[مع كتاب المختصر النافع وفتوى الشيخ شلتوت] - محاضرات عقائدیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محاضرات عقائدیة - نسخه متنی

الدمرداش بن زکی العقالی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


كنائسهم، فلمّا وحّد جمال عبد الناصر القضاء جعل الفصل في هذه القضايا للقضاء العادي ـ بما فيه من قضاة مسلمين أو مسيحيين ـ وكان القانون ينصّ على أن القاضي عند نظره للدعاوى التي بين المسيحيين يجب أن يحضر معه رجل الدين المسيحي ـ وهو القسيس ـ كخبير وليس كقاضي.


وكان القسيس الذي حضر معي الجلسة يبدو عليه التوتر والإنزعاج والقلق ممّا يرمي به المدّعي ـ الزوج ـ زوجته المدّعى عليها! فأشفقت عليه ممّا يعانيه وأردت أن أداعبه مخفّفاً عنه، فقلت له: هلاّ فكرتم بالبحث عن طريق لتخفيف الإنغلاق في مسألة الطلاق، بحيث يستطيع الزوج عندكم أن يطلق من غير حاجة الى إتهام زوجته بالزنا؟!


فجاء ردّ الرجل سريعاً ومنفعلا وقال: أتريد أن تجعل الطلاق عندنا مثل ما عند المسلمين " طَقَّتْ حَنَكْ "؟! ومعناها كلمة طائرة يتفوّه بها الرجل فتطلّق المرأة من غير ضوابط، لقد شدتني هذه العبارة!


وفي اليوم التالي كنت أجلس للقضاء في الأحوال الشخصية بين المسلمين، فتقدّمت مني إمرأة مسلمة ترفع دعوى بطلب نفقة زوجية من زوجها لامتناعه من الإنفاق عليها، فلمّا طلبت من الزوج الجواب على الدعوى، كان جوابه: إني طلقتها منذ عام
وليس لها نفقة في ذمّتي.


وإذا بالمرأة تصرخ وتستجير وتواجه دعوى زوجها عليها وتصفها بالكذب، وأنّه كان معها في معاشرة زوجية منذ أيام فقط!!


كان لهذا التخاصم وقع كوقع الصاعقة عليّ، فقد أعاد الى ذهني كلمة القسيس عن الطلاق الخالي من الضوابط، حيث أن الطلاق في الراجح على مذهب أبي حنيفة يمكن أن يتم غيابياً وبلفظ صريح أو بكناية أو معلّق.


فوجدت أن الأمر يحتاج الى مراجعة من هو أعلم مني بشؤون الشريعة والأحوال الشخصية، فذهبت لزيارة فضيلة المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة ـ وكان أستاذاً لي في كلّية الحقوق ـ وشكوت إليه قواعد الطلاق في مذهب أبي حنيفة التي تجيز وقوع مثل هذه المأساة بحيث تطلق الزوجة في غيبتها ومن دون علمها ومن دون شهود على ذلك، ثمّ يبقى زوجها معاشراً لها بغياً وعدواً!!


فكان جواب الشيخ أبي زهرة لي: يا ولدي لو كان الأمر بيدي ما جاوزت في القضاء والفتيا مذهب الإمام الصادق(عليه السلام).


ووجهني إلى أن أعود الى سورة الطلاق وإلى شروح مذهب أهل البيت حول أحكام الطلاق.


ولما عدت إلى السورة وإلى شروح الأحكام، تبيّن لي أنّ
الطلاق لا يقع صحيحاً في كتاب الله إلاّ في طهر لم يمسسها الزوج المطلق فيه، وبلفظ صريح، وبشاهدي عدل، فقلت: سبحان الله! كيف غاب هذا عن فقهاء تركوا مذاهب يدين بها الناس وتتأثر بها العلاقات ويصبح بها الحلال حراماً والحرام حلالا؟


كانت هذه أوّل محطة جادّة وضعتني في مواجهة مع نفسي، إذ أنّ الأمر جدٌّ لا هزل فيه، فقلت في نفسي: إبحث وتقصى واستعصم بما تعلم أنه الحق.


[مع كتاب المختصر النافع وفتوى الشيخ شلتوت]


ثمّ اتفق لي أن قرأت كتاباً مطبوعاً على نفقة وزارة الأوقاف المصرية، في عهد وزيرها العالم الجليل المرحوم الشيخ أحمد حسن الباقوري، كتاب طبعته وزارة الأوقاف المصرية عام 1955م عن الفقه الإمامي الشيعي عنوانه " المختصر النافع في فقه الإمامية " للمحقّق الحلي، فزاد يقيني من أن الفقه الشيعي كما وصفه الشيخ الباقوري في مقدمة الكتاب: باعدتنا عنه الأهواء وحجبتنا عنه السنون، رغم أنّ فيه العلاج الأمثل لكثير من عللنا الاجتماعية.


كانت قراءتي لهذا الكتاب متزامنة مع قراءتي للفتوى التي أصدرها فضيلة الشيخ محمود شلتوت ـ شيخ الجامع الأزهر
الأسبق ـ حيث أفتى جواباً على سؤال ورد إليه: "إنّ مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الإثنا عشرية، مذهب يجوز التعبّد به شرعاً".


ومن يومها بدأت رحلتي في التعبّد بمذهب الإمامية، مؤملا أن يزيدني الله إطلاعاً واستبصاراً على كتب أخرى.


[القرآن الكريم وأهل البيت(عليهم السلام)]


وهيأ الله لي أن أعكف على القرآن الكريم الذي حفظت الكثير منه صغيراً، أتنسم في آياته البيّنات معالم أهل البيت، وبدأت أرجع إلى التفاسير المعتمدة عند العامة، فهالني ماوجدت من مواقف قرآنية قطعية تبيّن أنّ هذا القرآن الذي أنزله الله بين محكم ومتشابه لابدّ لفهمه من أن يكون هناك دليل هاد يقود العقل بين آياته قيادة مبرّأة من الجهل والهوى، وأن هذه القيادة التي يقتضيها المنطق القرآني ومنهجه قد تمت الدلالة عليها في وقائع الحياة اليومية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فها هو المنهج الإسلامي يتنزّل به الوحي على أمة أمية مضى عليها حين من الدهر تعبد اللات والعزى ومناة، ووصفها الله عزّ وجلّ بأنّها أمة كانت في ضلال مبين، وحينما فتحت المدرسة المحمدية كان أول من وفد على ساحتها بفطرة نقية صبي مجتبى تربى في
حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وشرب كل مشاربه، علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أقبل على هذه المدرسة وهو غير محمّل بأية آثار أو أوزار أو شبهات من العهد الوثني، فكرّم الله وجهه عن السجود لصنم، وقد اتفقت الأمة السنية على اختصاصه بهذا الوصف من بين كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).


فقد تعلّمنا في المدارس منذ الصغر أن يوصف علي وحده بأنّه كرّم الله وجهه، وهذا التكريم كان بداية الإعداد لولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام)ولمنصبه الإلهي في البيان بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بحيث يكون بيانه مطابقاً لمراد الله تعالى تماماً كبيان رسول الله، واستبان لي البرهان في هذه القضية ـ قضية بيان أمير المؤمنين وأنّه عين بيان رسول ربّ العالمين، بيان علي(عليه السلام) كبيان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بدلالة ما وقع عند نزول سورة براءة، وفي شرح سورة براءة وما حدث قبل وبعد نزولها!


[تبليغ سورة براءة]


لقد استفاضت كتب التفسير عند السنة(1) أنّه في العام التاسع



1 - أنظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 2 / 346، التفسير الكبير للفخر الرازي: 15 / 523 ـ 524، تفسير روح المعاني للآلوسي: 5 / 240، الدر المنثور للسيوطي: 3 / 209.


/ 139