هذا نهر يشق الإقليم ويفيض في بحيرة خوارزم، وعليه كور جليلة ومدن عدة، وينشعب منه أنهار كثيرة ويقلب إليه الأنهار الستة، فأما الكور: فالختل ثم قواديان ثم خوارزم. وأما المدن: فترمد ثم كالف ثم نويده ثم زم ثم فربر ثم آمل. وسنصف الجميع قبل شروعنا في شرح كور خراسان لان من الناس من يسمي هذه المواضع ما وراء النهر وسائر هيطل بلد العجم إلى حد الترك، ومنهم من جعل خوارزم من جانب هيطل، وإنما أكبر مدنها بخراسان، فاحترزنا بهذا التفصيل عن هذه المقالات وبالله التوفيق.فأما خوارزم: فهي كورة على حافتي جيحون قصبتها العظمى بهيطل ولها قصبة أخرىبخراسان، وهم يخالفون أهل الجانبين في الرسوم واللسان والخلق والطباع، وهي كورة جليلة واسعة كثيرة المدن ممتدة العمارة على عمل بلاد الروم وسجستان وكازرون لا ينقطع المنازل والبساتين، كثيرة المعاصر والمزارع والشجر والفواكه والخيرات، مفيدة لاهل التجارات، أهل فهم وعلم وفقه وقرائح وأدب وأقل إمام في الفقه والادب والقرآن لقيته إلا وله تلميذ خوارزميٌ قد تقدم وزجا، إلا أن فيهم إنغلاقاً ولا لهم ظرف ولا لباقة ولا آئين ولا لطافة، رغفانهم صغار وفراسخهم كبار، قد رزقهم الله تعالى الرخص والخصب وخصهم بصحة القراءة والذهن، أهل ضيافة ونهمة في الاكل وبأس وشدة في الحرب ولهم خصائص وعجائب، ويقال أن ملك الشرق في القديم قد غضب على أربعمائة رجل من أهل مملكته وخاصة الحاشية فأمر بحملهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون على مائة فرسخ منها فاتفق ذلك بموضع كان فلما بعد مدة مديدة بعث أقواماً يعطونه خبرهم، فلما صاروا إليهم وجدوهم أحياءً قد بنوا لانفسهم كخاخات ورأوهم يصيدون السمك ويتقوتون به وإذا ثم حطب كثير. قال: فلما رجعوا إلى الملك أعلموه بذلك، قال: فما يسمون اللحم قالوا: خوار، قال: والحطب، قالوا: رزم، قال: فإني قد أقررتهم بتلك الناحية وسميتها خوارزم، وأمر أن يحمل إليهم أربعمائة جارية تركيات فإلى اليوم قد بقي فيهم شبه من الترك. قال: وقد كان الملك لما نفاهم إلى خوارزم شق إليهم نهراً من عمود جيحون يعيشون به وكان العمود ينتهي إلى مدينة خلف نسا يقال لها بلخان. قال: فوقع إليهم أمير تلك المدنية. قال: فرأى قوماً فيهم جلادة فنادم ملكهم ولاعبه فقهره الخوارزمي وقد كان الدست على أن يعطيهم ثقبة النهر يوماً وليلة فوفى له، فلما أرسله غلب الماء ولم يمكن حبسه، وبقي إلى اليوم فشقوا منه أنهاراً وبنوا عليه مدناً وخربت بلخان، وسمعت طائفة من أهل نسا وأبيورد يذكرون إنهم يذهبون إلى بلخان ويحملون من ثم بيضاً كثيراً، قالوا: وأبقار ودواب قد توحشت، قلت: فلم رؤوسكم تخالف رؤوس الناس، قالوا: إن قدماءنا فعلوا ثلاثة أشياء غلبوا بها أهل البلدان أما الواحدة فإنهم كانوا يغزون الترك فيأسرونهم وفيهم شبه من الترك فما كانوا يعرفون فربما وقعوا إلى الاسلام فبيعوا في الرقيق، فأمروا النساء إذا ولدن أن يربطن أكياس الرمل على رؤوس الصبيان من الجانبين حتى ينبسط الرأس، فبعد ذلك لم يسترقوا ورد من وقع منهم إلى الكورة. والثانية جعلوا الدرهم أربعة دوانق لئلا يخرجها التجار من عندهم فإلى اليوم الفضة تحمل إلينا ولا تخرج من عندنا. وأنسيت الثالثة. واعلم أن مثل خوارزم في إقليم المشرق كسجلماسة في المغرب، وطباع خوارزم كالبربر، وهي ثمانون في ثمانين متصلة المنازل غزيرة الأنهار معدن السمك والاغنام. ومطرح الغز والاتراك إسم قصبتها الكبرى كاث، ومن مدنها الهيطلية، غردمان، وإيخان، أرذخيوه، نوكفاغ، كردر، مزداخكان، جشيرة، سد ور، زردوخ، قرية براتكين، مدكمينيه. وإسم قصبتهم الخراسانية: الجرجانية. ومن مدنها: نوزوار، زمخشر، أوزارمند، وزارمند، د سكاخان خاس، خشميثن، مداميثن، خيوه، كردرانخاس، هزاراسب، جكربند، جاز، درغان، جيت، جرجانية الصغرى، جيت، سدفر، مساسان، كاردار، أندرستان.كاث: يسمونها شهرستان وهي على الشط نحو نيسابور وهي شرقي النهر، لها جامع في وسط الاسواق على أساطين حجارة سود إلى قامةٍ ثم فوقها سواري الخشب، ودار الامارة وسط البلد، ولهم قهندز قد خربه النهر، ولهم أنهار في البلد، وهو نفيس ذو علماء وأدباء ومياسير وخيرات وتجارات، بناؤن حذاق وقراءٌ ليس مثلهم بالعراق وحسن نغم وجودة قراءة ومنظر وخبر، إلا أنها في كل حين يغلب عليها النهر ويتأخرون عن الشط، أوسخ من أردبيل كثيرة الميازيب إلى الطريق عامة تغوطهم في الشوارع ويجمعون البلاذات في الحفائر ثم ينقلونها إلى السواد في المشافل لا يمكن الغريب أن يظهر إلا أن يضيء النهار من كثرة البلاذات وهم يدوسونها بأرجلهم إلى الجماعات، طبع غليظ وخلق بغيض وأكل فاحش وبلد وحش. غردمان: عليها حصن وخندق ملان من الماء سعته رمية سهم، لها بابان. وإيخان: عليها حصن وخندق وعلى الابواب عرادات. أرذخيوه: على فم البرية عليها حصن بباب واحد تحت جبل. نوكفاغ: حولها نهر من جيحون إلى البرية وهي حصينة، وكردر أكبر وأحصن. مزداخكان: كبيرة حولها إثنا عشر ألف حصن ورستاق واسع. جشيرة: كبيرة عليها حصن. سدور: على حافة جيحون بحصن وربض والجامع وسط البلد في الحصن. زردوخ: كبيرة عليها حصن ولها ربض. قرية براتكين: كبيرة في مفازة بقرب الجبل ومن ثم تحمل الحجارة ولها سوق عامر الجامع فيه، بنيانهم من طين لين جيد، وسائر المدن عامرة محصنة إلا أن مزداخكان أكبرهن تقارب الجرجانية في الرقعة عليها بما يدور حصن. الجرجانية: هي قصبة ناحية خراسان على جيحون حتى أن الماء يمس جوانبها، وقد احتالوا في رده بالخشب والحطب حتى عاد شرقاً وعمل عملا عجيباً ثم عطف بالماء في المفازة إلى قرية فراتكين وصار من ناحية واحدة، وشقوا منه أنهاراً لشربهم على أبواب البلد، ولا تدخلها من ضيق المرضع وهي كل يوم في زيادة، وعلى باب الحجاج قصر بناه المأمون عليه باب ليس بجميع خراسان أعجب منه وقد بنى ابنه عليٌٌ آخر قدامه على بابه سهلة تشاكل سهلة بخارا فبها تباع الاغنام، وللبلد أربعة أبواب. نوزوار: صغيرة عليها حصن وخندق وأبواب حديد والجادة تشقها، لها بابان وجسر يرفع كل ليلة وعلى باب المدينة الغربي حمام ليس بالإقليم مثله، والجامع في الاسواق مغطى كله إلا قليلا. زمخشر: صغيرة عليها حصن وخندق ومحبس وأبواب محددة والجسور ترفع كل ليلة والجادة تشق البلد، والجامع ظريف بطرف السوق. روزوند: متوسطة في الرقعة محصنة بخندق والجادة فيها أيضاً، والجامع على طرف السوق، وشربهم من عين لهم. خيوه: على فم المفازة رحبة على شعبة من النهر بها جامع عامر، وكذلك كردرانخاس وهزاراسب بأبواب خشب وخندق. جكربند: مثل خيوه على الشط، كثيرة الشجر والبساتين، سوقها كبير عامر، الجامع في طرفه والجادة تشقها. جاز: كبيرة بحصن وخندق واسع وجسور، والمدينة من الدرب إلى الدرب والجادة على معزل منه والجامع على طرفه. درغان: أكبرهن بعد الجرجانية، لها جامع حسن ليس بالناحية مثله فيه جواهر رفيعة وتزاويق حسنة، على الشط لها خمس مائة كرم مذكورة طول موضع الكروم فرسخان ممتدة على الشط، معدن الزبيب. جيت: كبيرة واسعة الرساتيق فى المفازة وهي ثغر محصنة على حد الغز ومنها المدخل إليهم. قواديان: كورة صغيرة تتصل بجيحون وتتاخم الصغانيان، وبينها وبين خوارزم مدن لكنا قدمنا الكور على المدن، لان أكثر غرضنا في هذا الكتاب البيان والأيضاًح لا الترتيب، وليس لاحد أن يأخذ علينا فيه الترتيب إلا في الكور فأنا. قد اجتهدنا في ترتيبها حتى، لا يجد أحد علينا في ذلك طريقاً إلا أن يكون مغفلا، ونظر في كتابنا رجل من الفقهاء وقد كان دوخ خراسان فلما بلغ إلى كور ما وراء النهر قال: ليست اشروسنة بين الشاش وسمرقند، قلت له: إذا خرج الرجل من سمرقند يريد الشاش أليس طريقه على زامين وساباط. قال: بلى قلت: فهما من مدن اشروسنة وقد صح الترتيب فإذا به قد ذهب إلى القصبة ولم يعتبر الخطة. ولقواديان ثلاث مدن شديدة العمارة يتخللها شعب تقلب في جيحون كثيرة الجبال طيبة أكبر مدنها: بيز: ليست بواسعة الرقعة، الجامع وسط الاسواق عليها حصن بأربعة أبواب. سكارا: قريبة من الجبل، الجامع وسط البلد. اوزج: على شط جيحوق عامرة نزيهة. بورم: نائية رحبة طيبة ذات أنهار وخير ورخص. الختل كورة واسعةكثيرة المدن منهم من ينسبها إلى بلخ وذلك خطأ لانها خلف جيحون وأضافتها إلى هيطل أوجب، ولهذه المقالات أفرزنا ما على النهر من الاعمال ليكون الاحتجاج فيه واحداً. وهي أجل من الصغانيان وأوسع خطةً وأكبر مدناً وأكثرخيراً وهي على تخوم الإقليم السندية قد سمى القصبة هلبك ولها من المدن: مرند، انديجارغ، هلاورد، لاوكند، كاربنك، تمليات، أسكندرة، منك، فارغر، بيك. هلبك: هي قصبة الختل وبها مستقر السلطان، تكون أصغر من الصغانيان، الجامع وسط البلد، شربهم من نهر عذيبي ومن غيره. مرلد: آهلة عامرة. انديجارغ: صغيرة قريبة من جيحون شربهم من أنهار تغيض إليه. هلاورذ: هي أجل من هلبك كبيرة كثيرة الفواكه:حصبة جداً. أسكندرة: على جبل في غاية العمارة. منك: أكبر مدائن الكورة وسائر المدن على ما وصفنا. ترمذ: هي أجل مدينة على جيحون نظيفة أحد العرصات، مفروشة أسواقها بالاجر والماء يسطع جانبيها ويقلع المراكب إليها من كل جانب، وعليها حصن ولها قهندز والجامع في الحصن والقهندز خارج منه له باب،وللمدينة ثلاثة أبواب، ولها ربض وسرادقات وهي أول المدائن من أعلى النهر. كالف: من نحو المغرب على الشط بها مسجد في رباط ذي القرنين يقابله بهيطل رباط ذي الكفل، وليس على جيحون موضع يمكن أن يتخذ به بلد ذو جانبين على عمل بغداد وواسط غير كالف لتشمر النهر ثم وخلوه من البثق والرمل. زم: مدينة كبيرة على الشط، والجامع وسط الاسواق وهي مغطاة، شربهم من جيحون ويدخل الماء أيام الحصاد إلى وسط البلد. نويده: مدينة صغيرة من جانب هيطل الجامع وسط البلد. فربر: من نحوهيطل بعد فرسخ قليلة الضياع رخيصة الخراج حسنة الاعناب ضيقة المياه لها قهندز عامر وبها رباطات حسنة والجامع على باب المدينة من نحو بخارا والمصلى خارج الباب وثم رباط لنصر بن أحمد فيه ضيافة لابناء السبيل. آمل: عامرة وكل مدن هذا الإقليم عامرة ومن الخيرات مملؤة، وهذه على فرسخ من النهر من نحو خراسان كثيرة الضياع غالية الخراج غزيرة المياه حسنة الضياع على طرف الرمال مظللة الاسواق، معدن الاعناب النفيسة، جامعها على نشزة وآبارها قريبة.رة المدن منهم من ينسبها إلى بلخ وذلك خطأ لانها خلف جيحون وأضافتها إلى هيطل أوجب، ولهذه المقالات أفرزنا ما على النهر من الاعمال ليكون الاحتجاج فيه واحداً. وهي أجل من الصغانيان وأوسع خطةً وأكبر مدناً وأكثرخيراً وهي على تخوم الإقليم السندية قد سمى القصبة هلبك ولها من المدن: مرند، انديجارغ، هلاورد، لاوكند، كاربنك، تمليات، أسكندرة، منك، فارغر، بيك. هلبك: هي قصبة الختل وبها مستقر السلطان، تكون أصغر من الصغانيان، الجامع وسط البلد، شربهم من نهر عذيبي ومن غيره. مرلد: آهلة عامرة. انديجارغ: صغيرة قريبة من جيحون شربهم من أنهار تغيض إليه. هلاورذ: هي أجل من هلبك كبيرة كثيرة الفواكه:حصبة جداً. أسكندرة: على جبل في غاية العمارة. منك: أكبر مدائن الكورة وسائر المدن على ما وصفنا. ترمذ: هي أجل مدينة على جيحون نظيفة أحد العرصات، مفروشة أسواقها بالاجر والماء يسطع جانبيها ويقلع المراكب إليها من كل جانب، وعليها حصن ولها قهندز والجامع في الحصن والقهندز خارج منه له باب،وللمدينة ثلاثة أبواب، ولها ربض وسرادقات وهي أول المدائن من أعلى النهر. كالف: من نحو المغرب على الشط بها مسجد في رباط ذي القرنين يقابله بهيطل رباط ذي الكفل، وليس على جيحون موضع يمكن أن يتخذ به بلد ذو جانبين على عمل بغداد وواسط غير كالف لتشمر النهر ثم وخلوه من البثق والرمل. زم: مدينة كبيرة على الشط، والجامع وسط الاسواق وهي مغطاة، شربهم من جيحون ويدخل الماء أيام الحصاد إلى وسط البلد. نويده: مدينة صغيرة من جانب هيطل الجامع وسط البلد. فربر: من نحوهيطل بعد فرسخ قليلة الضياع رخيصة الخراج حسنة الاعناب ضيقة المياه لها قهندز عامر وبها رباطات حسنة والجامع على باب المدينة من نحو بخارا والمصلى خارج الباب وثم رباط لنصر بن أحمد فيه ضيافة لابناء السبيل. آمل: عامرة وكل مدن هذا الإقليم عامرة ومن الخيرات مملؤة، وهذه على فرسخ من النهر من نحو خراسان كثيرة الضياع غالية الخراج غزيرة المياه حسنة الضياع على طرف الرمال مظللة الاسواق، معدن الاعناب النفيسة، جامعها على نشزة وآبارها قريبة.