هذا إقليم الذهب والتجارات، والعقاقير والألات والفانيذ والخيرات، والأرزاز والموز والأعجوبات، به رخص وسعة ونخيل وتمرات، وعدل وأنصاف وسياسات. وبه خصائص وفوائد وبضاعات، ومنافع ومفاخر ومتاجر وصناعات. ومصر جليل ومدن سرية وقصبات، وسلامة وعافية وثم أمانات. قد جاور البحر، وشقه النهر. وحوى النخل، وله سهل وزرع على البعل. مصرظريف، ونهر شريف، وأمره طريف. غير أن ذمته مشركون، والعلماء به قليلون. ولا تصل إليه إلا بعد اخطار البر وأهوال البحر، بعد الشق وضيق الصدر. وهذا مثاله وشكله وقد جعلنا هذا الإقليم خمس كور وأضفنا إليه مكران لأنها بقربه مصاقبة له وليتصل الأقاليم بعضها إلى بعض وبالله التوفيق. فأولها من قبل كرمان مكران ثم طواران ثم السند ثم ويهند ثم قنوج ثم الملتان. وادخلنا الملتان أيضاً للعلة التي ذكرنا فإذا بنا قد رجعنا إلى تخوم خراسان واتينا على أقاليم الأعاجم كلها ولم نشذ من الإسلام شيئأ. وأعلم إني قد درت على تخوم هذا الإقليم وبلغت سواحله كلها ورايت وسمعت ما سأذكره وأكثرت السؤال عن اساميه وتفحصت عن أخباره وعرفت مدنه، ومع هذا فلا أضمن من وصفه ما أضمن من غيره ولا أصف إلا أمصاره ولا أستقصي في شرحه لما روى كفى بالمرء الكذب أن يحدث بكل ما يسمع ولقولهصلى الله عليه وسلم ليس الخبركالمعاينة ولولا خشية أن يختل هذا الأصل ويبقى من الأسلام صدر لاعرضنا من الكلام فيه. وأما المثال والشكل فعلى سبيل ما دبرت مع عرف هذا الإقليم ودوخة من أهل الفهم وأكثر ما مثلت من الأقاليم فلم أمثلها حتى دبرت مع عقلاء ذلك الإقليم واستعنت بفهمائه وقد أكثرت فيه من كلام إبراهيم بن محمد الفارسي الذي نسميه الكرخي وأسندناه إليه وبالله نستعين.فأما مكران فقصبتها بنجبور ومن مدنها: مشكة، كيج، سراي شهر، بربور، خواش، دمندان، جالك، دزك، دشت علي، التيز، وذكر الفارسي كبرتون، راسك قال وهي مدينة الخروج، به، بند، قصرقند، أصفقة، فهل فهرة، قنبلى، أرمابيل، وذكر من الأولى التيز، ومشكة، ودزك، ولم يصف شيئاًمنها. أما طواران فقصبتها قزدار ومن مدنها: قندبيل، بجثرد، جثرد، بكانان، خوزى، رستاكهن، رستاق روذ، موردان، رستاق ماسكان، كهركور، وذكر الفارسي: محالى، كيزكانان، سورة، قصدار ولم يذكر غيرهن. وأما السند فقصبتها المنصورة ومن مدنها: ديبل، زندريج، كدار، مايل، تنبلى، وقال الفارسي: النيرون، قالري، أنري، بلري،المسواهي، البهرج، بانية، منجابري، سدوسان، الرور، سوبارة، كيناص، صيمور. وأما ويهند فإن الفارسي سماها الهند فقال مدن الهند: قامهل، كنباية، سوبارة، سندان، صيمور، الملتان، جندرور، بسمد، ثم قال فهذه مدن هذه البلاد. وسألت رجلا من أهل العلم والحكمة وكان يجلس للناس بشيراز والأهواز ويقص عليهم ويعرف بالزهد وقد أقام بتلك البلدان مدة مديدة صف لي تلك النواحي صفة يمكن إدخلها في هذا التصنيف وانعتها لي نعتاً حتى كأني انظر إليها. وكذلك سألت فقيهاً آخر من أصحاب أبي الهيثم النيسابوري قد وطئ تلك النواحي وعرف أسبابها فصح عندي من قولهما أن ويهند هي القصبة وأن من مدنها: وذهان، بيتر، نوج، لوار، سمان، قوج. وأما قنوج فأنها القصبة أيضاً ومن مدنها: قدار، ابا ر، كهارة، بارد، وجين، اورهة، زهو، هر، برهيروا، ولم يذكرهن الفارسي بتة. وأما الملتان فهي القصبة أيضا ومن مدنها: برار، راماذان، روين، برور.بنجبور: قصبة مكران لها حصن من طين حوله خندق وهي بين النخيل لها بابان باب طواران باب التيز، شربهم من نهر والجامع وسط الأسواق، قوم غتم ليس معهم من الإسلام إلا الاسم لسانهم بلوصي. التيز: على البحر كثيرة النخيل بها رباطات فاضلة وجامع حسن وهم قوم متوسطون لا علم ولا ظرف غير إنها فرضة مشهورة. قزدار: قصبة طواران في صحراء ذات جانبين بينهما واد يابس بلا جسور في إحدهما دار السلطان فيه قلعة ويسمى الجانب الآخر بودين وفيه دور التجار والمطارح، وهي أفسح وأنزه، والقصبة على صغرها مفيدة وإليها يقصد نفر خراسان وفارس وكرمان ومن بلدان الهند. إلا أن ماءها ردي إذا شرب منه الإنسان ثقل بطنه، وسلطانهم عادل متواضع. بنيان: مدنها من طين ومشاربهم من قني وهن في صحراء غيركثرد وكيزكانان فإن لهما نهراً، ولكثرد آبار ومزارع، المدينتين على العذى وكلهن جروم إلا كثرد فأنها باردة ربما وقع بها ثلج وجمدالماء.المنصورة: هي قصبة السند ومصر الإقليم تكون مثل دمشق بناؤهم خشب وطين والجامع من حجر وآجر كبير مثل جامع عمان على سواري ساج، لها أربعة أبواب باب البحر باب طواران باب سندان باب الملتان، ولهم نهر يحوط بالبلد، أهل لباقة اولهم مروة وللإسلام عندهم طراوة والعلم وأهله كثير والتجارات ثم مفيدة، ولهم ذكاء وفطنة ومعروف وصدقة. والهواء لين والشتاء هين والأمطار كثيرة والأضداد مجتمعة. ولهم خصائص غريبة وثم جواميس عظيمة، شربهم من نهر مهران والجامع وسط الأسواق والرسوم تقارب العراق مع وطاء وحسن أخلاق، إلا إنه شديد الحر كثير البق، بلغمانيون الغالب عليهم الكفار، خرب الأطراف قليل الأشراف. ديبل: بحرية قد أحاط بها نحو من مائة قرية أكثرهم كفار والبحر يسطع جدارات المدينة، كلهم تجار كلامهم سندي وعربي، وهي فرضة الكورة كثيرة الدخل، وثم يفيض مهوان في البحر، والجبل منهم على صيحة والبحريدخل السوق، أهل ظرف وتلبس. تنبلى: عليها حصن بحرية أيضأ قليلة المسلمين والتجار المجهزين.ويهند: قصبة جليلة أكبرمن المنصورة لها بساتين كثيرة طيبة نزيهة في مستوى موضوعة، أنهار غزيرة وأمطار عظيمة وأضداد مجتمعة وثمار حسنة وأشجار مديدة ونعم ظاهرة وأسعار رخيصة، العسل ثلاثة أمناء بدرهم، وعن رخص الخبز والألبان فلا تسأل. قد سلموا من المؤذيات وتخلصوا من العاهات واشتبكت حولها أشجار الجوز واللوز وكثر فيها الأرطاب والموزإلا أن هواءها رطب وحرها صعب وبناؤهم قشق وخشب وربما وقع الحريق في بناء القصب. تشاكل فسا وسابور لولا هذه العيوب.قنوج: قصبة كبيرة لها ربض ومدينة بها لحوم كثيرة ومياه غزيرة وبساتين محيطة ووجوه حسنة وماء صحيح وبلدفسيح، متجرربيح وكل صبيح، وموز رخيص، إلا إنها كثيرة الحريق قليلة الدقيق أكلهم الأرز ولبسهم الأزر، بناء خسيس وصيف بغيض، منها إلى الجبال أربعة فراسخ والجامع في الربض رخيصة اللحوم والنهريتخلل البلد، أكثر طعام المسلمين الحنطة وبها علماء وأجلة. قدار: طيبة الهواء نزيهة كثيرة البساتين، يخرج إليها ملوك القصبة عند شدة الحر يصيفون بها. وسائر المدن جرم سير شربهم من أنهار وقنى.الملتان: تكون مثل المنصورة غير أنها أعمر ليست بكثيرة الثمار غيرإنها رخيصة الأسعار، الخبز ثلاثون منا بدرهم والفانيد ثلاثة أمناء بدرهم، حسنة تشاكل دور سيراف من خشب الساج طبقات، ليس عندهم زنا ولا شرب خمر، ومن ظفروا به يفعل ذلك قتلوه أو حدوه، ولا يكذبون في بيع ولا يبخسون في كيل ولا يخسرون في وزن، يحمون الغرباء وأكثرهم عرب شربهم من نهر غزير والخير بها كثير والتجارات حسنة والنعم ظاهرة والسلاطين عادلة لا ترى في الأسواق امرأة متجملة ولا أحداً يحدثها علانية، ماء مريءوعيش هني ء وظرف ومروة وفارسية مفهومة وتجارات مفيدة وأجسام صحيحة، إلا أنها سبخة بليذة ودورضئقة وهواء حار يابس وهم سمر وسود. فهذا ما عرفناه من وصف بلدان هذا الاقليم.