هو إقليم متوسط الهواء إلا وسطه من الشراة إلى الحولة، فإنه بلد الحر والنيل والموز والنخيل، وقال لي يوماً غسان الحكيم ونحن باريحاء ترى هذا الوادي قلت بلى، قال: هو يمد إلى الحجاز ثم يخرج إلى اليمامة ثم إلى عمان وهجر ثم إلى البصرة ثم إلى بغداد ثم يصعد إلى ميسرة الموصل إلى الرقة وهو وادي الحر والنخيل. وأشد هذا الاقليم برداً بعلبك وما حولها، ومن أمثالهم قيل للبرد أين نطلبك قال بالبلقاء، قال فإن لم نجدك قال بعلبك بيتي. وهو إقليم مبارك بلد الرخص والفواكه والصالحين وكلما علا منه نحو الروم كان أكثر أنهاراً وثماراً وأبرد هواءً، وما سفل منه فإنه أفضل وأطيب وألذ ثماراً وأكثر نخيلاً. وليس فيه نهريسافر فيه إنما يعبر، قليل العلماء كثير الذمة والمجذمين، ولا خطر فيه للمذكرين، والسامرة فيه من فلسطين إلى طبرية ولا تجد فيه مجوسياً ولا صابئاً.مذاهبهم مستقيمة أهل جماعة وسنة وأهل طبرية ونصف نابلس وقدس وأكثر عمَان شيعة، ولا ماء فيه لمعتزلي إنما هم في خفية، وببيت المقدس خلق من الكرامية لهم خوانق ومجالس، ولا ترى به مالكياً ولا داودياً وللأوزاعية مجلس بجامع دمشق والعمل كان فيه على مذهب أصحاب الحديث، والفقهاء شفعوية وأقل قصبة أو بلد ليس فيه حنفي وربما كانت القضاة منهم، فإن قيل لِم لَم يقل والعمل فيه على مذهب الشافعي والصدور ثم شفعوية، قيل له هذا كلام من لا تمييز له لأن مذهب الشافعي الجهر بالبسملة والقنوت في الفجر، ولا نقنت إلا في النصف الأخير من شهررمضان في الوتر وغيرذلك ما لم يكن يستعمله أهل الشام وينكرونه، ألا ترى أن ملكهم لما أمر بالجهر بالبسملة بطبرية كيف تظلموا منه إلى كافور الأخشيدي واستبشعوا ما فعله، واليوم أكثر العمل على مذاهب الفاطمي ونحن نذكرها مع رسومهم في إقليم المغرب إن شاء الله تعالى.والغالب فيه من القراءات حروف أبي عمرو، إلا بدمشق فإنه لا يؤم في الجامع إلا من يقرأ لابن عامر وهي شائعة فيهم مختارة عندهم، وقد فشت قراءة الكسائي في الاقليم ويستعملون السبع ويجتهدون في ضبطها.والتجارات به مفيدة، يرتفع من فلسطين الزيت والقطين والزبيب والخرنوب والملاحم والصابون والفوط. ومن بيت المقدس الجبن والقطن وزبيب العينوني والدوري غاية، والتفاح وقضم قريش الذي لا نظير له والمرايا وقدور القناديل والإبر. ومن أريحاء نيل غاية. ومن صغر وبيسان النيل والتمور. ومن عمان الحبوب والخرفان والعسل. ومن طبرية شقاق المطارح والكاغد وبز. ومز قدس ثياب المنيرة والبلعيسية والحبال. ومن صور السكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات. ومن مآب قلوب اللوز. ومن بيسان الرز. ومن دمشق المعصور والبلعيسي وديباج ودهن بنفسج دون والصفريات والكاغد والجوز والقطين والزبيب. ومن حلب القطن والثياب والأشنان والمغرة. ومن بعلبك الملابن. ولا نظير لقطين وزيت الأنفاق وحواري وميازر الرملة، ولا لمعنقة وقضم قريش وعينوني ودوري وترياق وترذوغ وسبح بيت المقدس. وأعلم إنه قد اجتمع بكورة فلسطين ستة وثلاثون شيئاً ولا تجتمع في غيرها. فالسبعة الأولى لا توجد إلا بها، والسبعة الثانية غريبة في غيرها، والاثنان والعشرون لا تجتمع إلا بها. وقد يجتمع أكثرها في غيرها مثل قضم قريش والمعنقة والعينوني والدوري وانجاص الكافوري وتين السباعي والدمشقي والقلقاس والجميز والخرنوب والعكوب والعناب وقصب السكر والتفاح الشامي والرطب والزيتون والأترج والنيل والراسن والنارنج واللقاح والنبق والجوز واللوز والهليون والموز والسماق والكرنب والكمأة والترمس والطري والثلج ولبن الجواميس والشهد وعنب العاصمي والتين التمري. وأما القبيط فقد يرى مثله غير أن له طعماً آخر، وقد ترى الخس غير أنه في جملة البقل إلا بالأهواز فإنه غاية ويفرد عن البقل أيضاً بالبصرة.وأما المكاييل فلأهل الرملة القفيز والويبة والمكوك والكيلجة، فالكيلجة نحو صاع ونصف، والمكوك ثلاث كيالج، والويبة مكوكان، والقفيز أربع ويبات، وينفرد أهل ايليا بالمدى وهو ثلثاً القفيز، وبالقب وهو ربع المدى، ولا يستعمل المكوك إلا في كيل السلطان، ومدى عمان ست كيالج وقفيزهم نصف كيلجة وبه يبيعون الزبيب والقطين، وقفيز صور مدى ايليا وكيلجتهم صاع، وغرارة دمشق قفيز ونصف بالفلسطيني.والأرطال من حمص إلى الجفار ستمائة، غير أنه يتفاوت فاملاه رطل عكا، وأزله الدمشقي، وأوقيتهم من خمسين إلى بضع وأربعين. وكل رطل اثنا عشر أوقية، ورطل قنسرين ثلثا هذا.والسنج متقاربة: الدرهم ستون حبة، وحبتهم شعيرة واحدة، والدانق عشر حبات، والدينار أربعة وعشرون قيراطاً، والقيراط ثلاث شعيرات ونصف. ورسومهم إنهم يقدون القناديل في مساجدهم على الدوام يعلقونها بالسلاسل مثل مكة، وفي كل قصبة بيت مالٍ بالجامع معلق على أعمدة، وبين المغطى والصحن أبواب إلا اريحاء، ولا ترى الحصى إلا في صحن جامع طبرية، والمناير مربعة، وأوساط سقوف المغطى مجملة، وعلى أبواب الجوامع وفي الأسواق مطاهر، ويجلسون بين كل سلامين من التراويح وبعض يوترون بواحدة وكان وترهم في القديم ثلاثاً، وفي أيامي أمر أبو إسحاق المروزي حتى قطعوه بايليا وإذا قام إلى كل ترويحة نادى منادى الصلاة رحمكم الله، ويصلون بايليا ست ترويحات، والمذكرون به قصاص، ولأصحاب أبي حنيفة بالمسجد الأقصى مجلس ذكر يقرأون في دفتر، وكذلك الكرامية في خوانقهم، وكان الحراس يهللون بعد صلاة الجمعة ويجلس الفقهاء بين الصلاتين وبين العشائين، وللقراء مجالس في الجوامع. ومن أعياد النصارى التي يتعارفها المسلمون ويقدرون بها الفصول: الفصح وقت النيروز، والعنصرة وقت الحر، والميلاد وقت البرد، وعيد بربارة وقت الأمطار. ومن أمثال الناس إذا جاء عيد بربارة فليتخذ البناء زماره، يعني فليجلس في البيت والقلندس، ومن أمثالهم إذا جاء القلندس فتدفيء واحتبس. وعيد الصليب وقت قطاف العنب، وعيد لد وقت الزرع. وشهورهم رومية: تشرين الأول والثاني كانون الأول والثاني شباط آذار نيسان آيار حزيران تموز آب إيلول. وأقل ما ترى به فقيهاً له بدعة أو مسلماً له كتابة إلا بطبرية فإنها ما زالت تخرج الكتاب وإنما الكتبة به، وبمصر نصارى لأنهم اتكلوا على لسانهم فلم يتكلفوا الأدب كالأعاجم، وكنت إذا حضرت مجلس قاضي القضاة ببغداد اخجل من كثرة ما يلحن، ولا يرون ذلك عيباً وأكثر الجهابذة والصباغين والصيارفة والدباغين بهذا الاقليم يهود، وأكثر الاطباء والكتبة نصارى. وأعلم أن خمساً في خمسة مواضع من الإسلام حسن: رمضان بمكة وليلة الختمة بالمسجد الأقصى والعيدين باصقلية ويوم عرفة بشيراز ويوم الجمعة ببغداد وأيضاً ليلة النصف من شعبان بايليا ويوم عشوراء بمكة حسن. ولهم تجمل يلبسون الأردية كل عالم وجاهل ولا يتخففون في الصيف إنما هي نعال الطاق، وقبورهم مسنمة ويمشون خلف الجنائز ويسلون الميت ويخرجون إلى المقابر لختم القرآن ثلاثة أيام إذا مات ميت، ويكشفون المماطر ولا يقورون الطيالسة، ولا جلة البزازين بالرملة حمر مصرية بسروج، ولا يركب به الخيل إلا أمير أو رئيس، ولا يتدرع إلا أهل القرى والكتبة، ولباس القرياتيين برستاق ايليا ونابلس كساء واحد حسب بلا سراويل ولهم الأفرنة، وللقرياتيين الطوابين تنور في الأرض صغير قد فرش بالحصى فيوقد الزبل حوله وفوقه فإذا أحمر طرحت الأرغفة على الحصى، وبه طباخون للعدس والبيسار ويقلون الفول المنبوت بالزيت ويصلقونه ويباع مع الزيتون، ويملحون الترمس ويكثرون أكله، ويصنعون من الخرنوب ناطفاً يسمونه القبيط، ويسمون ما يتخذون من السكر ناطفاً، ويصنعون زلابيةً في الشتاء من العجين غير مشبكة، وعلى أكثر هذه الرسوم أهل مصر وعلى أقلها أهل العراق وأقور.وبه معادن حديد في جبال بيروت، وبحلب مغرة جيدة، وبعمان دونها، وبه جبال حمر يسمى ترابها السمقة وهو تراب رخو، وجبال بيض تسمى الحوارة فيه أدنى صلابة يبيض به السقوف ويطين به السطوح وبفلسطين مقاطع حجارة بيض، ومعدن للرخام ببيت جبريل، وبالأغوار معادن كبريت وغيره. ويرتفع من البحيرة المقلوبة ملح منثور، وخير العسل ما رعى السعتر بايليا وجبل عاملة، وأجود المري ما عمل باريحاء. وقد ذكرنا أكثر المشاهد في عنوان الاقليم وأن ذكرنا مواضعها طال الكتاب غير أن أكثرها بايليا ثم بسائر فلسطين ثم بالاردن.ومياه هذا الاقليم جيدة إلا ماء بانياس فإنه يطلق، وماء صور يحصر، وماء بيسان ثقيل، ونعوذ بالله من صغر، وماء بيت الرام ردي ولا ترى أخف من ماء اريحاء، وماء الرملة مري، وماء نابلس خشن، وفي ماء دمشق وايليا أدنى خشونة، وفي الهواء أدنى يبوسة.وفيه عدة من الأنهار تقلب في بحر الروم إلا بردى فإنه يشق أسفل قصبة دمشق فيسقي الكورة، وقد شق منه شعب يتدور في أعلى القصبة ثم ينقسم قسمين بعض يتبحر نحو البادية وبعض ينحدر فيلقي نهر الاردن، ونهر الاردن ينحدر من خلف بانياس فيتبحر بازاء قدس ثم ينحدر إلى طبرية ويشق البحيرة ثم ينحدر في الأغوار إلى البحيرة المقلوبة، وهي مالحة جداً وحشة مقلوبة منتنة فيها جبال وليس فيها أمواج كثيرة. وبحر الروم يمد على طرفه الغربي، وبحر الصين يمس طرفه الجنوبي، وبازاء صور تقع جزيرة قبرص، يقال إنها اثنا عشر يوماً كلها مدن عامرة، وللمسلمين فيها رفق وسعة لكثرة ما يحمل منها من الخيرات والثياب والآلات وهي لمن غلب. المسافة إليها في البحر اقلاع يوم وليلة ثم إلى بلد الروم مثل ذلك.ومن العجائب بايليا مغارة بظاهر البلد عظيمة، سمعت بعض العلماء وقرأت في بعض الكتب أنها تنفذ إلى قوم موسى، وما صح لي ذلك وإنها مماطع للحجارة وفيها طرق يدخل فيها بالمشاعل. بين فلسطين والحجاز الحجارة التي رمى بها قوم لوط على طريق الحجاج مخططة صغاروكبار. بطبرية عين تغلى تعم أكثر حمامات البلد وقد شق إلى كل حمام منها نهرفبخاره يحمي البيوت فلا يحتاج إلى وقيد، وفي البيت الأول ماء بارد يمزج مقدار ما يتطهرون به ومطاهرهم من ذلك الماء، وفي هذه الكورة ماء مسخن يسمى الحمة حارٌ من اغتسل فيه ثلاثة أيام ثم اغتسل في ماءٍ آخر بارد وبه جرب أو قروح أو ناسور أو أي علة تكون برأ بإذن الله، وسمعت الطبرانيين يذكرون إنه كان عليها بما يدور بيوت، كل بيت لعلة، فكل من به تلك العلة واغتسل فيه برأ إلى وقت أرسطاطاليس، ثم سأل ملك ذلك الزمان هدم هذه البيوت لئلا يستغنوا عن الاطباء، وصحت لي هذه الحكاية لأن كل من دخله من أصحاب العلل وجب أن يخوض الماء كله ليوافق موضع شفائه. وبحيرة صغر اعجوبة يقلب فيها نهر الاردن ونهر الشراة فلا يحيل فيها، ويقال إنها لا تغرق سريعاً ومن احتقن بمائها أشفى من عللٍ كثيرة ولها موسم في شهر آب يذهب إليها الاحداث وأصحاب العلل. وفي جبال الشراة أيضاً حمة. ينزل على فلسطين في كل ليلةٍ الندى في الصيف إذا هبت الجنوب حتى يجري منه مزاريب المسجد الأقصى. أبو رياح حمص طلسم جعل للعقارب ومن أخذ طيناً وطبعه عليه نفع من لذغ العقارب بإذن الله تعالى فالعمل للطبع لا للطين. مدن سليمان عم بعلبك وتدمر من العجائب، وقبة الصخرة وجامع دمشق وميناء صوروعكا من العجائب.ووضع هذا الإقليم ظريف، هو أربعة صفوف فالصف الأول يلي بحر الروم وهو السهل رمال منعقدة ممتزحة، يقع فيه من البلدان الرملة وجميع مدن السواحل. والصف الثاني الجبل مشجر ذو قرى وعيون ومزارع، يقع فيه من البلدان بيت جبريل وإيليا ونابلس واللجون وكابل وقدس والبقاع وانطاكية. والصف الثالث الأغوار ذات قرى وأنهار ونخيل ومزارع ونيل، يقع فيه من البلدان ويلة وتبوك وصغر وأريحاء وبيسان وطبرية وبانياس. والصف الرابع سيف البادية وهي جبال عالية باردة معتدلة مع البادية ذات قرى وعيون وأشجار، يقع فيه من البلدان مآب وعمان واذرعات ودمشق وحمص وتدمر وحلب. وتقع الجبال الفاضلة مثل جبل زيتا وصديقا ولبنان واللكام في الصف الثاني. وسرة الأرض المقدسة في الجبال المطلة على الساحل. وكنت يوماً في مجلس أبي محمد الميكالي رئيس نيسابور وقد حضر الفقهاء للمناظرة، فسئل أبو الهيثم عن دليل جواز التيمم بالنورة، فاحتج بقول النبي صلى اللع عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فعم الأرضين كلها. فقال السائل إنما عني السهل لا الجبل، ثم كثر الكلام والجلبة واعجبوا بقولهم. فقلت لأبي ذر بن حمدان وكان أشغبهم ما تنكر على قائل لو قال العلة ما ذكرها هذا الفقيه الفاضل لأن الله تعالى قال آدخلوا الأرض المقدسة وهي جبال، فجعل يخردل في كلامه ويورد ما لا ينقض ما ذكرناه، ثم قال الفقيه سهل بن الصعلوكي إنما قال ادخلوا الأرض ولم يقل اصعدوا الجبل ووقف الكلام.فإن قال قائل لِمَ لم يقل أن الباب باريحاء والله أمرهم بدخوله، وأريحاء بالغور لا بالجبال، فصح ماقاله الامام ابن الامام. قيل له لنا في هذا جوابان: أحدهما فقهي وهو أن الأرض المقدسة جبال لا محالة وأريحاء في سهولها ومن اتباعها، فظاهر الآية مصروف إلى حقيقة القدس وهي إيليا وإنما هي في الجبال لا إلى التبع من السهول والأغوار. فإن قال بل الآية مصروفة إلى مدينة الجبارين وهي أريحاء التي أمروا بدخولها فتفيد الآية أمرين دخول الأرض المقدسة والمدينة المذكورة، وفائدتها على ما ذهبت إليه مقصورة على الأرض حسب وكلما حملنا القرآن على كثرة الفوائد كان أحسن. قيل أن الله عز اسمه قد أوضح ما ذهبنا إليه بقوله: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ألتي باركنا فيها . فدخلت سهول فلسطين وجبالها تحت هذه الآية، وصار قولهم: إن فيها قوما جبارين يعني في نواحيها. والجواب الآخر اقليمي وذلك إنهم أمروا بدخول القدس والجبارون باريحاء وهي في غور بين الجبال والبحيرة، ولا يجوز أن تقول أنهم أمروا بركوب البحر فلم يبق إلا دخولها من نحو الجبال، وكذلك فعلوا لأنهم دخلوها من تحت البلقاء وعبروا الأردن إلى أريحاء. مع أنه يلزم صاحب هذه المقالة شيئان أما أن يقول إنهم لم يؤمروا بدخول جبال القدس وأما أن يقول أن جبال إيليا والبلقاء ليست من الأرض المقدسة، ومن زعم شيئاً من هذين فترك الكلام معه أصوب. وقد كان الفقيه أبو ذر لما ضيقت عليه هذه المسألة قال لي إنك لم تدخل بيت المقدس ولو دخلتها لعلمت إنها سهل بلا جبل، حتى قال له الرئيس أبو محمد هو منها. وسمعت خالي عبدالله بن الشوا يقول: أراد بعض السلاطين أن يتغلب على دير شمويل وهي قرية على فرسخ من إيليا فقال لصاحبها صف لي قريتك، قال: هي أيدك الله قريبة من السماء، بعيدة من الوطاء. قليلة الابروط، كثيرة البلوط. تحتاج إلى الكد، ولا تزكى بالرد.يغالب غر، ولوز مر. إزرع قبا وخذ قبا، إلا أن الذي نذرت كان أنبل جبا فقال اذهب لا حاجة لنا في قريتك.وأما الجبال الشريفة فجبل زيتا يطل على بيت المقدس وقد ذكرناه، وجبل صديقا بين صور وقدس وبانياس وصيدا، ثم قبر صديقا عنده مسجد له موسم يوم النصف من شعبان يجتمع إليه خلق كثير من هذه المدن ويحضره خليفة السلطان واتفق وقت كوني بهذه الناحية يوم الجمعة في النصف من شعبان، فأتاني القاضي أبو القاسم بن العباس حتى خطبت بهم فبعثتم في الخطبة على عمارة ذلك المسجد، ففعلوا وبنوا به منبراً. وسمعتهم يزعمون أن الكلب يعدو خلف الوحش فإذا بلغ ذلك الحد وقف وما يشبه هذه من الحكايات. وأما جبل لبنان فهو متصل بهذا الجبل كثير الأشجار والثمار المباحة، وفيه عيون ضعيفة، يتعبد عندها أقوام قد بنوا لأنفسهم بيوتاً من القش، يأكلون من تلك المباحات، ويرتفقون بما يحملون منها إلى المدن من القصب الفارسي والمرسين وغير ذلك وقد قلوا به. وجبل الجولان يقابله من نحو دمشق على ما ذكرنا، وبه لقيت أبا إسحاق البلوطي في أربعين رجلاً لباسهم الصوف ولهم مسجد يجتمعون فيه، ورأيته فقيهاً عالماً على مذهب سفيان الثوري، ورأيت تقوتهم بالبلوط ثمرة على مقدار التمر مر يفلق ويحلى ثم يطحن، وثم شعير بري يخلط به. وأما جبل لكام فإنه أعمر جبال الشام وأكبرها وأكثرها ثماراً، هو اليوم بيد الأرمن، وطرسوس من ورائه، وانطاكية دونه.والولايات لصاحب مصر وقد كان سيف الدولة غلب على أعلاه. والضرائب فيه هينة إلا ما يكون على الفنادق فإنه منكر على ما ذكرنا من بيت المقدس. وحماياته ثقيلة، على قنسرين والعواصم ثلاثمائة ألف وستون ألف دينار، وعلى الأردن مائة ألف وسبعون ألف دينار، وعلى فلسطين مائتا ألف وتسعة وخمسون ألف دينار، وعلى دمشق أربعمائة ألف ونيف. وقرأت في كتاب ابن خرداذبة خراج قنسرين أربعمائة ألف دينار، وخراج حمص ثلاثمائة ألف وأربعون ألفاً، وخراج الأردن ثلاثمائة ألف وخمسون ألفاً، وخراج فلسطين خمسمائة ألف دينار.وأما المسافات فتأخذ من حلب الى بالس يومين، ومن حب الى قنسرين يوماً وكذلك الى الأثارب، ومن حلب الى منبج يومين، ومن حب إلى أنطاكية خمسة أيام، ومن أنطاكية إلى اللاذقية ثلاثة أيام، ومن منبج إلى الفرات مرحلة. وتأخذ من حمص إلى جوسية مرحلة ثم إلى يعاث مرحلة ثم إلى بعلبك نصف مرحلة ثم إلى الزبداني مرحلة ثم إلى دمشق مرحلة. وتأخذ من حمص إلى شمسين مرحلة ثم إلى قارا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى القطيفة مرحلة ثم إلى دمشق مرحلة. وتأخذ من حمص إلى سلمية مرحلة ثم إلى القسطل مرحلتين ثم إلى الزراعة مثلها ثم إلى الرصافة مثلها ثم إلى الرقة نصف مرحلة. ثم تأخذ من حمص إلى حماة مرحلة ثم إلى شيزر مرحلة ثم إلى كفرطاب مرحلة ثم إلى قنسرين مرحلة ثم إلى حلب مرحلة. وتأخذ من دمشق إلى طرابلس أو إلى بيروت أو إلى صيدا أو إلى بانياس أو إلى الحوران أو البثنية يومين يومين، وتأخذ من دمشق إلى أقصى الغوطة أو إلى بيت سرعا مرحلة مرحلة. وتأخذ من دمشق إلى الكسوة بريدين ثم إلى جاسم مرحلة ثم إلى فيق مثلها ثم إلى طبرية بريداً. وتأخذ من بانياس إلى قدس أو إلى جب يوسف بريدين بريدين. وتأخذ من بيروت إلى صيدا أو إلى طرابلس مرحلة مرحلة. وتأخذ من طبرية إلى اللجون أو إلى جب يوسف أو إلى بيسان أو إلى عقبة أفيق أو إلى الجش أو إلى كفركيلا مرحلة مرحلة. وتأخذ من اللجون إلى قلنسوة مرحلة ثم إلى الرملة مرحلة وإن شئت فخذ من اللجون إلى كفرسابا بالبريد مرحلة ثم إلى الرملة مرحلة. وتأخذ من بيسان إلى تعاسير بريدين ثم إلى نابلس مثلها ثم إلى بيت المقدس مرحلة. وتأخذ من جب يوسف إلى قرية العيون مرحلتين ثم إلى القرعون مرحلة ثم إلى عين الجر مرحلة ثم إلى بعلبك مرحلة وهذا يسمى طريق المدارج. وتأخذ من الجش إلى صور مرحلة ومن صور إلى صيدا مرحلة ومن صور إلى قدس أو إلى مجدل سلم بريدين، ومن مجدل سلم إلى بانياس بريدين. وتأخذ من طبرية إلى عكا مرحلتين، ومن جبل لبنان إلى نابلس أو إلى قدس أو إلى صيدا أو إلى صور نحو مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى بيت المقدس أو إلى بيت جبريل أو إلى عسقلان أو إلى السكرية مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى نابلس أو إلى كفرسلام أو إلى مسجد إبراهيم أو إلى أريحاء مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى يافه أو إلى الماحوز أو إلى أرسوف أو إلى أزدود أو إلى رفح مرحلة مرحلة. وتأخذ من بيت المقدس إلى بيت جبريل أو إلى مسجد إبراهيم أو إلى نهر الأردن مرحلة مرحلة. وتأخذ من بيت المقدس إلى نابلس مرحلة، وتأخذ من بيت المقدس إلى أريحاء بريدين. وتأخذ من غزة إلى بيت جبريل أو إلى أزدود أو إلى رفح مرحلة مرحلة. وتأخذ من مسجد إبراهيم إلى قاووس مرحلة ثم إلى صغر مرحلة. وتأخذ من نهر الأردن إلى عمان مرحلة. وتأخذ من نابلس إلى أريحاء مرحلة، وتأخذ من أريحاء إلى بيت الرام بريدين ثم إلى عمان مرحلة. وتأخذ من صغر إلى مآب مرحلة. وتأخذ من عمان إلى مآب أو إلى الزرقاء مرحلة مرحلة، وتأخذ من الزرقاء إلى أذرعات مرحلة، ومن أذرعات إلى دمشق مرحلتين. وتأخذ من قيسارية إلى كفرسلام أو إلى كفرسابا أو إلى أرسوف أو إلى الكنيسة مرحلة مرحلة. ومن يافه إلى عسقلان مرحلة.