مبسوط جلد 24

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 24

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(7)

الحدود ثبتت شرعا جزاء على أفعال معلومة فتعديتها لي تلك الافعال يكون بالرأي و لا مدخل للرأي في الحدود لا في إثبات أصلها و لا في تعدية أحكامها عن مواضعها و عن إبراهيم رحمه الله قال لا بأس إذا للمسلم خمر ان يجعلها خلا و به أخذ علماؤنا رحمهم الله و قالوا تخليل الخمر جائز خلافا لما قاله الشافعي رحمه الله و هذا لان الآثار جاءت بإباحة خل الخمر على ما قال عليه الصلاة و السلام خير خلكم خل خمركم و عن علي رضى الله عنه أنه كان يصطبغ الخبز بخل خمر و يأكله و إذا كان بالاتفاق يحل تناول خل الخمر فالتخليل بالعلاج يكون إصلاحا للجوهر الفاسد و ذلك من الحكمة فلا يكون موجبا للحرمة و يأتي بيان المسألة في موضعه و عن محمد بن الزبير رضى الله عنه قال استشار الناس عمر رضى الله عنه في شراب مرقق فقال رجل من نصارى انا نصنع شرابا في صومنا فقال عمر رضى الله عنه إئتنى بشيء منه قال فأتاه بشيء منه قال ما أشبه هذا بطلاء الابل كيف تصنعونه قال نطبخ العصير حتى يذهب ثلثاه و ينقي ثلثه فصب عليه عمر رضى الله عنها ماء و شرب منه ثم ناوله عبادة بن الصامت رضى الله عنه و هو عن يمينه فقال عبادة ما أرى النار يحل شيأ فقال عمر يا أحمق أ ليس يكون خمرا ثم يصير خلا فنأكله كله و فى هذا دليل إباحة شرب المثلث و ان كان مشتدا فان عمر رضى الله عنه استشارهم في المشتد دون الحلو و هو مما يكون ممر يا للطعام مقويا على الطاعة في ليالي الصيام و كان عمر رضى الله عنه حسن النظر للمسلمين و كان أكثر الناس مشورة في أمور الدين خصوصا فيما يتصل بعامة المسلمين و فيه دليل انه لا بأس بإحضار بعض أهل الكتاب مجلس الشورى فان النصراني الذي قال ما قاله قد كان حضر مجلس عمر رضى الله عنه للشورى و لم ينكر عليه و فيه دليل ان خبر النصراني لا بأس بأن يعتمد عليه في المعاملات إذا وقع في قلب السامع انه صادق فيه و قد استوصفه عمر رضى الله عنه فوصفه له و اعتمد خبره حتى شرب منه و فيه دليل أن دلالة الاذن من حيث العرف كالتصريح بالاذن و انه لا بأس بتناول طعامهم و شرابهم فان عمر رضى الله عنه لم يستأذنه في الشرب منه و انما كان أمره أن يأتى به لينظروا اليه ثم جوز الشرب منه بناء على الظاهر و من يستقصى في هذا الباب يقول تأويله انه أخذه منه جزية لبيت المال ثم شرب منه و فيه دليل أن المثلث ان كان غليظا لا بأس بان يرقق بالماء ثم يشرب منه كما فعله عمر رضى الله عنه و الاصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم استسقى العباس في حجة الوادع فاتاه بشراب فلما قربه إلى فيه قطب وجهه ثم دعا بماء فصبه

(8)

عليه ثم شربه و قال عليه الصلاة و السلام إذا رابكم شيء من هذه الاشربة فاكسروا متونها بالماء و عن عمر رضى الله أنه أتى بنبيذ الزبيب فدعا بماء و صبه عليه ثم شرب و قال ان لنبيذ زبيب الطائف غراما و فى مناولته عبادة بن الصامت و كان عن يمينه دليل على أن من يكون من الجانب الايمن فهو أحق بالتقديم و الاصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم أتى بعس من لبن فشرب بعضه و كان عن يمينه أعرابي و عن يساره أبو بكر رضى الله عنه فقال للاعرابي أنت على يمينى و هاذ أبو بكر فقال الاعرابى ما أنا بالذي أوثر غيري على سؤرك فتله رسول الله صلى الله عليه و سلم في يده و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الا يمنون الا يمنون و منه قول القائل ثلاثة يمنة تدور الكاس و الطست و البخور ثم أشكل على عبادة رضى الله عنه فقال ما أرى النار تحل شيأ يعنى أن المشتد من هذا الشرب قبل أن يطبخ بالنار حرام فبعد الطبخ كذلك إذا النار لا تحل الحرام فقال له عمر رضى الله عنه يا أحمق أى يا قليل النظر و التأمل أ ليس يكون خمرا ثم يكون خلا فنأكله يعني أن صفة الخمرية تزول بالتخليل فكذلك صفة الخمرية بالطبخ حتى يذهب منه الثلثان تزول و معنى هذا الكلام ان النار لا تحل و لكن بالطبخ تنعدم صفة الخمرية كالذبح في الشاة عينه لا يكون محللا و لكنه منهر للدم و المحرم هو الدم المسفوح بكون محللا لانعدام ما لاجله كان محرما و بهذا أخذنا و قلنا يجوز التخليل لانه إتلاف لصفة الخمرية و إتلاف صفة الخمرية لا يكون محرما و عن ابن عباس رضي الله عنه قال كل نبيذ يفسد عند ابانه فهو نبيذ و لا بأس به و كل نبيذ يزداد جوره على طول الترك فلا خير فيه و انما أراد به النئ من ماء الزبيب أو التمر انه ما دام حلوا و لم يصر معتقا فهو بحيث يفسد عند ابانه فلا بأس بشربه و إذا صار معتقا بان غلا و اشتد و قذف بالزبد فهو يزداد جوره على طول الترك فلا خير فيه و به كان يقول أبو يوسف رحمه الله في الابتداء في المطبوخ من ماء الزبيب و التمر انه إذا صار معتقا لا يحل شربه و ان كان بحيث يفسد إذا ترك عشرة فلا بأس بشربه ثم رجع عن ذلك فقال قول ابن عباس رضى الله عنه في النئ خاصة فهو النبيذ حقيقة مشتق من النبذ و هو الطرح أى ينبذ الزبيب و التمر الماء ليستخرج حلاوته فاما إذا طبخ فالطبخ يغيره عن حاله فلا يتناوله اسم النبيذ حقيقة و ان كان قد يسمى به مجازا و عن ابن عباس رضى الله عنه قال حرمت

(9)

الخمرة لعينها قليلها و كثيرها و المسكر من كل شراب و فيه دليل ان المحرم هو الاخير الذي يكون منه السكر كالمؤلم و اسم لما يتولد الالم منه و ان الخمر حرام لعينها و القليل و الكثير في الحكم سواء و في المثلث و المطبوخ من الزبيب و التمر يفصل بين القليل و الكثير فلا بأس بشرب القليل منه و انما يحرم منه ما يتعقبه السكر و هو القدح الاخير قال ابن عباس رضى الله عنه الكأس المسكرة هى الحرام قال أبو يوسف رحمه الله و أما مثل ذلك دم في ثوب فلا بأس بالصلاة فيه ان كان قليلا فإذا كثر لم تحل الصلاة فيه و مثله رجل ينفق على نفسه و أهله من كسبه فلا بأس بذلك فإذا أسرف في النفقة لم يسلح له ذلك و لا ينبغى و كذلك النبيذ لا بأس بان يشربه على طعام و لا خير في المسكر منه لانه إسراف فإذا جاء السكر فليدع الشرب ( الا ترى ) أن اللبن و ما أشبهه من الشراب حلال و لا ينبغى له أن كان يسكر أن يستكثر منه ( ألا ترى ) ان البنج لا بأس بان يتداوى به الانسان فإذا كان أن يذهب عقله منه فلا ينبغى أن يفعل ذلك و في هذا كله بيان أن المحرم هو السكر الا أن في الخمر القليل يدعو إلى الكثير كما قررنا فيحرم شرب القليل منها لانها داعية إلى الكثير و ذلك في المثلث لا يوجد فانه غليظ لا يدعو قليله إلى كثيره بل بالقيل يستمرئ طعامه و يتقوى على الطاعة و الكثير يصدع رأسه ( ألا ترى ) أن الذي يعتاودن شرب المسكر لا يرغبون في المثلث أصلا و لا يقال القدح الاخير مسكر بما تقدمه لان المسكر ما يتصل به السكر بمنزلة المتخم من الطعام فان تناول الطعام بقدر ما يغذيه و يقوى بدنه حلال و ما يتخمه و هو الاكل فوق الشبع حرام ثم المحرم منه المتخم و هو ما زاد على الشبع و ان كان هذا لا يكون متخما الا باعتبار ما تقدمه فكذلك في الشراب و عن ابن مسعود رضى الله عنه ان إنسانا أتاه و فى بطنه صفراء فقال وصف لي السكر فقال عبد الله ان الله تعالى لم يجعل شفاء كم فيما حرم عليكم و به نأخذ فنقول كل شراب محرم فلا يباح شربه للتداوى حتى روى عن محد أن رجلا اتى يستأذنه في شرب الخمر للتداوى قال ان كان في بطنك صفراء فعليك بماء السكر و ان كان بك رطوبة فعليك بماء العسل فهو انفع لك ففى هذا اشارة إلى انه لا تتحقق الضرورة في الاصابة من الحرام فان يوجود من جنسه ما يكون حلالا و المقصود يحصل به و قد دل عليه قول النبي صلى الله عليه و سلم ان الله لم يجعل في رجس شفاء و لم يرد به نفى الشفاء أصلا فقد يشاهد ذلك و لا يجوز أن يقع الخلف في خبر الشرع عليه الصلاة و السلام و لكن المراد أنه لم يعين رجسا للشفاء على وجه لا يوجد من الحلال ما يعمل عمله أو يكون

(10)

أقوى منه و عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال نهيتكم عن ثلاث عن زيارة القبور فزروها فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه و لا تقولوا هجرا و عن لحم الاضاحي أن تمسكوه فوق ثلاثة أيام فامسكوه ما بدا لكم و تزودوا فانما نهيتكم ليتسع به موسركم على معسركم و عن النبيذ في الدباء و الحنتم و المزفت فاشربوا في كل ظرف فان الظرف لا يحل شيأ و لا يحرمه و لا تشربوا مسكرا و فى رواية ابن مسعود رضى الله عنه قال و عن الشرب في الدباء و الحنتم و النقير و المزفت فاشربوا في الظروف و لا تشربوا مسكرا و هذا اللفظ رواه أبو بردة بن نيار أيضا و في الحديث دليل نسخ السنة بالسنه فقد أذن في هذه الاشياء الثلاثة بعد ما كان نهى عنها و بالاذن ينسخ حكم النهى و قيل المراد النهى عن زيارة قبول المشركين فانهم ما منعوا عن زيارة قبول المسلمين قط ( ألا ترى ) أنه عليه الصلاة و السلام قال قد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه و كانت قد ماتت مشركة و روى انه زار قبرها في أربعمائة فارس فوقفوا بالبعد ودنا هو من قبرها فبكى حتى سمع نشيجه و قيل انما نهوا عن زيارة القبور في الابتداء على الاطلاق لما كان من عادة أهل الجاهلية انهم كانوا يندبون الموتى عن قبورهم و ربما يتكلمون بما هو كذب أو محال و لهذا قال عليه الصلاة و السلام و لا تقولوا هجرا أى لغوا من الكلام ففيه بيان أن الممنوع هو التكلم باللغو فذلك موضع ينبغى للمرء أن يتعظ به و يتأمل في حال نفسه و هذا قائم لم ينسخ الا أنه في الابتداء نهاهم عن زيارة القبور لتحقيق الزجر عن الهجر من الكلام ثم أذن لهم في الزيارة بشرط أن لا يقولوا هجرا و من العلماء من يقول الاذن للرجال دون النساء و النساء يمنعن من الخروج إلى المقابر لما روى أن فاطمة رضي الله عنها خرجت في تعزية لبعض الانصار فلما رجعت قال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم لعلك أتيت المقابر قالت لا فقال عليه الصلاة و السلام لو أتيت ما فارقت جدتك يوم القيامة أى كنت معها في النار و الاصح عندنا أن الرخصة ثابتة في حق الرجال و النساء جميعا فقد روى أن عائشة رضى الله عنها كانت تزور قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم في كل وقت و أنها لما خرجت حاجة زارت قبر أخيها عبد الرحمن رضى الله عنه و أنشدت عند القبر قول القائل و كنا كندمانى جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كاني و مالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا و النهى عن إمساك لحوم الاضاحي فوق ثلاثة أيام قد انتسخ بقوله عليه الصلاة و السلام

(11)

فامسكوا ما بدا لكم و تزودا فان القربة تنادى بإراقة الدم و التدبير في اللحم بعد ذلك من الاكل و الامساك و الاطعام إلى صاحبه الا أنه للضيق و الشدة في الابتداء نهاهم عن الامساك على وجه النظر و الشفقة ليتسع موسرهم على معسرهم و لما انعدم ذلك التضييق أذن لهم في الامساك فأما النهى عن الشرب في الاوانى فقد كان في الابتداء نهاهم عن الشرب في الاوانى المتثلمة تحقيقا للزجر عن العادة المألوفة و لهذا أمر بكسر الدنان وشق الروايا فلما تم انزجارهم عن ذلك أذن لهم في الشرب ففى الاوانى و بين لهم أن المحرم شرب المسكر و ان الظرف لا يحل شيأ و لا يحرمه و قد بينا أن المسكر ما يتعقبه السكر و هو الكأس الاخير و عن إبراهيم رحمه الله قال أتى عمر رضى الله عنه باعرابى سكران معه اداوة من نبيذ مثلث فاراد عمر رضى الله عنه أن يجعل له مخرجا فما أعياه الا ذهاب عقله فامر به فحبس حتى صحا ثم ضربه الحد و دعا باداوته و بها نبيذ فذاقه فقال أوه هذا فعل به هذا الفعل فصب منها في إناء ثم صب عليه الماء فشرب و سقى أصحابه و قال إذا رابكم شرابكم فاكسروه بالماء و فيه دليل انه ينبغى للامام أن يحتال الاسقاط الحد بشبهة يظهرها كما قال عليه الصلاة و السلام ادرؤا الحدود بالشبهات و قد كانوا يفعلوان ذلك في الحدود كلها و فى حديث الشرب على الخصوص لضعف في سببه على ما روى عن على رضى الله عنه قال ما من أحذ أقيم عليه حدا فيموت فآخذ في نفسى في ذلك شيأ الا حد الخمر فانه يثبت بآرائنا فلهذا طلب عمر رضى الله عنه مخرجا له و فيه دليل على أن السكران يحبس حتى يصحو ثم يقام عليه الحد لان المقصود هو الزجر و ذلك لا يتم بالاقامة عليه في حال سكره فانه لاختلاط عقله ربما يتوهم أن الضارب يمازحه بما يضربه و المقصود إيصال الالم اليه و لا يتم ذلك ما لم يصح تأخير اقامة الحد بعذر جائز كالمرأة إذا لزمها حد الزنا بالرجم و هي حبلى لا يقام عليها حتى تضع و فيه دليل انه لا بأس بشرب نبيذ الزبيب إذا كان مطبوخا و ان كان مشتدا فان عمر رضى الله عنه قد شرب منه بعد ما صب عليه الماء و سقى أصحابه ثم لم يبين أن الاعرابى أذن له في الشرب من اداوته و لكن الظاهر انه شرب ذلك باذنه حتى روي انه قال أتضربني فيما شربته فقال عمر رضى الله عنه انما حددتك لسكرك فهو دليل انه إذا سكر من النبيذ الذي يجوز شرب القليل منه يلزمه الحد و عن حماد رضى الله عنه قال دخلت على إبراهيم رحمه الله و هو يتغدى فدعا بنبيذ فشرب و سقاني فرأى في الكراهة فحدثني عن علقمه رحمه الله انه كان يدخل على عبد الله

(12)

ابن مسعود رضى الله عنه فيتغدي عنده و يشرب عنده النبيذ يعنى نبيذ الحر و قد روي أن ابن مسعود رضى الله عنه كان يعتاد شربه حتى ذكر عن أبى عبيدة انه أراهم الجر الاخضر الذي كان ينبذ فيه لا بن مسعود رضى الله عنه و عن نعيم بن حماد رضى الله عنه قال كنا عند يحيى بن سعيد القطان رحمه الله و كان يحدثنا بحرمة النبيذ فجاء أبو بكر بن عياش رحمه الله فقال أسكت يا صبي حدثنا الاعمش عن إبراهيم عن علقمة رحمه الله انه شرب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نبيذا مشتدا صلبا و كذلك علي بن أبى طالب رضى الله عنه نبيذا مشتدا كان يعتاد شربه و قد روى عن عبد الرحمن بن أبى ليلي قال سقاني على رضى الله عنه نبيذا فلما رأى ما بي من التغير بعث معي قنبرا يهدينى و عن عبد الرحمن بن أبى ليلي أن عليا رضى الله عنه قال أن القوم ليجتمعون على الشراب و هو لهم حلال فلا يزالون يشربون حتى يحرم عليهم يعنى إذا بلغوا حد السكر و كذلك عمر رضى الله عنه كان يشرب المثلث و يأمر باتخاذه للناس حتى روى عن داود بن أبى هند قال قلت لسعيد بن المسيب الطلاء الذي يأمر عمر رضى الله عنه باتخاذه للناس و يسقيهم منه كيف كان قال كان يطبخ العصير حتى يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه و المراد انه كان يسقيهم بعد ما يشتد لما ذكر عن عمر رضى الله عنه قال انا ننحر جزورا للمسلمين و العنق منها لآل عمر ثم يشرب عليه من هذا النبيذ فيقطعه في بطوننا و لكثرة ما روى من الآثار في إباحة شرب المثلث ذكر أبو حنيفة رحمه الله فيما عد من خصال مذهب أهل السنة و ان لا يحرم نبيذ الجر و عن بعض السلف قال لان أخر من السماء فانقطع نصفين أحب إلى من أن أحرم نبيذ الجر و انما قال ذلك لما في التحريم من رد الآثار المشهورة و اساءة القول في الكبار من الصحابة رضي الله عنهم و ذلك لا يحل فاما مع الاباحة فقد لا يعجب المرء الاصابة من بعض المباحات للاحتياط أو لانه لا يوافق طبعه و هذه الرخصة تثبت بعد التحريم فقد كانوا في الابتداء نهوا عن ذلك كله لتحقيق الزجر هكذا روى عن ابن مسعود رضى الله عنه قال شهدت تحريمه كما شهدتم ثم شهدت تحليله فحفظت ذك و نسيتم فبهذا تبين أن ما يروى من الآثار في حرمته قد انتسخ بالرخصة فيه بعد الحرمة و عن إبراهيم رحمه الله قال انما كره التمر و الزبيب لشدة الغش في ذلك الزمان كما كره اللحم و التمر و كما كره أن يقرن الرجل بين التمرتين فاما اليوم فلا بأس به و هذا منه بيان تأويل النهى عن شراب الخليطين و انه لا بأس به اليوم و عن إبراهيم قال قول الناس ما أسكر كثيره

(13)

فقليله حرام خطأ منهم انما أراد السكر حرام فأخطؤا و سنبين تأويل هذا اللفظ بعد هذا و عن على بن الحسين رضى الله عنه أن رسول الله صلى اليه عليه و سلم غزا غزوة تبوك فمر بقوم يزفتون فقال ما هؤلاء فقيل أصابوا من شراب لهم فنهاهم أن يشربوا في الدباء و الحنتم و المزفت فلما مر بهم راجعا من غزاتهم شكوا اليه ما لقوا من التخمة فأذن لهم أن يشربوا منها و نهاهم عن المسكر و فيه دليل ان الرخصة كانت بعد النهى و انه عليه الصلاة و السلام نهاهم في الابتداء لتحقق الزجر عن شرب المسكر ثم أذن لهم في شرب القليل منه بعد أن لا يبلغوا حد السكر و الزبيب المعتق إذا لم يطبخ فلا بأس بشربه ما لم يغل فإذا غلا و اشتد فلا خير فيه و الكلام هنا في فصول أحدها في الخمر و قد بينا و انما بقي الكلام فيه في فصل واحد و هو ان عند أبى حنيفة العصير و ان اشتد فلا بأس بشربه ما لم يغل و يقذف بالزبد فإذا غلا و قذف بالزبد فهو خمر حينئذ و قال أبو يوسف و محمد رحمها الله إذا اشتد فهو خمر لان صفة الخمرية فيه لكونه مسكرا مخامرا للعقل و ذلك باعتبار صفة الشدة فيه يوضحه ان حرمة الخمر لما في شربها من إيقاع العداوة و الصد عن ذكر الله تعالى و ذلك باعتبار اللذة المطربة و القوة المسكرة فيها فأما بالغليان و القذف بالزبد فيرق و يصفو و لا تأثير لذلك في احداث السكر فبعد ما صار مشتدا فهو خمر سواء غلا و قدف بالزبد أو لم يغل يوضحه انه قد يحتال بالقاء شيء عليه و يحتال للمنع من الغليان حتى لا يكون له غليان و لا قذف بالزبد أصلا و لكنه لا بد من أن يشتد ليكون مسكرا فعرفنا ان المعتبر فيه الشدة و لابي حنيفة رحمه الله ان المسكر صفه العصير و هو أصل لما يعصر من العنب و ما بقي أثر من آثار الاصل فالحكم له ( ألا ترى ) أن مع بقاء واحد من أصحاب الحطة في المحلة لا يعتبر السكان ثم حكم الصحة و الحد لا يمكن إثباته بالرأي و لكن طريق معرفته النص و النص انما ورد بتحريم الخمر و الخمر مغاير للعصير و لا تتم المغايرة مع بقاء شيء من آثار العصير و قد كان الحل ثابتا فيه و ما عرف ثبوته بيقين لا يزال الا بيقين مثله و ذلك بعد الغليان و القذف بالزبد و الاصل في الحدود اعتبار نهاية الكمال في سببها كحد الزنا و السرقة لا يجب الا بعد كمال الفعل اسما و صورة و معنى من كل وجه لما في النقصان من شبهة العدم و الحدود تندرئ بالشبهات فلهذا استقصي أبو حنيفة رحمه الله و قال لا تتوفر أحكام الخمر على العصير بمجرد الشدة الا بعد الغليان و القذف بالزبد فاما نبيذ التمر و نبيذ الزبيب فان لم يطبخ حتى غلا و اشتد و قذف




/ 28