مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(140)

دون نفسه و قال عليه الصلاة و السلام لواحد من أصحابه أجعل مالك دون نفسك و نفسك دون دينك فان قتل العبد و لم يستهلك المال فهو آثم و لا شيء على المكره لان الالجاء لم يتحقق في القتل فانه كان متمكنا من دفع الشر عن نفسه من مباشرة القتل فبقى فعله في القتل مقصورا عليه فليس له على المكره قود و لا قيمة و لا أكرهه بوعيد القتل على أن يقتل أحد عبديه هذين وأحدهما أقل قيمة من الآخر فقتل أحدهما عمدا كان له أن يقتل المكره لتحقق الالجاء هنا فيما أقدم عليه من القتل فحكم القتل في العبد الذي هو قليل القيمة كهو في كثير القيمة و إذا تحقق الالجاء صار القتل منسوبا إلى المكره بخلاف الاول فانه لا مساواة بين استهلاك المال و القتل و انما يتحقق الالجاء في الادنى و الادنى استهلاك المال الذي يباح له الاقدام عليه عند الضرورة فبقى في قتل العبد مباشرا للفعل مختارا وهنا حرمة نفس العبدين سواء فيتحقق الالجاء في حق كل واحد منهما و كذلك لو أكرهه بوعيد القتل على أن يقطع يعد نفسه أو يقتل عبده عمدا ففعل أحدهما كان له ان يقتص من المكره لان إلجاء تناول كل واحد منهما بمنزلة ما لو أكره عليه بعينه فان قيل لا كذلك فانه يباح له الاقدام على قطع يد نفسه عند الاكراه و لا يباح له الاقدام على قتل عبده فينبغي أن يجعل هذا نظير الفصل الاول قلنا لا كذلك فالاطراف محترمة كالنفوس الا أنه إذا أكره على قطع يد نفسه فباعتبار مقابلة طرفه بنفسه جوزنا له أن يختار أدنى الضررين و هذا المعنى لا يتحقق عند مقابلة طرفه بنفس عبده فالضرر عليه في قطع طرفه فوق الضرر في قتل عبده ( ألا ترى ) أنه لو خاف على عبده الهلاك لا يحل له أن يقطع يد نفسه ليتناوله العبد فبهذا تبين ان المساواة بينهما في الحرمة عند مقابلة أحدهما بالآخر فيتناول الاكراه كل واحد منهما و لو أكرهه على أن يضرب أحد عبديه مائة سوط ففعل ذلك بأحدهما فمات منه غرم المكره أقل القيمتين ان كان الذي بقي أقلهما قيمة لان الواجب بهذا الفعل ضمان المالية في حق المولى و فيما يرجع إلى المالية الضرورة للمولى انما تتحقق في الاقل فهو إذا أقدم على ضرب أكثرهما قيمة كان مختارا في الزيادة بمنزلة ما لو أكره على الهبة و التسليم في أحدهما بغير عينه بخلاف ما سبق فهناك موجب الفعل القود يستوى فيه قليل القيمة و كثير القيمة وهنا موجبه المال بطريق الجبران لما فات عن المولى و بينهما في المالية تفاوت و انما تتحقق له الضرورة في أقلهما و لو أكرهه في كله بوعيد حبس لم يكن على المكره شيء و لو أكرهه على أن يأخذ مال هذا الرجل أو مال هذا الرجل فلا بأس أن يأخذ

(141)

مال أحدهما لان الاكراه قد تناولهما لاستوائهما في بقاء الحرمة و التقوم في حق كل واحد منهما كحق المالك و ان أبيح له الاقدام على الاخذ لدفع الهلاك عن نفسه و أحب إلينا أن يأخذ مال أغناهما عن ذلك لان أخذ المال من صاحبه يلحق الهم و الحزن به و ذلك يتفاوت بتفوات حال المأخوذ منه في الغنى فالأَخذ من الفقير يلحق به هما عظيما لانه لا يرجع إلى ملكه مثله بخلاف الاخذ من الغنى في مباسطة الشرع مع الاغنياء في المال الكثير منه مع الفقراء يعنى به الزكاة و صدقة الفطر و ضمان العتق و النفقة فلهذا يستحب له أن يأخذ مال أغناهما فان كانا في الغنى عنه سواء قلنا خذ أقلهما لان الضرورة تتحقق في الاقل و فى القليل من المال من التساهل بين الناس ما ليس في الكثير و قيل ان استويا في المقدار قلنا خذ مال أحسنهما خلقا و أظهرهما جودا و سماحة لان الهم و الحزن بالاخذ منه يتفاوت بحسن خلقه و سوء خلقه و بخله وجوده فان أخذه و استهلكه كما أمره غرمه الذي أكرهه لان الاكراه لما تناوله صار الاتلاف منسوبا إلى المكره و ان أخذ أكثرهما فاستهلكه غرم المكره مقدار أقلهما لان الاتلاف انما يصير منسوبا إلى المكره فيما تحقق الالجاء فيه و هو الاقل ثم يغرم المستهلك الفضل لصاحب المال لانه في الزيادة على الاقل لا ضرورة له في الاستهلاك فيقتصر حكم الاستهلاك عليه و لو أكرهه على ان يقتل عبد هذا الرجل عمدا أو يأخذ مال هذا الآخر أو مال صاحب العبد فيطرحه في مهلكة أو يعطيه إنسانا فلا بأس أن يعمل في المال ما أمره به لتحقق الضرورة فيه و غرمه بالغا ما بلغ على المكره لان الاتلاف صار منسوبا اليه و ان قتل العبد فعلى القاتل القود لان الاكراه لم يتناول هنا إذا لا مساواة بين حرمة القتل و حرمة استهلاك المال و إذا تمكن من دفع البلاء عن نفسه بغير التقل كان هو في الاقدام على القتل طائعا فعليه القود و على المكره الادب و الحبس لارتكابه ما لا يحل و لو كان انما أمره أن يستهلك المال و يضرب العبد مائة سوط فلا بأس باستهلاك المال و ضمانه على المكره و لا يحل له ضرب العبد لان مثل هذا الضرب يخاف منه الهلاك فيكون بمنزلة القتل فان ضربه فمات منه كانت قيمته على عاقلة الضارب و لا ضمان على المكره لانه طائع في الاقدام على الضرب حتى يتمكن من التخليص بدونه على وجه لا يلحقه اثم و لا ضمان و القتل بالسوط يكون سببه العمد فيوجب القيمة على عاقلة الضارب و لو كان العبد و المال للمكره لم يسعه ضرب عبده و لكنه يستهلك ماله و يرجع به على المكره فان ضرب عبده فمات لم يكن على المكره ضمان لان المكره

(142)

لما كان يتخلص بدون الضرب كان هو في الاقدام على الضرب طائعا و من قتل عبد نفسه طائعا لم يجب الضمان له على غيره و لو أكره بوعيد قتل على أن يقتل عبده هذا أو يقتل العبد الذي أكرهه أو يقتل ابنه أو قال أقتل عبدك هذا الآخر أو أقتل أباك لم يسعه أن يقتل عبده الذي أكرهه على قتله لان الاكراه لم يتحقق هنا فالمكره من يخاف التلف على نفسه وهنا انما هدده بقتل من سماه دون نفسه فلا يكون هو ملجأ به إلى الاقدام على القتل فان قتل عند ذلك فلا شيء على المكره سوى الادب لانه لم يصر آلة للمكره حين لم يتحقق الالجاء ( ألا ترى ) انه لو قيل له لتقتلن ابنك أو لتقتلن هذا الرجل و هو لا يخاف منه سوى ذلك لم يسعه أن يقتل الرجل و ان قتله قتل به و كذلك لو أكرهوه على أن يستهلك مال هذا الرجل أو يقتلون أباه فاستهلكه ضمنه و لم يرجع به على المكره لانه لم يصر ملجأ إلى هذا الفعل حتى لم يصر خائفا على نفسه و لان قتل أبيه أو ابنه يلحق الهم و الحزن به بمنزلة الحبس و القيد في نفسه و لو أكره بالحبس على القتل أو استهلاك المال اقتصر حكم الفعل عليه كذلك ههنا الا انه لا يأثم في ذلك الاستهلاك لانه يجعل مال الغير وقاية لنفس ابنه و كما يجوز له أن يجعل مال الغير وقاية لنفسه يجوز له أن يجعل مال الغير وقاية لنفس ابنه أو لنفس أجنبي آخر ( ألا ترى ) أن المضطر الذي يخاف الهلاك إذا عجز عن اخذ طعام الغير و هناك من يقوى على أخذ ذلك منه وسعه أن يأخذه فيدفعه إلى المضطر فيأكله و يكون ضامنا لما يأخذه و هذا لان فعله من باب الامر بالمعروف فانه يحقق على صاحب الطعام شرعا دفع الهلاك عن المضطر فإذا امتنع من ذلك كان فعل الغير به ذلك من نوع الامر بالمعروف فيسعه ذلك فكذلك في الاستهلاك للمال و لو لم يستهلكه حتى قتل الرجل اباه لم يكن عليه اثم ان شاء الله لانه كان يلزمه غرمه إذا استهلكه فيكون له أن يمتنع من ذلك كما يكون للقوي في فصل المضطر أن يمتنع من أخذ الطعام و دفعه إلى المضطر ( ألا ترى ) أن حرمة أبيه في حقه لا تكون أعظم من حرمة نفسه و فى حق نفسه يسعه أن يمتنع من الاستهلاك حتى يقتل ففى حق أبيه أولى ألا أن يكون شيأ يسيرا فلا أحب له أن يترك استهلاكه ثم يغرم لصاحبه لانه يحق عليه احياء ابيه بالغرم اليسير يعنى بالانفاق عليه فكذلك في فصل الاكراه إذا كان شيأ يسيرا لا يستحب له أن يمتنع من التزام غرمه و يدع أباه يقتل و كذلك في الناس التحرز عن التزام القليل لاحياء أبيه يعد من العقوق و العقوق

(143)

حرام و كذلك في مسألة المضطر المستحب للقوي أن لا يمنع من أخذ الطعام و دفعه إلى المضطر لان ذلك يسير لا يجحف به غرمه و لو كان بحيث يجحف به لم أر بأسا أن لا يأخذه و لو رأى رجلا يقتل رجلا و هو يقوى على منعه لم يسعه الا أن يمنعه و ان كان يأتى ذلك على نفس الذي أراد قتل صاحبه بخلاف فضل المال لان هذا لا يلتزم غرما بهذا الدفع و ان أتى على نفس القاصد فالقاصد باغ قد أبطل دمه بما صنع ( ألا ترى ) أنه إذا قصد قتله فقتله المقصود لم يلزمه شيء فكذلك إذا قصد قتل غيره فقتله هذا الذي يقوى عليه فأما في فضل المال القوي فيلتزم الغرم بما يأخذه لان بسبب الضرورة للمضطر لا تسقط الحرمة و القيمة في حق صاحب المال فلهذا كان له أن يمتنع من ذلك و لو انتهوا إلى بئر فيها ماء فمنع المضطر من الشرب منها فلم يقو عليهم و قوى صاحبه على قتالهم حتى يأخذ الماء فيسقيه إياه لم يسعه الا ذلك و ان أتى على أنفسهم لانهم ظالمون في منع المضطر حقه فحق السقيا في ماء البئر ثابت لكل أحد و لو قوى المضطر بنفسه على أن يقاتلهم بالسيف حتى يقتلهم و يخلوا بينه و بين الماء فكذلك من يقوى على ذلك من رفقائه ( ألا ترى ) أنه لا يلتزم غرما يفعله فهو نظير القاصد إلى قتل الغير فأما في الطعام و الشراب الذي أحرزوه في أوعيتهم فلم يبق للغير فيه حق و ان اضطر إلى ذلك ( ألا ترى ) أنه لا يسعه أن يقاتلهم عليه أن منعوه فكذلك لغيره أن يمتنع من التزام الغرم بأخذه ( ألا ترى ) أن الماء الذي في البئر لو باعوه منه لم يجز بخلاف ما لو أحرزوه في أوعيتهم و لو بذلوا له الطعام أو الشراب بثمن مثل ما يشترى به مثله فأبى أن يأخذه بذلك حتى مات و هو يقدر على ثمنه كان آثما في ذلك لانه في معنى قاتل نفسه حين امتنع من تحصيل ما هو سبب لبقائه مع قدرته على ذلك و قد قال الله تعالى و لا تقتلوا أنفسكم و لانه ملق نفسه في التهلكة في بالامتناع من آداء الثمن عند عرضهم عليه إذا كان واجدا للثمن و لو قيل له لتشربن هذه الخمر أو لتأكلن هذه الميتة أو لتقتلن ابنك هذا أو أباك لم يسعه شرب الخمر و لا أكل الميتة لانعدام الضرورة ( ألا ترى ) أن هذا بمنزلة التهديد بالحبس في حقه كما قررنا و لو قيل له لتقتلن ابنك هذا أو أباك أو لتبيعن عبدك هذا بألف درهم فباعه فالقياس ان البيع جائز لانه ليس بمكره على البيع فالمكره من يهدد بشيء في نفسه و لكنه استحسن فقال البيع باطل لان البيع يعتمد تمام الرضا و بما هدد به ينعدم رضاه فالإِنسان لا يكون راضيا عادة بقتل أبيه أو ابنه ثم هذا يلحق الهم و الحزن به فيكون بمنزلة الاكراة بالحبس و الاكراه

(144)

بالحبس يمنع نفوذ البيع و الاقرار و الهبة و العقود التي تحتمل الفسخ فكذلك الاكراه بقتل ابنه و كذلك التهديد بقتل ذي رحم محرم لان القرابة المتأيدة بالمحرمية بمنزلة الولاد في حكم الاحياء بدليل انها توجب العتق عند الدخول في ملكه و لو قيل له لنحبسن أبنك في السجن أو لتبيعن هذا الرجل عبدك بألف درهم ففعل ففى القياس البيع جائز لما بينا أن هذا ليس بإكراه فانه لم يهدد بشيء في نفسه و حبس ابنه في السجن لا يلحق ضررا به و التهديد به لا يمنع صحة بيعه و إقراره وهبته و كذلك في حق كل ذي رحم محرم و فى الاستحسان ذلك اكراه كله و لا ينفذ شيء من هذه التصرفات لان حبس ابنه يلحق به من الحزن ما يلحق به حبس نفسه أو أكثر فالولد إذا كان بارا يسعى في تخليص أبيه من السجن و ان كان يعلم انه يحبس و ربما يدخل السجن مختارا و يحبس مكان أبيه ليخرج أبوه فكما أن التهديد بالحبس في حقه بعدم تمام الرضا فكذلك التهديد بحبس أبيه و الله أعلم ( باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه ) ( قال رحمه الله ) و إذا أكره الرجل بوعيد تلف على أن يكفر يمينا قد حنث فيها فكفر بعتق أو صدقة أو كسوة أجزأه ذلك و لم يرجع على المكره بشيء لانه أمره باسقاط ما هو واجب عليه شرعا و ذلك من باب الحسبة فلا يكون موجبا للضمان على المكره و كأنه يعوضه ما جبره عليه من التكفير بسقوط التبعة عنه في الآخرة و أما الجواز عن الكفارة فلان الفعل في التكفير مقصور عليه لما لم يرجع على المكره بشيء و مجرد الخوف لا يمنع جواز التكفير ( ألا ترى ) ان كل مكفر يقدم على التكفير خوفا من العذاب و لا يمنع ذلك جوازه و لو أكرهه على أن يعتق عبده هذا عنها ففعل لم يجزه لان المستحق عليه شرعا الكفالة لا إبطال الملك في هذا العبد بعينه فالمكره في اكراهه على إعتاق هذه العبد بعينه ظالم فيصير فعله في الاتلاف منسوبا إلى المكره و يجب عليه ضمان قيمته و إذا لزمه قيمته لم يجز عن الكفارة لانعدام التكفير في حق المكره حين صار منسوبا إلى غيره و لان هذا في معنى عتق بعوض و الكفارة لا تتأتى بمثله و لو كان أكرهه بالحبس أجزأه عن الكفارة لان الفعل منسوب اليه دون المكره و لم يستوجب الضمان على المكره بهذا الاكراه فتتأدى به الكفارة لا قتر ان النية بفعل الاعتاق و لو أكرهه بوعيد تلف على الصدقة في الكفارة ففعل ذلك نظر فيما

(145)

تصدق به فان كانت قيمته أقل من قيمة الرقاب و من أدنى الكسوة التي تجزي لم يضمن المكره شيأ لتيقننا بوجوب هذا المقدار من المال عليه في التكفير فيكون المكره مكتسبا سبب إسقاط الواجب عنه و ان كان أكثر قيمة من غيرها ضمنه الذي أكرهه لانه لا يغبن في وجوب هذا المقدار عليه و لا هذا النوع بل هو مخير شرعا بين الانواع الثلاثة و يخرج عن الكفارة باختياره أقلها فيكون المكره متلفا عليه هذا النوع بغير حق فيضمنه له و لا يجزئه عن الكفارة و ان قدر على الذي أخذه منه كان له أن يسترده لانه كان مكرها على التسليم اليه و تمليكه إياه مع الاكراه فاسد فيتمكن من استرداده و ان كان أكرهه بالحبس لم يضمن المكره شيأ لان الفعل لا يصير منسوبا اليه بهذا الاكراه و لكنه يرجع به على الذي أخذ منه لانه ما كان راضيا بالتسليم اليه و التمليك مع الاكراه بالحبس فان أمضاه له بعد ذلك بغير اكراه أجزأه ان كان قائما و ان كان مستهلكا لم يجزه لانه إذا كان قائما في يده فإمضاؤه بمنزلة ابتداء التصدق عليه و ان كان مستهلكا فهو دين عليه و التصدق بالدين على من هو عليه لا يجزئ عن الكفارة و كذلك هذا في كفارة الظهار و قد قال بعض مشايخنا رحمهم الله انه إذا أكرهه في كفارة الظهار على عتق عبد بعينه و ذلك أدنى ما يجزئ في الكفارة لا يكون على المكره فيه ضمان و يجزيه عن الكفارة لانا تيقنا ان ذلك القدر واجب عليه فالتكفير بالعتق عين في الظهار و الاصح أن ذلك لا يجزيه و على المكره قيمته لانه و ان لم يكن ظالما له في القدر فهو ظالم له في العين اذ ليس عليه إعتاق هذا بعينه و للناس في الاعتاق أغراض فيلزم المكره الضمان بهذا الطريق و إذا لزمه الضمان لم يجزه عن الكفارة قال و كذلك كل شيء وجب لله تعالى عليه من بدنة أو هدى أو صدقة أو حج فأكره على أن يمضيه ففعل و لم يأمره المكره بشيء بعينه فلا ضمان على المكره و يجزي عن الرجل ما أمضاه و لان المكره محتسب حين لم يزد على أمره باسقاط الواجب و الوفاء بما التزمه و قد قال الله تعالى و أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم فان أوجب شيأ بعينه على نفسه صدقة في المساكين فأكره بحبس أو قيد على أن يتصدق بذلك جاز ما صنع منه و لم يرجع على المكره بشيء لان الوفاء بما التزمه مستحق عليه شرعا كما التزمه فإذا التزم التصدق بالعين كان عليه الوفاء به في ذلك العين و المكره ما زاد في أمره على ذلك فلا يرجع عليه بشيء و كذلك الاضحية و صدقة الفطر لو أكره عليهما رجل حتى فعلهما اجزآه و لم يرجع على المكره بشيء لان ذلك واجب عليه شرعا و هذا الجواب في الاضحية بناء على ظاهر الرواية انها واجبة و مقصوده

(146)

أن يبين أن الواجب الذي يثبت للامام فيه ولاية الاخذ و الذي لا يثبت له في ذلك و لكن من عليه يقضي بادائه في حكم الاكراه سواء و لو قال لله تعالى على هدى أهديه إلى بيت الله فأكره بالقتل على أن يهدى بعيرا أو بدنة ينحرها و يتصدق بها ففعل كان المكره ضامنا قيمتها و لا يجزيه ما أوجبه على نفسه لان بلفظ الهدى لا يتعين عليه البعير و البقرة و لكن يخرج عنه بالشاة فالمكره ظالم له في تعيينن البدنة فيلزمه ضمان قيمتها و لا يجزيه عما أوجبه لحصول العوض أو لان الفعل صار منسوبا إلى المكره و لو أكرهه على أدنى ما يكون من الهدى في القيمة و غيرها فأمضاه لم يغرم المكره شيأ لانه ما زاد على ما هو الواجب عليه شرعا و لو قال لله على عتق رقبة فأكرهه على أن يعتق عبدا بعينه بقتل فأعتقه ضمن المكره قيمته و لم يجزه عن النذر لانه التزم بعتق رقبة بغير عينها و المكره في أمر بعتق عبد بعينه ظالم فيكون ضامنا قيمته و ان كان يعلم الذي اكرهه على عتق عبد هو أدنى ما يكون من التسمية لم يكن على المكره ضمان و اجزأ عن المعتق لتيقننا بوجوب هذا المقدار عليه و من قال من أصحابنا في مسألة كفارة الظهار ان المكره لا يضمن إذا أكرهه على عتق عبد هو أدنى ما يجزى انما أخذ جوابه من هذا الفصل و على ما قلنا من الجواب المختار هذه لا تشبه تلك لان الناذر انما يلتزم الوفاء بالمنذور من أعيان ملكه فيصير كالعتق للادنى عن نذره فأما في الكفارة فالواجب دين في ذمته و لا يتناول اعيان ملكه ( ألا ترى ) أن في الكفارات قد يخرج بغير الاعتاق عند العجز عن الاعتاق و فى النذر لا يخرج بدون الاعتاق و لا يكون الاعتاق الا في مكله فمن هذا الوجه يقع الفرق و لو قال لله على أن أتصدق بثوب هروى أو مروى فأكرهه على أن يتصدق بثوب بعينه فانه ينظر إلى ذلك الذي تصدق به فان كان العلم محيطا بأنه أدنى ما يكون من ذلك الجنس في القيمة و غيرها أجزأه ذلك و لا ضمان على المكره لانه ما ألزمه بالاكراه الا ما يعلم أنه مستحق عليه بنذره شرعا و ان كان غيره أقل من قيمته نظر إلى فضل ما بين القيمتين فغرم المكره ذلك لانه في الزيادة على الادنى يلزمه ذلك بالاكراه من ان كان واجبا عليه و هذا بخلاف الهدى و الاضحية و العتق لان ذلك مما لا ينتقض فإذا ضمن المكره بعضه صار ناقضا ما وجب عليه فلا يجزيه عن الواجب فلهذا يغرم المكره جميع القيمة و التصدق بالثوب مما يحتمل التجزى فانه لو تصدق بنصف ثوب جيد يساوي ثوبا كما لزمه أجزأه عن الواجب فنحن و ان أوجبنا ضمان الزيادة على المكره وقع المؤدى في مقدار الادنى مجزيا




/ 28