فلا بد للباحث أن يتجرّد ويُمحّص أيضاًأقوال الطّرفين ويقارن بعضها ببعضويُحَكِّم عقلَهُ حتّى يتبيّن له الحقّ،وذلك هو نداء الله سبحانه لكل فرقة تدّعيالحق؛ إذ يقول: (قل هاتوا برهانكم إن كنتمصادقين) [البقرة: 111].فليست الأكثرية بدالّة على الحقّ: بلالعكس هو الصّحيح قال تعالى: (وإن تطع أكثرمن في الأرض يضلّوك عن سبيل الله) [الأنعام:116]. وقال أيضاً: (وما أكثر النّاس ولو حرصتبمؤمنين) [يوسف: 103]. مثلما أنّ المتقدّمالحضاري والتكنولوجي والثّراء ليس دليلاًعلى أنّ الغرب على حقّ والشرق على باطل قالتعالى: (فلا تُعجِبْكَ أموالهم ولاأولادهم إنّما يريد الله ليعذّبهم بها فيالحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون)[التوبة: 55].
قول أهل الذكر في الله تعالى
يقول الإمام علي: الحمد لله الّذي بطنخفيات الأمور، ودلّت عليه أعلام الظهور،وامتنع على عين البصير. فلا عين من لم يرهتنكره. ولا قلب من أثبتَه يبصره، سبق فيالعلوّ فلا شيء أعلى منه، وقُربٌ فيالدُنوّ فلا شيء أقربُ منه. فلا استعلاؤهبأعده عن شيء من خلقه، ولا قربه ساواهم فيالمكان به. لم يطلع العقول على تحديد صفته،ولم يحجبها عن واجب معرفته فهو الذي تشهدله أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود.تعالى الله عمّا يقول المشبّهون بهوالجاحدون له علوّاً كبيراً.والحمد لله الذي لم يسبق له حالٌ حالافيكون أوّلاً قبل أن يكون آخراً. ويكونظاهراً قبل أن يكون باطناً. كل مسمّىبالوحدة غيره قليل، وكلُ عزيز غيره ذليل.وكل قويّ غيره ضعيف، وكلّ مالك غيرهمملوك، وكلّ عالم غيره متعلّمٌ، وكل قادرغيره يقدر ويعجزُ، وكلّ سميع غيره يصمُّعن لطيف الأصوات ويصمُّهُ كبيرها ويذهبعنه ما بعد منها، وكل بصير