يا ربّ هؤلاء أصحابي، فيقال: إنّك لا تدريما أحدثوا من بعدك إنهم لا يزالوا مرتدّينمنذ فارقتهم، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدّلبعدي، ولا أرى يخلص منهم إلاّ مثل هملالنّعم»(1).وكان الجميع يستمعون إليّ في صمتٍ رهيب،وسألني بعضهم إن كنت واثقاً من وجود هذاالحديث في صحيح البخاري؟ وأجبتهم: نعمكوثوقي بأن الله واحد لا شريك له، ومحمّدعبده ورسوله.ولما عرف الإمام تأثيري في الحاضرين منخلال حفظي للأحاديث التي رويتها قال فيهدوء: نحن قرأنا على مشايخنا رحمهم اللهتعالى بأنّ الفتنة نائمة فعلن الله منأيقظها.فقلت: يا سيدي الفتنة عمرها ما نامت،ولكنا نحن النّائمون، والذي يستيقظ منّاويفتح عينيه ليعرف الحقّ تتهمونه بأنّهأيقظ الفتنة، وعلى كل حال فإنّ المسلمينمطالبون باتّباع كتاب الله وسنّة رسولهصلّى الله عليه وآله وسلّم، لا بما يقولهمشايخنا الذين يترضّون على معاوية ويزيدوابن العاص.وقاطعني الإمام قائلاً: وهل أنت لا تترضّىعن سيدنا معاوية رضي الله عنه وأرضاه كاتبالوحي؟قلت: هذا موضوع يطول شرحه، وإذا أردتمعرفة رأيي في ذلك، فأنا أهديك كتابي «ثماهتديت» لعلّه يوقظك من نومك ويفتح عينيكعلى بعض الحقائق وتقبّل الإمام كلاميوهديّتي بشيء من التردّد، ولكنّه وبعد شهرواحدٍ كتب إليَّ رسالة لطيفة يحمد اللهفيها أن هداه إلى صراطه المستقيم وأظهرولاءً وتعلّقاً بأهل البيت عليهم السلاموطلبتُ منه نشر رسالته في الطبعة الثالثةلما فيها من معاني الود وصفاء الروح التيمتى ما عرفت الحقّ تعلّقت به وهي تعبّر عنحقيقة أكثر أهل السنّة الذين يميلون (1) صحيح البخاري: 7/209 و4/94 و156. صحيح مسلم: 7/66.