لما جل هذا الإقليم وطاب، وكثرت فيه الثمار والأعناب. وكانت مدنه من أنزه البلاد كموقان وخلاط وتبريز التي شاكلت العراق ورخصت به الأسعار، واشتبكت فيه الأشجار، وجرت خلاله الأنهار. وحوت جباله الأعسال، وسهوله الأعمال. وبواديه الأغنام. ولم نجد له إسماً عاماً يجمع كورة سميناه الرحاب وهو إقليم للإسلام فيه جمال وعلى المسلمين من الروم حصار، منه ترتفع الأصواف المعمولة والتكك العجيبة ديدانه قرمز، وعن وصفه أعجز. ثمن الخروف درهمان، والخبز بدانق لبنان، والفواكه بلا عد ولا ميزان. وهو مع هذا ثغر جليل وإقليم نبيل به كان أصحاب الرس تحت الحويرث والحارث فيه من الطائف سهم ومن الجنات شبه وهو للإسلام فخر وللغازين دار. به المتاجر المفيدة والكور القديمة والأنهار الغزيرة والقرى النفيسة والخصائص العجيبة والثمار اللذيذة. أهل جماعة وسنة وفصاحة وهيبة. لهم المن والفوة والزنبق والقسبويه والبحر والبحيرات، والباب والرباطات، والدين والخيرات. الا أن كلاً في مذهبه غال، ومع ذاك هم ثقال. وفي لسانهم تكلف، وفيهم تصلف. والطرق إليها صعبة، وللنصارى بها غلبة. وهذا شكله وصورته. وقد جعلنا هذا الإقليم ثلاث كور أولها من قبل البحيرة الران ثم أرمينية ثم آذربيجان. فأما الران فإنها تكون نحو الثلث من الإقليم في مثل جزيرة بين البحيرة ونهر الرس ونهر الملك يشمقها طولاً، قصبتها برذعة ومن مدنها: تفليس، القلعة، خنان، شمكور، جنزة، يرديج، الشما خية، شروان، باكوه، الشا بران، بابالأبواب،الأبخان، قبلة، شكي، ملازكرد، تبلا. وأما أرمينية فإنها كورة جليلة رسمها أرميني بن كنظر بن يافث بن نوح ومنها ترتفع الستور والزلالي الرفيعة كثيرة الخصائص قصبتها دبيل ومن مدنها: بدليس، خلاط، أرجيش، بركري، خوي، سلماس، أرمية، داخرقان، مراغة، أهر، مرند، سنجان، قاليقلا، قندرية، قلعة يونس، نورين. وأما آذربيجان فإنها كورة اختطها اذرباذ بن بيوراسف بن الأسود بن سام بن نوح عليه السلام قصبتها وهي مصر الإقليم أردبيل بها جبل مساحته مائة وأربعون فرسخاً كله قرى ومزارع يقال أن به سبعين لساناً كثرة خيرات أردبيل منه. أكثر بيوتهم تحت الأرض ومن مدنها: رسبة، تبريز، جابروان، خونج، الميا نج، السراة، بروى، ورثان، موقان، ميمذ، برزند. فإن زعم زاعم أن بدليس من إقليم أقور واستدل بأنها كانت في ولايات بني حمدان أجيب بأنه لما ادعاها أهل الإقليمين جعلناها من هذا لانا وجدنا لها نظيراً في الاسم وهي تفليس، وأما الولايات فليست حجة في هذا الباب الا ترى أن سيف الدولة كانت له قنسرين والرقة ولم يقل أحد أن الرقة من الشام.برذعة: قصبة كبيرة مربعة، في سهلة لها حصن وسعه. أسواقها قد ظللت مجتمعه على ظهر السوق مسجد الجامع، هي بغداد هذا الإقليم، دورهم بهية من آجر وجص طيبة حسنة كثيرة الفواكه بعض أساطين الجامع بجص وآجر وبعض بخشسب. ولها نهريتخللها ونهر الكر منها على فرسخين، الأنهار متقاربة منها نفيسة غير أن أطرافها قد خرجت وقد خفت من أهلها وتشعمت حصنها. تفليس: حصبنة بقرب الجبال يخرقها نهر الكر وهي جانبان بجسر قد بني حيطانه بالحجارة ثم طرح عليها الخثسب. القلعة: مدينة بلا حصن في سهلة بقرب جبل لكزان. الشماخية: على أسفل جبل بنياهم حجارة وجص ولها ماء جارٍ وبساتين ونزه. شروان: كبيرة في سهلة بناؤهم حجارة والجامع في الأسواق ولها نهر يخرقها. موغكان: على رأس الحد وقد كانت آهلة والآن قد خف أهلها وهي على السكة. باكوه: على البحيرة هي إحدى فرض الإقليم. شابران: بلا حصن الغلبة فيها للنصارى رأس حد. قبلة: حصينة النهر خارج البلد والجامع ناءٍ على تل. شكي: في سهلة الغلبة للنصارى الجامع في سوق المسلمين. ورثان: في سهلة عامرة سوقها خلفة النهر والجامع متباعدان. بيلقان: صغيرة قومها جياد وبها ناطف موصوف. ملازكرد: حصينة لها منابر عدة كثيرة البساتين الجامع على حافة السوق. تبلا: للمسلمين بها خمس مائة بيت والغلبة فيها للنصارى نزهة. الأبخان: نزيهة وكذلك مدن هذه الكورة. قرية يونس: هي بلد الديراني بها مسلمون. باب الأبواب: على بحر الخزر محصنة في الحائط الذي من قبل الخزر لها ثلاثة أبواب باب الكبير وباب الصغير وباب آخر نحو البحر مسدود لا يفتح وعدة أبواب من قبل البحر، وقبل الإسلام والحائط قد مد من الجبل إلى وسط البحيرة عليه أبرجة فيها مساجد وحراس، والجامع وسط الأسواق به عين ماءٍ، بناؤهم حجارة ودورهم حسنة ولهم ماءٌ جارٍ. دبيل: بلد جليل عليه حصن منيع والخير به كثير، اسمه كبير. وصوفه خطير، ونهره غزير. قد حف به البساتين ذات ربض عتيق، وحصن وثيق. أسواقه صليب، وسواده عجيب. الجامع على رابية كبيرة إلى جنبه كنيسة يضبطه الأكراد به قلعة، بنيانهم طين وحجارة، له أبواب عدة منها باب كيدار باب تفليس باب آنى، إلا أن الغالب عليه مع نبله النصارى وقد خف من أهله وتشعث حصنه. بدليس: في وادٍ عميق يجري فيه نهران، في المدينة يجتمعان. وهي جانبان، فيها قلعة من حجارة شبه ثوران. أخلاط: مدينة في سهلة لها بساتين حسنة وعليها حصن من طين والجامع في الأسواق وبها نهر. سلماس: طيبة عليها حصن من طين وحجارة وبها نهر غزير والجامع على طرف السوق قد أحاط بها الأكراد. أرمية: حسنة بقلعة عامرة والجامع في البزازين ولها حصن وبها نهر. مراغة: سرية لها حصن وبها قلعة ولها ربض وحصونها طين. مرند: حصينة يحدق بها البساتين لها ربض عامر والجامع في الأسواق. قندرية: مدينة أحدثها الأكراد بها جامع لطيف. نورين: حصينة بها قلعة وعلى باب الجامع عين ماءٍ كثيرة البساتين نزهة. قلعة يونس: هي مدينة الديراني بها مسلمون. أردبيل: هو قصبة آذربيجان ومصر الإقليم عليه حصن منيع، وهو أصغر من دبيل، أسواقه مصلبة إلى أربعة دروب، والجامع وسط الصليب على نشزة، خلف الحصن ربض عامر، الغالب على بنيانهم الطين، كثير الرواشز والفواكه والبلاذات به مياه جارية وعساكر راتبة وخيرات كثيرة وحمامات طيبة إلا أنهم بخلاء ثقلاء قليل العلماء وبلد وحش منتن أحد كنف الدنيا أهل مكروغفلة لا ينظرون في العواقب، ولا يعذرون أهل المذاهب. ولا مذكر فقيه، ولا رئيس وجيه. ولا معدل أديب، ولا حاذق طبيب. تبريز: وما يدريك ما تبريز، هي الذهب الأبريز، والكيمياء العزيز، والبلد الحريز. يختار على مدينة السلام، وتباهي بها أهل الإسلام. تجري خلالها الأنهار، وتميد في سوادها الأشجار. ولا تسأل عن رخص الأسعار، وكثرة الثمار. الجامع وسط البلد، وطيبها لا يحد. موقان: مدينه قد أحاط بها نهران، وحولها حدائق حسان، كأنها فى رحبها جنان، هي مع تبريز روضتان، وللرحاب في الإسلام مفخران، موضوعة بين أردبيل وجيلان، ومنها إلى برذعة ثمان، طيبة نزيهة السواد والنهران يجريان، والوجوه كاللؤلؤ والمرجان، ثم أسخياء وهم كرام. برزند: صغيرة وهي سوق الأرمن وفرضة الكورة طيبة مفيدة. ميانه: صغيرة في سهلة كثيرة الخير. زنجان: هي على رأس الحد قد تشعثت لهم نهر وفيهاالسكة. وكل مدن هذا الإقليم طيبه كثيرة الخيرات ومعادن الرخص والثمار واللحوم والنعم والطيبة.. وكل مدن هذا الإقليم طيبه كثيرة الخيرات ومعادن الرخص والثمار واللحوم والنعم والطيبة.