الفصل الثاني: في بيان الاشياء المخصوصة التي بانتفائها يتحقق الصوم او لا يجوز ارتكابها
و هي على اقسام خمسة:
القسم الاول: ما يحرم ارتكابه، و يوجب القضاء و الكفارة معا، اذا وقع في صوم شهر رمضان و غيره مما في افطاره قضاء و كفارة
و هي امور سبعة: الامر الاول و الثاني: الاكل و الشرب للمعتاد و غيره. اما حرمتهما فبالكتاب (1) ، و السنة المتواترة (2) ، و الاجماع فيهما (3) . اما في الاول فظاهرة، و اما في الثاني فلعمومات الكتاب و السنة في النهي عن
الاكل و الشرب. و الانصراف الى المعتاد-لو سلم-فانما هو في المطلق دون العام، مع ان انصراف
المطلق اليه ايضا انما هو اذا كان الاعتياد و عدمه بحيث يكونان قرينتين على
ارادة المعتاد، و هو في المورد غير معلوم. بل هنا كلام آخر، و هو انه على فرض الانصراف فانما هو يفيد لو كان متعلق الحكم
الماكول و المشروب. اما الاكل و الشرب، فمقتضى الانصراف الى المعتاد خروج غير المعتاد من
الاكل مثلا، و هو ما كان من غير الفم، بل من نحو الانف او العين او ثقبة في
الصدر، لا من الماكول، فتامل.. فيكون الكتاب و السنة شاملا لغير المعتاد ايضا. و اما الاجماع، فلعدم قدح مخالفة الاسكافي و السيد في شاذ من كتبه (4) في الاجماع،
و لذا صرح بالاجماع في غير المعتاد ايضا جماعة، منهم: الناصريات و الخلاف و
الغنية و السرائر و المنتهى (5) و غيرها (6) ، مع ان مخالفة السيد ايضا غير معلومة، لانه
انما حكم في بعض كتبه بعدم البطلان بابتلاع الحصاة و نحوها، فيمكن ان تكون
مخالفته في الازدراد دون غير المعتاد، و لذا ترى الفاضل في المنتهى جعل البطلان
بغير المعتاد مذهب جميع علمائنا، و لم ينسب الخلاف فيه الا الى بعض العامة، و نسب
الخلاف في الازدراد الى السيد. و مما يؤيد البطلان بتناول غير المعتاد-المستلزم هنا للحرمة، لحرمة ابطال
الصوم الموجب لحرمة سببه-بل يدل عليه: ان المراد بالمعتاد ان كان معتاد غالب
الناس لزم عدم فساد صوم طائفة اعتادوا اكل بعض الاشياء الغير المعتادة
للاكثر، كالحية، و الفارة، و بعض النباتات، بل لحم البغل و الحمار، و فساد ذلك
ظاهر، بل لا اظن ان يقول به المخالف. و ان كان معتاد كل مكلف بنفسه فيصير الفساد اظهر، فلا يبطل الصوم باكل الخبز
لقوم، بل يلزم اختلاف المبطل باختلاف العادات و البلاد، بل مقتضى قاعدة
الانصراف الى المعتاد اعتبار معتاد زمان الشارع و بلده، و حينئذ تتسع دائرة
الاكل و الشرب في الصوم. بل اخراج المني ايضا لو اجريت القاعدة فيه ايضا. استدل للمخالف (7) بما مر، من انصراف المطلق الى المعتاد. و بنحو صحيحة محمد: «لا يضر الصائم ما صنع اذا اجتنب اربع خصال: الطعام، و
الشراب، و النساء، و الارتماس » (8) . و الاخرى: في الصائم يكتحل، فقال: «لا باس به، انه ليس بطعام و لا شراب » (9) . و بعموم العلة على عدم ضرر غير الطعام و الشراب، و غير المعتاد ليس منهما. و رواية ابن ابي يعفور: عن الكحل للصائم؟ فقال: «لا باس به، انه ليس بطعام يؤكل » (10) . و رواية مسعدة: عن الذباب يدخل في حلق الصائم؟ قال: «ليس عليه قضاء، انه ليس بطعام » (11) .
و الجواب عن الاول: ما سبق. و عن البواقي: بعدم الحجية بعمومها، لمخالفتها الشهرة العظيمة، بل الاجماع كما
مر. و عن الثاني: بان غير المعتاد من المطعوم و المشروب ايضا طعام و شراب. و هو الجواب عن الثالث و الرابع. و عن الخامس: بان الضمير المنصوب يمكن ان يكون راجعا الى الدخول في الحلق، و
الطعام مصدرا، كما ذكره في القاموس (12) ، و غيره (13) ، فيكون المعنى: ان دخول الذباب
بغير الاختيار ليس اكلا، لانه ما كان بالقصد و الاختيار. و اما وجوب القضاء و الكفارة بهما، ففي المعتاد لاجماع العلماء محكيا مستفيضا (14)
و محققا. و فيه و في غيره لحصول الفطر به عرفا، فيدخل في عموم ما دل على ايجابه لهما،
كمرسلة الفقيه: «و من افطر في شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة واحدة، و قضاء يوم
مكانه، و انى له مثله » (15) . و رواية الهروي، و فيها: «و ان كان نكح حلالا او افطر على حلال فعليه كفارة واحدة و
قضاء ذلك اليوم، و ان كان ناسيا فلا شى ء عليه » (16) . و رواية المشرقي: عن الرجل افطر من شهر رمضان اياما متعمدا ما عليه من الكفارة؟
فكتب عليه السلام: «من افطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة و
يصوم يوما بدل يوم » (17) ، الى غير ذلك من الاخبار الآتية، المتضمنة لتفاصيل
الكفارات (18) .
فروع:
ا: اختلفوا في حرمة ايصال الغبار الى الحلق و بطلان الصوم به -مطلقا، كما في
كلام جماعة، منهم: الشرائع و النافع و التلخيص و التبصرة (19) ، او الغليظ منه، كما في
كلام جمع آخر (20) ، بل الاكثر كما قيل (21) -و جوازه.. فعن الشيخين و الحلي و الحلبي و في الشرائع و النافع (22) و طائفة من افاضل
المتاخرين (23) : الاول، و نسب الى المشهور (24) ، بل عن الانتصار و السرائر و الغنية
و التذكرة و التنقيح و نهج الحق: الاجماع عليه (25) . و عن ظاهر الصدوق و السيد و الديلمي و الشيخ في المصباح: الثاني (26) ، حيث لم
يذكروا البطلان به، و اليه ذهب جمع من متاخري المتاخرين، منهم: المفاتيح و
الحدائق (27) . و ظاهر المعتبر و المدارك: التردد (28) . حجة الاولين: رواية المروزي: «اذا تمضمض الصائم في شهر رمضان، او استنشق
متعمدا، او شم رائحة غليظة، او كنس بيتا فدخل في انفه و حلقه غبار، فعليه صوم شهرين
متتابعين، فان ذلك مفطر مثل الاكل و الشرب و النكاح » (29) . و الاخبار الناهية عن الاحتقان، و جلوس المراة في الماء، و الاكتحال، و السعوط،
و الاستياك بالرطب، و نظائرها (30) . حجة الآخرين: الاصل، و موثقة عمر بن سعيد: عن الصائم يدخل الغبار في حلقه؟ قال: «لا
باس » (31) . و ما دل على حصر المبطل في امور ليس ذلك منها. و يجيبون عن دليل الاولين: اما عن الرواية: فبالقطع الخالي عن الجابر-و هو كون السائل موثوقا به-اولا. و بضعف السند ثانيا، و لا يفيد الانجبار بالشهرة و نحوها، لانها انما تجبر
الرواية المسندة لا المقطوعة. و بالمعارضة مع الموثقة-الموجبة للرجوع الى الاصل-ثالثا. و بالاشتمال على ما لا قائل به رابعا. و اما عن الاخبار الاخيرة: فبعدم ثبوت مدلولاتها بانفسها، لمعارضتها مع
اقوى منها-كما ياتي-فكيف يقاس عليها غيرها؟ ! اقول: اما جوابهم عن الاخبار الاخيرة فتام. و اما عن الرواية، فيمكن رد الاول بعدم انحصار الجابر للقطع في موثوقية
السائل، بل ذكر صاحب الاصل لها في طي الروايات قرينة على ان المسئول عنه هو
الامام، و انما حصل القطع لتقطيع الروايات من اصل السائل. و منه يظهر حصول الجبر-لضعف السند لو كان ضائرا-بالشهرة و الاجماعات المنقولة،
فرد به الثاني ايضا. و الثالث: بان التعارض بالعموم المطلق، لاختصاص الرواية بالمتعمد و اعمية
الموثقة. و الرابع: بان خروج بعض الرواية عن الحجية لا يوجب خروج الباقي، او بان ما لا
قائل به هو اطلاق بعض الرواية، فيجب تقييده، و يصير كالعام المخصص حجة في الباقي،
كذا قيل (32) . و فيه: ان المراد بالمطلق ان كان جميع اجزاء الرواية، و بالتقييد اخراج بعضه،
فهذا ليس من باب الاطلاق و التقييد، بل طرح بعض الرواية. و ان كان اطلاق بعض الاجزاء، فمنها ما لا قائل بمقيده ايضا، كشم الرائحة الغليظة، بل
الاستنشاق و المضمضة، لانه لا قائل بافطار فرد منهما. و اما دخول الماء في الحلق فهو ليس من افرادهما، بل هو امر خارجي. فلا يتم هذا الرد، بل و كذا سابقه، لان خروج جزء من الخبر عن الحجية لا يضر
الباقي اذا تعين خروجه و علم المراد من الباقي، و هنا ليس كذلك، اذ كما يجوز
طرح الجزء او تصرف فيه بتجوز او تقييد يجوز ان يتصرف في الحكم بقوله: فعليه
صوم، و قوله: فان ذلك مفطر، بالصرف عن الظاهر، فلا يتعين المراد من الرواية،
فتخرج عن الحجية بالمرة. و منه تظهر تمامية الجواب الاخير، بل و كذا سابقه، لان التعارض بالعموم
المطلق انما كان لو كان قوله في الرواية: «متعمدا» بعد قوله: «غبار» و ليس كذلك،
فالتعارض بالمساواة و الرجوع الى الاصل. فالحق: هو القول الاخير. نعم، لو كان الغبار بحيث تحس منه اجزاء ترابية-مشاهدة حسا، معلومة عيانا، موسومة
بالتراب عرفا، ابتداء او بعد الاجتماع في اصول الاسنان، و ابتعلها-يحكم بفساد
الصوم و وجوب القضاء و الكفارة، لصدق اكل التراب، لا لدخول الغبار. ب: لا يفسد الصوم بدخول الدخان في الحلق، للاصل، و صدر الموثقة المتقدمة (33) : عن
الصائم يدخن بعود او بغير ذلك فيدخل الدخنة في حلقه؟ قال: «جائز لا باس به » . و الاحوط: الاجتناب عن شرب التتن، لاستمرار طريقة الناس عليه، و اطلاق الشرب عند
العرب عليه. ج: لا يفسد الصوم بمص الخاتم، و مضغ الطعام للصبي، و زق الطائر، و ذوق المرق، و
نحو ذلك مما لا يتعدى الى الحلق، للاصل، و الاجماع، و المعتبرة المستفيضة-التي
منها الصحاح (34) -و الحصر المصرح به في الصحيح المتقدم (35) . و لا تنافيه صحيحة الاعرج: عن الصائم يذوق الشي ء و لا يبلعه، فقال: «لا» (36) ، فلا تفيد
ازيد من الكراهة، مع انه يحتمل ان يكون معني قوله: «لا» اي لا يبلعه كما قيل (37) . و عن الشيخ حملها على من لا تكون له ضرورة الى ذلك، و حمل اخبار الرخصة على حال
الضرورة (38) .و لا شاهد له.مع انه على فرض المعارضة يكون الترجيح للاخبار المرخصة،
لوجوه عديدة. و لو سبق في هذه الحالة شي ء الى حلقه بلا اختيار، لم يفسد به صومه، كما صرح به جمع
من الاصحاب (39) ، للاصل، و عدم التعمد. و تومى ء اليه صحيحة الحناط: اني اقبل بنتا لي صغيرة و انا صائم، فيدخل في جوفي من
ريقها، فقال: «لا باس، ليس عليك شي ء» (40) . و فرق في المنتهى بين ما كان المضغ و نحوه لغرض صحيح و ما لم يكن كذلك، فاوجب
القضاء في الثاني (41) .و لا دليل عليه. د: الحق جواز مضغ العلك مع الكراهة، و ان تغير الريق بطعمه، ما لم تنفصل منه اجزاء
محسوسة، وفاقا للاكثر كما عن المنتهى (42) ، للاصل، و الحصر، و رواية ابي بصير: عن
الصائم يمضغ العلك، قال: «نعم، ان شاء» (43) . و رواية محمد: «اياك ان تضمغ علكا، فاني مضغت العلك يوما و انا صائم فوجدت في
نفسي منه شيئا» (44) ، فان في مضغ الامام تصريحا بالجواز، و في صدره دليل على
الكراهة، اما مطلقا او في الصوم خاصة. و تدل عليه ايضا صحيحة الحلبي: الصائم يمضغ العلك؟ قال: «لا» (45) . خلافا للمحكي عن الاسكافي و النهاية (46) ، لصحيحة الحلبي. و فيه: منع الدلالة على الحرمة، مع انه على فرضها يتعين الحمل على الكراهة، لما مر. و لان وجود الطعم في الريق دليل على تخلل شي ء من اجزاء ذي الطعم فيه، لامتناع
انتقال العرض. و فيه: ان سبب وجود الطعم لا ينحصر بتخلل الاجزاء او انتقال العرض، لجواز حصول
التكيف بسبب المجاورة، مع انه لو سلم التخلل فالمبطل انما هو الاجزاء
المحسوسة لا امثال ذلك. هذا، مع انه ليس الا اجتهادا في مقابلة النص. ه-: يفسد الصوم بابتلاع بقايا الغذاء المتخللة بين اسنانه في النهار عمدا، سواء
اخرجها من فمه او لا، كما صرح به في الخلاف و المبسوط و الشرائع (47) و غيرها (48) ، و
يوجب القضاء و الكفارة، لصدق الاكل و تناول المفطر عمدا. و مناقشة صاحب الحدائق فيه لعدم صدق الاكل (49) ، و صحيحة ابن سنان: عن الرجل الصائم
يقلس فيخرج منه الشي ء ا يفطر ذلك؟ قال: «لا» ، قلت: فان ازدرده بعد ان صار على لسانه؟
قال: «لا يفطره ذلك » (50) . و الاول مدفوع بمنع عدم الصدق. و الثاني بالفرق بين الخارج بالقلس و الداخل من الخارج في صدق الاكل و عدمه،
سيما مع ان الصيرورة على اللسان لا تستلزم الدخول في فضاء الفم، اذ لعل المراد
طرف اللسان المجاور للحلق، مع انه لو صدق الاكل لو سلم الحكم في القلس فلا يجوز
قياس غيره عليه. هذا كله، مع ان الصحيحة ليست صريحة في عدم الافطار، اذ يحتمل المعنى: لا يزدرده
حينئذ فانه يفطره ذلك، فيكون قوله: «لا» جوابا للسؤال، و: «يفطره » حكما على حدة. و لو دخل شي ء منها في الحلق سهوا لم يفسد قطعا، سواء ترك الخلال عمدا او سهوا او لم
يتركه.و التفرقة بين تركه و عدمه ضعيفة. و لو وجد طعم الغذاء الباقي في الاسنان في الريق و ابتلعه لا يفسد صومه، كما يظهر
وجهه مما ذكرناه في مضغ العلك. و: لا يفسد الصوم بابتلاع الريق الذي في الفم، بلا اشكال و لا خلاف فيه كما قيل (51) ،
للاصل، و عدم صدق الاكل و الشرب عرفا، و استمرار عمل الناس طرا عليه. و لو اخرجه من فمه ثم ارجعه و ابتلعه فيفسد الصوم، بل ظاهر بعضهم انه اجماعي (52) .
لا لاجل حرمة ابتلاعه بعد خروجه عن الفم، لمنعه. بل لصدق الاكل حينئذ عرفا، فيقال: اكل الريق، فان الظاهر صدق الاكل بابتلاع كل ما
يدخل الفم من الخارج و لو خرج من الداخل، دون ما لم يدخل من الخارج اصلا. و ظاهر صاحب الحدائق عدم البطلان به، و عدم التفرقة بين ما كان في الفم و ما
خرج منه، حاكيا عن المحقق الاردبيلي الميل اليه ايضا (53) .و هو غير جيد، لما
ذكرنا. ز: في جواز ابتلاع النخامة - و هي ما يخرج من الصدر او يسترسل من الدماغ، كما يدل
عليه بعض كلمات اهل اللغة (54) ، دون الاول فقط، كما يعطيه كلام بعض الفقهاء (55) -و
بطلان الصوم به، و عدمه قبل الانفصال من الفم، اقوال ثلاثة: الاول: عدم البطلان مطلقا، ذهب اليه في المعتبر و المنتهى و التذكرة و
المدارك (56) و بعض آخر (57) ، للاصل، و رواية غياث: «لا باس بان يزدرد الصائم نخامته » (58) ، و
عدم تسميته اكلا و لا شربا، و مساواته للريق في عدم وصوله من الخارج، و عدم
انفكاك الصائم عنه الا نادرا، و صحيحة ابن سنان المتقدمة المتضمنة لحكم القلس. و الثاني: عدمه في الصدرية و البطلان في الدماغية، الا ان يتعدى الى الحلق بعد
الاسترسال و قبل الوصول الى الفم، و هو ظاهر الشرائع و الارشاد (59) ، و لعله لصدق
الاكل عليه، و عدم صدق النخامة المجوز ابتلاعها في الرواية، لزعم اختصاصها بما
يخرج من الصدر. و الثالث: البطلان بابتلاعها بعد وصولها الى الفم، حكى عن الشهيدين (60) .و هو
الاحوط، و ان كان الاول اظهر، لما مر من الاصل، و اطلاق الخبر، و عدم معلومية صدق
الاكل ما لم ينفصل عن الفم. ح: الحق جواز المضمضة للصائم مع كراهة، وفاقا للاكثر (61) ، اما الجواز فللاصل، و
لرواية حماد: الصائم يتمضمض و يستنشق؟ قال: «نعم، لكن لا يبالغ » (62) . و رواية يونس: «و الافضل للصائم ان لا يتمضمض » (63) ، و هى دليل الكراهة ايضا. خلافا للمحكي عن الاستبصار و المنتهى، فقالا بالتحريم في غير الوضوء (64) ، و لعله
لرواية المروزي المتقدمة، المتضمنة لوجوب الكفارة بامور منها: المضمضة (65) . و هي مردودة بما مر من عدم وجوبها ببعض ما فيها اجماعا، فلا بد من ارتكاب
تجوز، و بعد فتح بابه تتسع دائرته فلا تفيد. ثم لو تمضمض و دخل الماء في حلقه فياتي حكمه (66) . الثالث: الجماع في قبل المراة، انزل ام لم ينزل. و هو حرام علي الصائم اجماعا، كتابا و نصا و فتوى، و موجب للقضاء و الكفارة،
بالاجماع، و السنة المتواترة: كصحيحة البجلي: عن الرجل يعبث باهله في شهر رمضان حتى يمنى، قال: «عليه من
الكفارة مثل ما على الذي يجامع » (67) . و رواية المفضل: في رجل اتي امراته و هو صائم و هي صائمة، فقال: «ان كان استكرهها
فعليه كفارتان، و ان كانت طاوعته فعليه كفارة و عليها كفارة » (68) . و موثقة سماعة: عن رجل اتي اهله في رمضان متعمدا، فقال: «عليه عتق رقبة، و اطعام
ستين مسكينا، و صيام شهرين متتابعين، و قضاء ذلك اليوم » (69) ، و رواية الهروي
المتقدمة (70) ، الى غير ذلك. و تدل عليه عمومات القضاء و الكفارة بالافطار، فان ذلك ايضا، افطار كما
صرح به في الاخبار، كالخصالي: «خمسة اشياء تفطر الصائم: الاكل، و الشرب، و
الجماع، و الارتماس في الماء، و الكذب على الله و رسوله و الائمة عليهم السلام » (71) ،
و قريب منه في الرضوي (72) . و كذا في دبرها على المشهور، بل على المعروف من مذهب الاصحاب كما في المدارك (73) ،
و على الظاهر من المذهب كما في المبسوط (74) ، و على مقتضى المذهب كما في الخلاف (75) ،
و بلا خلاف فيه كما فيه ايضا، و بالاجماع كما عنه ايضا و عن الوسيلة (76) . للشهرة، و الاجماع المحكى. و اطلاق النهى عن المباشرة في الآية الكريمة (77) ، خرج منه ما عدا الوط ء في القبل و
الدبر فيبقى الباقي، و متى ثبت التحريم كان مفسدا بالاجماع المركب. و لاطلاق البطلان بالجماع في طائفة من الاخبار. و لايجابه الجنابة المفسدة للصوم. و يرد على الاولين: عدم الحجية. و على الثالث: بان جعل الآية من باب التخصيص يوجب خروج الاكثر، و هو غير جائز،
فيجب حملها على المجاز، و هو اما الوط ء في القبل، او مطلق الجماع، الغير
المعلوم صدقه على وط ء الدبر، او غير المنصرف اليه، لعدم كونه من الافراد الشائعة. و منه يظهر رد الرابع ايضا. و على الخامس: بمنع الملزوم اولا، و الملازمة ثانيا. خلافا للمحكي عن المبسوط، حيث جعل البطلان احوط (78) ، و ان كان في كونه صريحا في
الخلاف نظر، لاحتمال ارادة الوجوب من الاحتياط في كلمات القدماء. نعم، هو الظاهر من المختلف (79) ، لان الاحتياط في كلامه ليس محمولا على الوجوب. نعم، يحتمل ارادة المبسوط الاستحباب ايضا، فكلامه محتمل للخلاف و ليس صريحا
في وفاق المشهور، ككلام من اطلق الجماع بل الوط ء ايضا -كالمقنعة و النهاية و
-او مقيدا بالفرج، كالجملين (81) و الاقتصاد و المصباح و
مختصره (82) . و من ذلك يظهر تطرق القدح في الاجماع المحقق في المسالة، و معه فيجب الرجوع
الى سائر الادلة، و الاصل مع عدم البطلان، و تدل عليه مرسلة على بن الحكم: «اذا
اتي الرجل المراة في الدبر و هى صائمة لم ينقض صومها، و ليس عليها غسل » (83) . و مرفوعة احمد بن محمد: في رجل اتى المراة في دبرها و هى صائمة، قال: «لا ينقض
صومها، و ليس عليها غسل » (84) . و لا فرق بين المفعول بها و الفاعل بالاجماع المركب. و اما دبر الغلام بدون الانزال، فالمشهور فيه ايضا-كما قيل- الافساد (85) ، بل
عن الخلاف: الاجماع عليه (86) ، لذلك الاجماع المنقول، و ايجابه الجنابة، و فحوى
ما دل على الفساد بوط ء المراة المحللة، و اطلاق الاخبار بوجوب القضاء او
الكفارة على المجامع.و في الكل نظر ظاهر. خلافا لمحتمل كل من ذكره. و تردد فيه في المعتبر و الشرائع و النافع (87) ، و هو في موقعه، بل الظاهر عدم
الفساد، للاصل، و لصحيحة محمد الحاصرة للمفطرات فيما ليس ذلك منها (88) . و منه يظهر قوة عدم الفساد بوط ء البهيمة مطلقا من دون انزال، وفاقا لمحتمل بعض
من ذكر، و صريح الحلى و الشرائع و التذكرة و المنتهى و التحرير و التلخيص (89) . و امر الاحتياط واضح، و هو مطلوب جدا خصوصا في المقام. الرابع: الاستمناء. و هو طلب خروج المنى مع خروجه بغير الجماع، فلا يضر الطلب بدون الخروج، و لا
الخروج بدون الطلب او التسبب اجماعا، كما انه يبطل الصوم بخروجه مع الطلب
كذلك. و على حرمته و فساد الصوم به الاجماع عن الانتصار و الغنية و المعتبر و
المنتهى (90) و غيرها (91) . و كذا ادعى جماعة الاجماع على ايجابه القضاء و الكفارة (92) ، و هو
ايضا-كسابقه-اجماع قطعا، فهو الدليل على الاحكام الثلاثة، مضافا الى
المعتبرة المستفيضة، كصحيحة البجلي المتقدمة (93) .. و مرسلة حفص بن سوقة: في الرجل يلاعب اهله او جاريته في قضاء شهر رمضان فيسبقه
الماء فينزل، قال: «عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع في شهر رمضان » (94) . و موثقة سماعة: عن رجل لزق باهله فانزل، قال: «عليه اطعام ستين مسكينا» (95) . و رواية ابي بصير: عن رجل وضع يده على شي ء من جسد امراته فادفق، فقال: «كفارته ان
يصوم شهرين متتابعين او يطعم ستين مسكينا او يعتق رقبة » (96) . و الرضوي: «و لو ان رجلا لصق باهله في شهر رمضان فادفق كان عليه عتق رقبة » (97) . و تؤيده-بل تدل[عليه] (98) -صحيحة محمد و زرارة: هل يباشر الصائم او يقبل في شهر رمضان؟
فقال: «اني اخاف عليه فليتنزه عن ذلك، الا ان يثق ان لا يسبقه مني » (99) . و صحيحة الحلبي: عن رجل يمس من المراة شيئا ا يفسد ذلك صومه او ينقضه؟ فقال: «ان
ذلك يكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المني » (100) . و موثقة سماعة: عن الرجل يلصق باهله في شهر رمضان، قال: «ما لم يخف على نفسه فلا
باس » (101) ، الى غير ذلك. و بوجوب الكفارة في تلك الاخبار ثبت الفساد و القضاء بالاجماع المركب. و اختصاص الاكثر باستمناء خاص غير ضائر، لعدم القول بالفصل.و في حكم الطلب عمدا
التسبب بمس المراة بالملاعبة او الملامسة او التقبيل لمن يعتاد الانزال مع
احدها، او يكرر ذلك حتى ينزل مع اعتياده بالتكرر، لصدق الانزال عمدا، فيكون بطلان
صومه و وجوب القضاء و الكفارة مجمعا عليه (102) . و يدل على الحكم اطلاق طائفة من الاخبار المتقدمة. و كذا ان لم يكن معتادا به، و لكن كرره قاصدا للانزال حتى يتفق، لما ذكر، و كذا
في القضاء و الكفارة، بل لو لم يكن معتادا و لم يقصده ايضا و اتفق معه الانزال،
وفاقا للمشهور كما عن المختلف و المهذب (103) ، بل المجمع عليه كما عن المعتبر بل
الخلاف (104) ، للاطلاقات المذكورة. خلافا لبعض المتاخرين، فلم يوجب مع عدم التعمد شيئا، لضعف غير الصحيحة الاولى
سندا، و ضعفها دلالة، لاحتمال كون لفظة «حتى » تعليلية (105) . و للمرسل المروي في المقنع: «لو ان رجلا لصق باهله في شهر رمضان فامنى لم يكن عليه
شى ء» (106) . و يجاب بانجبار الضعف-لو كان-بما مر من الشهرة المحكية و الاجماع المنقول،
مع ان منها الموثق الذي هو في نفسه حجة. و بضعف المرسل اولا، و مرجوحيته بالنسبة الى معارضاته ثانيا، لان القول
بمضمونه مذهب فقهاء العامة، كما عن الانتصار (107) . نعم، الثابت حينئذ هو القضاء و الكفارة، و اما حرمة العمل فلا، اذ لا وجه له مع عدم
الاعتياد و لا القصد. و في حصول الامناء بالنظر اقوال: عدم الافساد مطلقا، حكي عن الشيخ في الخلاف و الحلي (108) . و الافساد ان كان الى من لا يحل بشهوة، و عدمه ان كان الى من يحل، نسب الى
المفيد و المبسوط و الديلمي و ابن حمزة و التحرير (109) . و الافساد ان قصد به الانزال، او كرر النظر حتى ينزل من غير قصده، و عدمه بدونهما،
استقربه في المختلف (110) . و الافساد ان اعتاد الانزال عقيب النظر، و عدمه بدونه، اختاره بعضهم (111) . و الافساد ان كان من عادته ذلك و قصده، و عدمه بدونه، اختاره في المدارك (112) . و الظاهر اتحاد القولين الاخيرين. و كيف كان، فالحق: انه يفسد بتعمد النظر مع الاعتياد الانزال معه، او مع قصده، لصدق
تعمد الانزال معه، و هو موجب للفساد، لظاهر الاجماع، و اشعار بعض الاخبار
المذكورة (113) به..و لا يفسد بدونه، للاصل. احتج لسائر الاقوال بادلة بينة الوهن. و مثل النظر: التخيل و استماع الصوت في الحرمة و القضاء و الكفارة. الخامس: البقاء على الجنابة عمدا حتى يطلع الفجر الثاني. على الاظهر الاشهر في الحرمة و القضاء و الكفارة، بل بالاجماع كما عن
الانتصار و الخلاف و السرائر و الغنية و الوسيلة و التذكرة و المنتهى (114) ، بل
بالاجماع المحقق، لعدم قدح مخالفة الشاذ الآتي ذكره فيه، و هو الدليل عليه. مضافا الى صحيحة البزنطي: عن الرجل اصاب من اهله في شهر رمضان، او اصابته
جنابة، ثم ينام حتى يصبح متعمدا، قال: «يتم ذلك اليوم و عليه قضاؤه » (115) . و رواية المروزى: «اذا اجنب الرجل في شهر رمضان بليل، و لم يغتسل حتى يصبح،
فعليه صوم شهرين متتابعين، مع صوم ذلك اليوم، و لا يدرك فضل يومه » (116) . و رواية ابراهيم بن عبد الحميد، و فيها: «فمن اجنب في شهر رمضان، فنام حتى
يصبح، فعليه عتق رقبة، او اطعام ستين مسكينا، و قضاء ذلك اليوم، و يتم صيامه، و
لن يدركه ابدا» (117) . و فحوى الصحاح الموجبة للقضاء في النومة الثانية او الثالثة (118) ، او الموجبة له
مع نسيان الغسل (119) . و تؤيده المستفيضة المثبة للقضاء او الكفارة بالجملة الخبرية. خلافا في الثلاثة للمحكي عن المقنع للصدوق (120) و المحقق الاردبيلي (121) و السيد الداماد
في رسالته الرضاعية.. الا ان كلام الاول غير صريح في المخالفة، لنقله فيه رواية بذلك، و هو ليس صريحا في
الافتاء بمضمونها، و ان كان الغالب فيه-على ما قيل- فقواه بمتون الاخبار (122) .
و كذا الثاني، فان ظاهره في شرح الارشاد الاستشكال في المسالة، و ان كان[في] (123)
ظاهر كلامه نوع ميل اليه. للاصل، و الآيتين، و المستفيضة من الاخبار (124) . و الاول: مدفوع بما مر. و الثاني: بان غاية الآيتين العموم المطلق بالنسبة الى ما مر، فيجب
تخصيصهما، مضافا الى ضعف دلالتهما، اذ لا كلام في جوار المجامعة ما لم يحصل
العلم بعدم وسعة الزمان للاغتسال قبل الفجر، و حصول مثل ذلك العلم في غاية الندرة،
فانصراف المطلق الى مثله مشكل جدا، مع ان رجوع قيد: «حتى يتبين » في احدى الآيتين
الى غير الجملة الاخيرة غير معلوم، بل مقتضي الاصل العدم. و الثالث: بعدم حجية الاخبار المذكورة، لمخالفتها الاجماع، و لا اقل من
الشهرة العظيمة القديمة و الجديدة المخرجة للرواية عن الحجية، سيما مع موافقتها
للعامة في مقام المعارضة لروايات اخر لها مخالفة. مضافا الى كون كثير من هذه الاخبار اعم مطلقا من الاخبار المتقدمة، اما
من جهة شمولها للعمد و النسيان، او النومة الاولى الشاملة للنوم بقصد الاستيقاظ و
الاغتسال، كصحيحتى العيص، و صحيحة القماط، و رواية سليمان بن ابي زينبة، و رواية
اسماعيل بن عيسى: الاولى: عن رجل اجنب في شهر رمضان في اول الليل و اخر الغسل حتى يطلع الفجر، قال:
«يتم صومه لا قضاء عليه » (125) . و الثانية: عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيقظ ثم ينام قبل ان
يغتسل، قال: «لا باس » (126) . و الثالثة: عمن اجنب في اول الليل في شهر رمضان فنام حتى اصبح، قال: «لا شي ء عليه » (127) .
و الرابعة: عن رجل اجنب في شهر رمضان من اول الليل فاخر الغسل حتى طلع الفجر،
فكتب بخطه-الى ان قال-: «و لا شي ء عليه » (128) . و الخامسة: سالت الرضا عليه السلام عن رجل اصابته جنابة في شهر رمضان فنام
حتى يصبح، اى شي ء عليه؟ قال: «لا يضره و لا يفطر و لا يبالي » الحديث (129) . و ان امكن ان تعارض الموافقة للعامة بالموافقة لاطلاق الكتاب، التي هي ايضا من
المرجحات المنصوصة. و بمنع الاعمية المطلقة للاخبار الاخيرة، لان الاخبار الاولة ايضا ليست في
العمد صريحة و لا ظاهرة حتى تكون اخص مطلقا، بل الظاهر في الاكثر التعارض
بالتساوي، فالمناط في الرد هو الشذوذ المخرج عن الحجية، مع ان احدى صحيحتي
العيص لا تدل الا على جواز النوم، و بعضها مما يلوح منه آثار التقية من جهة نسبة
الحكاية الى عائشة. و في الثالث خاصة للمحكي عن المعاني و السيد في احد قوليه (130) ، و بعض متاخري
المتاخرين (131) ، و مال اليه في التحرير (132) ، للاصل، و صحيحة الحلبي: في رجل احتلم
في اول الليل او اصاب من اهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى يصبح، قال: «يتم
صومه ذلك، ثم يقضيه اذا افطر شهر رمضان و يستغفر ربه » (133) ، حيث ان اتباع
القضاء بالاستغفار ظاهر في عدم لزوم كفارة غيره. و الاصل مدفوع بما مر، و ضعفه غير ضائر، لان ما مر له جابر بما مر. و الصحيحة غير دالة على انتفاء الكفارة، لان الاستغفار ثابت معها ايضا. و قد يستدل ايضا بالاخبار المجوزة له، و فساده ظاهر، لاستلزامها نفي القضاء
ايضا.
فروع:
ا: ما مر انما هو حكم صيام شهر رمضان، حيث انه مورد الاخبار و محل الاجماع،
و مثله في الفساد: قضاؤه على الحق المشهور، لصحيحة ابن سنان: كتب ابي الى ابي عبد
الله عليه السلام-و هو يقضي شهر رمضان-: اني اصبحت بالغسل و اصابتني جنابة فلم
اغتسل حتى طلع الفجر، فاجابه: «لا تصم اليوم و صم غدا» (134) ، و النهي يدل على الفساد، و قرينة منها صحيحته الاخرى (135) . و موثقة سماعة الواردة في النومة الاولى، و فيها: اذا كان ذلك من الرجل و هو
يقضي رمضان؟ قال: «فلياكل يومه ذلك و ليقض، فانه لا يشبه رمضان شي ء من الشهور» (136) ،
و المراد من آخر الحديث: ان حرمة رمضان اوجبت ذلك الحكم في قضائه ايضا.او
المراد: ان القضاء ليس كصوم رمضان في وجوب الصوم و القضاء معا. و بخصوص هذه الاخبار يقيد اطلاق رواية ابن بكير: عن رجل طلعت عليه الشمس و هو جنب،
ثم اراد الصيام بعد ما اغتسل و مضى من النهار ما مضى، قال: «يصوم ان شاء، و هو
بالخيار الى نصف النهار» (137) . و لا ينافي الحكم قوله: «اذا افطر شهر رمضان » في صحيحة الحلبي المتقدمة، لان
المنافاة انما هي اذا كان المعنى: ان هذا الحكم انما هو اذا افطر شهر رمضان
فينتفي عن غيره بمفهوم الشرط، و لكن المعنى: انه يقضي اذا فرغ من صيام الشهر. بل لا منافاة على الاول ايضا، لان الحكم هو مجموع تمام الصوم و القضاء، و لا
شك انه مخصوص بصيام شهر رمضان. و كذا لا ينافيه اختصاص سائر النصوص مع كثرتها بصيام شهر رمضان، لان
الاختصاص فيها انما هو من جهة السؤال عنه. و اما غير الصومين من الواجبات المعينة و غير المعينة و الندب فليس كذلك، فلا
يفسد بالبقاء على الجنابة و لو عمدا على الاقوى، وفاقا للدروس (138) ، و جملة من
المتاخرين (139) ، و عن المعتبر: الميل اليه ايضا (140) ، بل هو ظاهر من قيد الحكم
برمضان، كالشيخ في الخلاف و ابن زهرة (141) ، و تردد في المنتهى (142) . لنا: الاصل الخالي عن المعارض مطلقا، لاختصاص اخبار الفساد بالصومين. مضافا في التطوع الى رواية ابن بكير المتقدمة، و الى رواية الخثعمي: عن التطوع، و عن صوم هذه الثلاثة الايام اذا اجنبت من اول الليل، فاعلم
اني قد اجنبت، فانام متعمدا حتى ينفجر الفجر، اصوم او لا اصوم؟ : قال: «صم » (143) . و موثقة ابن بكير: عن الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح، ايصوم ذلك اليوم
تطوعا؟ قال: «ا ليس هو بالخيار ما بينه و بين نصف النهار؟ ! » (144) . ب: لا يبطل الصيام بالاحتلام نهارا في شهر رمضان و لا في غيره بلا خلاف، للاصل،
و المستفيضة من الاخبار (145) . و يجوز له النوم بعده، للاصل، و صحيحة العيص. و اما ما في بعض الروايات: عن احتلام الصائم، قال: «اذا احتلم نهارا في شهر
رمضان فلا ينام حتى يغتسل » (146) ، فمحمول على الكراهة بقرينة الصحيحة، مع انه لا يفيد
ازيد منها. ج: يجوز الجماع في ليلة الصيام حتى يبقى لطلوع الفجر مقداره و الغسل، و مع
تبين ضيق الوقت لا يجوز، و لو فعل فسد صومه، و لو فعل ذلك ظانا سعة الوقت قالوا:
فان كان مع المراعاة لم يكن عليه شي ء و ان كان لا معها فعليه القضاء، و ياتي تحقيقه.
السادس: الكذب على الله سبحانه، او على رسوله، او على احد من الائمة عليهم
السلام. و هو محرم مفسد للصوم، و موجب للقضاء على الحق الموافق للشيخين (147) و القاضي و
الحلبي و والد الصدوق و الانتصار و الغنية و المنتهى (148) ، و جملة من مشايخنا (149) ، بل
للمشهور كما صرح به في الخلاف و الدروس (150) و يظهر من المبسوط (151) ، بل للاجماع كما
عن الانتصار و الغنية (152) . للمستفيضة، كرواية ابي بصير: «الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم » قال: قلت له: هلكنا،
قال: «ليس حيث تذهب، انما ذلك الكذب على الله و على رسوله و على الائمة » (153) . و الاخرى: «ان الكذب على الله و على رسوله و على الائمة يفطر الصائم » (154) . و الثالثة: «من كذب على الله و على رسوله و هو صائم نقض صومه و وضوءه اذا تعمد» (155) و موثقة سماعة: عن رجل كذب في رمضان، قال: «قد افطر و عليه قضاؤه » ، فقلت: و ما كذبته؟
قال: «يكذب على الله و على رسوله » (156) . و الاخرى: عن رجل كذب في شهر رمضان، قال: «قد افطر و عليه قضاؤه و هو صائم يقضي صومه
و وضوءه اذا تعمد» (157) . و المروي في الخصال: «خمسة اشياء تفطر الصائم: الاكل، و الشرب، و الجماع، و
الارتماس في الماء، و الكذب على الله و رسوله و الائمة » (158) . و الرضوي: «و اتق في صومك خمسة اشياء تفطرك: الاكل، و الشرب و الجماع، و الارتماس
في الماء، و الكذب على الله و رسوله و الائمة » (159) ، و بمفاده آخر ايضا (160) . و ضعف سند بعضها عندنا غير ضائر، و لو سلم فما مر من دعوى الاجماع و الشهرة له جابر.
و للكفارة، وفاقا لاكثر من ذكر ايضا، للاخبار المذكورة المثبتة للافطار به،
الموجب للكفارة بما مر من العمومات المتقدمة في الامر الاول. و دعوى تبادر الاكل و الشرب من الافطار ممنوعة، و المعنى اللغوي له صادق على كل
ما يفسد الصوم. خلافا في الجميع للمحكي عن جمل السيد و الحلي و العماني و المحقق (161) و الفاضل في
اكثر كتبه (162) ، و اكثر المتاخرين (163) ، للاصل، و الصحيحة الحاصرة للمفطرات في
اشياء ليس ذلك منها (164) ، و ضعف تلك الاخبار سندا، و تضمن جملة منها على ما لا يقول
به احد من نقض الوضوء به ايضا، و بعض منها على ما هو خلاف المشهور من الافطار
بالارتماس ايضا. و الاصل مندفع بما مر، و الصحيحة مخصصة به، و الضعف في الجميع ممنوع، و لو كان
فمجبور، و التضمن لما لا يقول به احد-او لا يفتي به جماعة-غير مخرج لتتمة الخبر
عن الحجية، مع ان الحجة غير منحصرة فيما يتضمن ذلك، بل فيما لا يتضمنه غناء عنه.
و تجويز حمل قوله: «و هو صائم » في الموثقة الثانية على صحة صومه-فالمراد من
الافطار فيها نقص كمال الصوم-حمل بعيد، بل المعنى: يتم صومه. نعم، لو كان الاحتجاج بقوله: «يقضي صومه و وضوءه » فقط لما تم الدلالة، لان حمل: «يقضي »
على مجاز متعين، لمكان قوله: «و وضوءه » ، و حذف فعل آخر للوضوء ليس باولى مما ذكر. و منه يظهر عدم تمامية الاستدلال بالرواية الثالثة ايضا، بل يظهر تطرق الخدش في
الخصالي و الرضوي ايضا على القول بعدم كون الارتماس مبطلا، و لكن مع ذلك كله لا
يضر في المطلوب، لكفاية البواقي فيه. و في الثالث خاصة للنافع و محتمل القواعد (165) ، و لعله للاصل، و خلو النصوص منها، سيما
ما يتضمن منها لايجابه القضاء، لورودها في مقام الحاجة. و الاصل يدفعه ما ذكر، و خلو النصوص عن ذكرها بالخصوص-مع تضمنها لما
يستلزمها-غير ضائر، و كون ما يتضمن القضاء في مقام الحاجة ممنوع.
فروع:
ا: لا يختص الفساد بذلك بصيام شهر رمضان، لاطلاق اكثر الروايات. ب: لا اختصاص للكذب عليهم بحكاية قول عنهم عليهم السلام كما قد يتوهم، بل يشملها و
حكاية الفعل و التقرير ايضا، لصدق الكذب عليهم. ج: لا خفاء في ان حكاية فعل او قول يعلم عدم مطابقته للواقع كذب على الله و ان كان
مطابقا في الواقع، لان المناط في موارد التكاليف علم المكلف. و كذا ما لا يظن مطابقته و لا عليه امارة، اما لقيام عدم الصدور بالاصل و
الاستصحاب مقام عدم الصدور الواقعي، او لثبوت ارادة مثل ذلك ايضا من الكذب
على الله و لو تجوزا بالاجماع. د: لو ورى في النسبة-كان يقول: قال علي كذا، و اراد شخصا مسمى بعلي، او كتب نفسه
حديثا مجعولا في صحيفة و قال: رايت منسوبا الى الامام كذا-فالظاهر كونه كذبا
على الامام، لان المقصود افهام الامام و كتاب الغير، و كذا يفهمه السامع،
و القرينة قائمة، فهو المستعمل فيه حقيقة، فيكون كذبا. ه: لو ذكر حديثا كذبا ثم ظهر صدقه قبل القضاء، فهل يسقط، ام لا؟ الظاهر: لا، لبطلان صومه اولا، و استقرار القضاء في ذمته. و: ان ظن قوله به بامارة يعتبر مثلها في العرف او مطلقا، فالظاهر عدم كونه
كذبا عليه، سيما اذا كان الظن مما ثبتت حجيته في مثل ذلك القول. و الاحوط: عدم النسبة مطلقة، بل نسبته الى تلك الامارة او الظن او نحوهما
مما لا يستفاد منه القطع بالصدور. ز: الكذب عليهم اعم من ان يكون في امر الدين او الدنيا، كما عن المنتهى
التصريح به (166) ، لاطلاق الاخبار. ح: قيل: الظاهر دخول الحكم و الفتوى من غير من بلغ درجة الاجتهاد في هذا الكذب،
ان لم يكن ذلك عنه بطريق النقل من مجتهد، او اسناده الى الوقوع في خبر (167) . و هو كذلك، لانه اما يكون كذبا صريحا، او التزاما، لدلالته على انه حكم الله
سبحانه، و ليس كذلك. و قيل: تفسير القرآن و الحديث بما ليس ظاهرا و لا مدلولا عليه بقرينة او رواية من
الكذب على الله. و فيه تامل، الا ان ينسبه الى الله بقوله: قال الله سبحانه: كذا و كذا. ط: ما ينسب اليهم من الاقوال في اشعار المراثي و نحوها مما نقطع بعدم صدوره
عنهم، فان كان مما يعلم انه من مبالغات الشعر و اغراقاته المتعارفة فيها
المستحسنة فيها فالظاهر انه لا باس به، و ان لم يكن كذلك فيبطل به الصوم، و
الاحوط الاجتناب عن الجميع. السابع: القي ء اختيارا. فانه حرام و مفسد على الحق المشهور كما صرح به جماعة (168) ، بل بالاجماع كما عن
الخلاف و الغنية و المنتهى (169) ، للمستفيضة: كصحيحة الحلبي: «اذا تقيا الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم، فان ذرعه القي ء من غير
ان يتقيا فليتم صومه » (170) ، و قريبة منها الاخرى (171) . و موثقة مسعدة: «من تقيا متعمدا و هو صائم فقد افطر و عليه الاعادة، فان شاء الله
عذبه، و ان شاء غفر له، و من تقيا و هو صائم فعليه القضاء» (172) . و بمعناها موثقة سماعة (173) ، و مرسلة ابن بكير (174) ، و المروي في كتاب علي بن جعفر (175) . و موجب للكفارة على الاظهر، لكونه مفطرا كما في الاخبار (176) ، و الافطار يوجب
الكفارة كما مر. خلافا في الاولين للسيد و الحلي (177) ، للاصل، و الصحيح الحاصر. و صحيحة ابن ميمون: «ثلاثة لا يفطرن الصائم: القي ء، و الاحتلام، و الحجامة » (178) . و رواية ابن سنان: عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشي ء من الطعام، ايفطره ذلك؟
قال: «لا» ، قلت: فان ازدرده بعد ان صار على لسانه قال: «لا يفطره ذلك » (179) . و الاول: مندفع بما مر. و الثاني: مخصص به. و الثالث: مقيد به، لاطلاقه بالنسبة الى العمد و غيره، و هو اولى من حمل اخبارنا
على الاستحباب، لتقدم التخصيص على التجوز، مضافا الى منافاة قوله: «فان شاء
عذبه الله » . و كذا الرابع، على ان القلس لا يتعين ان يكون بمعنى القي ء، لاحتمال الجشا، كما نص
عليه في رواية سماعة: عن القلس-و هي الجشاة-يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير
ان يتقيا-الى قال-: «و لا يفطر صيامه » (180) ، بل في الخلاص و المهذب تفسيره بها خاصة. و لو تقيا لا عن اختيار لم يبطل اجماعا، كما صرح به غير واحد (181) ، للاصل، و
النصوص المتقدمة، و غيرها، كصحيحة معاوية: في الذي يذرعه القي ء و هو صائم، قال: «يتم
صومه و لا يقضي » (182) . خلافا للاسكافي، اذا كان القي ء عن محرم، فيكفر ايضا (183) . و هو-مع ندرته و مخالفته للاطلاقات-غير معلوم المستند. و في الثالث للاكثر (184) ، للاصل، و تبادر الاكل و الشرب من الافطار، و جوابه قد
مر.