شهد الله في هذه الآيات على نفاقه ومع ذلكفالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لميقاتله ولم يأخذ أمواله بالقوة وكانقادراً على كل ذلك. أمّا مالك بن نويرةوقومه فلم ينكروا الزكاة كفرض من فروضالدّين وإنّما أنكروا الخليفة الذياستولى على الخلافة بعد الرسول بالقوةوالقهر وانتهاز الفرصة.ثم أنّ أمر أبي بكر أغرب وأعجب عندما نبذكتاب الله وراء ظهره وقد احتجّت به عليهفاطمة الزّهراء سيّدة نساء العالمين،وتلت على مسامعه آيات بيّنات محكمات منكتاب الله الذي يقرّ وراثة الأنبياء، فلميقبل بها ونسخها كلّها بحديث جاء به منعنده لحاجة في نفسه، وإذا كان يقول: إنّكمتحدّثون عن رسول الله أحاديث تختلفونفيها، والنّاس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلاتحدّثوا عن رسول الله شيئاً. فمن سألكمفقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّواحلاله وحرّموا حرامه فلماذا لم يفعل هوبما يقول عندما اختلف مع بضعة المصطفىالصدّيقة الطّاهرة، في حديث النّبي «نحنمعشر الانبياء لا نورث» ولم يحتكم معهاإلى كتاب الله فيحلّ حلاله ويحرّم حرامه؟والجواب معروف، في تلك الحالة سوف تجدكتاب الله ضدّه، وسوف تنتصر عليه فاطمة فيكل ما ادّعته ضدّه، وإذا ما انتصرت عليهيومها فسوف تحاججه بنصوص الخلافة على ابنعمّها وأنّى له عندئذ دفعها وتكذيبها،والله يقول بهذا الصدد: (يا أيها الذينآمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كبُرمقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).نعم لكلّ ذلك ما كان أبو بكر ليرتاح إذا مابقيت أحاديث النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم متداولة بين النّاس يكتبونهاويحفظونها ويتناقلونها من بلد لآخر ومنقرية لأخرى وفيها ما فيها من نصوص صريحةتتعارض والسّياسة التي قامت عليها دولته.فلم يكن أمامه حلاًّ غير طمس الأحاديثوسترها بل ومحوها وحرقها(1). فها هي عائشةابنته تشهد عليه. قالت: جمع (1) كنز العمال: 5/237. وابن كثير في مسندالصديق. والذهبي في تذكرة الحفاظ: 1/5.