هو أجل الأقاليم وأكثرها أجلةً وعلماء ومعدن الخير ومستقر العلم وركن الإسلام المحكم وحصنه الأعظم، ملكه أجل الملوك وجنده خير الجنود قدم أولو بأس شديد ورأس سديد، واسم كبير ومال مديد، وخيل ورجل وفتح ونصر. وقوم كما كنت إلى عمر لباسهم الحديد وأكلهم القديد وشربهم الجليد. ترى به رساتيق جليلة وقرى نفيسة وأشجاراً ملتفة وأنهاراً جارية ونعماً ظاهرة ونواحي واسعة وديناً مستقيماً وعدلاً مقيماً في دولة أبداً منصورة مؤيده، ومملكة جعلها الله عليهم مؤبده. فيه يبلغ الفقهاء درجات الملوك، ويملك في غيره من كان فيه مملوك. هو سد الترك وترس الغز وهول الروم ومفخر المسلمين ومعدن الراسخين، ومنعش الحرمين وصاحب الجانبين، وجزيرة العرب أوسع منه رقعة غير أنه أعمر منها وأكثر كوراً وأموالاً وأعمالاً. وقد جعله أبو زيد ثلاثة أقاليم خراسان وسجستان وما وراء النهر، وأما نحن فجعلناه واحداً ذا جانبين يفصل بينهما جيحون. ونسبنا كل جانب إلى الذي اختطه وبناه، ومثلنا كل جانب ووصفناه على حدة لكبر الإقليم وعمارته وكثرة كوره ومدنه. فإن قال قائل ولم لم تجعل كل جانب إقليماً كما هو متعارف عند الناس ألم تعلم إنهم يقولون خراسان وما وراء النهر، قيل له ومن المتعارف أيضاً أن من تخوم قومس إلى طراز تسمى خراسان، أولم تعلم أن آل سامان يسمون ملوك خراسان ومقامهم بهذا الجانب مع أنا لم نسم هذا الجانب خراسان حتى يلزمنا ما قلت. فإن قال فلم أدخلت فيه سجستان و خالفت المتقدمين في هذا العلم، قيل له قد تعارف الناس أيضاً إنها من خراسان، ألا تعلم إنهم يخطبون لآل سامان ولو جعلنا سجستان إقليماً لوجب أن نجعل خوارزم إقليماً لشدة عمارتها وكثرة مدنها وخلافهم في اللسان والطبع والرسوم وهذا ما لا يجوز ولم يقل. فإن قال ولم جعلته جانبين قيل كما كان اليمن جهتين، والمغرب قطعتين، وقد سبق القول فيه. واعلم أن هذا الإقليم عمره أخوان هيطل وخراسان إبنا عالم بن سام بن نوح، وهذا الجانب يسمى جانب الهياطلة.