مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(28)

رحمه الله في الكتاب إلى حرف فقال لانها لم تكن أنفحة و لا لبنا و هي ميتة و لا يضرها موت الشاة يعنى ان اللبن و الانفحة تنفصل من الشاة بصفة واحدة حية كانت الشاة أو ميتة ذبحت أو لم تذبح فلا يكون لموت الشاة تأثير في اللبن و الانفحة و على هذا لو ماتت دجاجة فوجد في بطنها بيضة فلا بأس بأكل البيضة عندنا و عنده ان كانت صلبة فكذلك و ان كانت لينة لم يجز الانتفاع بها كاللبن و الانفحة على أصله و لو سقي شاة خمرا ثم ذبحت ساعتئذ فلا بأس بلحمها و كذلك لو حلب منها اللبن فلا بأس بشربه لان الخمر صارت مستهلكة بالوصول إلى جوفها و لم تؤثر في لحمها و لا في لبنها و هي على صفة الخمرية بحالها فلهذا لا بأس بأكل لحمها و شرب لبنها و لو صب رجل خابية في خمر في نهر مثل الفرات أو أصغر منه و رجل أسفل منه فمرت به الخمر في الماء فلا بأس بان يشرب من ذلك الماء الا أن يكون يوجد فيه طعمها أو ربحها فلا يحل له حينئذ بخلاف ما لو وقعت قطرة من خمر في إناء فيه ماء لان ماء الانآء قد تنجس فلا يحل شربه و ان كان لا يوجد فيه طعم الخمر و أما الفرات فلا يتنجس إذا لم يتغير طعمه و لا رائحته بما صب فيه لقوله عليه الصلاة و السلام خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء الا ما طعمه أو لونه أو ريحه و المراد الماء الجارى ثم ما صب في الفرات يصير مغلوبا مستهلكا بالماء فما يشربه الرجل ماء الفرات و لا بأس بشرب ماء الفرات الا إذا كان يوجد فيه ريح الخمر أو طعمها فيستدل بذلك على وجود عني الخمر فيما شربه و الصحيح من المذهب في الجيفة الواقعة في نهر يجرى فيه الماء أنه ان كان جيمع الماء أو أكثره يجرى على الجيفة ذلك الماء نجس و ان كان أكثره لا يجرى على الجيفة فهو طاهر لان الاقل يجعل تبعا للاكثر فيما تعم به البلوى و إذا خاف المضطر الموت من العطش فلا بأس من يشرب من الخمر ما يرد عطشه عندنا و قال الشافعي لا يحل شرب الخمر للعطش لان الخمر لا ترد العطش بل تزيد في عطشه لما فيها من الحرارة و لكنا نقول لا بأس بذلك لقوله تعالى الا ما اضطررتم اليه الآية فان كانت في الميتة ففيها بيان ان موضع الضرورة مستثنى من الحرمة الثابتة بالشرع و حرمة الخمر ثابتة بالشرع كحرمة الميتة و لحم الخنزير و لا بأس بالاصابة منها عند تحقق الضرروة بقدر ما يدفع الهلاك به عن نفسه و شرب الخمر يرد عطشه في الحال لان في الخمر رطوبة و حراره فالرطوبة التي فيها ترد عطشه في الحال ثم بالحرارة التي فيها يزداد العطش في الثاني و إلى أن يهيج ذلك به ربما يصل إلى الماء فعرفنا انه يدفع الهلاك به عن نفسه و لا يحل له أن يشرب

(29)

منها إلى السكر لان الثابت للضرورة يتقدر بقدر الضرورة فان سكر نظرنا فان لم يزد على ما يسكن عطشه فلا حد عليه لان شرب هذا المقدار حلال و هو و ان سكر من شرب الحلال لا يلزمه الحد كما لو سكر من اللبن أو البنج و ان استكثر منه بعد ما سكن عطشه حتى سكر فعليه الحد لان بعد ما سكن عطشه و هو مضطر فالقليل و الكثير منها سواء في حكمه فمقدار ما شرب بعد تسكين العطش حرام عليه و ذلك يكفى في إيجاب الحد عليه و كذلك النبيذ إذا شرب منه فوق ما يجزئه حتى سكر لما بينا أن السكر من النبيذ موجب للحد كشرب الخمر و لا ضرورة له في شرب القدح المسكر فعليه الحد لذلك و إذا كان مع رقيق له ماء كثير فأبى أن يسقيه حل له أن يقاتله عليه بما دون السلاح لان الماء محرز مملوك لصاحبه بمنزلة الطعام الا أن الماء في الاصل كان مباحا مشتركا و ذلك الاصل بقي معتبرا بعد الاحراز حتى لا يتعلق القطع بسرقته فلا عتبار أباحه الاصل قلنا يقاتله بما دون السلاح و لكونه ما لا مملوكا له في الحال له أن يقاتله عليه بالسلاح لقوله عليه الصلاة و السلام من قتل دون ماله فهو شهيد فكيف يقاتل بالسلاح من إذا قتله كان شهيدا و في الماء المباح إذا منعه منه قاتله بالسلاح و قد بينا ذلك في كتاب الشرب فاما في الطعام فلا يحل له أن يقاتله و لكنه يغصبه إياه ان استطاع فيأكله ثم يعطيه ثمنه بعد ذلك لانه ما كان للمضطر حق في هذا الطعام قط و لكن الطعام ملك لصاحبه فهو يمنع الغير من ملكه و ذلك مطلق له شرعا فلا يجوز لاحد أن يقاتله على ذلك و لكن المضطر يخاف الهلاك على نفسه و ذلك مبيح له التناول من طعام الغير بشرط الضمان و هو انما يتأتى بفعل مقصور على الطعام متعد إلى صاحبه و المقصور على الطعام الاخذ فاما القتال فيكون مع صاحب الطعام لا مع الطعام فلهذا لا يقاتله بالسلاح و لا بغيره فان كان الرقيق الذي معه الماء يخاف على نفسه الموت ان لم يحرز ماءه فانه يأخذ منه بعضه و يترك بعضه لان الشرع ينظر للكل و انما يحل للمضطر شرعا دفع الهلاك عن نفسه بطريق لا يكون فيه هلاك غيره و فى أخذ جيمع الماء منه هلاك صاحب الماء لقلته بحيث لا يدفع الهلاك الا عن أحدهما فليس له أن يأخذه من صاحب الماء لان حقه في ملكه مقدم على حق غيره ثم ذكر بعد هذا مسائل قد بينا أكثرها في الحدود فقال يضرب الشارب الحد بالسوط في ازار و سراويل ليس عليه غيرها لان جنايته مغلظة كجناية الزاني فينزع عنه ثيابه عند اقامة الحد عليه ليلخص الالم إلى بدنه و المرأة في حد الشرب كالرجل على قياس حد الزنا و يفرق الضرب على

(30)

أعضائها كما في حق الرجل الا انها لا تجرد عن ثيابها لان بدنها عورة و كشف العورة حرام و لكن ينزع عنها الحشو و الفر و لكي يخلص الالم إلى بدنها فان لم يكن عليها جبة محشوة لم ينزع ذلك عنها لان كشف العورة لا يحل بحال و كذلك لا يطرح عنها خمارها و تضرب قاعدة ليكون أستر لها هكذا قال على رضى الله عنه يضرب الرجال قياما و النساء قعودا و الاصل في حد الشرب ما روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتى بشارب خمر و عنده أربعون رجلا فامرهم أن يضربوه فضربوه كل رجل منهم بنعليه فلما كان زمان عمر رضى الله عنه جعل ذلك ثمانين سوطا و الخبر و ان كان من أخبار الآحاد فهو مشهور و قد تأكد باتفاق الصحابة رضى الله عنهم انما العمل به في زمن عمر رضى الله عنه فانه جعل حد الشرب ثمانين سواطا من هذا الحديث لانه لما ضربه كل رجل منهما بنعليه كان الكل في معنى ثمانين جلدة و الاجماع حجة موجبة للعمل فيجوز إثبات الحد به و فيما يجب عليه الحد بالسكر فحد السكر الذي يتعلق به الحد عن أبى حنيفة أن لا يعرف الارض من السماء و لا الانثى من الذكر و لا نفسه من حمار و عند أبى يوسف و محمد ان يختلط كلامه فلا يستقر في خطاب و لا جواب و اعتبرا العرف في ذلك فان من اختلط كلامه بالشرب يسمى سكران في الناس و تأيد ذلك بقوله تعالى لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون و أبو حنيفة رحمه الله اعتبر النهاية فقال في الاسباب الموجبة للحد تعتبر النهاية كما في السرقة و الزنا و نهاية السكر هذا أن يغلب السرور على عقله حتى لا يميز شيأ عن شيء و إذا كان يميز بين الاشياء عرفنا انه مستعمل لعقله مع ما به من السرور و لا يكون ذلك نهايه السكر و فى النقصان شبهة العدم و الحدود تندرئ بالشبهات و لهذا وافقهما في السكر الذي يحرم عنده الشرب إذا المعتبر اختلاط الكلام لان اعتبار النهاية فيه يندرئ بالشبهات و الحل و الحرمة يوخذ فيهما بالاحتياط و أيد هذا ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال من بات سكران بات عروس الشيطان فعليه أن يغتسل إذا أصبح و هذا اشارة إلى أن السكران من لا يحس بشيء مما يصنع به و أكثر مشايخنا رحمهم الله على قولهما و حكى ان أئمة بلخ رحمهم الله اتفقوا على انه يستقرأ سورة من القرآن فان أمكنه أن يقرأها فليس بسكران حتى حكى ان أميرا ببلخ أتاه بعض الشرط بسكران فامره الامير أن يقرأ قل يا أيها الكافرون فقال السكران للامير اقر أنت سورة الفاتحة أولا فلما قال الامير الحمد لله رب العالمين فقال قف فقد أخطأت من جهين تركت التعوذ عند افتتاح القراءة و تركت التسمية

(31)

و هي آية من الفاتحة عند بعض الائمة و القراء فخجل الامير و جعل يضرب الشرطي الذي جاء به يقول له أمرتك أن تأتيني بسكران فجئتنى بمقرئ بلخ و إذا شهد عليه الشهود بالشرب و هو سكران حبسه حتى يصحو لان ما هو المقصود لا يتم بإقامة الحد عليه في حال سكره و قد بينا هذا و المملوك فيما يلزمه من الحد بالشرب كالحر الا أن على المملوك نصف ما على الحر لقوله تعالى فعلين نصف ما على المحصنات من العذاب و لاحد على الذمي في شيء من الشراب لانه يعتقد إباحة الشرب و اعتقاد الحرمة شرط في السبب الموجب للحد و هذا لان الحد مشروع للزجر عن ارتكاب سببه و بدون اعتقاد الحرمة لا يتحقق هذا ثم قد بينا ان الحكم الخطاب قاصر عنهم في أحكام الدينا لانا أمرنا أن نتركهم و ما يعتقدون و لهذا بقي الخمر ما لا متقوما في حقهم و لهذا قلنا المجوسي إذا تزوج أمة و دخل بها لم يلزمه الحد و ان كان يقام عليه الحد بالزنا و لا يحد المسلم بوجود ريح الخمر منه حتى يشهد الشهود عليه بشربها أو يقر لان ربح الخمر شاهد زور فقد يوجد ريح الخمر من الخمر فان من استكثر من أكل السفرجل بوجد مه ريح الخمر و منه قول القائل يقولون لي أنت شربت مدامة فقلت لهم لا بل أكلت السفرجلا و قد توجد رائحة الخمر ممن شربها مكرها أو مضطرا لدفع العطش فلا يجوز أن يعتمد ربحها في اقامة الحد عليه و لو شهد عليه واحد انه شربها و آخر انه قاءها لم يحد لان من شربها مكرها أو مضطرا قد يقئ الخمر فسقط اعتبار شهادة الشاهد و انما بقي على الشرب شاهد واحد و كذلك لو شهد على الشرب و الريح منه موجود فاختلفا في الوقت لان الشرب فعل فعند اختلافهما في الوقت يكون كل واحد منهما شاهدا بفعل آخر و كذلك لو شهد أحدهما انه شربها و شهد الآخر انه أقر بشربها فانه لا معتبر بالشهادة على الاقرار بالشرب لانه لو اقر ثم رجع لا يقام عليه الحد و لان الشهادة قد اختلفت فأحدهما يشهد بالفعل و الآخر بالقول و كذلك لو شهد أحدهما أنه سكران من الخمر و شهد الآخر انه سكران من السكر فانما شهد كل واحد منهما بفعل آخر و لا يقال ينبغى أن يقام عليه الحد لما يرى من سكره لانه قد يكون سكران من الشرب أو من الشرب بالايجار أو الاكراه على الشرب أو كان الشرب على قصد التداوى و قد بينا أن ذلك موجب للحد عليه و لا يحد بإقراره في حال سكره من الخمر لان السكران لا يثبت على كلام واحد و لكنه يتكلم بالشيء و بضده و الاصرار على

(32)

الاقرار بالسبب لابد منه لايجاب حد الخمر و لو أقر عند القاضي انه شرب أمس خمرا لم يحد أيضا و انما يحد إذا أتاه ساعة شرب و الريح يوجد منه في قول أبى حنيفة و أبى يوسف و فى قول محمد يوخذ بإقراره متى جاء مثل حد الزنا و قد بينا هذه المسألة في كتاب الحدود بالبينة و الاقرار جميعا و إذا أكره على شرب الخمر لا يحد لان الشرب في حال الاكراه مباح له على ما بيننا ان موضع الضرورة مستثنى من الحرمة و لان الحد مشروع للزجر و قد كان منزجرا حين لم يقدم على الشرب ما لم تتحقق الضرورة بالاكراه و إذا أسلم الحربي و جاء إلى دار الاسلام ثم شرب الخمر قبل أن يعلم انها محرمة عليه لم يحد لان الخطاب لم يبلغه فلا يثبت حكم الخطاب في حقه و هذا بخلاف المسلم المولود في دار الاسلام إذا شرب الخمر ثم قال لم أعلم انها حرام لان حرمة الخمر قد اشتهرت بين المسلين في دار الاسلام فالظاهر يكذب المولود في دار الاسلام فيما يقول و الظاهر لا يكذب الذي جاء من دار الحرب فيما يقول فيعذر بحهله و لا يقام عليه الحد بخلاف ما إذا زنى أو شرب أو سرق فانه يقام عليه الحد و لا يعذر بقوله لم أعلم لان حرمة الزنا و السرقة في الاديان كلها فالظاهر يكذبه إذا قال لم أعلم بحرمتها و لان حد السرقة و الزنا مما تجوز أقامته على الكافر في حال كفره و هو الذمي فبعد الاسلام أولى أن يقام بخلاف حد الخمر و لان حد الزنا و السرقة ثبت بنص يتلى وحد الخمر بخبر يروى فكان أقرب إلى الدرء من حد الزنا و السرقة و يستوى في حد الزنا ان طاوعته المرأة على ذلك في دار الاسلام أو اكرهها لان حرمة الزنا في حقهما جيمعا قد اشتهرت و إذا شرب قوم نبيذا فكر بعضهم دون بعض حد من سكر لان مشروب بعضهم مشورب البعض فيعتبر في حق كل واحد منهم حاله كانه ليس معه غيره ( ألا ترى ) أن القوم إذا سقوا خمرا على مائده فمن علم انه خمر لزمه الحد و من لم يعلم ذلك منهم لم يلزمه الحد و المحرم في حد الخمر كالحلال لانه لا تأثير للمحرم و الاحرام في إباحة الشرب و لا في المنع من اقامة هذا الحد و إذا قذف السكران رجلا حبس حتى يصحو ثم يحد للقذف و يحبس حتى يخف عنه الضرب ثم يحد للسكر لان حد القذف في معنى حق العباد و سكره لا يمنع وجوب الحد عليه بقذفه لانه مع سكره مخاطب ( ألا ترى ) أن بعض الصحابة رضي الله عنهم أخذ حد الشرب من القذف على ما روى عن على رضى الله عنه قال إذا شرب هذى و إذا هذى افترى وحد المفترين في كتاب الله ثمانون جلدة و إذا شرب الخمر في نهار رمضان حد حد الخمر ثم يحبس حيت يخف عنه الضرب ثم يعزر

(33)

لافطاره في شهر رمضان لان شرب الخمر ملزم للحد و مهتك حرمة الشهر و الصوم يستوجب التعزير و لكن الحد أقوى من التعزير فببتدأ بإقامة الحد عليه ثم لا يوالي بينه و بين التعزير لكي يؤدى إلى الاتلاف و الاصل فيه حديث على رضى الله عنه انه أتى بالنجاشي الحارثى قد شرب الخمر فحده ثم حبسه حتى إذا كان الغد أخرجه فضربه عشرين سوطا و قال هذا لجراءتك على الله و افطارك في شهر رمضان رجل ارتد عن الاسلام ثم أتى به الامام و قد شرب خمرا أو سكر من الخمر أو سرق أو زنا ثم ناب و أسلم فانه يحد في جميع ذلك ما خلا الخمر و السكر فانه لا يحد فيهما لان المرتد كافر وحد الخمر و السكر لا يقام على أحد من الكفار لما بينا انه يعتقد إباحة سببه فإذا كان ارتكابه سببه في حال يعتقد اباحته لا يقام ذلك عليه فاما حد الزنا و السرقة فيقام على الكافر لاعتقاده حرمة سببه فيقام على المرتد بعد اسلامه أيضا كالذمي إذا بأشر ذلك ثم أسلم و ان لم يتب فلا حد عليه في شيء من ذلك حد القذف لان حد الزنا و السرقة خالص في حق الله تعالى و قد صارت مستحقة لله تعالى فانه يقتل على ردته و متى اجتمع في حق الله تعالى النفس و ما دونها يقتل و يلغى ما سوى ذلك و أما حد السرقة ففيه معنى حق العبد فيقام عليه و يضمن السرقة لحق المسروق منه فان شرب و هو مسلم فلما وقع في يد الامام ارتد ثم تاب لم يجد و ان كان زنا أو سرق أقيم عليه الحد لان ما اعترض من الردة يمنع وجوب حد الخمر و السكر عليه فيمنع بقاؤه و لا يمنع وجوب حد الزنا و السرقة فكذلك لا يمنع البقاء و قد قال في آخر الكتاب إذا ارتد عن الاسلام ثم سرق أو زنا أو شرب الخمر أو سكر من الخمر ثم تاب و أسلم لم يحد في شيء من ذلك الا في القذف فان لم يتب لم يقم عليه أيضا شيء من الحدود حد القذف و يقتل و ان أخذته و هو مسلم شاربا خمرا أو زانيا أو سارقا فلما وقع في يدك ارتد عن الاسلام فاستتبته فتاب أقيم عليه الحدود الا حد الخمر و هذه الرواية تخالف الرواية الاولى في فصل واحد و هو انه إذا زنا أو سرق في حال ردته لا يقام عليه الحد بعد توبته كما لا يقام قبل توبته لا المرتد بمنزلة الحربي فانه اعتقد محاربته لو تمكن منها و الحربى إذا ارتكب شيأ من الاسباب الموجبة للحد ثم أسلم لا يقام عليه الحد فكذلك المرتد و فرق على هذه الرواية بين هذا و بين ما إذا زنا أو سرق و هو مسلم ثم ارتد ثم أسلم فقال هناك حين ارتكب السبب ما كان حربيا للمسلمين فيكون مستوجبا للحد و لم يزل تمكن الامام من أقامته عليه بنفس الردة الا انه كان لا يشتغل به قبل توتبه لاستحقاق نفسه بالردة

(34)

و قد انعدم بالاسلام فلهذا يقام عليه و تزويج السكران ولده الصغير وهبته و ما أشبه ذلك من تصرفاته قولا أو فعلا صحيح لانه مخاطب كالصاحى و بالسكر لا ينعدم عقله انما يغلب عليه السرور فيمنعه من استعمال عقله و ذلك لا يؤثر في تصرفه سواء كان شرب مكرها أو طائعا فاما إذا شرب البنج أو شيأ حلوا فذهب عقله لم يقع طلاقه في تلك الحالة لانه بمنزلة المعتوه في التصرفات و ان شهد رجلان على شهادة سكران أو شهد السكران على شهادة رجلين لم يصح ذلك من قبل انه رجل فاسق و انه سكران لا يستقر على شيء واحد فيما يخبر به لهذا لو ارتد في حال سكره لا تبين منه إمرأته استحسانا قال لا أظن سكرانا ينفلت من هذا و أشباهه و قد بينا هذا في السير و إذا أتى الامام برجل شرب خمرا و شهد به عليه شاهدان فقال انما أكرهت عليه أو قال شربتها و لم أعرفها أقيم عليه الحد لان السبب الموجب للحد قد ظهر و هو يدعى عذرا مسقطا فلا يصدق على ذلك ببينة اذ لو صدق عليه من بينة لا نسد باب اقامة حد الخمر أصلا و هذا بخلاف الزاني إذا ادعى النكاح لانه هناك ينكر السبب الموجب للحد فبالنكاح يخرج الفعل من أن يكون زنا محصنا وهنا بعد الاكراه و الجهل لا ينعدم السبب و هو حقيقة شرب الخمر انما هذا عذر مسقط فلا يثبت الا ببينة يقيمها على ذلك و يكره للرجل أن يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر هكذا نقل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه نهى أن يأكل المسلم على مائدة يشرب عليها الخمر و لان في ذلك تكثير جمع الفسقة و إظهار الرضا بصنيعهم و ذلك لا يحل للمسلم في عشر دواريق عصير عنب في قدر ثم يطبخ فيغلى فيقذف بالزبد فجعل يأخذ ذلك الزبد حتى جمع قدر دورق فانه يطبخ حتى يبقي ثلاثة دواريق ثلث الباقى لان ما أخذه من الزبد انتقص من أصل العصير فيسقط اعتباره في الحساب فظهر ان الباقى من العصير تسعة دواريق فانما يصير مثلثا إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه و يبقى ثلثه ثلاثة دواريق و ان نقص منه دورق آخر في ذلك الغليان فكذلك الجواب لان ما نقص بالغليان في معني الداخل فيما بقي فلا يصير ذلك كان لم يكن و انما يلزمه الطبخ إلى أن يذهب ثلثا العصير و لو صب رجل في قدر عشر دواريق عصير و عشرين دورقا ماء فان كان الماء يذهب بالطبخ قبل العصير فانه يطبخه حتى يذهب ثمانية اتساعه و يبقى التسع لانه إذا ذهب ثلثاه بالغليان فالذاهب هو الماء فقط فعليه أن يطبخه بعد ذلك حتى يذهب ثلثا العصير و يبقى ثلثه و هو سبع الجملة و ان كانا يذهبان بالغليان معا طبخه حتى يذهب ثلثاه لانه ذهب بالغليان ثلثا




/ 28