جمل شؤون هذا الإقليم
أعلم أن بفارس صروداً لا يثمر فيها الأشجار من شدة البرد ولا ينعش فيها الزرع مثل الأردوالرون والرهنان وأطراف أصطخر، وجروم لا يمكن النوم فيها بالنهار من شدة الحر مثل سيراف وأرجان، وما بينهما ويقع الأعتدال بين الحدين وما فيها من البلد مثل شيراز ومدنها وأطراف سابور، والثلج موجود في جميعه يحمل من القرب والبعد الغالب عليه الجبال أكثرها مشجرة والزريعة قليلة وفيه خفة، وبه منازه حسنة وقلاع منيعة وعجائب كثيرة وخصائص غريبة ومعادن جليلة وفواكه لذيذة. المجوس به أكثر من اليهود وبه نصارى قليل وبه مجذمون قليل. ولم أر بلداً أكثر عوراً من كازرون والمفاليج بشيراز كثير.والعمل فيه على مذهب أصحاب الحديث وأصحاب أبي حنيفة رحه كثير، وللداودية دروس ومجالس وغلبة ويتقلدون القضاء والأعمال، وكان عضد الدولة يعتقده أكثر الفقهاء من الثلاثة مذاهب معتزلة، والشيعة بسواحله كثير.ومن رسومهم إذا صليت العصركل يوم جلس العلماء للعوام إلى المغرب وكذلك بعد الغداة إلى ضحى، وأيام الجمع يجتمعون في غير موضع، وطابت شيراز بجامعها والصوفية به كثيرويكبرفي جوامعهم بعد الجمعة ويلتفت على المنبر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويؤذن بين يديه جميعاً بلا تطريب، ولا يشهد إلا عدل. ويلبس العوام ثياب السود ويكشفون الصوف ويكثرون التطلس ويسطلون العمائم وليس لأهل الطيالسة بشيراز مقدار إنما هو لأصحاب الدراريع، وكما يرفع بالمشرق العلماء هاهنا ترفع الكتبة. وللشوائين دكاكين على حدة.وبنيانهم إذا ألفت الحجارة حسن وإذا كانوا في عملها وحش. وجلست يوماً إلى بعض البنائين أعني بشيراز وأصحابه ينقشون بمعاول وحشة وإذا حجارتهم على ثخانة اللبن فإذا اعتدلت قدروها ثم خطوا خطا وقطعوه بالمعول فربما انكسرت البلاطة فإذا أعتدلت أقاموها على حدها. فقلت لهم لو أتخذتم مسفنة وربعتم الأحجار وأحكيت لهم بناء فلسطين وطارحتهم مسائل في البناء. فقال لي الأستاذ أنت مصري قلت: لا بل فلسطيني. قال: سمعت أن عندكم تخرم الأحجارلمحا يخرم الخشب. قلت: أجل. قال: أحجاركم لينة ولصناعكم لطافة. ورأيت لهم أعمالاً عجيبة وخفاً واتقاناً لم أرها بسائر الأقاليم مثل رأس السكر وجسر دخويذ وأبي طالب عملت في هذا العصريعجز عن مثلها كل بناء بالشام واقور. وأكثر جوامعهم باساطين. والبيت الداخل من الحمام لا يمكن فيه المكث من الحر. وسمعت بعض غلمان والدي رحه يقول: تبغنس أبو الفرج الشيرازي في الحمام الذي بناه بأبواب الأسباط لأنه أدخل النار تحت بعض البيت الداخل وليس كما قال ولكنه رأى رسوم الشام في هذا الباب تخالف رسوم فارس فجعل بعض البيت على رسوم إقليمه وبقيته على رسوم الشام. وقل ما يلبسون الميازر وربما حرسته النساء ولا يطرح القضه إلا في موضع واحد. ويأخذون الميت سلاً ويمشي الرجال قدام الجنازة والنسوان خلف، وبخوزستان يمشون من الناحيتين ويقيمون الزمر والطبل في المواتيم وفي المقابر. ولا يعرف في أقاليم الأعاجم الخروج إلى المقابر لختم القرآن وإنما يجلسون للتعزية في المساجد ثلاثة أيام ويكثرون فيه لبس الشمشكات والنعال ويلين فيه القلب أدنى شيء يبوسة. ويصلون التروايح في مرتين ويقدمون فيها الصبيان ويعيدون مع المجوس في النيروز والمهرجان. ودور الزنا بشيراز ظاهرة بقبالات.وعددهم على شهور الفرس أولها فرودين ماه، أردبهشت، خرداذ، تيرماه،ا مرداذ، شهرير، مهر، آبان، آذر، دي، بهمن، أسفندارمذ. ولكل يوم من الشهر اسم عليها تاريخات الدواوين مثل أيام الجمع بسائر الأقاليم أولها هرمز، بهمن، أردبهشت، شهرير، أسفدارمذ، خرداذ، مرداذ، ديباذر، آذر، آبان، خور، ماه، تير، جوش، ديبمهر، مهر، سروش، رشن، فرودين، بهرام، رام، با د.وأما التجارات فيرتفع من أرجان الدبس الفائق والصابون الجيد والتينوالزيت والفوط وثياب الكندكية والبربهار. ومن مهربان الأسماك والتمور والقرب الجياد. ومن سينيز ثياب تشاكل القصب ربما حمل إليهم الكتان من مصر وأكثر ما يعمل اليوم من الذي يزرع عندهم. ومن سيراف الفوط واللؤلؤ وأزر الكتان والموازين والبربهار. ومن درابجرد كل شيء نفيس من الثياب المرتفعة والوسط والدون وما يشاكل الطبرستاني وحصر تشبه العباداني والبسط الجيدة وستور سوزن جرد والبزر الكثير والتمر والدوشاب والزنبق الطيب. ومن فرج الثياب والبسط والستور والدبس الجيد والبزر والكتان. ومن تارم الدوشاب والتمور والقرب والسطائح والدلاء الحسان والمراوح الكبيرة. ومن جهرم البسط والستور والأنماط المحكمة. ومن شيرإز الأكسية البركانات لا موضع لها غيره والمنيرات التي لا شبه لها في الكد مع رقة وحسن والأبراد الجياد ويعمل به خز وديباج وقصب وحلل. ومن فسا ثياب القز تحمل إلى الآفاق وأكسية حسان رقاق وأنماط وبسط وفوط ومنيرات تشاكل الأصفهانية والوشي والستور المثمنة والفروش الرفيعة والستور الأبريسمية والعصفر والموائد والخركاهات ومناديل الشرابية وغير ذلك. ويعمل بسابور عشرة أدهان دهن بنفسج ونينوفر ونرجس وكارده وسوسن وزنبق ومرسين ومرزنجوش وبإدرنك ونارنج وفواكه كثيرة وجوز وزيت وأترنج وقصب سكر والصفصاف تحمل الأدهان إلى البعد والفواكه ألى المصر. ومن كازرون ثياب القصب وكذلك من توز ودريز وتلك النواحي ودبيقي ومناديل مخملة تحمل إلى الآفاق الثمانية وبينها وبين الشطوية بون عظيم. ومن جور وكول الماورد الذي لا نظير له وثياب كثير. ومن إصطخر الأرز والمأكولات. ومن الروذان ثياب تشاكل البمي وأديم أجود من الاطرابلسي والقرب والشمشكات. ولا نظير بشيراز للإجاص العمري والبركانات والمنيرات ودوشاب أزجان وبها شجر مثل الشوك العنزروت نواره. وكذلك بنواحي سابور وبها هملختات جياد. ومن درابجرد ملح الطبرزد والنفطي وجميع الألوان. وفي نهرهم سمك لا عظم له. وفي جبال نيريز عنزروت أيضا ومنها الشنباذة وحجر المغنيسيا. وبنواحي شيراز ريحان ورقه مثل ورق السوسن دخلة يشبه النرجس وخيار له مثل شوك القنفذ وينبت بها زعفران وأرزن. وبفساتين حسن وسرو عجيب وسفرجل نادروبه معادن المومياي بدرابجرد وبارجان أيضاً موضع آخر. وبنيريزمعادن حديد وطين أبيض يكتب به الصبيان الواحهم وطين أسود للختم. بين شيراز وسابور حلتيث كثير.وبه عجائب بطرف أرجان نار تشتعل بالليالي وتدخن بالنهار. يخرج من آبار في جبال فسا ماء ينبع من جبل من مثل ضرع تحته. حفرة يجتمع فيها ينفع من قد يبس من الريح. وثم مياه إذا شرب منها الإنسان عناه كما يعني الدواء. ولهم طلسم متى ما ظهر بدابة داء حمل إلى ذلك الموضع فتطوف في الأرض طوفة ثم تنام على الأرض وتضع بطنها عليها فإما أن تموت أو تستريح في الوقت. على فرسخ من أصطخر ملعب سليمان يصعد إليه في مدرجة حسنة من حجارة وثم أساطين سود وتماثيل ومحاريب وأعاجيب على عمل ملاعب الشام تحته عين ماء قالوا من شرب منها خرج منه بقايا الخمر منذ أربعين يوما، وبين الأساطين حمام ومسجد سليما ن إذا جلس الإنسان في هذا الملعب كانت الضياع والمزارع بين يديه مد البصر. قد سكر عضد الدولة النهر الذي بين شيراز واصطخر بحائط عظيم جعل اساسه بالرصاص فتبحر الماء خلفه وارتفع، فجعل عليه من الجانبين عشرة دواليب على ما ذكرنا من خوزستان وتحت كل دولاب رحاً فهو اليوم من عجائب فارس، وبنى ثم مدينة وجرى الماء في قني فاسقى ثلاثمائة قرية. وفي هذا الرستاق تفاح بعضه حلو وبعضه حامض. بسابور خادم من حجر أسود متوشح بازار مكتوب على عضده بالفارسية قائم وسط الطريق وسطه تسعة أشبار وطوله قامة وذراع. على فرسخ من النوبندجان صورة سابور على باب كهف عليه تاج تحته ثلاثة أوراق خضر طول مشط رجله ثلاثة عشر شبراً ومن رأسه إلى قدميه أحد عشر ذراعاً خلفه ماء واقق لا مد له ولا منفذ وثم ريح تخرج شديدة. وعلى نصف فرسخ من باب شهر حوض ينبع منه ماء ثم يفترق أنهاراً ماء صاف كالزلال يسمى سروشير. بقرية عبد الرحمان اشبه بئر أيوب بايليا. بسابور جبل قد صور فيه كل ملك ومرزبان بعرف للعجم. بمورجان كهف يقطر من سقفه ماء أن دخل رجل لم يخرج إلا بما يكفي لرجل وأن كانوا ألفاً فبما يكفيهم. بجور بركة على باب البلد وثم قدر نحاسعظيمة يخرج من فيه أعلى تلك القدر ماء عظيم. بصاهك بئر لا يقف له على قعريفور منه ما يديررحاً ويسقي تلك القرية. بالغندجان نهر بين جبلين يخرج منه دخان لا يمكن أحداً أن يقربه وأن أجتاز به طائر سقط فيه فاحترق.. في بحر سيراف موضع عبرنا به فانحدر بعض الملاحين فغاصوا في البحرومعهم قرب ثم خرجوا وقد ملؤها ماء عذباً فسألتهم فقالوا عين تخرج في قعر البحر. على نصف فرسخ من كازرون قبة قالوا هي وسط الدنيا. بنواحي اصطخر تلال زعموا إنها رماد نار إبراهيم عم. وبه قناطر عجيبة محدثة وجاهلية، ومياهه غزيرة و. به أنهار عدة فأما نهر طاب فأنه يخرج من جبال أصفهان ويمد على تخوم الإقليم إلى أرجان وعليه السكة تعبرعلى قناطرغيرمرة. ونهر شيرين ونهر الشاذكان ونهر درخيد ونهر خوبذان ونهررتين ونهر إخشين ونهر سكان ونهر جرسيق ونهر الكر ونهر فرواب ونهر تيرزة هذه أمهات الأنهار.وأما البحيرات فخمس بحيرة البختكان نحو عشرين فرسخاً مالحة بكورة اصطخر، وبحيرة دشت أرزن بكورة سابور عشرة فراسخ عذبة ربما جفت وعامة سمك شيراز منها، وبحيرة كازرون عشرة فراسخ مالحة منشعبة فيها صيد ومنافع، وبحيرة الجنكان نحو اثنى عشر فرسخاً يعملون في أطرافها الملح بكورة أردشير خرة، وبحيرة الباشفوية ثمانية فراسخ مالحة عليها بردي وآجام. وأما بحر الصين فأنه يمد على تخوم الإقليم الجنوبية كلها.وبه من أحياء الأكراد ثلاثة وثلاثون الكرمانية الرامانية مدثر حي محمد بن بشر الثعلبية البندامهرية حي محمد بن إسحاق الصباحية الإسحاقية الأدركانية السهركية الطهمادهنية الزبادية الشهروية المهركية البنداقية الخسروية الزنجية الصفرية المباركية استامهرية الشاهونية الفراتية السلمونية الصيرية الازاددختية المطلبية الممالية الشاكانية الجليلية، وهم خمس مائة بيت.وأما القلاع فباصطخر قلعة عظيمة سعة رأسها فرسخ فيها حياض ماء وأميرراتب وباعة وبها خزائن عدة من الملوك وأموال جاهلية. وبشيراز قلعة بناء عضد الدولة أنفق عليها أموالاً جمة وحفر فيها بئراً في الجبل إلى أسفله. وبنسا وكنه وفسا وقرية اللآس ودرابجرد وجنبد وأرجان وزيرباذ وبعض وسط الجر وذكر ابراهيم بن محمد الفارسي إنها تبلغ خمسة آلاف قلعة.وزمومه خمسة أكبرها زم أحمد بن صالح يعرف بالديوان ثم زم شهرياريعرف بزم البازنجان وهم الذين في ناحية أصفهان من هذا القوم ناقلة من هذا الزم ثم زم أحمد بن الحسن ويعرف بزم الكاريان وهوزم اردشيرخرة. يخرج من فيه أعلى تلك القدر ماء عظيم. بصاهك بئر لا يقف له على قعريفور منه ما يديررحاً ويسقي تلك القرية. بالغندجان نهر بين جبلين يخرج منه دخان لا يمكن أحداً أن يقربه وأن أجتاز به طائر سقط فيه فاحترق.. في بحر سيراف موضع عبرنا به فانحدر بعض الملاحين فغاصوا في البحرومعهم قرب ثم خرجوا وقد ملؤها ماء عذباً فسألتهم فقالوا عين تخرج في قعر البحر. على نصف فرسخ من كازرون قبة قالوا هي وسط الدنيا. بنواحي اصطخر تلال زعموا إنها رماد نار إبراهيم عم. وبه قناطر عجيبة محدثة وجاهلية، ومياهه غزيرة و. به أنهار عدة فأما نهر طاب فأنه يخرج من جبال أصفهان ويمد على تخوم الإقليم إلى أرجان وعليه السكة تعبرعلى قناطرغيرمرة. ونهر شيرين ونهر الشاذكان ونهر درخيد ونهر خوبذان ونهررتين ونهر إخشين ونهر سكان ونهر جرسيق ونهر الكر ونهر فرواب ونهر تيرزة هذه أمهات الأنهار.وأما البحيرات فخمس بحيرة البختكان نحو عشرين فرسخاً مالحة بكورة اصطخر، وبحيرة دشت أرزن بكورة سابور عشرة فراسخ عذبة ربما جفت وعامة سمك شيراز منها، وبحيرة كازرون عشرة فراسخ مالحة منشعبة فيها صيد ومنافع، وبحيرة الجنكان نحو اثنى عشر فرسخاً يعملون في أطرافها الملح بكورة أردشير خرة، وبحيرة الباشفوية ثمانية فراسخ مالحة عليها بردي وآجام. وأما بحر الصين فأنه يمد على تخوم الإقليم الجنوبية كلها.وبه من أحياء الأكراد ثلاثة وثلاثون الكرمانية الرامانية مدثر حي محمد بن بشر الثعلبية البندامهرية حي محمد بن إسحاق الصباحية الإسحاقية الأدركانية السهركية الطهمادهنية الزبادية الشهروية المهركية البنداقية الخسروية الزنجية الصفرية المباركية استامهرية الشاهونية الفراتية السلمونية الصيرية الازاددختية المطلبية الممالية الشاكانية الجليلية، وهم خمس مائة بيت.وأما القلاع فباصطخر قلعة عظيمة سعة رأسها فرسخ فيها حياض ماء وأميرراتب وباعة وبها خزائن عدة من الملوك وأموال جاهلية. وبشيراز قلعة بناء عضد الدولة أنفق عليها أموالاً جمة وحفر فيها بئراً في الجبل إلى أسفله. وبنسا وكنه وفسا وقرية اللآس ودرابجرد وجنبد وأرجان وزيرباذ وبعض وسط الجر وذكر ابراهيم بن محمد الفارسي إنها تبلغ خمسة آلاف قلعة.وزمومه خمسة أكبرها زم أحمد بن صالح يعرف بالديوان ثم زم شهرياريعرف بزم البازنجان وهم الذين في ناحية أصفهان من هذا القوم ناقلة من هذا الزم ثم زم أحمد بن الحسن ويعرف بزم الكاريان وهوزم اردشيرخرة.ووضع فارس أنها مقسومة على خط من لدن أرجان إلى النوبندجان إلى كازرون إلى خرة ثم على حدود السيف إلى كارزين حتى يمد على الزم فما كان يلقي الجنوب فجروم وما كان نحو الشمال فصرود، فيقع في الجروم أرجان ونوبندجان وسينيزوتوج وخرة وداذين وموز وكارزين ودشت البوسقان وكير وكيزرين وأبرز وسميران وخمايجان والخرمق وكران وسيراف ونجيرم وحصن أبن عمارة وما في أضعافهن. ويقع في الصرود أصطخر والبيضاء ومائين وأيرج وكان فيروز وكرد وكلار وسروسير والأوسبنجان وأرد والرون وصرام وباذرنج وسردن والخرمه والحيرة والنيريز والمسكانات والأيج والأصبهانات وبورم ورهنان وبوان وطرخنيشان والجوبرقان وإقليد والجرمق وبرقوه وما جرى مجرا هن. ويقع الاعتد ال ما بين ذلك وهي كورة درابجرد وشيراز وفسا وما يدخل في هذا الصقع ممتدا إلى جور ونواحيها. والمضار ماء أرجان ردي وكذلك ماء درابجرد وآبار شيراز ثقيلة. والغالب على الجروم فساد الهواء وتغيير الألوان ثم أصحها سيراف وأرجان وجنابة وسينيز وأعدلها ما بين الحدين. وبدشت بارين عين يستشفى بها من العلل. وماء قصبة سابور ثقيل.وهو بلد الجور قرأت في كتاب بخزانة عضد الدولة أهل فارس أبخع الناس بطاعة السلطان واصبرهم على الظلم واثقلهم خراجاً واذلهم نفوساً، وفيه أهل فارس لم يعرفوا عدلاً قط. فأن قال قائل أوليس قد مدحهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: لو أن الإيمان بالثريا لتعلق به رجال من أهل فارس. قيل له: خراسان وفارس كانتا عند العرب شيئاً واحداً ومتى أخرجت عالمأ قط مذكوراً في الآفاق وكم قد أخرجت خراسان مثل ابن المبارك وابن راهويه ونظائرهما في الفقه والحديث وإلى اليوم لا تخلومن ائمة أجلة، وفارس خالية من هذا الضرب ولا ترى لهم تصنيفاً يعتمد عليه ولا رسماً في العلم يرجع إليه أولا ترى أن أبا خالد قال: فارس ثلاثة آلاف فرسخ وإنما هذا الإقليم مائة وعشرون في مثلها فعلمت إنه أراد خراسان وماحولها.والولايات فيه للديلم أول من غلب عليه علي بن بويه ولم يعقب فتبنى عضد الدولة وملك من بعده وهو ابن أخيه وبني بشيراز داراً لم أر في شرق ولأ غرب مثلها ما دخلها عامي إلا أفتتن بها ولا عارف إلا أستدل بها على نعمة الجنة وطيبها، خرق فيها الأنهار ونصب عليها القباب وأحاط بالبساتين والأشجار وحف فيها الحياض وجمع فيها المرافق والعدد. وسمعت رئيس الفراشين يقول فيها ثلاثمائة وستون حجرة وداراً، كان مجلسه كل يوم واحدة إلى الحول، وهي سفل وعلو وخزانة الكتب حجرة على حدة عليها وكيل وخازن ومشرف من عدول البلد، ولم يبق كتاب صنف إلى وقته من أنواع العلوم كلها إلا وحصله فيها، وهي أزج طويل في صفة كبيرة فيه خزائن من كل وجه وقد ألصق إلى جميع حيطان الأزج والخزائن بيوتا طولها قامة في عرض ثلاثة أذرع من الخشب المزوق عليها أبواب تنحدر من فوق والدفاتر منضدة على الرفوف لكل نوع بيوت وفهرستات فيها أسامي الكتب لا يدخلها إلا وجيه. وطفت في هذه الدار كلها سفلها وعلوها وقد فرشت فيها الآلات فرأيت في كل مجلس ما يليق به من الفرش والستور، ورأيت بيوت الخيش ينزع عليها الماء من قنى حولها من فوق بالدوام، ورأيت الأنهار تطرد في البيوت والأروقة وأظنه بناها على ما سمع من أخبار الجنة وبان بوناً بعيداً وضل ضلالاً مبيناً وباء بالأوزار، ولم تبق له الدار. وسكن الأجداث، بعد الملك والألات. ولقد مات باشر موتة وأراه الله نفسه خسرة وصار لنا موعظة وعبرة أنشدني بعض الخدم أبياتاً ذكر أنه سمعها منه عند موته. وقد ملك ثمانية أقاليم وانخطب له بالسند واليمن وطمع في المشرق وعاند صاحب المغرب وخافته الملوك وقبض على صاحب الروم، وعرف أنواعاً من العلوم، وتبحر في علم النجوم. شعر:
تمتع. من آلدنيا فانك لاتـبـقـى
ولا تأمنن الدهر إنـي أمـنـتـه
وأخليت دار الملك من كل ناعـم
فلما لمست آلنجم عـزا ورفـعة
رماني الردى سهماً فأخمد جمرتي
فلم يغن عنـي كـل مـال ولـم أجـد
لدى قانص الأرواح في مصرعي رفقا
وخذ صفوهامنهاودع عنك الرنقا
فلم يبق لي حالاً ولم يرع لي حقاً
وشتتتهم غرباً وشرد تهم شرقـا
وصاررقاب الخلق لي كلهم رقا
فها أنا هنا عاجلاً حفرة ألـقـى
لدى قانص الأرواح في مصرعي رفقا
لدى قانص الأرواح في مصرعي رفقا