إقليم الشام - احسن التقاسیم فی معرفة الاقالیم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

احسن التقاسیم فی معرفة الاقالیم - نسخه متنی

شمس الدین ابو عبداللّه محمد بن احمد مقدسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إقليم الشام

إقليم الشام جليل الشأن ديار النبيين، ومركز الصالحين. ومعدن البدلاء، ومطلب الفضلاء. به القبلة الأولى، وموضع الحشر والمسرى. والأرض المقدسة والرباطات الفاضلة والثغور الجليلة والجبال الشريفة ومهاجر ابراهيم وقبره وديار أيوب وبئره ومحراب داود وبابه وعجائب سليمان ومدنه وتربة إسحاق وأمه ومولد المسيح ومهده وقرية طالوت ونهره ومقتل جالوت وحصنه وجب ارميا وحبسه ومسجد اوريا وبيته وقبة محمد وبابه وصخرة موسى وربوة عيسى ومحراب زكريا ومعرك يحيى ومشاهد الأنبياء وقرى أيوب ومنازل يعقوب. والمسجد الأقصى، وجبل زيتا. ومدينة عكا، ومشهد صديقا. وقبرموسى ومضجع ابراهيم ومقبرته ومدينة عسقلان، وعين سلوان. وموضع لقمان، ووادي كنعان. ومدائن لوط وموضع الجنان، ومساجد عمر ووقف عثمان. والباب الذي ذكره الرجلان، والمجلس الذي حضره الخصمان. والسور الذي بين العذاب والغفران، والمكان القريب ومشهد بيسان، وباب حطة ذو القدر والشأن. وباب الصور وموضع اليقين وقبر مريم وراحيل ومجمع البحرين، ومفرق الدارين. وباب السكينة وقبة السلسلة ومنزل الكعبة مع مشاهد لا تحصى، وفضائل لا تخفى. وفواكه ورخاء وأشجار ومياه. وآخرة ودنيا، به يرق القلب وينبسط للعبادة الأعضاء، ثم به دمشق جنة الدنيا، وصغر البصرة الصغرى. والرملة البهية وخبزها الحواري، وإيليا الفاضلة بلا لأوى. وحمص المعروفة بالرخص وطيب الهوا، وجبل بصرى وكرومه فلا تنسى، وطبرية الجليلة بالدخل والقرى. ثم البحر يمد على غربية فالحمولات فيه إليه أبداً وبحر الصين متصل بطرفه الأقصى، له سهل وجبل وأغوار وأشياء. والبادية على تخومة كالزقاق منه إلى تيماء، وبه معادن الرخام وعقاقير كل دواء ويسار وتجار ولباقة وفقهاء، وكتاب وصناع وأطباء. إلا أنهم على خوف من الروم وفي جلاء، والأطراف قد خربت وأمر الثغور قد انقضى. وليسوا كالأعاجم في العلم والدين والنهي، بعض قد ارتد وبعض للجزية في أداء، يقدمون طاعة المخلوق على طاعة ربّ السماء. عامتهم جهال أو غوغاء، لا نهضة في جهادٍ ولا حمية على الأعد اء.

ويقال إنما سميت الشام لأنها شامة الكعبة، وقيل بل من تشاءم الناس إليها، وقيل بل لشامات بها حمر وبيض وسود. وأهل العراق يسمون كل ما كان وراء الفرات شاماً ولهذا أرسل محمد بن الحسن القول في دواوينه وليس وراء الفرات من الشام غير كورة قنسرين حسب، والباقي بادية العرب والشام من ورائها، وإنما أراد محمد التقريب والمتعارف بين الناس كما يقال لخراسان المشرق وإنما هو من ورائها، وإنما الشام كلما قابل اليمن وكان الحجاز بينهما. فإن قال قائل ما تنكر أن يكون طرف البادية إلى حدود العراق من الشام ليصح ما قاله أهل العراق، قيل قد قسمنا الأقاليم ورسمنا الحدود فلا ينبغي لنا أن ندخل في إقليم من غيره. فإن قال قائل فمن أين لك أنه ليس منه في القديم، قيل له لم يختلف فقهاء الشريعة وأهل هذا العلم أن هذه الأرض المتنازع فيها أنها من جزيرة العرب ولو جعلها أحد من الشام لا مجازاً لكان لنا أن نقول له حدود الشام التي رسمناها مجمع عليها وما زدتم مختلف فيه وعلى من ادعى الزيادة الدليل. وقد أعرضنا عن ذكر طرسوس وأعمالها لأنها بيد الروم، وأما الكهف فإن المدينة هي طرسوس وبها قبر دقيانوس وبرستاقها تل عليه مسجد قالوا هو على الكهف. وحدثنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن عمر البخاري، قال: حدثنا أبو طالب اليماني، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن سهل الخراساني، قال: قرأت على هشام بن محمد حدثنا مجاهد بن يزيد، قال: خرجت مع خالد البريدي في أيام وجه إلى الطاغية سنة 102 وليس معنا ثالث من المسلمين، فقدمنا القسطنطينية ثم خرجنا منصرفين إلى عمورية، ثم أتينا اللاذقية ا المحترقة في أربع ليال، ثم انتهينا إلى الهوية وهي جوف جبل، فذكر لنا أن بها أمواتاً لا يدرى ما هم وعليهم حراس فادخلونا سرباً طوله نحو من خمسين ذراعاً في عرض ذراعين بالسرج، وإذا وسط السرب باب من حديد مكمن لعيالهم إذا جاءهم العرب، وإذا خربة عظيمة وسطها نقرة من ماءٍ عرضها نحو من خمسة عشر ذراعاً يرى منها السماء وإذا كهف ذلك المكان إلى جوف ذلك الجبل، فانطلق بنا إلى كهف مما يلي الجوف من الهوية طوله نحو من عشرين ذراعاً وإذا فيه ثلاثة عشر رجلاً رقوداً على اقفيتهم، على كل رجل منهم جبة لا أدري من صوف أو وبر إلا إنها غبراء، وكساءٌ أغبر يتقعقع كما يتقعقع الرق وقد غطى بكسائه وجهه وسائر جسده، وإذا هي ذوات أهداب، وعلى بعضهم خفاف إلى أنصاف سوقهم وبعض بنعال وبعض بشمشكات، والجميع جدد فكشفت عن وجه أحدهم فإذا شعر رأسه ولحيته لم يتغير وإذا بشرة وجهه منيرة ودم وجهه ظاهر كأنما رقدوا تلك الساعة وإذا أعضاؤهم كألين ما يكون من أعضاء الرجل الحي وكلهم شباب، غير أن بعضهم. قد وخطه الشيب، وإذا بأحدهم قد ضربت عنقه فسألتهم عن ذلك فقالوا غلبت علينا العرب وملكت الهوية، فأخبرناهم خبرهم فلم يصدقونا فضرب أحدهم عنق هذا، وزعم أهل الهوية أنه إذا كان رأس كل سنة في يوم عيد لهم يجتمعون فيه يقيمونهم رجلاً رجلاً، فيتركونهم قياماً ويمسحونهم وينفضون غبار ثيابهم ويسوون اكسبتهم عليهم فلايسقطون ولا يتجرجون ويضجعونهم وأنهم يقلمون أظفارهم في السنة ثلاث مرات ثم تنبت، فسألناهم عن أسبابهم وأمرهم فزعموا أنهم لا علم لهم بشيء من أمرهم غير أنا نسميهم الأنبياء. قال مجاهد وخالد فيظن أنهم أصحاب الكهف والله أعلم. وهذا شكل الإقليم ومثاله في الصفحة المنقلبة. وقد قسمنا هذا الإقليم ست كور، أولها من قبل أقور قنسرين ثم حمص ثم دمشق ثم الأردن ثم فلسطين ثم الشراة. فأما قنسرين فقصبتها حلب ومن مدنها: أنطاكية، با لس، السويدية، سميساط، منبج، بياس، التينات، قنسرين، مرعش، إسكندرونة، لجون، رفنية، جوسية، حماة، شيزر، وادي بطنان، معرة النعمان، معرة قنسرين. وأما حمص فاسم القصبة أيضاً ومن مدنها: سلمية، تدمر، الخناصرة، كفرطاب، اللاذ قية، جبلة، أنطرسوس، بلنياس، حصن الخوابي. وأما دمشق فاسم القصبة أيضاً ومدنها: بانياس، صيدا، بيروت، أطرابلس، عرقة، وناحية البقاع مدينتها: بعلبك، ولها كامد، عرجموش، الزبداني، ولدمشق ست رساتيق: الغوطة، حوران، البثنية، الجولان، البقاع، الحولة. وأما الأردن فقصبتها طبرية ومن مدنها: قدس، صور، عكا، اللجون، كابل، بيسان، أذرعات. وأما فلسطين فقصبتها الرملة ومدنها: بيت المقدس،

بيت جبريل، غزة، ميماس، عسقلان، يافه، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحا، عمان. وأما الشراة فجعلنا قصبتها صغر ومدنها: مآب، معان، تبوك، أذرح، ويلة، مدين. وفي هذا الإقليم قرىً أجل وأكبر من أكثر مدن الجزيرة مثل داريا، وبيت لهيا، وكفرسلام، وكفرسابا، غير أنها على رسوم القرى معدودة فيها وقد قلنا أن عملنا موضوع على التعارف. وأما حلب فبلد نفيس خفيف حضين، وفي أهلها ظرف ولهم يسار وعقول، مبنيٌ بالحجارة عامر في وسط البلد قلعة حصينة واسعة فيها ماءٌ وخزائن السلطان، والجامع في البلد، شربهم من نهر قويق يدخل إلمط البلد إلى دار سيف الدولة في شباك حديد، والقصبة ليست بكبيرة إلا أن بها مستقر السلطان، لها سبعة أبواب باب حمص باب الرقة باب قنسرين باب اليهود باب العراق باب دار البطيخ باب إنطاكية وباب الأربعين مسدود. بالس: رأس الحد من قبل الرقة عامرة. قنسرين: مدينة قد خف أهلها، حدثنا الشيخ العدل أبو سعيد أحمد بن محمد بنيسابور قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو عمار بن حريث المروزي قال: حدثنا الفضل أبو موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة عن عمرو ابن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أوحى إلى أي هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين. فإن قال قائل لم جعلت قصبة الكورة حلب وههنا مدينة على اسمها قيل له قد قلنا أن مثل القصبات كالقواد، والمدن كالجند، ولا يجوز أن نجعل حلب على جلالتها وحلول السلطان بها وجمع الدواوين إليها وإنطاكية ونفاستها وبالس وعمارتها جناداً لمدينة خربة صغيرة. فإن قال هلا استعملت هذا القياس في شيراز فاضفت إليها اصطخر ومدنها، قيل لما وجدنا بشيراز مدناً أحدقت بها وتباعدت اصطخر عنها استحسنا ما فعلناه، ثم والأستحسان في علمنا هذا ربما غلب القياس كما قلنا في مسائل المكاتب، ألا ترى أن التأجيل بالنيروز والمهرجان باطل في سائر الأحكام جائز في الكتابة استحساناً. حمص: ليس بالشام بلد أكبر منها، وفيها قلعة متعالية عن البلد ترى من خارج، أكثر شربهم من ماء المطر ولهم أيضاً نهر، ولما فتحها المسلمون عمدوا إلى الكنيسة فجعلوا نصفها جامعاً عنده بالسوق قبة على رأسها شبه من رجل نحاس واقف على سمكة تديرها الأرياح الأربع، وفيه أقاويل لا تصح، والبلد شديد الأختلال متداعٍ إلى الخراب والقوم حمقى. وسائر المدن مختلة والأسعار بها رخيصة وما كان منها على الساحل حصينة، وكذلك تدمر وهي على مثل كرسي من مدن سليمان بن داود، والقصبة قريبة من البادية رحبة طيبة.يت جبريل، غزة، ميماس، عسقلان، يافه، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحا، عمان. وأما الشراة فجعلنا قصبتها صغر ومدنها: مآب، معان، تبوك، أذرح، ويلة، مدين. وفي هذا الإقليم قرىً أجل وأكبر من أكثر مدن الجزيرة مثل داريا، وبيت لهيا، وكفرسلام، وكفرسابا، غير أنها على رسوم القرى معدودة فيها وقد قلنا أن عملنا موضوع على التعارف. وأما حلب فبلد نفيس خفيف حضين، وفي أهلها ظرف ولهم يسار وعقول، مبنيٌ بالحجارة عامر في وسط البلد قلعة حصينة واسعة فيها ماءٌ وخزائن السلطان، والجامع في البلد، شربهم من نهر قويق يدخل إلمط البلد إلى دار سيف الدولة في شباك حديد، والقصبة ليست بكبيرة إلا أن بها مستقر السلطان، لها سبعة أبواب باب حمص باب الرقة باب قنسرين باب اليهود باب العراق باب دار البطيخ باب إنطاكية وباب الأربعين مسدود. بالس: رأس الحد من قبل الرقة عامرة. قنسرين: مدينة قد خف أهلها، حدثنا الشيخ العدل أبو سعيد أحمد بن محمد بنيسابور قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو عمار بن حريث المروزي قال: حدثنا الفضل أبو موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة عن عمرو ابن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أوحى إلى أي هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين. فإن قال قائل لم جعلت قصبة الكورة حلب وههنا مدينة على اسمها قيل له قد قلنا أن مثل القصبات كالقواد، والمدن كالجند، ولا يجوز أن نجعل حلب على جلالتها وحلول السلطان بها وجمع الدواوين إليها وإنطاكية ونفاستها وبالس وعمارتها جناداً لمدينة خربة صغيرة. فإن قال هلا استعملت هذا القياس في شيراز فاضفت إليها اصطخر ومدنها، قيل لما وجدنا بشيراز مدناً أحدقت بها وتباعدت اصطخر عنها استحسنا ما فعلناه، ثم والأستحسان في علمنا هذا ربما غلب القياس كما قلنا في مسائل المكاتب، ألا ترى أن التأجيل بالنيروز والمهرجان باطل في سائر الأحكام جائز في الكتابة استحساناً. حمص: ليس بالشام بلد أكبر منها، وفيها قلعة متعالية عن البلد ترى من خارج، أكثر شربهم من ماء المطر ولهم أيضاً نهر، ولما فتحها المسلمون عمدوا إلى الكنيسة فجعلوا نصفها جامعاً عنده بالسوق قبة على رأسها شبه من رجل نحاس واقف على سمكة تديرها الأرياح الأربع، وفيه أقاويل لا تصح، والبلد شديد الأختلال متداعٍ إلى الخراب والقوم حمقى. وسائر المدن مختلة والأسعار بها رخيصة وما كان منها على الساحل حصينة، وكذلك تدمر وهي على مثل كرسي من مدن سليمان بن داود، والقصبة قريبة من البادية رحبة طيبة.

دمشق: هي مصر الشام ودار الملك أيام بني أمية وثم قصورهم وآثارهم، بنيانهم خشب وطين وعليها حصن أحدث وأنا به من طين، أكثر أسواقها مغطاة ولهم سوق على طول البلد مكشوف حسن، وهو بلد قد خرقته الأنهار، وأحدقت به الأشجار. وكثرت به الثمار، مع رخص أسعار. وثلج وأضداد لا ترى أحسن من حماماتها ولا أعجب من فواراتها ولا أحزم من أهلها، الذي عرفت من دروبها باب الجابية باب الصغير باب الكبير باب الشرقي باب توما باب النهر باب المحامليين، وهي طيبة جداً غير أن في هوائها يبوسة، وأهلها غاغة، وثمارها تفهة، ولحومها عاسية، ومنازلها ضيقة، وأزقتها غامة، وأخبازها ردية، والمعايش بها ضيقة تكون نحو نصف فرسخ في مثله في مستوى، والجامع أحسن شيءٍ للمسلمين اليومٍ، ولايعلم لهم مال مجتمع أكثر منه، قد رفعت قواعده بالحجارة الموجهة كباراً مؤلفة وجعل عليها شرف بهية، وجعلت أساطينها أعمدة سوداً ملساً على ثلاثة صفوف واسعة جداً، وفي الوسط ازاء المحراب قبة كبيرة، وأدير على الصحن أروقة متعالية بفراخ فوقها، ثم بلط جميعه بالرخام الأبيض وحيطانه إلى قامتين بالرخام المجزع ثم إلى السقف بالفسافساء الملونة في المذهبة صور أشجار وأمصار وكتابات على غاية الحسن والدقة ولطافة الصنعة، وقل شجرة أو بلد مذكور إلا وقد مثل على تلك الحيطان، وطليت رؤوس الأعمدة بالذهب، وقناطر الأروقة كلها مرصعة بالفسيفساء، وأعمده الصحن كلها رخام أبيض، وحيطانه بما يدور والقناطر وفراخها بالفسيفساء نقوش وطروح، والسطوح كلها ملبسة بشقاق الرصاص، والشرافيات من الوجهين بالفسيفساء، وعلى الميمنة في الصحن بيت مال على ثمانية عمد مرصع حيطانه بالفسافساء، وفي المحراب وحوله فصوص عقيقية وفيروزجية كأكبر ما يكون من الفصوص، وعلى الميسرة محراب آخر دون هذا للسلطان، وقد كان تشعث وسطه فسمعت إنه أنفق عليه خمسمائة دينار حتى عاد إلى ما كان، وعلى رأس القبة ترنجة فوقها رمانة كلاهما ذهب، ومن أعجب شيءٍ فيه تأليف الرخام المجزع كل شامة إلى أختها، ولو أن رجلاً من أهل الحكمة أختلف إليه سنةً لأفاد منه كل يوم صيغة وعقدة أخرى، ويقال أن الوليد جمع لبنائه حذاق فارس والهند والمغرب والروم، وأنفق عليه خراج الشام سبع سنين مع ثماني عشرة سفينة ذهب وفضة أقلعت من قبرص سوى ما أهدى إليه ملك الروم من الآلات والفسافساء، ويدخل إليه العامة من أربعة أبواب: باب البريد عن اليمين كبير له فرخان عن يمين وشمال على كل واحدٍ من الباب الأعظم والفرخين مصراعان مصفحة بالصفر المذهب وعلى لباب والفرخين ثلاثة أروقة كل باب منهما يفتح إلى رواق طويل قد عقدت قناطره على أعمدة رخام، لبست حيطانه على ما ذكرنا، وجمع السقوف مزوقة أحسن تزوبق، وفي هذه الأروقة موضع الوراقين ومجلس خليفة القاضي، وهذا الباب بين المغطى والصحن يقابله عن اليسار باب جيرون على ما ذكرنا، غير أن الأروقة معقودة بالعرض يصعد إليه في درج يجلس فيه المنجمون وأضرابهم، وباب الساعات في زاوية المغطى الشرقية مصراعان سواذج عليه أروقة يجلس فيه الشروطيون وأشباههم، والباب الرابع باب الفراديس مصراعان قبال المحراب في أروقة بين زيادتين عن يمين وشمال عليه منارة محدثة مرصعة على ما ذكرنا، وعلى كل من هذه الأبواب ميضأة مرخمة ببيوت ينيع فيها الماء وفوارات خارجة في قصاع عظيمة من رخام. ومن الخضراء وهي دار السلطان أبواب إلى المقصورة مصفحة مطلية، وقلت يوماً لعمي يا عم لم يحسن الوليد حيث أنفق أموال المسلمين على جامع دمشق ولو أصرف ذلك في عمارة الطرق والمصانع ورم الحصون لكان أصوب وأفضل، قال: لا تفعل يا بني أن الوليد وفق وكشف له عن أمر جليلٍ وذلك أنه رأى الشام بلد النصارى، ورأى لهم فيها بيعاً حسنة قد أفتن زخارفها وانتشر ذكرها، كالقمامة وبيعة لد والرها. فاتخذ للمسلمين مسجداً أشغلهم به عنهن وجعله أحد عجائب الدنيا، ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة القمامة وهيأتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين، فنصب على الصخرة قبةً على ما ترى. ووجدت في كتاب بخزائن عضد الدولة عروسا الدنيا دمشق والري. وقال يحيى بن أكثم ليس بالأرض أنزه من ثلاث بقاع سمرقند، وغوطة دمشق، ونهر الأبلة. ودمشق بناها دمشق بن قاني بن مالك بن ارفخشذ بن سام قبل مولد ابراهيم بخمس سنين وقال الأصمعي لا بل اشتق اسمها

من دمشقوها أي أسرعوها. ويقال أن عمر بن عبد العزيز أراد أن ينقص الجامع ويجعله في مصالح المسلمين حتى ناظروه في ذلك. وقرأت في بعض الكتب إنما أنفق عليه ثمانية عشرحمل بغل ذهب. وقد قال بعض من يهجوهم:من دمشقوها أي أسرعوها. ويقال أن عمر بن عبد العزيز أراد أن ينقص الجامع ويجعله في مصالح المسلمين حتى ناظروه في ذلك. وقرأت في بعض الكتب إنما أنفق عليه ثمانية عشرحمل بغل ذهب. وقد قال بعض من يهجوهم:




  • يا ايها السائل عـن ادياينـا لما رأى هيئة أحبـارهـم
    ما إن لهم فخرٌ سوى مسجدٍ به تعدوا فوق أطوارهـم
    لوجاءهم جارٌ لهم قابـسـاً ما قبسوه الدهر من نارهم



  • وحسن سمتٍ لهم ظاهـراً إعلانهم ليس كاسرارهـم
    لوجاءهم جارٌ لهم قابـسـاً ما قبسوه الدهر من نارهم
    لوجاءهم جارٌ لهم قابـسـاً ما قبسوه الدهر من نارهم



أسدٌ على الجيران أعداؤهم آمنةٌ تخطر فـي دارهـم وكذب في هذا البيت لأن الأعداء ابداً يخافونهم.

ومدينة بانياس: على طرف الحولة وحد الجبل أرخى وأرفق من دمشق وإليها انتقل أكثر أهل الثغور لما اخذت طرسوس، وزادوا فيها وهي كل يوم في زيادة، لهم نهر شديد البرودة يخرج من تحت جبل الثلج وينبع وسط المدينة، وهي خزانة دمشق رفقة بأهلها بين رساتيق جليلة غير أن ماءها ردى. وصيدا وبيروت. مدينتان على الساحل حصينتان. وكذلك طرابلس إلا أنها أجل. بعلبك: مدينة قديمة فيها مزراع وعجائب معدن الأعناب، وسائر مدنها طيبة رحاب. وبحوران والبثنية ضياع أيوب ودياره مدينتها نوى معدن القموح والحبوب. الحولة: معدن الأقطان والأزهار وهي أغوار و أنهار. الغوطة: تكون مرحلة في مثلها يعجزعن وصفها.

طبرية: قصبة الأردن وبلد وادي كنعان موضوعة بين الجبل والبحيرة، فهي ضيقة كربة في الصيف مؤذية، طولها نحو من فرسخ بلا عرض، وسوقها من الدرب إلى الدرب، والمقابر على الجبل، بها ثماني حمامات بلا وقيد، ومياض عدة حارة الماء، والجامع في السوق كبير حسن قد فرش أرضه بالحصى على أساطين حجارة موصولة. ويقال أهل طبرية شهرين يرقصون وشهرين يقمقمون وشهرين يثاقفون وشهرين عراة وشهرين يزمرون وشهرين يخوضون يعني يرقصون من كثرة الراغيث ويلوكون النبق ويطردون الزنابير عن اللحم والفواكه بالمذاب، وعراة من شدة الحر، ويمصون قصب السكر ويخوضون الوحل. وأسفل البحيرة جسر عظيم عليه طريق دمشق وشربهم منها. عليها بما يدور قرى ونخيل والسفن فيها تذهب وتجيء، وماء الحمامات والدواميس إليها لا يستطيبها الغرباء، كثيرة الأسماك خفيفة الماء، والجبل مطل على البلد شاهق. قدس: مدينة صغيرة على سفح جبل كثيرة الخير، رستاقهاجبل عاملة، بها ثلاث عيون شربهم منها وحمامهم واحد تحت البلد، والجامع في السوق فيه نخلة، وهو بلد حارٌ، ولهم بحيرة على فرسخ تصب إلى بحيرة طبرية، قد عمد إلى النهر فسجر ببناءٍ عجيب حتى يتبحر، إلى جنبها غابة حلفاء رفقهم منها، أكثرهم ينسجون الحصر وبفتلون الحبال، وفي البحيرة أنواع من السمك منه البني حمل من واسط، كثيرة الذمة. جبل عاملة: ذو قرى نفيسة وأعناب وأثمار وزيتون وعيون المطر يسقي زروعهم، يطل على البحر ويتصل بجبل لبنان. أذرعات: مدينة قريبة من البادية، رستاقها جبل جرش يقابل جبل عاملة كثير القرى وجلت طبرية بهذين الجبلين. بيسان: على النهر كثيرة النخيل وأرزاز فلسطين والأردن منها، غزيرة المياه رحبة، إلا أن ماءها ثقيل. اللجون: مدينة على رأس حد فلسطين في الجبال.، بها ماءٌ جار رحبة نزيهة. كابل: مدينة ساحلية، بها مزارع الأقصاب وبها لطبخ السكر الفائق. الفراذية: قرية كبيرة بها منبر، معدن الأعناب والكروم، بها ماءٌ غزير وموضع نزيه. عكا: مدينة حصينة على البحر، كبيرة الجامع فيه غابة زيتون تقوم بسرجه وزيادةٍ، ولم تكن على هذه الحصانة حتى زارها ابن طيلون، وقد كان رأى صور ومنعتها واستدارة الحائط على مينائها، فأحب أن يتخذ لعكا مثل ذلك الميناء، فجمع صناع الكورة وعرض عليهم ذلك فقيل لا يهتدي أحد إلى البناء في الماء في هذا الزمان، ثم ذكر له جدنا أبو بكر البناء، وقيل أن كان عند أحدٍ علم هذا فعنده، فكتب إلى صاحبه على بيت المقدس حتى أنهضه إليه، فلما صار إليه وذكر له ذلك قال هذا أمر هين، علي بفلق الجميز الغليظة، فصفها على وجه الماء بقدر الحصن البري وخيط بعضها ببعض وجعل لها باباً من الغرب عظيماً، ثم بنى عليها بالحجارة والشيد وجعل كلما بنى خمس دوامس ربطها بأعمدة غلاظ ليشتد البناء، وجعلت الفلق كلما ثقلت نزلت حتى إذا علم أنها قد جلست على الرمل تركها حولاً كاملاً حتى أخذت قرارها، ثم عاد فبنى من حيث ترك، كلما بلغ البناء إلى الحائط القديم داخله فيه وخيطه به، نم جعل على الباب قنطرة فالمراكب في كل ليلة تدخل المينا وتجر السلسلة مثل صور قال فدفع إليه ألف دينار سوى الخلع وغيرها من المركوب واسمه عليه مكتوب، وقد كان العدو قبل ذلك يغير على المراكب. الجش: قرية وهي قريبة من القصبة، موضوعة بين أربعة من الرساتيق قريبة من البحر. صور: مدينة حصينة على البحر، بل فيه يدخل إليها من باب واحد على جسرٍ واحدٍ قد أحاط البحر بها، ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا أرض تدخل فيه المراكب كل ليلة ثم تجر السلسلة التي ذكرها محمد بن الحسن في كتاب الأكراه، ولهم ماء يدخل في قناة معلقة، وهي مدينة جليلة نفيسة بها صنائع ولهم خصائص، وبين عكا وصور شبه خليج ولذلك يقال عكا حذاء صور، إلا أنك تدور، يعني حول الماء.

الرملة: قصبة فلسطين، بهية حسنة البناء خفيفة الماء مرية واسعة الفوإكه، جامعة الأضداد بين رساتيق جليلة ومدن سرية ومشاهد فاضلة وقرى نفيسة، والتجارة بها مفيدة والمعايش حسنة، ليس في الإسلام أبهى من جامعها، ولا أحسن وأطيب من حواريها، ولا أبرك من كورتها، ولا ألذ من فواكهها، موضوعة بين رساتيق زكية ومدن محيطة ورباطات فاضلة، ذات فنادق رشيقة وحمامات أنيقة وأطعمة نظيفة وأدامات كثيرة ومنازل فسيحة ومساجد حسنة وشوراع واسعة وأمور جامعة، قد خطت في السهل وقربت من الجبل والبحر وجمعت التين والنخل وانبتت الزروع على البعل وحوت الخيرات والفضل، غير أنها في الشتاء جزيرة من الوحل وفي الصيف ذريرة من الرمل لا ماء يجري ولا خضر ولا طين جيد ولا ثلج، كثيرة البراغيث، عميقة الآبار مالحة، وماء المطر في جباب مقفلة، فالفقير عطشان والغريب حيران، وفي الحمام ديوان ويدور في الدولاب خدام، وهي ميل راجح في ميل بنيانهم حجارة منحوتة حسنة وطوب، الذي أعرف من دروبها درب بئر العسكر درب مسجد عنبة درب بيت المقدس درب بيلعة درب لد درب يافا درب مصر درب داجون، يتصل بها مدينة تسمى داجون فيها جامع، وجامع القصبة في الأسواق أبهى وأرشق من جامع دمشق يسمى الأبيض ليس في الإسلام أكبر من محرابه ولا بعد منبر بينت المقدس أحسن من منبره وله منارة بهية بناه هشام بن عبد الملك، وسمعت عمي يقول لما أراد بناءه قيل له أن للنصارى أعمدة رخام مدفونة تحت الرمل أستعدوها لكنيسة بالعة فقال لهم هشام بن عبد الملك أما أن تظهروها وأما أن نهدم كنيسة لد فنبني هذا الجامع على أعمدتها، فاظهروها وهي غليظة طويلة حسنة وأرض المغطى مفروشة بالرخام والصحن بالحجارة المؤلفة وأبواب المغطى من الشربين والتنوب مداخلة محفورة حسنة جداً.

بيت المقدس: ليس في مدائن الكور أكبر منها وقصبات كثيرة أصغر منها، كاصطخر وقاين والفرما، لا شديدة البرد وليس بها حر وقل ما يقع بها ثلج، وسألني القاضي أبو القاسم ابن قاضي الحرمين عن الهواء بها فقلت: سجسج لا حر ولا برد شديد، قال: هذا صفة الجنة. بنيانهم حجر لا ترى أحسن منه ولا أتقن من بنائها ولا أعف من أهلها ولا أطيب من العيش بها ولا أنظف من أسواقها ولا أكبر من مسجدها ولا أكثر من مشاهدها. عنبها خطير، وليس لمعنقتها نظير. وفيها كل حاذق وطبيب، وإليها قلب كل لبيب، ولا تخلو كل يوم من غريب. وكنت يوماً في مجلس القاضي المختار أبي يحيى بن بهرام بالبصرة فجرى ذكر مصر إلى أن سئلت أي بلدٍ أجل، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أطيب، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أفضل، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أحسن، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أكثر خيرات، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أكبر، قلت: بلدنا. فتعجب أهل المجلس من ذلك، وقيل: أنت رجل محصل وقد أدعيت ما لا يقبل منك وما مثلك إلا كصاحب الناقة مع الحجاج، قلت: أما قولي أجل فلانها بلدة جمعت الدنيا والآخرة فمن كان من أبناء الدنيا وأراد الآخرة وجد سوقها ومن كان من أبناء الآخرة فدعته نفسه إلى نعمة الدنيا وجدها. وأما طيب الهواء فإنه لا سم لبردها ولا أذى لحرها. وأما الحسن فلا ترى أحسن من بنيانها ولا أنظف منها ولا أنزه من مسجدها. وأما كثرة الخيرات فقد جمع الله تعالى فيها فواكه الأغوار والسهل والجبال والأشياء المتضادة كالأترج واللوز والرطب والجوز والتين والموز. وأما الفضل فلانها عرصة القيامة ومنها المحشر وإليها المنشر، وإنما فضلت مكة والمدينة بالكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة تزفان إليها فتحوي الفضل كله. وأما الكبر فالخلائق كلهم يحشرون إليها فأي أرض أوسع منها فاستحسنوا ذلك وأقروا به. إلا أن له عيوباً عدة يقال أن في التورية مكتوب بيت المقدس طشت ذهب مليء عقارب، ثم لا ترى أقدر من حماماتها، ولا أثقل مؤنة، قليلة العلماء كثيرة النصارى، وفيهم جفاءٌ على الرحبة والفنادق، ضرائب ثقال على ما يباع، فيها رجالة على الأبواب فلا يمكن أحداً أن يبيع شيئاً مما يرتفق به الناس إلا بها مع قلة يسار، وليس للمظلوم أنصار، والمستور مهموم والغني محسود، والفقيه مهجور والأديب غير مشهود، لا مجلس نظر ولا تدريس، قد غلب عليها النصارى واليهود وخلا المسمجد من الجماعات والمجالس. وهي أصغر من مكة وأكبر من المدينة، عليها حصن بعضه على جبل وعلى بقيته خندق، ولها ثمانية أبواب حديد

باب صهيون باب التيه باب البلاط باب جب ارميا باب سلوان باب أريحا باب العمود باب محراب داود. والماء بها واسع ويقال ليس ببيت المقدس أمكن من الماء والأذان، قل دار ليس بها صهريج وأكثر، وبها ثلاث برك عظيمة بركة بني اسرائيل بركة سليمان بركة عياض عليها حماماتهم، لها دواعٍ من الازقة وفي المسجد عشرون جباً متبحرة، وقل حارة إلا وفيها حب مسبل غير أن مياهها من الأزقة، وقد عمد إلى وادٍ فجعل بركتان يجتمع إليهما السيول في الشتاء وشق منهما قناة إلى البلد تدخل وقت الربيع فتملأ صهاريج الجامع وغيرها. وأما المسجد الأقصى فهو على قرنة البلد الشرقي نحو القبلة، أساسه من عمل داود، طول الحجر عشرة أذرع وأقل منقوشة موجهة مؤلفة صلبة، وقد بنى عليه عبد الملك بحجارة صغار حسان وشرفوه وكان أحسن من جامع دمشق، لكن جاءت زلزلة في دولة بنى العباس فطرحت المغطى إلا ما حول المحراب، فلما بلغ الخليفة خبره قيل له: لا يفي برده إلى ما كان بيت مال المسلمين. فكتب إلى امراءٍ الأطراف وسائر القواد أن يبني كل واحد منهم رواقاً، فبنوه أوثق وأغلظ صناعةً مما كان، وبقيت تلك القطعة شامة فيه وهي إلى حد أعمدة الرخام وما كان من الأساطين المشيدة فهو محدث، وللمغطى ستة وعشرون باباً، باب يقابل المحراب يسمى باب النحاس الأعظم مصفح بالصفر المذهب لا يفتح مصراعه إلا رجل شديد الباع قوي الذراع، عن يمينه سبعة أبواب كبار في وسطها باب مصفح مذهب، وعلى اليسار مثلهن، ومن نحو الشرق أحد عشر بابا سواذج وعلى الخمسة عشر رواق على أعمدة رخام أحدثه عبدالله بن طاهر، وعلى الصحن من الميمنة أروقة على أعمدة رخام وأساطين، وعلى المؤخر أروقة آزاج من الحجارة، وعلى وسط المغطى جمل عظيم خلف قبة حسنة، والسقوف كلها إلا المؤخرملبسة بشقاق الرصاص، والموخر مرصوص بالفسيفساء الكبار، والصحن كله مبلط وسطه دكة مثل مسجد يثرب يصعد إليها من الأربع جوانب في مراقٍ واسعة، وفي الدكة أربع قباب: قبة السلسلة قبة المعراج قبة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الثلاث لطاف ملبسة بالرصاص على أعمدة رخام بلا حيطان، وفي الوسط قبة الصخرة على بيت مثمن بأربعة أبواب كل باب يقابل مرقاة: باب القبلي باب اسرافيل باب الصور باب النساء يفتح إلى الغرب جميعها مذهبة، في وجه كل واحد باب ظريف من خشب التنوب مداخل حسن أمرت بهن أم المقتدر بالله، وعلى كل باب صفة مرخمة بالتنوبية تطبق على الصفرية من خارج، وعلى أبواب الصفاف أبواب أيضاً سواذح، داخل البيت ثلاثة أروقة دائرة على أعمدة معجونة أجل من الرخام وأحسن لا نظير لها قد عقدت عليها أروقة لاطية، داخلها رواق آخر مستدير على الصخرة لا مثمن على أعمدة معجونة بقناطر مدورة، فوق هذه منطقة متعالية في الهواء فيهاطيقان كبار، والقبة من فوق المنطقة طولها عن القاعدة الكبرى مع السفود في الهواء مائة ذراع، ترى من البعد، فوقها سفود حسن طول قامة وبسطة، والقبة على عظمها ملبسة بالصفر المذهب، وأرض البيت وحيطانه مع المنطقة من داخل وخارج على ما ذكرنا من جامع دمشق، والقبة ثلاث سافات: الاولى من ألواح مزوقة والثانية من أعمدة الحديد قد شبكت لئلاتميلها الرياح ثم الثالثة من خشب عليها الصفائح وفي وسطها طريق إلى عند السفود يصعدها الصناع لتفقدها ورمها، فإذا بزغت عليها الشمس أشرقت القبة وتلألأت المنطقة ورأيت شيئاً عجيباً، وعلى الجملة لم أر في الاسلام ولا سمعت أن في الشرك مثل هذه القبة. ويدخل إلى المسجد من ثلاثة عشر موضعاً بعشرين باباً: باب حطه، بابي النبي صلى الله عليه وسلم، أبواب محراب مريم، بابي الرحمة، باب بركة بني إسرائيل، أبواب الأسباط، أبواب الهاشميين، باب الوليد، باب إبراهيم، باب أم خالد، باب داود. وفيه من المشاهد محراب مريم وزكريا ويعقوب والخضر ومقام النبي وجبرئيل وموضع النمل والنور والكعبة والصراط متفرقة فيه، وليس على الميسرة أروقة والمغطى لا يتصل بالحائط الشرقي، ومن أجل هذا يقال لا يتم فيه صف أبداً وإنما ترك هذا البعض لسببين: أحدهما قول عمر اتخذوا في غربي هذا المسجد مصلى للمسلمين فتركت هذه القطعة لئلا يخالف، والثاني أنهم لو مدوا المغطى إلى الزاوية لم تقع الصخرة حذاء المحراب فكرهوا ذلك والله أعلم. وطول المسجد ألف ذراع بذراع الملك الأشباني وعرضه سبعمائة، وفي

سقوفه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام، وعلى السطح خمسة وأربعون ألف شقفة رصاص، وحجم الصخرة ثلاتة وثلاثون ذراعاً في سبعة وعشرين، والمغارة التي تحتها تسع تسعاً وستين نفساً. وكانت وظيفته في كل شهر مائة قسط زيت، وفي كل سنة ثمان مائة ألف ذراع حصر، وخدامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خمس الأسارى ولذلك يسمون الأخماس لا يخدمه غيرهم، ولهم نوب يحفظونها.ه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام، وعلى السطح خمسة وأربعون ألف شقفة رصاص، وحجم الصخرة ثلاتة وثلاثون ذراعاً في سبعة وعشرين، والمغارة التي تحتها تسع تسعاً وستين نفساً. وكانت وظيفته في كل شهر مائة قسط زيت، وفي كل سنة ثمان مائة ألف ذراع حصر، وخدامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خمس الأسارى ولذلك يسمون الأخماس لا يخدمه غيرهم، ولهم نوب يحفظونها.

سلوان: محلة في ربض المدينة تحتها عين عذيبية تسقي جناناً عظيمة، أوقفها عثمان بن عفان على ضعفاء البلد، تحتها بئرأيوب ويزعمون أن ماء زمزم يزور ماء هذه العين ليلة عرفة. وادي جهنم: على قرنة المسجد إلى آخره قبل الشمرق، فيه بساتين وكروم وكنائس ومغاير وصوامع ومقابر وعجائب ومزارع، وسطه كنيسة على قبر مريم، ويشرف عليه مقابر فيها شداد بن أوس الخزرجي وعبادة بن الصامت. جبل زيتا: مطل على المسجد شرقي هذا الوادي، على رأسه مسجد لعمر نزله أيام فتح البلد، وكنيسة على الموضع الذي صعد منه عيسى عم، وموضع يسمونه الساهرة، وحدثونا عن ابن عباس أن الساهرة هي أرض القيامة بيضاء لم يسفك عليها دم. بيت لحم: قرية على طرف فرسخ من نحو حبري، بها ولد عيسى، وثم كانت النخلة وليس يرطب النخيل بهذا الرستاق، ولكن جعلت لها آية وبها كنيسة ليس بالكوره مثلها. حبري: هي قرية إبراهيم الخليل عم، فيها حصن منيع يزعمون أنه من بناء الجن من حجارة عظيمة منقوشة وسطه قبة من الحجارة اسلامية على قبر إبراهيم، وقبر إسحاق قدام في المغطى، وقبريعقوب في المؤخر حذاء كل نبي امرأته، وقد جعل الحيرمسجداً وبني حوله دور للزوار وأختلطت به العمارة، ولهم قناة ضعيفة وهذه القرية إلى نحو نصف مرحلة من كل جانب قرى وكروم وأعناب وتفاح، يسمى جبل نضرة لايرى مثله ولا أحسن من فواكه عامتها تحمل إلى مصر وتنشر، وفي هذه القرية ضيافة دائمة وطباخ وخباز وخدام مرتبون يقدمون العدس بالزيت لكل من حضر من لفقراء ويدفع إلى الأغنياء إذا اخذوا، ويظن أكثر الناس أنه من قرى إبراهيم وإنما هو وقف تميم الداري وغيره، والأفضل عندي التورع عنه. وعلى فرسخ من حبري جبل صغير مشرف على بحيرة صغر، وموضع قريات لوط، ثم مسجد بناه أبو بكر الصباحي فيه موضع مرقد إبراهيم عم قد غاص في القف نحو ذراع، يقال أن إبراهيم لما رأى قريات لوط في الهواء رقد ثم وقال أشهد أن هذا هو الحق اليقين. وحد القدس ما حول إيليا إلى أربعين ميلاً يدخل في ذلك: القصبة ومدنها. واثنا عشرميلاً في البحر، وصغر ومآب، وخمسة أميال من البادية، ومن قبل القبلة إلى ما وراء الكسيفة وما يحاذيها، ومن قبل الشمال تخوم نابلس، وهذه الأرض مباركة كما قال الله تعالى، مشجرة الجبال زريعة السهول من غير. سقي ولا أنهار وكما قالى الرجلان لموسى ابن عمران وجدنا بلداً يفيض لبناً وعسلاً.

بيت جبريل: مدينة سهلية جبلية، رستاقها الداروم فيه مقاطع الرخام وميرة القصبة وخزانة الكورة، بلد الغوال والرخاء ذات ضياع جليلة، إلا أنها قد خفت وهي كثيرة المخنثين. غزة: كبيرة على جادة مصر وطرف البادية وقرب البحر، بها جامع حسن وفيها أثر عمر بن الخطاب ومولد الشافعي وقبر هاشم بن عبد مناف. ميماس: على البحر حصينة صغيرة تنسب إلى غزة. عسقلان: على البحر جليلة كثيرة المحارس والفواكه ومعدن الجميز، جامعها في البزازين قد فرش بالرخام، بهية فاضلة طيبة حصينة قزها فائق وخيرها دافق والعيش بها رافق، أسواق حسنة ومحارس نفيسة إلا أن ميناءها ردي وماءها عذيبي ودلمها مؤذٍ. يافة: على البحر صغيرة إلا أنها خزانه فلسطين وفرضة الرملة، عليها حصن منيع بأبواب محددة وباب البحر كله حديد، والجامع مشرف على البحر نزه، وميناؤها جيد. أرسوف: أصغر من يافة حصينه عامرة، بها منبرحسن بني للرملة ثم كان صغيراً فحمل إلى أرسوف. قيسارية: ليس على بحر الروم بلد أجل ولا أكثر خيرات منها، تفور نعماً وتندفق خيرات طيبة، الساحة حسنة الفواكه، عليها حصن منيع وربض عامر قد أدير عليه الحصن، شربهم من آبلا وصهاريج، ولها جامع حسن. نابلس: في الجبال كثيرة الزيتون يسمونها دمشف الصغرى، وهي في وادٍ قد ضغطها جبلان، سوقها من الباب إلى الباب وآخر إلى نصف البلد، والجامع وسطها، مبلطة نظيفة لها نهر جارٍ، بناؤهم حجاره ولهم دواميس عجيبة. أريحاء: هي مدينة الجبارين، وبها الباب الذي ذكره الله لبني إسرائيل، وهي معدن النيل والنخيل، رستاقها الغور وزروعهم تسقى من العيون، شديدة الحر، معدن الحيات والعقارب، أهلها سمر وسودان، كثيرة البراغيث، غير أن ماءها أخف ماءٍ في الإسلام، كثيرة الموز والارطاب والريحان. عمان: على سيف البادية ذات قرىً ومزارع، رستاقها البلقاء، معدن الحبوب والأغنام، بها عدة أنهار وارحية يديرها الماء، ولها جامع ظريف بطرف السوق مفسفس الصحن وقد قلنا إنه شبه مكة، وقصرجالوت على جبل يطل عليها، وبها قبر أوريا عليه مسجد وملعب سليمان، رخيصة الأسعار كثيرة الفواكه غير أن أهلها جهال وإليها الطرق الصعبة.

الرقيم: قر ية على فرسخ من عمان على تخوم البادية، فيها مغارة لها بابان صغير وكبير يزعمون أن من دخل الكبير ولم يمكنه الدخول من الصغير فهو ممذر، وفي المغارة ثلاثة قبور وهي التي حدثنا أبو الفضل محمد بن منصور قال: حدثنا أبو بكر بن سعيد، قال: حدثنا الفضل بن حماد، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، قال: أخبرني نافع عن عبد الله ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: بينما نفر ثلاثة يتماشون إذ أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فانحطت إلى فم غارهم صخرة من الجبل فاطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالاً عملتموها لله عز وجل صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها، فقال أحدهم: اللهم كان لي والدان شيخان كبيران ولي صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالدي اسقيتهما قبل ولدي، وأنه نابني السخريوماً فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسها أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية ينضاعون فلم نزل كذلك حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجةً نرى منها السماء، ففرج إلله تعالى فرجة رأوا منها السماء، وقال الآخر: اللهم أنه كانت لي ابنة عم أحببمها كأشد ما يحب الرجال، فطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها، قالت يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها فإن كنت تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجاً. ففرج الله لهم فرجة. وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيراً بعرف من ارز، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه حقه فتركه ورغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقراً وراعيها، فجاءني وقال اتق الله ولا تظلمني وأعطني حقي فقلت إذهب إلى تلك البقر وراعيها، فخذها، فقال اتق الله ولا تهزأ بي، فقلت إني لا اهزأ بك خذ تلك البقر وراعيها، فأخذها وانطلق بها، فإن كنت تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج ما بقي. ففرج الله عنهم.

ولهذه الكورة قرى جليلة ذات منابر أعمر وأجل من أكثر مدن الجزيرة، وهي مذكورة غير أنه لما لم يكن لها قوة المدن في الآئين ولا ضعف القرى في المعمول وتردد أمرها بين الرتبتين وجب أن نستظهر بذكرها ونبين مواضعها. منها لد: وهي على ميل من الرملة، بها جامع يجمع به خلق كثيرمن أهل القصبة وما حوله من القرى وبها كنيسة عجيبة على بابها يقتل عيسى الدجال. كفرسابا: كبيرة بجامع على جادة دمشق. عاقر: قرية كبيرة بها جامع كبير، لهم رغبة في الخير، وليس مثل خبزهم على جادة مكة. يبنا: بها جامع نفيس، معدن التين الدمشقي الفائق. عمواس: ذكروا أنها كانت القصبة في القديم. وإنما تقدموا إلى السهل والبحر من أجل الآبار لأن هذه على حد الجبل. كفرسلام: من قرى قيسارية كبيرة آهلة، بها جامع على الجادة.

ولهذه القصبة رباطات على البحريقع بها النفير، وتقلع إليها شلنديات الروم وشوانيهم معهم أساري المسلمين للبيع كل ثلاثة بمائة دينار، وفي كل رباط قوم يعرفون لسانهم ويذهبون إليهم في الرسالات ويحمل إليهم أصناف الأطعمة، وقد ضج بالنفير لما تراءت مراكبهم، فإن كان ليل أوقدت منارة ذلك الرباط وإن كان نهار دخنوا، ومن كل رباط إلى القصبة عدة مناير شاهقة قد رتب فيها أقوام،، فتوقد المنارة التي للرباط ثم التي تليها ثم الأخرى، فلا يكون ساعة إلا وقد أنفر بالقصبة وضرب الطبل على المنارة ونودي إلى ذلك الرباط وخرج الناس بالسلاح والقوة، واجتمع أحداث الرساتيق ثم يكون الفداء، فرجل يشتري رجلاً وآخر يطرح درهماً أو خاتماً حتى يشترى ما معهم. ورباطات هذه الكورة التي يقع بهن الفداء: غزة، ميماس، عسقلان، ماحوز أزذود، ماحوز يبنا، يافه، أرسوف.

ضغر: أهل الكورتين يسمونها صقر، وكتب مقدسيئ إلى أهله من سقر االسفلى إلى الفردوس الأعلى، وذلك أنه بلد قاتل للغرباء ردي الماء ومن أبطأ عليه ملك الموت فليرحل إليها، ولا أعرف في الإسلام لها نظيراً في هذا الباب، وقد رأيت بلداناً وبيةً ولكن ليس كهذه، أهلها سودان غلاظ وماؤها حميم وكأنها جحيم، إلا إنها البصرة الصغرى والمتجر المربح، وهي على البحيرة المقلوبة وبقية مدائن لوط، وإنما نجت لأن أهلها لم يكونوا يعملون الفاحشة، والجبال منها قريبة. مآب: في الجبل، كثيرة القرى واللوز والأعناب، قريبة من البادية ومؤتة من قراها، وثم قبر جعفر الطيار، وعبدالله بن رواحة. أذرح: مدينة متطرفة حجازية شامية، وعندهم بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده وهو مكتوب في أديم. ويلة: مدينة على طرف شعبة بحر الصين عامرة جليلة ذات نخيل وأسماك، فرضة فلسطين وخزانة الحجاز، والعام يسمونها أيلة، وأيلة قد خربت على قرب منها وهي التي قال الله تعالى

وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر مدين: على تخوم الحجاز في الحقيقة، لأن جزيرة العرب كلما دار عليه البحر ومدين في هذه الخطة، وثم الحجر الذي رفعه موسى عم حين سقى غنم شعيب، والماء بها غزير، وأرطالهم ورسومهم شامية. وفي ويلة تنازع بين الشاميين والحجازيين والمصريين كما في عبادان واضافتها إلى الشام أصوب. لأن رسومهم وأرطالهم شامية وهي فرضة فلسطين ومنها يقع جلائبهم. تبوك: مدينة صغيرة بها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.



/ 135