لم يؤمنوا بكل ما جاء به من عند الله، هذامن جهة ومن جهة أخرى ليبررّوا أفعالأسيادهم البشعة والشنيعة التي سجّلهاتاريخ المسلمين، وقد كشفهم رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم من بداية البعثةوحذّر منهم وطردهم من المدينة ولعنهم فقدأخرج الطبري في تاريخه: قال رأى النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم أبا سفيانمقبلاً على حمار ومعاوية يقود به، ويزيدابنه يسوق به فقال: لعن الله القائدوالراكب والسائق(1). و أخرج الإمام أحمد فيمسنده من طريق ابن عباس قال كنا في سفر معرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسمعرجلين يتغنّيان وأحدهما يجيب الآخر فقالالنّبي صلّى الله عليه وسلّم: أ،ظروا منهما، فقالوا: معاوية وعمر بن العاص فرفعرسول الله يديه فقال: اللّهم اركسهماركساً ودعّهما إلى النار دعّا(2) وعن أبي ذرالغفاري قال لمعاوية: سمعت رسول الله صلّىالله عليه وسلّم يقول وقد مررت به: اللهمألعنه ولا تشبعه إلا بالتراب(3). وقد قالالإمام علي عليه السّلام في كتاب بعث بهلأهل العراق:والله لو لقيتهم فرداً وهم ملء الأرض ماباليت ولا استوحشت، وإني من ضلالتهم التيهم فيها، والهدى الذي نحن عليه لعلى ثقةوبيّنة ويقين وبصيرة، وإنّي إلى لقاء ربيلمشتاق ولحسن ثوابه لمنتظر، ولكن أسفاًيعتريني وحزناً يخامرني أن يلي أمر هذهالأمة سفهاؤها وفجارها فيتّخذوا مال اللهدولاً وعباد الله خولاً، والصالحين حرباًوالقاسطين حزباً(4).وبما أن رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم قد لعنهم كما مرّ عليك ولم يجدوالتلك الأحاديث دسّاً لأنّ جلّ الصحابةكانوا يعرفونها فوضعوا في مقابلها أحاديثأخرى تقلب الحق باطلاً وتجعل من رسول اللهصلّى الله (1) تاريخ الطبري: 11/357.(2) مسند الإمام أحمد: 4/421 والطبراني فيالكبير.(3) مسند أحمد: 4/421 لسان العرب: 7/404.(4) الإمام والسياسة لابن قتيبة: 1/137.