مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(35)

العصير و ثلثا الماء و الباقى ثلث العصير و ثلث الماء فهو و ما لو صب الماء في العصير بعد ما طبخه على الثلث و الثلثين سواء و إذا طبخ عصير حتى ذهب ثلثه ثم صنع منه مليقا فان كان ذلك قبل أن يتغير عن حاله فلا بأس به و ان صنعه بعد ما غلى فتغير عن حال العصير فلا خير فيه لانه لما غلى و اشتد صار محرما و المليق المتخذ من عين المحرم لا يكون حلالا كالمتخذ من الخمر فأما قبل أن يشتد فهو حلال الشرب فأما صنيع المليق من عصير فحلال و إذا طبخ الرجل عصيرا حتى ذهب ثلثه ثم تركه حتى برد ثم أعاد عليه الطبخ حتى ذهب نصف ما بقي فان كان أعاد عليه الطبخ قبل أن يغلى أو يتغير عن حال العصير فلا بأس به لان الطبخ في دفعتين إلى ذهاب الثلثين منه و فى دفعة سواء و ان صنعه بعد ما غلي و تغير عن حال العصير فلا خير فيه لان الطبخ في المرة الثانية لا قى شيأ محرما فهو بمنزلة خمر طبخ حتى ذهب ثلثاه به و إذا طبخ الرجل عصيرا حتى ذهب ثلاثة أخماسه ثم قطع عنه النار فلم يزل حتى ذهب منه تمام الثلثين فلا بأس به لانه صار مثلثا بقوة النار فان الذي بقي منه من الحرارة بعد ما قطع عن النار أثر تلك النار فهو و ما لو صار مثلثا و النار تحته سواء و هذا بخلاف ما لو برد قبل أن يصير مثلثا لان الغليان بعد ما انقطع عنه أثر النار لا يكون الا بعد الشدة و حين اشتد فقد صار محرما بنفسه و لان الغليان بقوة لا ينقص منه شيأ بل يزيد في رقته بخلاف الغليان بقوة النار فان شرب الطلاء الذي قد طبخ حتى ذهب عشره فلا حد عليه أن يسكر لما بينا أنه ذهب بالطبخ شيء فيخرج من أن يكون خمرا و فى الخمر من الاشربة لا يجب الحد الا بالسكر و إذا استعط الرجل بالخمر أو اكتحل بها أو اقتطرها في اذنه أو داوى بها جائفة أو أمة فوصل إلى دماغه فلا حد عليه لان وجوب الحد يعتمد شرب الخمر و هو بهذه الافعال لا يصير شاربا و ليس في طبعه ما يدعوه إلى هذه الافعال لتقع الحاجة إلى شرع الزاجر عنه و لو عجن دواء بخمر ولته أو جعلها أحد أخلاط الدواء ثم شربها و الدواء هو الغالب فلا حد عليه و ان كانت الخمر هى الغالبة فانه يحد لان المغلوب يصير مستهلكا بالغالب إذا كان من خلاف جنسه و الحكم للغالب و الله أعلم بالصواب ( باب التعزير ) ( قال رحمه الله ) ذكر عن الشعبي رحمه الله قال لا يبلغ بالتعزير أربعون سوطا و به أخذ

(36)

أبو حنيفة و محمد رحمهما الله قالا لان الاربعين سوطا أدنى ما يكون من الحد و هو حد العبيد في القذف و الشرب و قال عليه الصلاة و السلام من بلغ حدا في حد فهو من المعتدين و هذا قول أبى يوسف الاول ثم رجع و قال يبلغ بالتعزير خمسة و سبعين سوطا لان أدنى الحد ثمانون سوطا وحد العبد نصف الحر و ليس بحد كامل و هذا مروى عن محمد أيضا و عن أبى يوسف انه يجوز أن يبلغ بالتعزير تسعة و سبعين سوطا و هذا ظاهر على الاصل الذي بينا و أما تقدير النقصان بالخمسة على الرواية الاولى فهو بناء على ما كان من عادته انه كان يجمع في اقامة الحد و التعزير بين خمسة أسواط و يضرب دفعة فانما نقص في التعزير ضربة واحدة و ذلك خمسة أسواط و إذا أخذ الرجل مع المرأة و قد أصاب منها كل محرم الجماع عزر بتسعة و ثلاثين سوطا و قد بينا في كتاب الحدود أن كل من ارتكب محرما ليس فيه حد مقدر فانه يعزر ثم الرأي في مقدار ذلك إلى الامام و يبنى ذلك على قدر جريمته و هذه جريمة متكاملة فلهذا قدر التعزير فيها بتسعة و ثلاثين سوطا و قد بينا أن الضرب في التعزير أشد منه في الحدود لانه دخله تخفيف من حيث نقصان العدد و انه ينزع ثيابه عند الضرر و يضرب على ظهره و لا يفرق على أعضائه انما ذلك في الحدود و إذا نقب السارق النقب و أخذ المتاع فأخذ في البيت أو أخذ و قد خرج بمتاع لا يساوى عشرة دراهم فانه يعزر لارتكابه محرما و المرأة في التعزير كالرجل لانها تشاركه في السبب الموجب للتعزير و إذا كان الرجل فاسقا متهما بالشر كله فاخذ عزر لفسقه و حبس حتى يحدث توبة لانه متهم و قد حبس رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا في تهمة و الذى يزنى في شهر رمضان نهارا فيدعى شبهة يدرأ بها الحد عن نفسه يعزر لافطاره لانه مرتكب للحرام بإفطاره و ان خرج من أن يكون زانيا بما ادعي من الشبهة و لا يحبس هنا لان الحبس للتهمة فاما جزاء الفعل الذي باشره فالتعزير و قد أقيم عليه و المسلم الذي يأكل الربا أو يبيع الخمر و لا ينزع عن ذلك إذا رفع إلى الامام يعزره و كذلك المخنث و النائحة و المغنية فان هؤلاء يعزرون بما ارتكبوا من المحرم و يحبسون حتى يحدثوا التوبة لانهم بعد اقامة التعزير عليهم مصرون على سوء صنيعهم و ذلك فوق التهمة في إيجاب حبسهم إلى أن يحدثوا التوبة و إذا شتم المسلم إمرأة ذمية أو قذفها بالزنا عزر لان الذمية محصنة فلا يجب الحد على على قاذفها و لكن قاذفها مرتكب ما هو محرم فيعزر و كذلك إذا قذف مسلمة قد زنت أو مسلما قد زنا أو أمة مسلمة لان المقذوف من هؤلاء محصن و لكن القاذف

(37)

مرتكب ما هو حرام و هو إشاعة الفاحشة و هتك للستر على المسلم من حاجة و ذلك موجب للتعزير عليه و إذا قطع اللصوص الطريق على قوم فلهم أن يقاتلوهم دفعا عن أنفسهم و أموالهم قال عليه الصلاة و السلام من قتل دون ماله فهو شهيد و إذا استعانوا بقوم من المسلمين لم يحل لهم أن يعينوهم و يقاتلوهم معهم و ان اتوا على أنفسهم لان النهى عن المنكر فرض و بذلك وصف الله تعالى هذه الامة بأنهم خير أمة فلا يحل لهم أن يتركوا ذلك إذا قدروا عليه قلت و الرجل يخترط السيف على الرجل و يريد أن يضربه و لم يفعل أو شد عليه بسكين أو عصا ثم لم يضربه بشيء من ذلك هل يعزر قال نعم لانه ارتكب ما لا يحل من تخويف المسلم و القصد إلى قتله قلت و الرجل يوجد في بيته الخمر بالكوفة و هو فاسق أو يوجد القوم مجمتعين عليها و لم يرهم أحد يشربونها أنهم جلسوا مجلس من يشربها هل يعزرون قال نعم لان الظاهر ان الفاسق يستعد الخمر للشرب و ان القوم يجمتعون عليه لارادة الشرب و لكن بمجرد الظاهر لا يتقرر السبب على وجه لا شبهة فيه فلا يمكن اقامة الحد عليهم و التعزير مما يثبت مع الشبهات فلهذا يعزرون و كذلك الرجل يوجد معه ركوة من الخمر بالكوفة أو قال ركوة و قد كان بعض العلماء في عهد أبي حنيفة رحمه الله يقول يقام عليه الحد كما يقام على الشارب لان الذي يسبق إلى و هم كل أحد انه يشرب بعضها و يقصد الشرب فيما بقي معه منها الا أنه حكى أن أبا حنيفة رحمه الله قال لهذا القائل لم تحده قال لان معه آلة الشرب و الفساد قال رحمه الله فارجمه إذا فان معه آلة الزنا فهذا بيان انه لا يجوز اقامة الحد بمثل هذا الظاهر و التهمة و الله أعلم ( باب من طبخ العصير ) ( قال رحمه الله ) رجل طبخ عشرة أرطال عصير حتى ذهب منه رطل ثم إهراق ثلاثة أرطال منه ثم أراد ان يطبخ البقية حتى يذهب ثلثاها كم يطبخها قال يطبخها حتى يبقى منها رطلان و تسعا رطل لان الرطل الذاهب بالغليان في المعنى داخل فيما بقي و كان الباقى قبل أن ينصب منه شيء تسعة أرطال فعرفنا أن كل رطل من ذلك في معنى رطل و تسع لان الذاهب بالغليان اقتسم على ما بقي اتساعا فان أنصب منه ثلاثة أرطال و ثلاثة اتساع رطل يكون الباقى ستة أرطال و ستة اتساع رطل فيطبخه حتى يبقى منه الثلث و هو رطلان و تسعا رطل و لو كان ذهب بالغليان رطلان ثم إهراق منه رطلان قال يطبخه حتى يبقى منه رطلان و نصف لانه لما

(38)

ذهب بالغليان رطلان فالباقي ثمانية أرطال كل رطل في معنى رطل و ربع فلما أنصب منه رطلان فالذي أنصب في المعنى رطلان و نصف و الباقى من العصير سبعة أرطال و نصف و ان ذهب بالغليان خمسة أرطال ثم أنصب رطل واحد منه أو أخذ رجل منه رطلا قال يطبخ الباقى حتى يبقى منه رطلان و ثلثا رطل لانه لما ذهب بالغليان خمسة أرطال فما ذهب في المعنى داخل فيما بقي و صار كل رطل بمعنى رطلين فلما أنصب من الباقى رطل كان الباقى بعده من العصير ثمانية أرطال فيطبخه إلى أن يبقى ثلث ثمانية أرطال و ذلك رطلان و ثلثا رطل و فى الكتاب أشار إلى طريق آخر في تخريج جنس هذه المسائل فقال السبيل أن يأخذ ثلث الجميع فيضربه فيما بقي بعد ما أنصب منه ثم يقسمه على ما بقي بعد ما ذهب بالطبخ قبل أن ينصب منه شيء فما خرج بالقسمة فهو حلال ما بقي منه و بيان هذا أما في المسألة الاولى فتأخذ ثلث العصير ثلاثة و ثلثا و تضربه فيما بقي بعد ما أنصب منه و هو ستة فيكون عشرين ثم تقسم العشرين على ما بقي بعد ما ذهب بالطبخ منه قبل أن ينصب منه شيء و ذلك تسعة و إذا قسمت عشرين على تسعة فكل جزء من ذلك اثنان و تسعان فعرفنا ان حلال ما بقي رطلان و تسعا رطل و فى المسألة الثانية تأخذ أيضا ثلاثة و ثلثا و تضربه فيما بقي بعد الانصباب و هو ستة فيكون عشرين ثم تقسم ذلك على ما بقي بعد الطبخ قبل الانصباب و هو ثمانية فكل قسم من ذلك اثنان و نصف فعرفنا ان حلال ما بقي منه رطلان و نصف و فى المسألة الثالثة تأخذ ثلاثة و ثلثا و تضربه فيما بقي بعد الانصباب و هو أربعة فيكون ثلاثة عشر و ثلثا ثم تقسمه على ما بقي قبل الانصباب بعد الطبخ و ذلك خمسة فيكون كل قسم اثنين و ثلثين فلهذا قلنا يطبخه حتى يبقى رطلان و ثلثا رطل و فى الاصل قال حتى يبقى رطلان و ثلاثة أخماس و ثلث خمس و ذلك عبارة عن ثلثي رطل إذا تأملت و ربما يتكلف بعض مشايخنا رحمهم الله لتخريج هذه المسائل عن طريق الحساب من الجبر و المقابلة و غير ذلك و لكن ليس في الاشتغال بها كثير فائدة هنا و الله أعلم ( كتاب الاكراه ) ( قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة و فخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبى سهل السرخسي رحمه الله تعالى إملاء الاكراه اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي به رضاه أو يفسد به اختياره من ان تنعدم به الاهلية في حق المكره أو يسقط عنه الخطاب لان المكره

(39)

مبتلى و الابتلاء يقرر الخطاب و لا شك أنه مخاطب في ما أكره عليه و ذلك فيما أكره عليه حتى يتنوع الامر عليه فتارة يلزمه الاقدام على ما طلب منه و تارة يباح له ذلك و تارة يرخص له في ذلك و تارة يحرم عليه ذلك فذلك آية الخطاب و لذلك لا ينعدم أصل القصد و الاختيار بالاكراه كيف ينعدم ذلك و انما طلب منه أن يختار أهون الامرين عليه و زعم بعض مشايخنا رحمهم الله أن أثر الاكراه التام في الافعال في نقل الفعل من المكره إلى المكره و هذا ليس بصحيح فانه لا يتصور نقل الفعل الموجود من شخص إلى غيره و المسائل تشهدد بخلاف هذا أيضا فان البالغ إذا أكره صبيا على القتل يجب القود على المكره و هذا الفعل في محله موجب للقود فلا يصير موجبا بانتقاله إلى محل آخر و لكن الاصح أن تأثير الاكراه في جعل المكره آلة للمكره فيصير الفعل منسوبا إلى المكره بهذا الطريق و جعل المكره آلة لا باعتبار أن بالاكراه ينعدم الاختيار منه أصلا و لكن لانه يفسد اختياره به لتحقق الالجاء فالمرء مجبول على حب حياته و ذا يحمله على الاقدام على ما أكره عليه فيفسد به اختياره من هذا الوجه و الفاسد في معارضة الصحيح كالمعدوم فيصير الفعل منسوبا إلى المكره لوجود الاختيار الصحيح منه و المكره يصير كالآلة للمكره لانعدام اختياره حكما في معارضة الاختيار الصحيح و لهذا اقتصر على ما يصلح أن يكون آلة له فيه دون ما لا يصلح كالتصرفات قولا فانه لا يتصور تكلم المرء بلسان غيره و تأثير الاكراه في هذه التصرفات في انعدام الرضا من المكره بحكم الشبه و شبهه بعض أصحابنا رحمهم الله بالهزل فان الهزل عدم الرضا بحكم السبب مع وجود القصد و الاختيار في نفس السبب فالإِكراه كذلك الا أن الهازل محمول على التكلم و المكره محمول على ذلك و بذلك لا ينعدم اختياره كما بينا و شبهه بعضهم باشتراط الخيار فان شرط الخيار يعدم الرضا بحكم السبب دون نفس السبب ثم في الاكراه يعتبر معني في المكره و معنى في المكره و معنى فيما أكره عليه و معنى فيما أكره به فالمعتبر في المكره تمكنه من إيقاع ما هدده به فانه إذا لم يكن متمكنا من ذلك فاكراهه هذيان و فى المكره المعتبر أن يصير خائفا على نفسه من جهة المكره في إيقاع ما هدده به عاجلا لانه لا يصير ملجأ محمولا طبعا الا بذلك و فيما أكره به بان يكون متلفا أو مزمنا أو متلفا عضوا أو موجبا عما ينعدم الرضا باعتباره و فيما أكره عليه أن يكون المكره ممتنعا منه قبل الاكراه اما لحقه أو لحق آدمى آخر أو لحق الشرع و بحسب اختلاف هذه الاحوال

(40)

يختلف الحكم فالكتاب لتفصيل هذه الجملة و قد ابتلى محمد رحمه الله بسبب تصنيف هذا الكتاب على ما حكى عن ابن سماعة رحمه الله قال لما صنف محمد رحمه الله هذا الكتاب سعى به بعض حساده إلى الخليفة فقال انه صنف كتابا سماك فيه لصا غاليا فاعتاظ لذلك و أمر بإحضاره و أتاه الشخص و أنا معه فأدخله على الوزير أولا في حجرته فجعل الوزير يعاتبه على ذلك فأنكره محمد أصلا فلما علمت السبب أسرعت الرجوع إلى داره و تسورت حائط بعض الجيران لانهم كانوا سمروا على بابه فدخلت داره و فتشت الكتب حتى وجدت كتاب الاكراه فألقيته في جب في الدار لان الشرط أحاطوا بالدار قبل خروجى منها فلم يمكنى أن أخرج و اختفيت في موضع حتى دخلوا و حملوا جميع كتبه إلى دار الخليفة بامر الوزير و فتشوها فلم يجدوا شيأ مما ذكره الساعي لهم فندم الخليفة على ما صنع به و اعتذر اليه ورده بجميل فلما كان بعد أيام أراد محمد رحمه الله أن يعيد تصنيف الكتاب فلم يجبه خاطره إلى مراده فجعل يتأسف على ما فاته من هذا الكتاب ثم أمر بعض وكلائه أن يأتى بعامل ينقي البئر لان ماءها قد تغير فلما نزل العامل في البئر وجد الكتاب في آجرة أو حجر بناء من طى البئر لم يبتل فسر محمد رحمه الله بذلك و كان يخفى الكتاب زمانا ثم أظهره فعد هذا من مناقب محمد و ما يستدل به على صحة تفريعه لمسائل هذا الكتاب ثم بدأ الكتاب بحديث رواه عن إبراهيم رحمه الله قال في الرجل يجبره السلطان على الطلاق و العتاق فيطلق أو يعتق و هو كاره انه جائز واقع و لو شاء الله لابتلاه بأشد من هذا و هو يقع كيفما كان و به أخذ علماؤنا رحمهم الله و قالوا طلاق المكره واقع سواء كان المكره سلطانا أو غيره أكرهه بوعيد متلف أو متلف و الخلاف في هذا الفصل كان مشهورا بين السلف من علماء التابعين رحمهم الله و لهذا استكثر من أقاويل السلف على موافقة قول إبراهيم و فى قوله و لو شاء الله لابتلاه بأشد من هذا اشارة إلى ما ذكرنا من بقاء الاهلية و الخطاب مع الاكراه و انه راض في ذلك و لكن عدم الرضا بحكم الطلاق لا يمنع الوقوع و لهذا وقع مع اشتراط الخيار عند الايقاع و مع الهزل من الموقع و ان كان معلوما و كأنه أخذ هذا اللفظ مما ذكره علي رضي الله عنه في إمرأة المفقود انها ابتليت فلتصبر و لو شاء الله لابتلاها بأشد من هذا و عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله انه أجاز طلاق المكره و عن سعيد بن المسيب رضى الله عنه انه ذكر له أن رجلا ضرب غلامه حتى طلق إمرأته فقال بئس ما صنع و انما فهموا منه بهذا الفتوى بوقوع الطلاق حتى

(41)

قال يحيى بن سعيد راوي الحديث أى هو جائر عليه في معنى قوله بئس ما صنع أى حين فرق بينه و بين إمرأته بغير رضاه و انما يكون ذلك إذا وقعت الفرقة و من قال لا يقع طلاق المكره يقول مراد سعيد رضي الله عنه بئس ما صنع في اكتسابه بالاكراه و تضييعه وقت نفسه و قد رد عليه الشرع قصده و جعل طلاق المكره لغوا و لكن الاول أظهر وأصل هذا فيما إذا باع رجلا عينا من مال غيره بغير أمره ثم أخبر المالك به فقال بئس ما صنعت و هذا اللفظ في رواية هشام عن محمد لا يكون اجازة للبيع بخلاف قوله نعم ما صنعت أو أحسنت أو أصبت فان في اللفظ الاول اظهار الكراهة لصنعه و فى اللفظ الثاني اظهار الرضا به و روى ابن سماعة رحمه الله على عكس هذا ان قوله نعم ما صنعت يكون على سبيل الاستهزاء به في العادة فيكون ردا لا اجازة و قوله بئس ما صنعت يكون اجازة لانه اظهار للتأسف على ما فاته و ذلك انما يتحقق إذا نفذ البيع و زال ملكه فجعلناه اجازة لذلك و عن صفوان بن عمرو الطائي أن رجلا كان مع إمرأته نائما فأخذت سكينا و جلست على صدره فوضعت السكين على حلقه و قالت لتطلقنى ثلاثا البتة أو لاذبحنك فناشدها الله فابت عليه فطلقها ثلاثا فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال عليه الصلاة و السلام لا قيلولة في الطلاق و فيه دليل وقوع طلاق المكره لان لقوله عليه الصلاة و السلام لا قيلولة في الطلاق تأويلين أحدهما انها بمعنى الاقالة و الفسخ أى لا يحتمل الطلاق في الفسخ بعد وقوعه و انما لا يلزمه عند الاكراه ما يحتمل الاقالة أو يعتمد تمام الرضا و الثاني ان المراد انما ابتليت بهذا لاجل يوم القيلولة و ذلك لا يمنع وقوع الطلاق و بطريق آخر يروى هذا الحديث أن رجلا خرج مع إمرأته إلى الجبل ليمتار العسل فلما تدلي من الجبل بحبل وضعت السكين على الحبل فقالت لتطلقنى ثلاثا أو لا قطعنه فطلقها ثلاثا ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليستفتى فقال عليه الصلاة و السلام لا قيلولة في الطلاق و أمضى طلاقه و ذكر نظير هذا عن عمرو بن شرحبيل رضى الله عنه أن إمرأة كانت مبغضة لزوجها فراودته على الطلاق فأبى فلما رأته نائما قامت إلى سيفه فأخذته ثم وضعته على بطنه ثم حركته برجلها فلما استيقظ قالت له و الله لانفذنك به أو لتطلقنى ثلاثا فطلقها فأتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستغاث به فشتمها و قال ويحك ما حملك على ما صنعت فقالت بغضي إياه فامضى طلاقه و هو دليل لنا على أن طلاق المكره واقع و لا يقال في هذا كله ان هذا الاكراه كان من السلطان لان الاكراه بهذه




/ 28