إقليم الشام
إقليم الشام جليل الشأن ديار النبيين، ومركز الصالحين. ومعدن البدلاء، ومطلب الفضلاء. به القبلة الأولى، وموضع الحشر والمسرى. والأرض المقدسة والرباطات الفاضلة والثغور الجليلة والجبال الشريفة ومهاجر ابراهيم وقبره وديار أيوب وبئره ومحراب داود وبابه وعجائب سليمان ومدنه وتربة إسحاق وأمه ومولد المسيح ومهده وقرية طالوت ونهره ومقتل جالوت وحصنه وجب ارميا وحبسه ومسجد اوريا وبيته وقبة محمد وبابه وصخرة موسى وربوة عيسى ومحراب زكريا ومعرك يحيى ومشاهد الأنبياء وقرى أيوب ومنازل يعقوب. والمسجد الأقصى، وجبل زيتا. ومدينة عكا، ومشهد صديقا. وقبرموسى ومضجع ابراهيم ومقبرته ومدينة عسقلان، وعين سلوان. وموضع لقمان، ووادي كنعان. ومدائن لوط وموضع الجنان، ومساجد عمر ووقف عثمان. والباب الذي ذكره الرجلان، والمجلس الذي حضره الخصمان. والسور الذي بين العذاب والغفران، والمكان القريب ومشهد بيسان، وباب حطة ذو القدر والشأن. وباب الصور وموضع اليقين وقبر مريم وراحيل ومجمع البحرين، ومفرق الدارين. وباب السكينة وقبة السلسلة ومنزل الكعبة مع مشاهد لا تحصى، وفضائل لا تخفى. وفواكه ورخاء وأشجار ومياه. وآخرة ودنيا، به يرق القلب وينبسط للعبادة الأعضاء، ثم به دمشق جنة الدنيا، وصغر البصرة الصغرى. والرملة البهية وخبزها الحواري، وإيليا الفاضلة بلا لأوى. وحمص المعروفة بالرخص وطيب الهوا، وجبل بصرى وكرومه فلا تنسى، وطبرية الجليلة بالدخل والقرى. ثم البحر يمد على غربية فالحمولات فيه إليه أبداً وبحر الصين متصل بطرفه الأقصى، له سهل وجبل وأغوار وأشياء. والبادية على تخومة كالزقاق منه إلى تيماء، وبه معادن الرخام وعقاقير كل دواء ويسار وتجار ولباقة وفقهاء، وكتاب وصناع وأطباء. إلا أنهم على خوف من الروم وفي جلاء، والأطراف قد خربت وأمر الثغور قد انقضى. وليسوا كالأعاجم في العلم والدين والنهي، بعض قد ارتد وبعض للجزية في أداء، يقدمون طاعة المخلوق على طاعة ربّ السماء. عامتهم جهال أو غوغاء، لا نهضة في جهادٍ ولا حمية على الأعد اء.ويقال إنما سميت الشام لأنها شامة الكعبة، وقيل بل من تشاءم الناس إليها، وقيل بل لشامات بها حمر وبيض وسود. وأهل العراق يسمون كل ما كان وراء الفرات شاماً ولهذا أرسل محمد بن الحسن القول في دواوينه وليس وراء الفرات من الشام غير كورة قنسرين حسب، والباقي بادية العرب والشام من ورائها، وإنما أراد محمد التقريب والمتعارف بين الناس كما يقال لخراسان المشرق وإنما هو من ورائها، وإنما الشام كلما قابل اليمن وكان الحجاز بينهما. فإن قال قائل ما تنكر أن يكون طرف البادية إلى حدود العراق من الشام ليصح ما قاله أهل العراق، قيل قد قسمنا الأقاليم ورسمنا الحدود فلا ينبغي لنا أن ندخل في إقليم من غيره. فإن قال قائل فمن أين لك أنه ليس منه في القديم، قيل له لم يختلف فقهاء الشريعة وأهل هذا العلم أن هذه الأرض المتنازع فيها أنها من جزيرة العرب ولو جعلها أحد من الشام لا مجازاً لكان لنا أن نقول له حدود الشام التي رسمناها مجمع عليها وما زدتم مختلف فيه وعلى من ادعى الزيادة الدليل. وقد أعرضنا عن ذكر طرسوس وأعمالها لأنها بيد الروم، وأما الكهف فإن المدينة هي طرسوس وبها قبر دقيانوس وبرستاقها تل عليه مسجد قالوا هو على الكهف. وحدثنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن عمر البخاري، قال: حدثنا أبو طالب اليماني، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن سهل الخراساني، قال: قرأت على هشام بن محمد حدثنا مجاهد بن يزيد، قال: خرجت مع خالد البريدي في أيام وجه إلى الطاغية سنة 102 وليس معنا ثالث من المسلمين، فقدمنا القسطنطينية ثم خرجنا منصرفين إلى عمورية، ثم أتينا اللاذقية ا المحترقة في أربع ليال، ثم انتهينا إلى الهوية وهي جوف جبل، فذكر لنا أن بها أمواتاً لا يدرى ما هم وعليهم حراس فادخلونا سرباً طوله نحو من خمسين ذراعاً في عرض ذراعين بالسرج، وإذا وسط السرب باب من حديد مكمن لعيالهم إذا جاءهم العرب، وإذا خربة عظيمة وسطها نقرة من ماءٍ عرضها نحو من خمسة عشر ذراعاً يرى منها السماء وإذا كهف ذلك المكان إلى جوف ذلك الجبل، فانطلق بنا إلى كهف مما يلي الجوف من الهوية طوله نحو من عشرين ذراعاً وإذا فيه ثلاثة عشر رجلاً رقوداً على اقفيتهم، على كل رجل منهم جبة لا أدري من صوف أو وبر إلا إنها غبراء، وكساءٌ أغبر يتقعقع كما يتقعقع الرق وقد غطى بكسائه وجهه وسائر جسده، وإذا هي ذوات أهداب، وعلى بعضهم خفاف إلى أنصاف سوقهم وبعض بنعال وبعض بشمشكات، والجميع جدد فكشفت عن وجه أحدهم فإذا شعر رأسه ولحيته لم يتغير وإذا بشرة وجهه منيرة ودم وجهه ظاهر كأنما رقدوا تلك الساعة وإذا أعضاؤهم كألين ما يكون من أعضاء الرجل الحي وكلهم شباب، غير أن بعضهم. قد وخطه الشيب، وإذا بأحدهم قد ضربت عنقه فسألتهم عن ذلك فقالوا غلبت علينا العرب وملكت الهوية، فأخبرناهم خبرهم فلم يصدقونا فضرب أحدهم عنق هذا، وزعم أهل الهوية أنه إذا كان رأس كل سنة في يوم عيد لهم يجتمعون فيه يقيمونهم رجلاً رجلاً، فيتركونهم قياماً ويمسحونهم وينفضون غبار ثيابهم ويسوون اكسبتهم عليهم فلايسقطون ولا يتجرجون ويضجعونهم وأنهم يقلمون أظفارهم في السنة ثلاث مرات ثم تنبت، فسألناهم عن أسبابهم وأمرهم فزعموا أنهم لا علم لهم بشيء من أمرهم غير أنا نسميهم الأنبياء. قال مجاهد وخالد فيظن أنهم أصحاب الكهف والله أعلم. وهذا شكل الإقليم ومثاله في الصفحة المنقلبة. وقد قسمنا هذا الإقليم ست كور، أولها من قبل أقور قنسرين ثم حمص ثم دمشق ثم الأردن ثم فلسطين ثم الشراة. فأما قنسرين فقصبتها حلب ومن مدنها: أنطاكية، با لس، السويدية، سميساط، منبج، بياس، التينات، قنسرين، مرعش، إسكندرونة، لجون، رفنية، جوسية، حماة، شيزر، وادي بطنان، معرة النعمان، معرة قنسرين. وأما حمص فاسم القصبة أيضاً ومن مدنها: سلمية، تدمر، الخناصرة، كفرطاب، اللاذ قية، جبلة، أنطرسوس، بلنياس، حصن الخوابي. وأما دمشق فاسم القصبة أيضاً ومدنها: بانياس، صيدا، بيروت، أطرابلس، عرقة، وناحية البقاع مدينتها: بعلبك، ولها كامد، عرجموش، الزبداني، ولدمشق ست رساتيق: الغوطة، حوران، البثنية، الجولان، البقاع، الحولة. وأما الأردن فقصبتها طبرية ومن مدنها: قدس، صور، عكا، اللجون، كابل، بيسان، أذرعات. وأما فلسطين فقصبتها الرملة ومدنها: بيت المقدس،بيت جبريل، غزة، ميماس، عسقلان، يافه، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحا، عمان. وأما الشراة فجعلنا قصبتها صغر ومدنها: مآب، معان، تبوك، أذرح، ويلة، مدين. وفي هذا الإقليم قرىً أجل وأكبر من أكثر مدن الجزيرة مثل داريا، وبيت لهيا، وكفرسلام، وكفرسابا، غير أنها على رسوم القرى معدودة فيها وقد قلنا أن عملنا موضوع على التعارف. وأما حلب فبلد نفيس خفيف حضين، وفي أهلها ظرف ولهم يسار وعقول، مبنيٌ بالحجارة عامر في وسط البلد قلعة حصينة واسعة فيها ماءٌ وخزائن السلطان، والجامع في البلد، شربهم من نهر قويق يدخل إلمط البلد إلى دار سيف الدولة في شباك حديد، والقصبة ليست بكبيرة إلا أن بها مستقر السلطان، لها سبعة أبواب باب حمص باب الرقة باب قنسرين باب اليهود باب العراق باب دار البطيخ باب إنطاكية وباب الأربعين مسدود. بالس: رأس الحد من قبل الرقة عامرة. قنسرين: مدينة قد خف أهلها، حدثنا الشيخ العدل أبو سعيد أحمد بن محمد بنيسابور قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو عمار بن حريث المروزي قال: حدثنا الفضل أبو موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة عن عمرو ابن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أوحى إلى أي هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين. فإن قال قائل لم جعلت قصبة الكورة حلب وههنا مدينة على اسمها قيل له قد قلنا أن مثل القصبات كالقواد، والمدن كالجند، ولا يجوز أن نجعل حلب على جلالتها وحلول السلطان بها وجمع الدواوين إليها وإنطاكية ونفاستها وبالس وعمارتها جناداً لمدينة خربة صغيرة. فإن قال هلا استعملت هذا القياس في شيراز فاضفت إليها اصطخر ومدنها، قيل لما وجدنا بشيراز مدناً أحدقت بها وتباعدت اصطخر عنها استحسنا ما فعلناه، ثم والأستحسان في علمنا هذا ربما غلب القياس كما قلنا في مسائل المكاتب، ألا ترى أن التأجيل بالنيروز والمهرجان باطل في سائر الأحكام جائز في الكتابة استحساناً. حمص: ليس بالشام بلد أكبر منها، وفيها قلعة متعالية عن البلد ترى من خارج، أكثر شربهم من ماء المطر ولهم أيضاً نهر، ولما فتحها المسلمون عمدوا إلى الكنيسة فجعلوا نصفها جامعاً عنده بالسوق قبة على رأسها شبه من رجل نحاس واقف على سمكة تديرها الأرياح الأربع، وفيه أقاويل لا تصح، والبلد شديد الأختلال متداعٍ إلى الخراب والقوم حمقى. وسائر المدن مختلة والأسعار بها رخيصة وما كان منها على الساحل حصينة، وكذلك تدمر وهي على مثل كرسي من مدن سليمان بن داود، والقصبة قريبة من البادية رحبة طيبة.يت جبريل، غزة، ميماس، عسقلان، يافه، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحا، عمان. وأما الشراة فجعلنا قصبتها صغر ومدنها: مآب، معان، تبوك، أذرح، ويلة، مدين. وفي هذا الإقليم قرىً أجل وأكبر من أكثر مدن الجزيرة مثل داريا، وبيت لهيا، وكفرسلام، وكفرسابا، غير أنها على رسوم القرى معدودة فيها وقد قلنا أن عملنا موضوع على التعارف. وأما حلب فبلد نفيس خفيف حضين، وفي أهلها ظرف ولهم يسار وعقول، مبنيٌ بالحجارة عامر في وسط البلد قلعة حصينة واسعة فيها ماءٌ وخزائن السلطان، والجامع في البلد، شربهم من نهر قويق يدخل إلمط البلد إلى دار سيف الدولة في شباك حديد، والقصبة ليست بكبيرة إلا أن بها مستقر السلطان، لها سبعة أبواب باب حمص باب الرقة باب قنسرين باب اليهود باب العراق باب دار البطيخ باب إنطاكية وباب الأربعين مسدود. بالس: رأس الحد من قبل الرقة عامرة. قنسرين: مدينة قد خف أهلها، حدثنا الشيخ العدل أبو سعيد أحمد بن محمد بنيسابور قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو عمار بن حريث المروزي قال: حدثنا الفضل أبو موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة عن عمرو ابن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أوحى إلى أي هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين. فإن قال قائل لم جعلت قصبة الكورة حلب وههنا مدينة على اسمها قيل له قد قلنا أن مثل القصبات كالقواد، والمدن كالجند، ولا يجوز أن نجعل حلب على جلالتها وحلول السلطان بها وجمع الدواوين إليها وإنطاكية ونفاستها وبالس وعمارتها جناداً لمدينة خربة صغيرة. فإن قال هلا استعملت هذا القياس في شيراز فاضفت إليها اصطخر ومدنها، قيل لما وجدنا بشيراز مدناً أحدقت بها وتباعدت اصطخر عنها استحسنا ما فعلناه، ثم والأستحسان في علمنا هذا ربما غلب القياس كما قلنا في مسائل المكاتب، ألا ترى أن التأجيل بالنيروز والمهرجان باطل في سائر الأحكام جائز في الكتابة استحساناً. حمص: ليس بالشام بلد أكبر منها، وفيها قلعة متعالية عن البلد ترى من خارج، أكثر شربهم من ماء المطر ولهم أيضاً نهر، ولما فتحها المسلمون عمدوا إلى الكنيسة فجعلوا نصفها جامعاً عنده بالسوق قبة على رأسها شبه من رجل نحاس واقف على سمكة تديرها الأرياح الأربع، وفيه أقاويل لا تصح، والبلد شديد الأختلال متداعٍ إلى الخراب والقوم حمقى. وسائر المدن مختلة والأسعار بها رخيصة وما كان منها على الساحل حصينة، وكذلك تدمر وهي على مثل كرسي من مدن سليمان بن داود، والقصبة قريبة من البادية رحبة طيبة.دمشق: هي مصر الشام ودار الملك أيام بني أمية وثم قصورهم وآثارهم، بنيانهم خشب وطين وعليها حصن أحدث وأنا به من طين، أكثر أسواقها مغطاة ولهم سوق على طول البلد مكشوف حسن، وهو بلد قد خرقته الأنهار، وأحدقت به الأشجار. وكثرت به الثمار، مع رخص أسعار. وثلج وأضداد لا ترى أحسن من حماماتها ولا أعجب من فواراتها ولا أحزم من أهلها، الذي عرفت من دروبها باب الجابية باب الصغير باب الكبير باب الشرقي باب توما باب النهر باب المحامليين، وهي طيبة جداً غير أن في هوائها يبوسة، وأهلها غاغة، وثمارها تفهة، ولحومها عاسية، ومنازلها ضيقة، وأزقتها غامة، وأخبازها ردية، والمعايش بها ضيقة تكون نحو نصف فرسخ في مثله في مستوى، والجامع أحسن شيءٍ للمسلمين اليومٍ، ولايعلم لهم مال مجتمع أكثر منه، قد رفعت قواعده بالحجارة الموجهة كباراً مؤلفة وجعل عليها شرف بهية، وجعلت أساطينها أعمدة سوداً ملساً على ثلاثة صفوف واسعة جداً، وفي الوسط ازاء المحراب قبة كبيرة، وأدير على الصحن أروقة متعالية بفراخ فوقها، ثم بلط جميعه بالرخام الأبيض وحيطانه إلى قامتين بالرخام المجزع ثم إلى السقف بالفسافساء الملونة في المذهبة صور أشجار وأمصار وكتابات على غاية الحسن والدقة ولطافة الصنعة، وقل شجرة أو بلد مذكور إلا وقد مثل على تلك الحيطان، وطليت رؤوس الأعمدة بالذهب، وقناطر الأروقة كلها مرصعة بالفسيفساء، وأعمده الصحن كلها رخام أبيض، وحيطانه بما يدور والقناطر وفراخها بالفسيفساء نقوش وطروح، والسطوح كلها ملبسة بشقاق الرصاص، والشرافيات من الوجهين بالفسيفساء، وعلى الميمنة في الصحن بيت مال على ثمانية عمد مرصع حيطانه بالفسافساء، وفي المحراب وحوله فصوص عقيقية وفيروزجية كأكبر ما يكون من الفصوص، وعلى الميسرة محراب آخر دون هذا للسلطان، وقد كان تشعث وسطه فسمعت إنه أنفق عليه خمسمائة دينار حتى عاد إلى ما كان، وعلى رأس القبة ترنجة فوقها رمانة كلاهما ذهب، ومن أعجب شيءٍ فيه تأليف الرخام المجزع كل شامة إلى أختها، ولو أن رجلاً من أهل الحكمة أختلف إليه سنةً لأفاد منه كل يوم صيغة وعقدة أخرى، ويقال أن الوليد جمع لبنائه حذاق فارس والهند والمغرب والروم، وأنفق عليه خراج الشام سبع سنين مع ثماني عشرة سفينة ذهب وفضة أقلعت من قبرص سوى ما أهدى إليه ملك الروم من الآلات والفسافساء، ويدخل إليه العامة من أربعة أبواب: باب البريد عن اليمين كبير له فرخان عن يمين وشمال على كل واحدٍ من الباب الأعظم والفرخين مصراعان مصفحة بالصفر المذهب وعلى لباب والفرخين ثلاثة أروقة كل باب منهما يفتح إلى رواق طويل قد عقدت قناطره على أعمدة رخام، لبست حيطانه على ما ذكرنا، وجمع السقوف مزوقة أحسن تزوبق، وفي هذه الأروقة موضع الوراقين ومجلس خليفة القاضي، وهذا الباب بين المغطى والصحن يقابله عن اليسار باب جيرون على ما ذكرنا، غير أن الأروقة معقودة بالعرض يصعد إليه في درج يجلس فيه المنجمون وأضرابهم، وباب الساعات في زاوية المغطى الشرقية مصراعان سواذج عليه أروقة يجلس فيه الشروطيون وأشباههم، والباب الرابع باب الفراديس مصراعان قبال المحراب في أروقة بين زيادتين عن يمين وشمال عليه منارة محدثة مرصعة على ما ذكرنا، وعلى كل من هذه الأبواب ميضأة مرخمة ببيوت ينيع فيها الماء وفوارات خارجة في قصاع عظيمة من رخام. ومن الخضراء وهي دار السلطان أبواب إلى المقصورة مصفحة مطلية، وقلت يوماً لعمي يا عم لم يحسن الوليد حيث أنفق أموال المسلمين على جامع دمشق ولو أصرف ذلك في عمارة الطرق والمصانع ورم الحصون لكان أصوب وأفضل، قال: لا تفعل يا بني أن الوليد وفق وكشف له عن أمر جليلٍ وذلك أنه رأى الشام بلد النصارى، ورأى لهم فيها بيعاً حسنة قد أفتن زخارفها وانتشر ذكرها، كالقمامة وبيعة لد والرها. فاتخذ للمسلمين مسجداً أشغلهم به عنهن وجعله أحد عجائب الدنيا، ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة القمامة وهيأتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين، فنصب على الصخرة قبةً على ما ترى. ووجدت في كتاب بخزائن عضد الدولة عروسا الدنيا دمشق والري. وقال يحيى بن أكثم ليس بالأرض أنزه من ثلاث بقاع سمرقند، وغوطة دمشق، ونهر الأبلة. ودمشق بناها دمشق بن قاني بن مالك بن ارفخشذ بن سام قبل مولد ابراهيم بخمس سنين وقال الأصمعي لا بل اشتق اسمهامن دمشقوها أي أسرعوها. ويقال أن عمر بن عبد العزيز أراد أن ينقص الجامع ويجعله في مصالح المسلمين حتى ناظروه في ذلك. وقرأت في بعض الكتب إنما أنفق عليه ثمانية عشرحمل بغل ذهب. وقد قال بعض من يهجوهم:من دمشقوها أي أسرعوها. ويقال أن عمر بن عبد العزيز أراد أن ينقص الجامع ويجعله في مصالح المسلمين حتى ناظروه في ذلك. وقرأت في بعض الكتب إنما أنفق عليه ثمانية عشرحمل بغل ذهب. وقد قال بعض من يهجوهم:
يا ايها السائل عـن ادياينـا لما رأى هيئة أحبـارهـم
ما إن لهم فخرٌ سوى مسجدٍ به تعدوا فوق أطوارهـم
لوجاءهم جارٌ لهم قابـسـاً ما قبسوه الدهر من نارهم
وحسن سمتٍ لهم ظاهـراً إعلانهم ليس كاسرارهـم
لوجاءهم جارٌ لهم قابـسـاً ما قبسوه الدهر من نارهم
لوجاءهم جارٌ لهم قابـسـاً ما قبسوه الدهر من نارهم
وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر مدين: على تخوم الحجاز في الحقيقة، لأن جزيرة العرب كلما دار عليه البحر ومدين في هذه الخطة، وثم الحجر الذي رفعه موسى عم حين سقى غنم شعيب، والماء بها غزير، وأرطالهم ورسومهم شامية. وفي ويلة تنازع بين الشاميين والحجازيين والمصريين كما في عبادان واضافتها إلى الشام أصوب. لأن رسومهم وأرطالهم شامية وهي فرضة فلسطين ومنها يقع جلائبهم. تبوك: مدينة صغيرة بها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.