ردّوني ردّوني، قد سمعت رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم يقول وعنده نساؤه:أيّتكنّ تنبحها كلاب الحوأب: وجاء عبدالله بن الزبير فتكلّف تهدئتها وجاءهابخمسين رجلاً من بني عامر يحلفون لهاكذباً أنّ هذا الماء ليس بماء الحوأب.وأنا أعتقد بأنّ هذه الرّواية وضعت في زمنبني أميّة ليخفّفوا بها عن أم المؤمنينثقل معصيتها ظنّاً منهم بأنّ أمّ المؤمنينأصبحت معذورة بعد أن خدعها ابن أختها عبدالله بن الزّبير وجاءها بخمسين رجلاًيحلفون بالله ويشهدون شهادة زوراً بأنّالماء ليس هو ماء الحوأب. إنها سخافة هزيلةيريدون أن يموّهوا بمثل هذه الروايات علىبسطاء العقول ويُقنعونهم بأنّ عائشة خدعتلأنها عندما مرّت بالماء وسمعت نباحالكلاب فسألت عن هذا الماء فقيل لها إنّهالحوأب فجزعت وقالت ردّوني ردّوني. فهللهؤلاء الحمقى الذين وضعوا الرواية أنيلتمسوا لعائشة عذراً في معصيتها لأمرالله وما نزل من القرآن بوجوب الاستقرارفي بيتها، أو يلتمسوا لها عذراً فيمعصيتها لأمر رسول الله صلّى الله عليهوآله وسلّم بوجوب لزوم الحصير وعدم ركوبالجمل، قبل الوصول إلى نباح الكلاب في ماءالحوأب، وهل يجدون لأم المؤمنين عذراًبعدما رفضت نصيحة أم المؤمنين أمّ سلمةالتي ذكرها المؤرخون إذ قالت لها: أتذكرينيوم أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذاتالشمال فخلا بعلي يناجيه فأطال، فأردت أنتهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني وهجمتعليهما، فما لبثت أن رجعت باكية، فقلت: ماشأنك؟ فقلت: أتيتهما وهما يتناجيان، فقلتلعلي: ليس لي من رسول الله إلاّ يوم من تسعةأيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي،فأقبل رسول الله عليَّ وهم محمّر الوجهغضباً فقال: ارجعي وراءك والله لا يبغضهأحد من النّاس إلا وهو خارج من الإيمان،فرجعت نادمةً ساخطة، فقالت عائشة: نعمأذكر ذلك. قالت: وأذكّرك أيضاً كنت أناوأنت مع رسول الله، فقال لنا: «أيتكنّصاحبة الجمل الأدب تنبحها كلاب الحوأب