في كتب التاريخ وكتب الحديث ـ فقول منيدّعي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم يحبّ عائشة لصغرها وجمالها مردودولا يقبل.أمّا القائلين بان حبّه إيّاها لأنهاإبنة أبي بكر، فهذا غير صحيح، ولكن يمكنناأن نقول بأنّه تزوّجها من أجل أبي بكر،لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّمتزوّج من عدّة قبائل زواجاً سيّاسياًلتأليف القلوب ولتسُود المودة والرحمة فيتلك القبائل بدلاً من التنافر والتّباغضفقد تزوّج النبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم بأمّ حبيبة أخت معاوية وهي بنت أبيسفيان العدوّ الأول للنبيّ صلّى الله عليهوآله وسلّم وذلك لأنّه لا يحقد وهو رحمةللعالمين، وقد تعدّى عطفه وحنانه القبائلالعربية إلى مصاهرة اليهود والنصارىوالأقباط ليقرّب أهل الأديان بعضهم منبعض.وبالخصوص إذا عرفنا من خلال ما نقرأه فيكتب السّيرة بأنّ أبا بكر هو الذي طلب منالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنيتزوج من ابنته عائشة، كما طلب عمر منالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنيتزوج إنته حفصة، وقبل رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم لأن قلبه يسع أهلالأرض كلّهم.قال تعالى: (ولو كنت فظّاً غليظ القلبلانفضّوا من حولك) [آل عمران: 159].وإذا رجعنا إلى الرواية التي روتها عائشةوقالت فيها بأن رسول الله صلّى الله عليهوآله وسلّم لم يلبث إلاّ ريثما ظنّ أن قدرقدت فأخذ رداءه رويداً وفتح الباب فخرجثم أجافه، عرفنا كذب الزعم بأنه صلّى اللهعليه وآله وسلّم لا يصبر عنها(1).وهذا الاستنتاج ليس استنتاجاً عفوياًألّفه خيالي، كلاّ فإنّ له أدلّة في صحاحالسنّة، فقد روى مسلم في صحيحه وغيره منصحاح أهل السنّة، أنّ عمر بن الخطاب قال:لمّا اعتزل نبي الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم نساءه قال دخلت المسجد فإذا النّاسينكتون بالحصى ويقولون طلّق رسول اللهصلّى (1) صحيح مسلم: 3/64. ومسند الإمام أحمد: 6/221.