فإذا كان الأبطال والمشاهير من الشجعانيتخاذلون ويهربون من الصفِّ إزاء علي بنأبي طالب ولا يقفون أمامه فإنها وقفتوألّبتْ واستصرخت واستفزّت.ومن أجل هذا حيرت العقول وأدهشتالمؤرّخين الذين عرفوا مواقفها في حربالجمل الصغرى قبل قدوم الإمام علي وفي حربالجمل الكبرى بعد مجيء الإمام علي ودعوتهالكتاب الله فأبت وأصرّت على الحرب فيعنادٍ لا يمكن تفسيره إلا إذا عرفنا عمقوشدة الغيرة والبغضاء التي تحملها أمّالمؤمنين لأبنائها المخلصين لله ورسولهصلّى الله عليه وآله وسلّم.
تحذير النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّممن عائشة وفتنتها
لقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم يدرك عمق وخطورة المؤامرة التي تدارحوله من جميع جوانبها، ولا شكّ بأنّه عرفما للنساء من تأثير وفتنة على الرّجال،كما أدرك بأنّ كيدهن عظيم تكاد تزول منهالجبال، وعرف بالخصوص بأن زوجته عائشة هيالمؤهلة لذلك الدور الخطير لما تحمله فينفسها من غيرة وبغض لخليفته علي خاصة،ولأهل بيته عامّة، كيف وقد عاش بنفسهأدواراً من مواقفها وعداوتها لهم، فكانيغضب حيناً ويتغير وجهه أحياناً، ويحاولإقناعهم في كل مرة بأنّ حبيب علي هو حبيبالله والذي يبغض عليّاً هو منافق يبغضهالله ـ ولكن هيهات لتلك الأحاديث أن تغوصفي أعماق تلك النّفوس التي ما عرفتْ الحقّحقّاً إلاّ لفائدتها وما عرفت الصّوابصواباً إلاّ إذا صدر عنها.ولذلك وقف الرسول صلّى الله عليه وآلهوسلّم لمّا عرف بأنها هي الفتنة التيجعلها الله في هذه الأمة ليبتليها بها كماابتلى سائر الأمم السّابقة. قال تعالى:(ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّاوهم لا يفتنون) [العنكبوت: 2].وقد حذّر رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم أمّته منها في مرّات