مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(105)

بترك الفريضة فأما خوفه على الدين الذي له على فلان فلا يوجب الضرورة و الالجاء فلهذا لا يضمن المكره شيأ و لو أن رجلا قتل عبده قتلا خطأ فاختصموا فيه إلى القاضي فأكره القاضي المولى على عتق عبده بوعيد تلف فاعتقه و هو عالم بالجناية فلا ضمان على المولى لانه بالالجاء خرج من أن يكون مختارا للدية أو مستهلكا للعبد و انما الضمان على الذي أكرهه لان تلف العبد منسوب اليه فيغرم قيمته فيأخذها المولى منه لانه بدل ملكه ثم يدفعها إلى ولي الجناية لان الرقبة كانت مستحقة لولى الجناية و قد فاتت و أخلفت بدلا و لو كان الاكراه بحبس أو قيد لم يضمن المكره شيأ لان التلف لا يصير منسوبا إلى المكره بهذا التهديد و يغرم المولى قيمة العبد لاصحاب الجناية و لا يلزمه أكثر منها لانه بالاكراه بالحبس ينعدم الرضا فيخرج به من أن يكون مختارا للفداء ملتزما للدية و لكنه يكون مستهلكا للرقبة فيغرم قيمته بمنزلة ما لو أعتقه و هو لا يعلم بالجناية و لو كان المولى أكره بوعيد تلف حتى قتل عبده عمدا كان للمولى أن يقتل الذي أكرهه لان القتل صار منسوبا إلى المكره فصار المكره آلة له بالالجاء فيجب القصاص عليه و يكون استيفاء القصاص إلى المولى لانه عوض عن العبد و هو ملكه فباعتبار الملك يخلفه في عوض نفسه خلافة الوارث المورث و يبطل حق أصحاب الجناية لفوات محل حقهم فالقصاص الواجب صالح لايفاء حقهم منه و ان كان اكرهه بحبس أو قيد فلا شيء على المكره و على المولى قيمته لاصحاب الجناية لانه مستهلك للعبد فانه لم يصر ملجأ بالاكراه بالحبس فكان الفعل مقصورا عليه و لكنه لم يصر مختارا للفداء لانعدام الرضا منه بالتزام الدية لاجل الاكراة بالحبس فليزمه قيمته للاستهلاك كما لو قتله و هو لا يعلم بالجناية و الله أعلم بالصواب ( باب الاكراه على النذر و اليمين ) ( قال رحمه الله ) و لو أكره بوعيد تلف حتى جعل على نفسه صدقة لله أو صوما أو حجا أو عمرة أو غزوة في سبيل الله أو بدنة أو شيأ يتقرب به إلى الله تعالى لزمه ذلك و كذلك لو أكرهه على اليمين بشيء من ذلك أو بغيره من الطاعات أو المعاصي و الاصل فيه حديث حذيفة رضى الله عنه ان المشركين لما أخذوه و استحلفوه على أن لا ينصر رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة حلف مكرها ثم أخبر به رسول الله صلى الله و سلم فقال عليه

(106)

الصلاة و السلام أوف لهم بعهدهم و نحن نستعين بالله عليهم و قد بينا ان اليمين بمنزلة الطلاق و العتاق في أن الهزل و الجد فيه سواء و هذا لان فيه منع نفسه عن شيء و إيجاب شيء على نفسه لحق الله تعالى فيكون في معنى الطلاق و العتاق الذي يتضمن تحريم الفرج حقا لله تعالى فيستوي فيه الكرة و الطوع و النذر بمنزلة اليمين في هذا المعنى و قال عليه الصلاة و السلام النذر يمين و لا ضمان على المكره في شيء من ذلك لان التزامه لا يصير منسوبا إلى المكره و انما ينسب اليه التلف الحاصل به و لا يتلف عليه شيء بهذا الالتزام ثم المكره انما ألزمه شيأ يؤثر الوفاء به فيما بينه و بين ربه من ان يجبر عليه في الحكم فلو ضمن له شيأ كان يجبر على إيفاء ما ضمن في الحكم فيؤدى إلى أن يلزمه أكثر مما يلزم المكره و هذا لا يجوز و لو كان اكراهه على أن يظاهر من إمرأته كان مظاهرا لان الظهار من أسباب التحريم ثم يستوى فيه الجد و الهزل و قد كان طلاقا في الجاهلية فأوجب الشرع به حرمة مؤقتة بالكفارة فكما ان الاكراه لا يؤثر في الطلاق فكذلك في الظهار فان أكرهه على أن يكفر ففعل لم يرجع بذلك على الذي أكرهه لانه أمره بالخروج عن حقه لزمه و ذلك منه حسنة لا إتلاف شيء عليه بغير حق و ان أكرهه على عتق عبد بعينه عن ظهار ففعل عتق و على المكره قيمته لانه صار متلفا عليه مالية العبد بإكراهه على ابطاله و لو لم يكن عتق هذا العبد بعينه مستحقا عليه بل المستحق كان واجبا في ذمته يؤمر بالخروج عنه فيما بينه و بين ربه و ذلك في حكم العين كالمعدوم فلهذا ضمن المكره قيمته بخلاف الاول لان هناك أمره بالخروج عما في ذمته من أن يقصد إبطال ملكه في شيء من أعيان ماله ثم لا يجزيه عن الكفارة هنا لانه في معنى عتق بعوض و لو استحق العوض على العبد بالشرط لم يجز على الكفارة فكذلك إذا استحق العوض على المكره فان قال أنا أبرئه من القيمة حتى يجزيني من الكفارة لم يجز ذلك لان العتق نفذ مجزئ عن الكفارة و الموجود بعده إبراء عن الدين و بالابراء لا تتأدى الكفارة و ان قال أعتقه حين أكرهنى و أردت به كفارة الظهار و لم أعتقه لا كراهه اجزه عن كفارة الظهار و لم يكن له على المكره شيء لانه أقر انه كان طائعا في تصرفه قاصدا إلى إسقاط الواجب عن ذمته و إقراره حجة عليه و ان قال أردت العتق عن الظهار كما أمرني لم يخطر ببالي ذلك لم يجزه عن كفارة الظهار و له على المكره القيمة لانه أجاب المكره إلى ما أكرهه عليه و هو العتق عن الظهار فلا يخرج به من أن يكون مكرها فإذا كان مكرها كان التلف

(107)

منسوبا إلى المكره بخلاف الاول فان هناك لو أقر انه لم يعتقه لا كراهه بل لاختياره إسقاط الواجب عن ذمته به طوعا و ان كان أكرهه بحبس أو قيد فلا ضمان على المكره لانعدام الالجاء و جاز عن كفارته لان العتق حصل بغير عوض و اقترنت به نية الظهار و لو أكرهه بوعيد تلف حتى آلى من إمرأته فهو مول لان الايلاء طلاق مؤجل أو هو يمين في الحال و الاكراه لا يمنع كل واحد منهما فان تركها أربعة أشهر فبانت منه و لم يكن دخل بها وجب عليه نصف المهر و لم يرجع به على الذي أكرهه لانه كان متمكنا من أن يقربها في المدة فإذا لم يفعل فهو كالراضى بما لزمه من نصف الصداق و ان قربها كانت عليه الكفارة و لم يرجع على المكره بشيء لانه ما جرى على سنن اكراهه فانه بالاكراه منعه من العربان و قد أتى بضده و لانه لزمه كفارة يعني بها فلا يرجع عليه بضمان يحبس به و لو أكرهه على أن قال ان قربتها فهي طالق ثلاثا و لم يدخل بها فقربها فطلقت و لزمه مهرها لم يرجع على المكره بشيء لانه خالف ما أكرهه عليه و لان المهر لزمه بالدخول فانما أتلف عليه بإكراهه ملك النكاح و ذلك ليس بمتقوم فلا يمضن المكره له قيمته و ان لم يقر بها حتى بانت بمضي أربعة أشهر فعليه نصف الصداق و لم يرجع به على الذي أكرهه لانه كان يقدر على أن يجامعها فيجب المهر بجماعه إياها لا بما ألجاه اليه المكره و أكثر ما فيه انه بمنزلة الاكراه على الجماع و ذلك لا يوجب الضمان على المكره و كذلك لو أكرهه على أن يقول ان قربتها فعبدي هذا حر فان قربها عتق عبده و لا ضمان على المكره لانه ما جرى على سنن اكراهه و ان تركها فبانت بالايلاء قبل الدخول غرم نصف الصداق و لا يرجع على المكره بشيء لانه كان يقدر على أن يبيع عبده في الاربعة الاشهر ثم يقربها فيسقط الايلاء و لا يلزمه شيء فان قبل البيع لا يتم به وحده و انما يتم به و بالمشترى و قد بينا قبل هذا ان تمكنه من البيع معتبر في ازالة معنى الاكراه قلنا هناك كان الوقت ضيقا لان العبد يعتق بدخول الدار و بمشيئة العتق و لا يتفق وجود مشتر في ذلك القدر من المدة وهنا الوقت أربعة أشهر و الظاهر انه في هذه المدة يجد مشتريا يرغب في شراء العبد منه و ان كان مدبرا لا يقدر على بيعه و ان كانت جارية هى أم ولد فان قرب المرأة عتق هذا و لا ضمان على الذي أكرهه لانه خالف ما أكرهه عليه و ان تركها حتى بانت بالايلاء و قد دخل بها لم يرجع على الذي أكرهه أيضا بشيء لانه أتلف عليه النكاح و ان لم يكن دخل بها لزمه نصف المهر و فى القياس لا يرجع على

(108)

المكره بشيء لانه كان متمكنا من قربانها في المدة ليسقط به الايلاء فإذا لم يفعل كان في معنى ما لزمه من نصف المهر و فى الاستحسان يرجع على المكره بالاقل من نصف الصداق و من قيمة الذي التي استحلفه على عتقه لانه ملجأ في التزام الاقل فانه اما أن يدخل بها فيبطل ملكه عن المدبر أو لا يدخل بها فليزمه نصف المهر بوقوع الطلاق قبل الدخول فكان ملجأ مضطرا في أقلهما و المكره هو الذي ألجاه إلى ذلك فلهذا رجع عليه بالاقل و جمع في السوأل ببن المدبر وأم الولد و قيل في ام الولد الجواب قولهما فاما عند تحقيقه فلا يرجع بشيء لان رق أم الولد عنده فليس بمال متقوم و انما له عليه ملك المتعة بمنزلة ملك النكاح و ذلك لا يكون مضمونا على المكره بالاتلاف و لو أكرهه على أن قال ان قربتها فمالي صدقة في المساكين فتركها أربعة أشهر فبانت و لم يدخل بها أو قربها في الاربعة الاشهر فلزمته الصدقة لم يرجع على المكره بشيء لانه أن قربها فقد خالف ما أمره به المكره و ان لم يقربها فقد كان هو متمكنا من أن يقربها في المدة و يلزمه بالقربان صدقة فيما بينه و بين ربه من أن يجبره السلطان عليها و لهذا لا يرجع على المكره بشيء و هو في المعنى نظير ما لو أكرهه على النذر بصدقة ماله في المساكين و الله أعلم ( باب اكراه الخوارج المتأولين ) ( قال رحمه الله ) و ان غلب قوم من الخوارج المتأولين على أرض و جرى فيها حكمهم ثم أكرهوا رجلا على شيء مما وصفنا في اكراه اللصوص أو أكره قوم من المشركين رجلا على شيء مما ذكرنا في اكراه اللصوص فهذا في حق المكره فيما يسعه الاقدام عليه أو لا يسعه بمنزلة اكراه اللصوص لان الالجاء تحقق بخوف التلف على نفسه و ذلك عند قدرة المكره على إيقاع ما هدده به سواء كان من اللصوص أو من المشركين أو من الخوارج فاما ما يضمن فيه اللصوص أو يلزمهم به القود في جميع ما ذكرنا فانه لا يجب شيء من ذلك على أهل الحرب و لا على الخوارج المتأولين كما لو باشروا الاتلاف بأيديهم و هذا لان أهل الحرب ملتزمين لاحكام الاسلام و إذا انضمت المنعة بالتأويل في حق الخوارج كانوا بمنزلة أهل الحرب في سقوط الضامن عنهم فيما أتلفوا من الدماء و الاموال للحديث الذي جاء ان الفتنة وقعت و أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كانوا متوافرين و اتفقوا أنه لا قود في دم استحل بتأويل القرآن و لا حد في فرج استحل بتأويل القرآن و لا ضمان في مال استحل

(109)

بتأويل القرآن الا أن يوجد شيء بعينه فيرد إلى أهله و قد تقدم بيان هذا في السير و لو أن المتأولين الشاهدين علينا بالشرك المستحلين لما لنا اقتسموه و أخذوا جوارا من جوارينا فاقتسموهن فيما بينهم كما تقسم الغنيمة nو استولدوهن ثم تابوا أو ظهر عليه ردت الجواري إلى مواليهن لانهم لم يتملكوهن اما لانعدام تمام الاحراز فتمامه بالاحراز بدار تخالف دار المستولى عليه أو لبقاء إحراز الملاك لبقاء الجواري في دار الاسلام و لا حد على الواطي منهن و لا عقر لان المستوفي بالوطء في حكم جزء هو عين و إتلاف الجزء معتبر بإتلاف الكل و الاولاد أحرار بعين القيمة لان الواطي بمنزلة المغرور باعتبار تأويله و التأويل الفاسد عند انضمام المنعة بمنزلة التأويل الصحيح و ولد المغرور حر ثابت النسب من المغرور الا أن في هذا الموضع المغرور يضمن قيمة الاولاد لانه منع حدوث الرق فيهم فنزل ذلك منزلة الاتلاف وهنا هو لا يضمن الولد بالاتلاف لصاحب الجارية فكذلك لا يغرم قيمته بسبب الغرور و كذلك أهل الحرب فيما أخذوا من المسلمين من مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة فولدت لهم ثم أسلموا ان هؤلاء لا يملكون بالاحراز فيكون حال المشركين فيه كحال الخوارج في الجواري على ما بيناه و الله أعلم ( باب ما يخالف المكره فيه ما أمر به ) ( قال رحمه الله ) و لو أكره الرجل على أن يهب نصف داره مقسوم أو لم يسم له مقسوما و لا غيره و أكره على التسليم فوهب الدار كلها و سلمها فهو جائز لانه أتى بغير ما أكره فالجميع النصف وهبة نصف الدار مقسوم هبة فاسدة و هو قد أتى بهبة صحيحة عرفنا أن ما أتى به ما أكره عليه فكان طائعا فيه و كذلك لو أمر بهبة الدار فتصدق بها عليه أو بصدقتها عليه فوهبها له و هو ذو رحم محرم منه أو أجنبي لان الهبة الصدقة فالهبة تمليك المال من الموهوب له و المقصود به العوض و الصدقة جعل المتصدق به لله تعالى خالصا ثم الصرف إلى الفقراء لتكون كفاية من الله تعالى و الدليل عليه أن صرف الصدقة الواجبة إلى بني هاشم لا تجوز و الهبة لهم حسن و انه و أنه لا رجوع في الصدقة و حق الرجوع ثابت للواهب و فى الهبة من ذي الرحم المحرم انما لا يرجع لصيانة الرحم عن القطيعة أو لحصول المقصود بالهبة و هو صلة الرحم لانه بمنزلة الصدقة إذا ثبت أن ما أتى به

(110)

ما أكره عليه حقيقة و حكما كان طائعا فيه و لو أمره بالهبة فنحلها أو أعمرها كان باطلا لان النحلة و العمرى هبة فهذه ألفاظ مختلفة و المقصود بالكل واحد و فى الاكراه يعتبر المقصود دل على الفرق ان اختلاف الشاهدين في لفظة الهبة و النحلة و العمرى لا يمنع قبول الشهادة و اختلافهما في الهبة و الصدقة يمنع قبول الشهادة سواء كان الموهوب له ذا رحم محرم أو أجنبيا و لو أكره على الهبة و الدفع فوهب على عوض و تقابضا كان جائزا لانه أتى بغير ما أمر به فالهبة بشرط العوض بعد التقابض بيع فكانه أكرهه على الهبة فباع و لان مقصود المكره الاضرار بإتلاف ملكه بغير عوض و لم يحصل ذلك إذا وهبه على عوض و قد يكون المرء ممتنعا من الهبة بغير عوض و لا يمتنع من الهبة بعوض و لو أكرهه على أن يهبه على عوض و يدفعه فباعه بذلك و تقابضا كان باطلا و كذلك أو أكره على البيع و التقابض فوهبه على عوض و تقابضا كان بعد التقابض و الهبة بشرط العوض بمنزلة البيع حتى ثبت فيه جميع أحكام البيع فيكون هو مجيبا إلى ما طلب المكره في المعنى و ان خالفه في اللفظ و لان قصد المكره الاضرار به و ذلك لا يختلف باختلاف لفظ البيع و الهبة بشرط العوض و لو أكره على أن يهبه و يدفعه ففعل فعوضه الآخر من الهبة بغير أكراه فقبله كان هذا اجازة منه بهبته حين رضى بالعوض لان العوض اما يكون عن هبة صحيحة فرضاه بالعوض يكون دليل الرضا منه بصحة الهبة و دليل الرضا كصريح الرضا فان سلم له العوض فان قبضه بتسليم العوض فهو جائز و لا رجوع لواحد منهما على صاحبه كما لو كانت الهبة بغير كره فعوضه و كما في الهبة بشرط العوض و ان أبى أن يسلم العوض و قال قد سملت الهبة حين رضيت بالعوض فلا أدفع إليك العوض و لا سبيل لك على الهبة لم يكن له ذلك لان الرضا كان في ضمن العوض و انما يكون راضيا بشرط سلامة العوض له و إذا لم يسلم له كان له أن يرجع في الهبة كما لو وهبه بشرط العوض ( ألا ترى ) أنه لو قال قد سلمته على ان يعوضنى كذا فأبى لم يكن هذا تسليما منه للهبة ( ألا ترى ) أن رجلا لو وهب جارية رجل بغير أمره لرجل و قبضها الموهوب له فقال له رب الجارية عوضنى منها فعوضه عوضا و قبضه كان هذا اجازة منه للهبة و ان أبى أن يعوضه لم يكن هذا اجازة منه للهبة فكذلك ما سبق و كذلك لو أجبره على بيع عبده بألف درهم و على دفعه و قبض الثمن ففعل ذلك ثم قال للمشتري زدني في الثمن ألف درهم لم يكن هذا اجازة للبيع الاول الا أن يزيده فان زاده جاز البيع و ان لم يزده فله أن يبطله و كذلك لو قال قد أجزت ذلك البيع على أن تزيدني

(111)

ألف درهم و المعنى في الكل واحد و هو انما رضى بشرط أن يسلم له العوض و الزيادة فإذا لم يسلم لم يكن راضيا به و لو أكرهه بوعيد تلف أو حبس على أن يبيع عبده من هذا بألف درهم و لم يأمره بالدفع فباعه و دفعه لم يكن على الذي أكرهه شيء و ينبغي أن يجوز البيع إذا كان هو الدافع بغير اكراه بمنزلة ما لو دفعه بعد ما افترقا من موضع الاكراه و قد بينا فيما تقدم أن الاكراه على البيع لا يكون اكراها على التسليم بخلاف الهبة ( ألا ترى ) لو أن لصا قال له لاقتلنك أو لتبيعنه عبدك هذا فانى قد حلفت لتبيعنه إياه فباعه خرج المكره من يمينه و هذا اشارة إلى الجواب عن اشكال يقال في هذه المسألة ان قصد المكره الاضرار و ذلك انما يكون تمامه بالاخراج من يده لان زوال الملك في بيع المكره لا يكون الا به كما في الهبة فتبين أنه قد يكون للمكره مقصود في نفس البيع و لكن هذا الذي أشار اليه يتأتى في الهبة أيضا و المعتمد هو الفرق الذي تقدم بيانه و لو أكرهه بوعيد تلف على أن يهبه له فوهبه و دفعه فقال قد وهبته لك فخذه فاخذه الموهوب له فهلك عنده كان للمكره ان شاء ضمن المكره القيمة لان اكراهه على الهبة أكراه على التسليم و ان شاء ضمن القابض لان قبضه على سبيل التملك لنفسه بغير رضاه ( ألا ترى ) أن رجلا لو أمر رجلا ان يهب جاريته هذه لفلان فأخذها المأمور فوهبها و دفعها إلى الموهوب له جاز ذلك فلما جعل التوكيل بالهبة توكيلا بالتسليم كان المقصود بالهبة لا يحصل الا بالتسليم فكذلك الاكراه على الهبة يكون اكراها على التسليم ثم بين في الاصل ما يوضح هذا الفرق و هو ان إيجاب الهبة للموهوب له يكون اذنا في القبض إذا كان بمحضر منهما و إيجاب البيع لا يكون اذنا في القبض و ان كان المبيع حاضرا حتى لو قبضه بغير أمر البائع كان للبائع أن يأخذه منه حتى يعطيه الثمن و البيع الفاسد بمنزلة الهبة في هذا الحكم و كان الطحاوي رحمه الله يقول في البيع الصحيح أيضا للمشتري أن يقبضه بمحضر منهما ما لم ينهه البائع عن ذلك و قال إيجاب البيع الصحيح أقوى من إيجاب البيع الفاسد و لكن ما ذكره محمد في الكتاب أصح لان القبض في البيع الفاسد و الهبة نظير القبول في البيع الصحيح من حيث ان الملك يحصل به فاما قبض المشترى في البيع الصحيح فيكون مسقطا حق البائع في الحبس و إيجاب البيع لا يكون إسقاطا لحقه في الحبس فلا بد من الامر بالقبض ليسقط به حقه و لو أكرهه على ان يبيعه منه بيعا فاسدا فباعه بيعا جائزا جاز البيع لانه أتى بغير ما أمره به فالبيع الفاسد لا يزيل الملك بنفسه و البيع الجائز يزيل الملك بنفسه و كذلك الممتنع




/ 28