الجمل، لمّا بلغ النبي صلّى الله عليهوآله وسلّم أنّ فارساً ملّكوا ابنة كسرىقال: «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة»(1).ومن المواقف المُضحكة والمبكية في آنٍواحدٍ أنّ عائشة أمّ المؤمنين تخرج منبيتها عاصية لله ولرسوله ثم تأمر الصّحابةبالاستقرار في بيوتهم، إنه حقّاً أمرٌعجيب!!فكيف وقع ذلك يا ترى؟روى ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهجوغيره من المؤرّخين أنّ عائشة كتبت ـ وهيفي البصرة ـ إلى زيد بن صوحان العبدي رسالةتقول له فيها: من عائشة أم المؤمنين بنتأبي بكر الصديق، زوجة رسول الله، إلىابنها الخالص زيد بن صوحان، أمّا بعد فأقمفي بيتك وخذّل الناس عن أبن أبي طالب،وليبلغني عنك ما أحبّ إنك أوثق أهلي عنديوالسّلام.فأجابها هذا الرجل الصالح بما يلي: من زيدبن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر، أما بعدفإنّ الله أمركِ بأمر، وأمرنا بأمرٍ، أمركأن تقرّي في بيتك، وأمرنا أن نجاهد، وقدأتاني كتابك تأمريني أن أصنع خلاف ماأمرني الله به، فأكون قد صنعت ما أمرك اللهبه، وصنعت أنت ما به أمرني، فأمرك عندي غيرمطاع، وكتابك لا جواب له.وبهذا يتبيّن لنا بأن عائشة لم تكتفبقيادة جيش الجمل فقط وإنّما طمحت في إمرةالمؤمنين كافة في كل بقاع الأرض ولكلّ ذلككانت هي التي تحكم طلحة والزبير اللذينكانا قد رشّحهما عمر للخلافة، ولكل ذلكأباحات لنفسها أن تراسل رؤساء القبائلوالولاة وتطمعهم وتستنصرهم.ولكلّ ذلك بلغت تلك المرتبة وتلك الشّهرةعند بني أمية فأصبحت هي المنظور إليهاوالمُهابة لديهم جميعاً والتي يُخشىسطوتها ومعارضتها (1) صحيح البخاري: 8/97 باب الفتن. والنسائي:4/305. والمستدرك: 4/525.