد و الحل لاجل الضرورة فان كانت الضرورة ترتفع بأحدهما لم يكن له أن يجمع بينهما و لو قيل لرجل دلنا على مالك أو لنقتلنك فلم يفعل حتى قتل لم يكن آثما لانه قصد الدفع عن ماله و ذلك عزيمة قال عليه الصلاة و السلام من قتل دون ماله فهو شهيد و لان في دلالته إياهم عليه اعانة لهم على معصية الله تعالى و قد قال الله تعالى و لا تعاونوا على الاثم و العدوان فلهذا يسعه أن لا يدلهم و ان دلهم حتى أخذوه ضمنوا له لان بدلالته لا يخرجون من أن يكونوا غاصبين لماله متلفين فعليهم الضمان و الله أعلم بالصواب ( باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل ) ( قال رحمه الله ) و إذا ادعت إمرأة على زوجها قذفا و جحده الرجل فأقامت عليه البينة بذلك و زكوا في السر و العلانية و أمر القاضي الزوج أن يلاعنها فأبى أن يفعل و قال لم أقذفها و قد شهدوا على بالزور فان القاضي يجبره على اللعان و يحبسه حتى يلاعن لانه ممتنع من إيفاء ما هو مستحق عليه فيحبسه لاجله و لا يضربه بالحد و قد بينا هذا في الطلاق فان حبسه حتى يلاعن و قال أشهد بالله انى لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا قاله أربع مرات ثم قال و لعنة الله علي ان كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا و التعنت المرأة أيضا و فرق القاضي بينهما ثم ظهر أن الشهود عبيد أو محدودون في قذف أو بطلت شهادتهم بوجه من الوجوه فان القاضي يبطل اللعان الذي كان بينهما و يبطل الفرقة و يردها اليه لانه تبين أنه قضى بغير حجة و القضاء بغير حجة باطل مردود و لا يقال فقد أقر بالقذف بالزنا في شهادات اللعان لان ذلك كان بإكراه من القاضي إياه على ذلك و الاكراه بالحبس يمنع صحة الاقرار ( ألا ترى ) انه لو هدده بالحبس على أن يقر بانه قذف هذ الرجل فأقر بذلك لم يلزمه بهذا الاقرار شيء فكذلك هنا فان قيل ذاك اكراه بالباطل و هذا اكراه بحق

(156)

قلنا هذا اكراه بحق ظاهر فأما إذا تبين أن الشهود عبيد فقد ظهر ان الاكراه كان بالباطل حقيقة و لو كان القاضي لم يحبسه حتى يلاعن و لم يهدده بحبس و لكنه قال قد شهدوا عليك بالقذف و قضيت عليك باللعان فالتعن و لم يزده على هذا فالتعن الرجل كما لو وصفت لك و التعنت المرأة و فرق القاضي بينهما ثم ظهر ان الشهود كانوا عبيدا فأبطل شهادتهم فانه يمضى اللعان بين الزوج و المرأة و تمضي الفرقة و يجعلها بائنا من زوجها لان القاضي لما لم يهدده بحبس و لا غيره حتى قال أشهدكم بالله انى لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا كان هذا اقرارا منه بانه قذفها بغير اكراه فيلزمه ما أقر به من ذلك و يصير كانه أقر بقذفه إياها بعد ما جحد ثم التعن ثلاث مرات و فرق القاضي بينهما فيكون ذلك تفريقا صحيحا باعتبار حجة شرعية ( ألا ترى ) انه لو قال له القاضي قد شهدوا عليك انك قذفت هذا الرجل بالزنا و قد قضيت عليك بالحد فقال المقضي عليه أجل قد قذفته بالزنا ثم علم أن شهادة الشهود باطلة ضرب الحد لاقراره على نفسه بالقذف و لو قال قد شهد عليك الشهود بالقذف فلتقرن بذلك أو لاحبسنك ثم علم أن شهادة الشهود باطلة لم يكن عليه حد بإقراره انه قذفه لانه كان مكرها على ذلك فكذلك ما وصفنا من حكم التفريق بسبب اللعان و لو لم يظهر ان الشهود عبيد و لكنهما يعلمان انهم شهدوا عليهما بزور فالتعنا و فرق القاضي بينهما كان قضاؤه نافذا ظاهرا و باطنا في قول أبى حنيفة و أبى يوسف الاول رحمهما الله و فى قول أبى يوسف الآخر و هو قول محمد رحمهما الله لا ينفذ قضاؤه باطنا و قد بينا هذا في كتاب الرجوع عن الشهادات و الله أعلم بالصواب ( كتاب الحجر ) ( قال الشيح الامام الاجل الزاهد شمس الائمة و فخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبى سهل السرخسي رحمه الله املاء إعلم بان الله تعالى خلق الورى و فاوت بينهم في الحجى فجعل بعضهم أولى الرأي و النهى و منهم إعلام الهدى و مصابيح الدجي و جعل بعضهم مبتلى ببعض أصحاب الردي فيما يرجع إلى معاملات الدنيا كالمجنون الذي هو عديم العقل و المعتوه الذي هو ناقص العقل فاثبت الحجر عليهما عن التصرفات نظرا من الشرع لهما و اعتبارا بالحجر الثابت على الصغير في حال الطفولية بسبب عدم العقل بعد ما صار مميزا بسبب نقصان العقل و ذلك منصوص عليه في الكتاب فيثبت الحجر في حق المعتوه و المجنون استدلالا بالنصوص

(157)

بطريق التشبيه لان حالهما دون حال الصبي فالصبي عديم العقل إلى الاصابة عادة و المجون عديم العقل إلى الاصابة عادة و لهذا جاز إعتاق الصبي في الرقاب الواجبة دون المجنون فأما إذا بلغ عاقلا فلا حجر عليه بعد ذلك على ما قال أبو حنيفة رحمه الله الحجر على الحر باطل و مراده إذا بلغ عاقلا و حكى عنه أنه كان يقول لا يجوز الحجر الا على ثلاثة على المفتى الماجن و على المتطبب الجاهل و على المكارى المفلس لما فيه من الضرر الفاحش إذا لم يحجر عليهم فالمفتى الماجن يفسد على الناس دينهم و المتطبب الجاهل يفسد أبدانهم و المكاري المفلس يتلف أموالهم فيمتنعون من ذلك دفعا للضرر فان الحجر في اللغة هو المنع و الاختلاف بين العلماء رحمهم الله ورأى هذا في فصلين أحدهما الحجر على السفيه المبذر و الآخر الحجر على المديون بسبب الدين و السفه هو العمل بخلاف موجب الشرع و هو اتباع الهوى و ترك ما يدل عليه العقل و الحجي وأصل المسامحة في التصرفات و البر و الاحسان مندوب اليه شرعا و لكن بطريق السفه و التبذير مذموم شرعا و عرفا و لهذا لا تنعدم الاهلية بسبب السفه و لا يجعل السفه عذرا في إسقاط الخطاب عنه بشيء من الشرائع و لا في إهدار عبارته فيما يقر به على نفسه من الاسباب الموجبة للعقوبة و قال أبو حنيفة رحمه الله لا يجوز الحجر عليه عن التصرفات بسبب السفه ايضا و قال أبو يوسف و محمد و الشافعي رحمهم الله يجوز الحجر عليه بهذا السبب عن التصرفات المحتملة للفسخ الا أن أبا يوسف و محمدا رحمهما الله قالا ان الحجر عليه على سبيل النظر له و قال الشافعي على سبيل الزجر و العقوبة له و يتبين هذا الخلاف بينهم فيما إذا كان مفسدا في دينه مصلحا في ماله كالفاسق فعند الشافعي رحمه الله يحجر عليه بهذا النوع من الفساد بطريق الزجر و العقوبة و لهذا لم يجعل الفاسق أهلا للولاية و عندهما لا يحجر عليه فالفاسق عند أصحابنا جميعا رحمهم الله أهل للولاية على نفسه على العموم و على غيره إذا وجد شرط تعدى ولايته لغيره أما من جوز الحجر على السفيه فقد احتج بقوله تعالى فان كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل و هو تنصيص على أن إثبات الولاية على السفيه و انه مولى عليه و لا يكون ذلك الا بعد الحجر عليه و قال الله تعالى و لا تؤتوا السفهاء أموالكم إلى أن قال و أكسوهم و هذا أيضا تنصيص على إثبات الحجر عليه بطريق النظر له فان الولى الذي يباشر التصرف في ماله على وجه النظر منه له و روى ان حبان بن منقذ الانصاري رضى الله عنه كان يغبن في البياعات لآمة أصابت رأسه فسأل أهله رسول الله

(158)

صلى الله عليه و سلم أن يحجر عليه فقال انى لا أصبر عن البيع فقال عليه الصلاة و السلام إذا بايعت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام فلو لم يكن الحجر بسبب التبذير في المال مشروعا عرفا لما سأل أهله ذلك و لما فعله رسول الله صلى الله عليه و سلم و ان عبد الله بن جعفر رضى الله عنه كان يفنى ماله في اتخاذ الضيافات حتى اشترى دار للضيافة بمائة ألف فبلغ ذلك علي ابن أبى طالب رضى الله عنه فقال لآتين عثمان و لاسألنه أن يحجر عليه فاهتم بذلك عبد الله رضى الله عنه و جاء إلى الزبير رضى الله عنه و أخبره بذلك فقال اشركنى فيها فأشركه ثم جاء علي إلى عثمان رضى الله عنه و سأله أن يحجر عليه فقال كيف أحجر على رجل شريكه الزبير و انما قال ذلك لان الزبير رضي الله عنه كان معروفا بالكياسة في التجارة فاستدل برغبته في الشركة على أنه لا غبن في تصرفه فهذا اتفاق منهم على جواز الحجر بسبب التبذير فان عليا رضى الله عنه سأل و عثمان رضى الله عنه اشتغل ببيان العذر و اهتم لذلك عبد الله رضى الله عنه و احتال الزبير لدفع الحجر عنه بالشركة فيكون اتفاقا منهم على جواز الحجر بهذا السبب و ان عائشة رضى الله عنها كانت تتصدق بمالها حتى روى انها كان لها رباع فهمت ببيع رباعها لتتصدق بالثمن فبلغ ذلك عبد الله بن الزبير فقال لتنتهين عائشة عن بيع رباعها أو لاحجرن عليها و المعنى فيه أنه مبذر في ماله فيكون محجورا عليه كالصبي بل أولى لان الصبي انما يكون محجورا عليه لتوهم التبذير منه و قد تحقق التبذير و الاسراف هنا فلان يكون محجورا عليه أولى و تحقيقه و هو أن للصبي ثلاثة أحوال حال عدم العقل و حال نقصان العقل بعد ما صار مميزا و حال السفه و التبذير بعد ما كمل عقله بان قارب أو أن بلوغه ثم عدم العقل و نقصانه بعد البلوغ يساوى عدم العقل و نقصانه قبل البلوغ في استحقاق الحجر به فكذلك السفه و البلوغ يساوى السفه قبل البلوغ بعد كمال العقل في استحقاق الحجر به و كان هذا الحجر بطريق النظر له لان التبذير و ان كان مذموما فهو مستحق النظر باعتيار أصل دينه ( ألا ترى ) ان العفو عن صاحب الكبيرة حسن في الدنيا و الآخرة و ذلك يكون نظرا له و الدليل عليه أن في حق منع المال يجعل السفه بعد البلوغ كالسفه قبل البلوغ بالقياس على عدم العقل و نقصان العقل و كان منع المال بطريق النظر له فكذلك الحجر عليه عن التصرف لان منع المال مقصود لعينه بل لا بقاء ملكه و لا يحصل هذا المقصود ما لم يقطع لسانه عن ماله تصرفا فإذا كان هو مطلق التصرف لا يفيد منع المال شيأ و انما يكون فيه زيادة مؤنة و تكلف على الولى في حفظ ماله

(159)

إلى أن يتلفه بتصرفه و أما أبو حنيفة رحمه الله فاستدل بقوله تعالى و لا تأكلوها إسرافا و بدارا ان يكبروا فقد نهى الولي عن الاسراف في ماله مخافة أن يكبر فلا يبقى له عليه ولاية و التنصيص على زوال ولايته عنه بعد الكبر يكون تنصيصا على زوال الحجر عنه بالكبر لان الولاية عليه للحاجة و انما تنعدم الحاجة إذا صار هو مطلق التصرف بنفسه و لما سئل أبو حنيفة رحمه الله عن هذه المسألة استدل بآيات الكفارات من الظهار و القتل و غيرها ففى هذه العمومات بيان أن هذه الكفارات تجب على كل من يتحقق منه أسبابها شرعا سفيها كان أو سفيه و ارتكاب هذه الاسباب اختيارا نوع من السفه فدل انه مع السفه يتصور منه السبب الموجب لاستحقاق المال و من ضرورته أن لا يمنع من أداء ما لزمه شرعا و به يتبين ان الحجر عن التصرفات ليس فيه كثير فائدة لتمكنه من إتلاف جميع ماله بهذه الاسباب و المعنى فيه أنه حر مخاطب فيكون مطلق التصرف في ماله كالرشيد و فى هذين الوصفين إشارة إلى أهلية التصرف و المحلية فيه لان بكونه مخاطبا تثبت أهلية التصرف فان التصرف كلام ملزم و أهلية الكلام بكونه مميزا و الكلام المميز بنفسه بكونه مخاطبا و المحلية تثبت بكونه خالص ملكه و ذلك يثبت باعتبار حرية المالك و بعد ما صدر التصرف من أهله في محله لا يمتنع نفوذه الا لمانع و السفه لا يصلح أن يكون معارضا للحرية و الخطاب في المنع من نفوذ التصرف لان بسبب السفه لا يظهر نقصان علقه و لكن السفيه يكابر عقله و يتابع هواه و هذا لا يكون معارضا في حق التصرف كما لا يكون معارضا في توجه الخطاب عليه بحقوق الشرع و كونه معاقبا على تركه ان زوال الحجر و توجه الخطاب في الاصل ينبنى على اعتدال الحال الا أن اعتدال الحال باطنا لا يمكن الوقوف على حقيقته فأقام الشرع السبب الظاهر الدال عليه و هو البلوغ عن عقل مقامه تيسيرا على ما هو الاصل انه متى تعذر الوقوف على المعاني الباطنة تقام الاسباب الظاهرة مقامها كما أقيم السير المديد مقام المشقة في جواز الترخص و أقيم حدوث ملك الحل بسبب ملك الرقبة مقام حقيقة استعمال الرحم بالماء في وجوب الاستبراء ثم هذا السبب الظاهر يقوم مقام ذلك المعنى الخفى فيدور الحكم معه وجودا وعد ما فكما لا يعتبر الرشد قبل البلوغ و ان علم انه أصاب ذلك في زوال الحجر عنه فكذلك لا يعتبر السفه و التبذير بعد البلوغ في إثبات الحجر عليه ( ألا ترى ) أن في حكم الخطاب اعتبر هذا المعنى فدار مع السبب الظاهر و هو البلوغ عن عقل وجودا وعد ما فكذلك في حكم التصرفات بل أولى لان توجه الخطاب عليه

(160)

انما يكون شرعا و الله تعالى أعلم بحقيقة باطنه و حكم التصرف بينه و بين العباد لا طريق لهم إلى معرفة ما في باطنه حقيقة فلما أقيم هناك السبب الظاهر مقام المعنى الخفى فهنا أولى و الدليل عليه جواز إقراره على نفسه بالاسباب الموجبة للعقوبة و أقامة ذلك عليه و تلك العقوبات تندرئ بالشبهات فلو بقي السفه معتبرا بعد البلوغ عن عقل لكان الاولى أن يعتبر ذلك فيما يندرئ بالشبهات و لو جاز الحجر عليه بطريق النظر له لكان الاولى أن يحجر عليه عن الاقرار بالاسباب الموجبة للعقوبة لان الضرر في هذا أكثر فان الضرر هنا يلحقه في نفسه و المال تابع للنفس فإذا لم ينظر في دفع الضرر عن نفسه فعن ماله أولى و ما قالا من أن النظر له باعتبار أصل دينه يضعف بهذا الفصل ثم هذا النوع من النظر جائز لا واجب كما في العفو عن صاحب الكبيرة و من أصلهم أن الحجر عليه يجب و انما يجوز النظر له بطريق لا يؤدى إلى إلحاق الضرر به و هو أعظم من ذلك النظر و فى إهدار قوله في التصرفات إلحاق له بالبهائم و المجانين فيكون الضرر في هذا أعظم من النظر الذي يكون له في الحجر من التصرفات لان الآدمى انما باين سائر الحيوانات باعتبار قوله في التصرفات فاما منع المال منه فعلى طريق بعض مشايخنا رحمه الله هو ثابت بطريق العقوبة عليه ليكون زجرا له عن التبذير و العقوبات مشروعة بالاسباب الحسية فاما إهدار القول في التصرفات فمعني حكمى و العقوبات بهذا الطريق مشروعة كالحدود و لا يدخل عليه إسقاط شهادة القاذف فانه متمم لحده عندنا و يكون تابعا لما هو حسى و هو اقامة الجلد لا مقصودا بنفسه و لئن ثبت جواز ذلك و لكن لا يمكن إثبات العقوبة بالقياس بل بالنص و قد ورد النص بمنع المال إلى أن يؤنس منه الرشد و لا نص في الحجر عليه عن التصرف بطريق العقوبة فلا ثبته بالقياس و هو نظير ما قال أصحابنا رحمهم الله ان البكر إذا كانت مخوفا عليها فللولى أن يضمها إلى نفسه و كذلك الغلام البالغ إذا كان مخوفا عليه فللولى أن يضمه إلى نفسه و بان ثبت له حق الحيلولة بينه و بين نفسه في التفرد بالسكنى لمعنى الزجر لا يستدل به على أنه يسقط اعتبار قوله في التصرف في نفسه نكاحا أو منع المال منه باعتبار بقاء أثر الصبي لان العادة أن أثر الصبي يبقى زمانا في أوائل البلوغ و لهذا لو بلغ رشيدا ثم صار سفيها لا يمنع المال منه و بان جعل أثر الصبي كنفس الصبا في منع المال منه فذلك لا يدل على أن يجعل كذلك في الحجر عليه كما أن العدة تعمل عمل النكاح في المنع من النكاح دون إيفاء الحل بعد البينونة و هذا لان نعمة اليد على المال نعمة




/ 28