واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثرهحتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفعيديه ثلاث مرّات ثم انحرف فانحرفت فأسرعفاسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت فسبقتهفدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال: مالكيا عائش حشياً رابيهً؟ قالت فقلت: لا شيءقال: لتخبريني أو ليخبرني اللّطيف الخبيرقالت قلت: يا رسول الله بأبي أنت واُمّيفأخبرته قال: فأنت السّواد الذي رأيتأمامي قلت: نعم، فلهدني في صدري لهدةأوجعتني ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليكورسوله…(1).ومرة أخرى قالت فقدت رسول الله صلّى اللهعليه وآله وسلّم فظننت أنّه أتى بعضجواريه، فطلبته فإذا هو ساجد يقول: رب اغفرلي(2) وأخرى قالت: إن رسول الله خرج من عنديليلاً، قالت: فغرت عليه، قالت فجاء فرأى ماأصنع فقال: مالك يا عائشة، أغرتِ؟ فقلت:ومالي أن لا يغار مثلي على مثلك! فقال رسولالله: أفأخذك شيطانك…(3).وهذه الرواية الأخيرة تدلّ دلالة واضحةعلى أنها عندما تغار تخرج عن أطوارهاوتفعل أشياء غريبة كأن تكسّر الأواني أوتمزّق الملابس مثلاً. ولذلك تقول في هذهالرواية فلمّا جاء ورأى ما أصنع قال:أفأخذكِ شيطانكِ؟ولا شك أنّ شيطان عائشة كان كثيراً مايأخذها أو يلبسها وقد وجد لقلبها سبيلاًمن طريق الغيرة وقد روي عن رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم أنه قال: «الغيرةللرّجل إيمان وللمرأة كفرٌ». باعتبار أنالرّجل يغار على زوجته لأنّه لا يجوزشرعاً أن يشاركه فيها أحد ـ أما المرأةفليس من (1) صحيح مسلم: 3/64 باب ما يقال عند دخولالقبور. مسند أحمد بن حنبل: 6/221.(2) مسند الإمام أحمد: 6/147.(3) مسند أحمد بن حنبل: 6/115.