المقصد الثالث: في قسمة الخمس و مصرفها
و فيه مسائل:
المسالة الاولى:
الخمس يقسم اسداسا: لله، و لرسوله، و لذي القربى، و اليتامى، و المساكين، و ابناء
السبيل، على الحق المعروف بين اصحابنا، بل عليه الاجماع عن صريح السيدين و
الخلاف (1) ، و ظاهر التبيان و مجمع البيان و فقه القرآن للراوندي (2) ، بل هو اجماع
حقيقة، لعدم ظهور قائل منا بخلافه، سوى شاذ غير معروف لا تقدح مخالفته في الاجماع،
فهو الدليل عليه، مضافا الى ظاهر الآية الكريمة (3) ، و صريح الاخبار المستفيضة: كمرفوعة احمد، و فيها: «فاما الخمس فيقسم على ستة اسهم: سهم لله، و سهم للرسول، و
سهم لذوي القربى، و سهم لليتامى، و سهم للمساكين، و سهم لابناء السبيل، فالذي لله
فلرسوله، فرسول الله احق به فهو له، و الذي للرسول هو لذوي القربى و الحجة في
زمانه، فالنصف له خاصة، و النصف لليتامى و المساكين و ابناء السبيل من آل
محمد الذين لا تحل لهم الصدقة و لا الزكاة، عوضهم الله مكان ذلك الخمس » (4) . و مرسلة حماد: «و يقسم بينهم الخمس على ستة اسهم: سهم لله، و سهم لرسول الله، و سهم
لذوي القربى، و سهم لليتامى، و سهم للمساكين، و سهم لابناء السبيل، فسهم الله و
سهم رسول الله لاولي الامر من بعد رسول الله وراثه، فله ثلاثة اسهم: سهمان وراثة،
و سهم مقسوم له من الله، فله نصف الخمس كملا، و نصف الخمس الباقي بين اهل بيته،
فسهم ليتاماهم، و سهم لمساكينهم، و سهم لابناء سبيلهم » الى ان قال: «و انما جعل
الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس و ابناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات
الناس، تنزيها من الله لهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه و آله » الحديث (5) . و مرسلة ابن بكير في قوله تعالى: «و اعلموا» الى آخره، قال: «خمس الله للامام، و خمس الرسول للامام، و خمس ذوي القربى لقرابة الرسول
الامام، و اليتامى يتامى آل الرسول، و المساكين منهم، و ابناء السبيل منهم،
فلا يخرج منهم الى غيرهم » (6) . و المروي في رسالة المحكم و المتشابه للسيد عن تفسير النعماني: «و يجزا هذا الخمس على ستة اجزاء، فياخذ الامام منها سهم الله و سهم الرسول و
سهم ذوي القربى، ثم يقسم الثلاثة الباقية بين يتامى آل محمد و مساكينهم و ابناء
سبيلهم » (7) ، و غير ذلك. خلافا للمحكي في المعتبر و الشرائع و التذكرة و المنتهى و الجامع عن بعض
اصحابنا (8) ، فيقسم خمسة اقسام باسقاط سهم الله، فواحد للرسول و الاربعة للاربعة. و في شرحي الشرائع لابن فهد: انه لا يعرف به قائلا (9) ، و هو مذهب الشافعي و ابي حنيفة، و
استدل له بالآية بتاويلها بما يوافقه، و بصحيحة ربعي (10) . و الاول: مدفوع بتقديم الظاهر على التاويل، سيما مع تفسيرها بالظاهر في
الاخبار (11) . و الثاني: بانه حكاية فعله صلى الله عليه و آله، فلعله اقتصر من سهميه على سهم و جزء
من سهم تفضلا منه على اقربائه. و لا ينافيه قوله فيها: «و كذلك الامام ياخذ كما اخذ الرسول صلى الله عليه و
آله » ، لجواز ان يكونوا يتاسون به، فانه ايضا خبر، و لا دليل على تاويله
بالانشاء، مع انه على التاويل ايضا لا يفيد التعين، فلعله لهم ارجح و لو للتاسي، و
مع المعارضة فالترجيح لما مر بالاكثرية و الاشهرية و موافقة الكتاب و مخالفة
العامة.
المسالة الثانية:
سهم الله لرسوله، و سهما الرسول للامام من بعده اجماعا، و تدل عليه المراسيل
الثلاث (12) ، و رواية رسالة المحكم و المتشابه (13) ، و صحيحة البزنطي، و فيها: فما
كان لله فلمن هو؟ فقال: «لرسول الله، و ما كان لرسول الله فهو للامام » (14) . و لا يعارضه قوله في رواية الجعفي: «فاما خمس الرسول فلاقاربه » (15) ، لانه يجب
ارادة اشرف الاقارب تجوزا بالقرينة المذكورة. و سهم ذي القربى ايضا له على الحق المشهور، بل المجمع عليه، كما عن السرائر و
ظاهر الخلاف (16) ، و في الحدائق: انه اتفقت عليه كلمة اصحابنا (17) . و يدل عليه-بعد الاجماع المحقق-ظاهر الآية، حيث ان الظاهر مغايرة المعطوف
للمعطوف عليه، و لو كان المراد مطلق القرابة لا يبقى التغاير الكلي، و لانه لو
كان المراد المطلق لكان الظاهر: و لذوي القربى، مع انه لا دليل على ان المراد
بالقربى: القرب في النسب خاصة، فيمكن ان يكون القرب فيه و في الرتبة معا، فيجب
الاخذ بالمتيقن، و للاخبار المتقدمة الاربعة، و ضعفها سندا لو قلنا به لانجبر بما
ذكر. خلافا للمحكي عن الاسكافي (18) ، و يميل اليه كلام المدارك، فقال: هو لجميع قرابة
الرسول (19) . و استشكل في المسالة بعض الاجلة، لظاهر الآية، و لقوله في صحيحة ربعي: «ثم يقسم
الاربعة الاخماس بين ذوي القربى و اليتامى و المساكين و ابناء السبيل » (20) . و في رواية الجعفي: «و اما خمس الرسول فلاقاربه، و خمس ذوي القربى فهم اقرباؤه » . و يضعف الاول: بما مر من عدم الظهور لو لا ظهور خلافه، مع انه مع الظهور يجب
الصرف عنه بالاخبار المتقدمة المعتضدة بما ذكر، المخالفة (21) للعامة. و الثاني: بان فعله عليه السلام يمكن ان يكون برضا الامام، او يكون المراد
بذوي القربى: الامير و الحسنين. و الثالث: بانه لا يخالف ما ذكرنا، لاحتمال ان يكون المراد بالاقرباء: الائمة، و جمعه باعتبار التعدد و لو في الازمان و هو و ان كان مجازا الا انه
على العموم لا بد من التخصيص بما ذكرنا.
المسالة الثالثة:
لا فرق فيما ذكر من قسمة الخمس اسداسا بين الاقسام الخمسة، فيقسم خمس
الارباح و المكاسب ايضا ستة اقسام، فمصرفها مصرف سائر الاخماس، وفاقا
لظاهر جمهور القدماء (22) و معظم المتاخرين (23) . لظاهر الآية، و قوله في مرسلة حماد الطويلة: «و هؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة
النبي، الذين ذكرهم الله تعالى، فقال: «و انذر عشيرتك الاقربين » ، و هم بنو عبد
المطلب انفسهم، الذكر منهم و الانثى (24) . و في مرسلة احمد: «و اما الخمس فيقسم على ستة اسهم » الى ان قال: «فالنصف له خاصة، و
النصف لليتامى و المساكين و ابناء السبيل من آل محمد، الذين لا تحل لهم الصدقة
و لا الزكاة، عوضهم الله مكان ذلك الخمس » (25) . و احتمل جملة منهم اختصاصه بالامام (26) ، لدعوى دلالة جملة من الروايات عليه،
لدلالة بعضها على تحليلهم هذا النوع للشيعة (27) ، و لو لا اختصاصهم به لما ساغ لهم ذلك،
لعدم جواز التصرف في مال الغير. و لاضافته في بعض آخر الى الامام، بمثل قول الامام: «لي الخمس » او: «لنا خمسه »
او: «حقنا» ، و قول الراوي: حقك، او: لك، و امثال ذلك. و لتصريح جملة من الاخبار بانه لهم خاصة، كرواية ابن سنان المتقدمة (28) . و يرد على الاول-بعد المعارضة-: (النقض) (29) بجملة من الاخبار المحللة للخمس بقول مطلق،
بحيث يشمل هذا النوع و غيره، بل غير الخمس من اموال الفقراء، بل كثير منها صريح في
غيره، كرواية عبد العزيز ابن نافع المصرحة بتحليله ما سباه بنو امية لرجل
استاذنه (30) . و رواية ابراهيم بن هاشم: كنت عند ابي جعفر الثاني عليه السلام اذ دخل صالح بن
محمد بن سهل-و كان يتولى له الوقف بقم-فقال: يا سيدي، اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل،
فاني انفقتها، فقال له: «انت في حل » فلما خرج صالح فقال ابو جعفر عليه السلام:
«احدهم يثبت على اموال آل محمد و ايتامهم و مساكينهم و فقرائهم و ابناء سبيلهم
فياخذها، ثم يجي ء فيقول: اجعلني في حل، اتراه ظن اني اقول: لا افعل؟ ! و الله
ليسالنهم يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا» (31) . و صحيحة عمر بن يزيد: رايت مسمعا بالمدينة و قد كان حمل الى ابي عبد الله عليه
السلام تلك السنة مالا فرده ابو عبد الله عليه السلام عليه، فقلت له: لم رد عليك
ابو عبد الله المال الذي حملته اليه؟ قال: فقال: اني قلت له حين حملت اليه المال:
اني كنت وليت البحر من الغوص فاصبت اربعمائه الف درهم، و قد جئتك بخمسها
ثمانين الف درهم، و كرهت ان احبسها عنك او اعرض لها و هي حقك الذي جعل الله لك
في اموالنا-الى ان قال-فقال: «يا ابا سيار، قد طيبناه لك و احللناك منه » الحديث (32) . مع انهم لا يقولون بالاختصاص بالامام في غير هذا النوع، فما هو جوابهم عن
ذلك فهو جوابنا فيما نحن فيه، مع عدم جواز تصرفهم في مال الغير مطلقا، كيف
لا؟ ! و هم اولى بالمؤمنين من انفسهم، فما ظنك باموالهم؟ ! و في رواية الكابلي: «ان رايت صاحب هذا الامر يعطي كل ما في بيت المال رجلا
واحدا فلا يدخلن في قلبك شي ء، و انما يعمل بامر الله » (33) . و في صحيحة زرارة: «الامام يجري و ينفل و يعطي ما شاء قبل ان تقع السهام، و قد قاتل
رسول الله صلى الله عليه و آله بقوم لم يجعل لهم في الفي ء نصيبا، و ان شاء قسم ذلك
بينهم » (34) . و في رواية ابي بصير: «اما علمت ان الدنيا و الآخرة للامام يضعها حيث يشاء، و
يدفعها الى من يشاء، جائز له ذلك من الله » (35) . و على الثاني: عدم الدلالة، لان ما كان منها بلفظ الجمع-كخمسنا، و حقنا، و لنا، و
امثال ذلك-فلاجمال ما به الاجتماع (36) يحتمل ارادة ذرية الرسول صلى الله عليه
و آله و سلم منه، الا ترى الى صحيحة محمد في قول الله تعالى: «و اعلموا انما غنمتم » الآية، قال: «هم قرابة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم،
فالخمس لله و للرسول و لنا» (37) . و في رواية الحلبي: الرجل من اصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة،
فقال: «يؤدي خمسنا و يطيب له » (38) . و في رواية ابي بصير: «كل شي ء قوتل عليه على شهادة ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول
الله فان لنا خمسه، و لا يحل لاحد ان يشتري من الخمس شيئا حتى يصل الينا حقنا» (39) . و ما كان بالاضافة فلاجمال ما لاجله الاضافة-حيث انه يكفي فيها ادنى
ملابسة-يحتمل ارادة ما يجب ان يصل اليهم، حيث ان لهم التصرف فيه. و لانه-كما مر في صحيحة عمر بن يزيد-اطلاق: حقك، على خمس الغوص، و الحكم بالملكية في
بعض الاضافات عرفا، انما هو بواسطة اصل عدم اختصاص لغيره، فلا يفيد في موضع
كان دليل على شركة الغير، و لا تعارض. و منه يظهر الايراد على ما يتضمن لفظة اللام مثل قوله: لي و للامام، فان ظهور
مثل ذلك في التمليك دون نوع من الاختصاص، مع انه لا يثبت من اللام سوى
الاختصاص باعتبار الاصل.و لذا لا يعارض قول القائل: اوصى بذلك لزيد، مع قوله:
اوصى ان يعطي زيد ذلك عمرا، و نحو ذلك. و لذا ورد في مرسلة الوراق: «و اذا غزوا باذن الامام فغنموا كان للامام
الخمس » (40) . هذا، مع ان لفظ: حقك، في رواية علي بن مهزيار ورد في كلام السائل، و لا حجية في
التقرير على الاعتقاد، و لذا عدل الامام الى قوله: «يجب عليهم الخمس » (41) . و اما في رواية النيشابوري (42) فيمكن كون اللام صلة لقوله: يجب لك، لا للاختصاص و
التمليك. و مما ذكر يظهر ما يرد على الثالث ايضا، مع ان رواية ابن سنان (43) لاشتمالها
على قوله: «غنم » تخالف الآية الكريمة و سائر ما دل على التشريك في الغنيمة-سواء حملت
الغنيمة على المعنى الخاص او العام- فلا تكون حجة، مع انه على الحمل على المعنى
الخاص يكون مخالفا لمختارهم ايضا. و اما حمل الغنيمة في الرواية على المعنى العام دون الآية فلا وجه له. مضافا الى
عدم امكان ابقائها على ظاهرها، لدلالتها على الاختصاص بسيدة النساء و الحجة من
ذريتها، و هو مما لا يقول به احد، لاشتراك الرسول و الامير اجماعا، مع ان مفادها
ليس الاختصاص بالحجة، بل بفاطمة و من يلي امرها من ذريتها، فلا يثبت منها حكم
بعد وفاة فاطمة و من يلي امرها، فتامل..و ايضا لا بد اما من التخصيص، او
التجوز في لفظة: «غنم » ، او التجوز في لفظة اللام، او تجوز آخر، و لا ترجيح.
المسالة الرابعة:
يعتبر في الطوائف الثلاث الاخر ان يكونوا من السادات على الحق المشهور، بل
عن الانتصار الاجماع عليه (44) ، للروايات الاربع (45) ، و رواية ابن سنان المتقدمة في
الارباح (46) ، و رايتي الجعفي (47) و سليم بن قيس (48) ، و حسنة ابراهيم بن هاشم المتضمنة
لقضية صالح بن محمد بن سهل (49) . و تؤيده الاخبار المتضمنة لمثل قوله: خمسنا، و حقك، و لي منه الخمس، و خمسنا اهل
البيت، و لنا الخمس (50) . خلافا للمحكي عن الاسكافي، فلم يعتبره، بل جوز صرفه الى غيرهم من المسلمين مع
استغناء القرابة عنه (51) . و هو-مع شذوذه-غير واضح المستند، عدا اطلاق بعض الظواهر، اللازم تقييده بالنصوص
المستفيضة المنجبرة بالشهرة العظيمة، بل الاجماع في الحقيقة. و اما الاستدلال باطلاق صحيحة ربعي (52) فغفلة واضحة، اذ الفعل لا عموم له.
المسالة الخامسة:
السادة هم: الهاشميون المنتسبون الى هاشم جد النبي، اي اولاد عبد المطلب من
بني عبد الله و ابي طالب و العباس و الحارث و ابي لهب، و استحقاقهم الخمس اجماعي. و يدل عليه قوله في مرسلة حماد المتقدمة بعضها: «و هؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم
قرابة النبي صلى الله عليه و آله و سلم، الذين ذكرهم الله تعالى فقال: «و انذر عشيرتك الاقربين » و هم بنو عبد المطلب انفسهم، الذكر منهم و الانثى، ليس فيهم من اهل بيوتات قريش
و لا من العرب احد، و لا فيهم و لا منهم في هذا الخمس من مواليهم، و قد تحل صدقات
الناس لمواليهم، و هم و الناس سواء، و من كانت امه من بني هاشم و ابوه من سائر
قريش فان الصدقات تحل له و ليس له من الخمس شي ء، لان الله يقول: «ادعوهم لآبائهم » »
الحديث (53) . و يؤيده ايضا تصريح الاخبار بان الخمس عوض الزكاة (54) ، و استفاضتها في حرمتها
على بني هاشم. و هذه الادلة قرائن على ارادة بني هاشم من آل محمد و اهل بيته الذين وقع في بعض
الاخبار التصريح بان هذا الخمس لهم (55) . و لا يستحقه غيرهم على الحق المشهور، لمرسلة حماد (56) ، و عدم صدق آل محمد و اهل بيته
على غيرهم. خلافا للمحكي عن المفيد و الاسكافي (57) ، فجوزاه للمطلبي، اولاد المطلب عم عبد
المطلب. لموثقة زرارة: «لو كان العدل لما احتاج هاشمي و لا مطلبي الى صدقة، ان الله جعل لهم
في كتابه ما كان فيه سعتهم » (58) . و هي بمخالفة الشهرة العظيمة الموجبة لشذوذها مردودة، مع ان بمعارضتها مع ما ذكر
تخرج عن الحجية، فيجب الاقتصار على ما ثبت الاجماع في التعدي اليه من اهل
بيت النبي صلى الله عليه و آله و سلم، مع ان ارادة المنسوب الى عبد المطلب ممكن،
فان المركب ينسب الى جزئه الاخير.
المسالة السادسة:
المعتبر في الانتساب الى هاشم ان يكون بالاب، فلا يعطى من انتسب اليه
بالام خاصة، على الاظهر الاشهر، بل عليه عامة اصحابنا سوى نادر ياتي ذكره،
لمرسلة حماد المتقدمة (59) المعمول عليها عند الاصحاب، المنجبر ضعفها-لو كان-به. و خلافا للسيد، فيكتفي بالانتساب بالام ايضا (60) ، و نسب الى ابن حمزة (61) ، و
كلامه في الوسيلة-كما حكي-صريح في الاول (62) ، و مال اليه بعض الاجلة (63) ، و اختاره
صاحب الحدائق و بالغ فيه (64) . احتج السيد بصدق الولد على المنتسب بالبنت و الاب على الجد منها حقيقة.و قد بالغ
صاحب الحدائق في اثبات ذلك بالآيات و الاخبار و الاعتبارات. و زيد في الدليل ايضا بان جملة من الاخبار الواردة في الخمس انما تضمنت
التعبير بآل محمد و اهل بيته او آل الرسول او ذريته او عترته او قرابته او
نحو ذلك من الالفاظ، و لا يمكن النزاع في شمولها لاولاد البنات (65) . و رد الاول: بعدم اقتضاء صدق الولد على ولد البنت لاستحقاق المنتسبين بالام
للخمس مطلقا، اذ ليس في باب المستحقين للخمس انهم اولاد هاشم او اولاد رسول الله،
سوى المرسلة (66) المتضمنة للفظ: بنو عبد المطلب، المصرحة بارادة المنتسبين بالاب
خاصة. قال بعض الاجلة-بعد بيان النزاع في الاطلاق الحقيقي للفظ الولد و الابن و النسبة-: و
الحق انه لا طائل تحت هذا النزاع هنا، فانا لم نظفر من اخبار الخمس بخبر فيه لفظ
بني هاشم او الهاشمي.انتهى. اقول: استدلال السيد و من يحذو حذوه ليس منحصرا باطلاق لفظ الولد، بل محط استدلالة
على لفظ الولد و الابن كما تنادي به استدلالاتهم للاطلاق الحقيقي بمثل قوله سبحانه:
«و حلائل ابنائكم » (67) و قوله: «او ابنائهن او ابناء بعولتهن » (68) و بقوله صلى الله عليه و
آله و سلم: «ابناي هذان امامان » (69) ، و نحوها (70) . و لفظ الابن و ان قل وروده في باب المستحقين للخمس، و لكنه ورد -في باب من تحرم
عليه الصدقة-في الاخبار المستفيضة (71) جدا حرمتها على بني هاشم و بني عبد المطلب، و
استفاضت بذلك الروايات. بل ورد في بعض الروايات الصحيحة تعليق الحرمة على الولد ايضا، كما في صحيحة ابن
سنان: «لا تحل الصدقة لولد العباس و لا لنظرائهم من بني هاشم » (72) . و في رواية المعلى: «لا تحل الصدقة لاحد من ولد العباس، و لا لاحد من ولد علي عليه
السلام، و لا لنظرائهم من ولد عبد المطلب » (73) . و لا شك ان حرمة الصدقة تستلزم حلية الخمس استلزاما ثابتا بالاجماع المركب و
تتبع الاخبار. و قد يرد ذلك الدليل ايضا بان مع تسليم الصدق الحقيقي على ولد البنت يتعارض بمثله
من الاندراج تحت اطلاق مثل: القريشي، الذي يحرم عليه الخمس اجماعا، و ترجيح
الاطلاق الاول على هذا ليس باولى من عكسه. و فيه: ان هذا يصح انما لو كان هناك اطلاق لفظي في حرمة الخمس على ولد فلان، و لم يظفر
بمثله الى الآن.و اما الاجماع فلا يفيد، لوجوب الاقتصار فيه على المجمع عليه. فالصواب ان يرد الدليل الاول-بعد تسليم الصدق الحقيقي-بان المطلق بالدليل يقيد، و
العام يخصص، و المرسلة المذكورة (74) المعتضدة بالشهرة العظيمة المنجبرة بها مقيد و
مخصص، فلا بد من التقييد و التخصيص. و بذلك يجاب عن الثاني ايضا. و القدح فيه-بان المرسلة مخالفة للكتاب و موافقة للعامة، من حيث ان الكتاب العزيز
مصرح بصدق الابن على اولاد البنت، و العامة متفقون على خلافه، فيجب طرحها-مردود
بان ذلك انما هو في صورة وجود المعارض المساوي، و هو هنا مفقود، بل المعارض هنا
اعم مطلقا، فيجب تخصيصه. و القول-بان التخصيص بالاخص المطلق فرع التكافؤ، و هو هنا منتف، لتواتر
الاخبار على صدق الولد و الابن على اولاد البنت، و دلالة الكتاب عليه-غفلة، اذ لا
كلام لنا هنا في الصدق المذكور، و انما الكلام في استحقاق الخمس، و مطلقاته
يست باقوى من هذه المرسلة المعاضدة بالشهرتين بحيث لا تصلح لتخصيصها. و من هذا يظهر عدم مخالفة المرسلة للكتاب و لا موافقتها للعامة ايضا. فان قيل: التعليل بقوله: «لان الله تعالى يقول: «ادعوهم لآبائهم » (75) » ينافي صدق الابن
الحقيقي، و هو مخالف للكتاب و موافق للعامة. قلنا: ان اريد ان العلة مخالفة و موافقة فهي كلام الله سبحانه. و ان اريد التعليل بها كذلك، فهو انما يتم لو كان التعليل لعدم صدق الولد او
الابن، و لكنه لعدم استحقاق الخمس. غاية الامر ان جهة التعليل تكون لنا مخفية. سلمنا، و لكن طرح جزء من الخبر لا يوجب طرح باقيه، و لو كان الاول علة للثاني لو لم
يحتج في اثبات الاول الى علية، فان اللازم حينئذ التقية في التعليل، و هي لا
تثبت منها التقية في المعلول ايضا، فانه لو قال الشارع: الخمر نجس لانه
كالبول في الميعان، و طرحنا العلة-لكونها قياسا باطلا-لا يطرح اصل الحكم، بل نقول:
ان في التعليل تقية، او تقريبا لاذهان العامة، او احتجاجا عليهم بطريقتهم. نعم، لو ثبت الملازمة بين عدم استحقاق الخمس و عدم صدق الولد او الابن لكان لبعض
هذه الوجوه وجه، و لكنها غير ثابته، الا ترى ان الشيخين العالمين-الشيخ سليمان
بن عبد الله، و الشيخ عبد الله بن صالح البحرينيين-رجحا مذهب السيد في مسالة صدق
الولد و الابن، و منع الاول المنتسب بالام من الخمس، و توقف الثاني فيه (76) ؟ ! و منه يظهر ما في كلام شيخنا صاحب الحدائق (77) ، حيث نسب موافقة السيد في مسالة
الخمس الى جماعة من المتاخرين و القدماء بمحض موافقتهم له في مسالة صدق الولد و
الابن.
المسالة السابعة:
هل يجوز ان يخص بنصف الخمس الذي للطوائف الثلاث طائفة او طائفتان منها، ام يجب
البسط على الاصناف؟ المحكي عن الفاضلين (78) و من تاخر عنهما (79) : الاول، بل هو المشهور بين المتاخرين،
كما صرح به جماعة (80) . لصحيحة البزنطي الواردة في الخمس: افرايت ان كان صنف اكثر من صنف، و صنف اقل
من صنف، كيف يصنع به؟ فقال: «ذلك الى الامام، ارايت رسول الله صلى الله عليه و
آله و سلم كيف صنع؟ انما كان يعطي على ما يرى هو، كذلك الامام » (81) . و تضعف بعدم صراحتها في جواز التخصيص بطائفة، بل و لا ظهورها. نعم، تدل على عدم وجوب استيعاب اشخاص كل صنف. و عن المبسوط و الحلبي و التنقيح: الثاني (82) ، و مال اليه جمع من متاخري
المتاخرين، منهم: الذخيرة و الحدائق (83) و بعض شراح المفاتيح. و هو الاقوى، لظاهر الآية الشريفة (84) -فان اللام للملك او الاختصاص، و العطف يقتضي
التشريك في الحكم، و حملها على بيان المصرف خلاف الظاهر، و ارتكابه في الزكاة
لوجود الصارف، و هو هنا مفقود-و ظاهر المرسلتين المتقدمتين (85) ، و رواية رسالة
المحكم و المتشابه (86) ، و يدل عليه ايضا استصحاب شغل الذمة. و تردد في النافع و الشرائع في المسالة (87) ، و جعل الاحوط: الاول. و لا يجب بسط حصة كل صنف على جميع افراده مطلقا بلا خلاف فيه، و لا على الحاضر منهم
على الاشهر الاظهر. خلافا فيه للمحكي عن الحلي و الدروس (88) ، لاستلزام الاول العسر و الحرج المنفيين،
سيما في هذه الازمنة، مع كونه مخالفا لعمل الطائفة بل الاجماع بالضرورة، فتحمل
لاجله اللام في الآية على الجنس، و مقتضاه كفاية واحد من كل طائفة، و عدم دليل على
الثاني. لا يقال: الآية عامة، و التخصيص يرتكب بقدر المخصص، علم خروج غير الحاضرين بما مر،
فيبقى الباقي. قلنا: جعله من باب التخصيص يوجب خروج الاكثر، اذ ليس في كل بلد من الهاشميين
الا اقل قليل، فلا بد من حمل اللام على الجنس..على ان حمل الآية على الاستغراق غير
ممكن، لان استغراق اليتامى مثلا يتامى آل محمد الى يوم القيامة و ارادتهم
غير ممكنة، و ارادة يتامى كل عصر تجوز، و يتامى عصر الخطاب غير مفيد، فتامل.
فرعان:
ا: هل تجب التسوية في قسمة الاصناف، فيعطى كل صنف قسما مساويا للآخر، ام لا؟
مقتضى استصحاب الشغل و جعل السهام الثلاثة الاولى في الآية نصفا: الاول. و مقتضى اصل اطلاق الآية و ظاهر الصحيحة (89) : الثاني.و هو الاظهر، لذلك، كما صرح به
جماعة، منهم الشهيد في البيان (90) ، و ان كان الاول احوط. ب: على ما اخترناه من وجوب التقسيط على الاصناف، فهل يجب التقسيط في كل
فائدة بخصوصها من معدن و غوص و ربح، و من الارباح في كل ربح ربح من كل شخص؟ او
الواجب تقسيط خمس كل شخص مطلقا؟ او خمسه من كل سنة؟ احتمالات، الاوجه: وجوب التقسيط في خمس كل معدن و غوص و كنز و غنيمة بخصوصه، و في كل
ربح اذا اعطى خمسه قبل الحول، و لو خمسه بعد المؤنة، فيقسط خمس ارباح جميع الحول
بعد المؤنة.
المسالة الثامنة:
الحق اعتبار الفقر في مستحق الخمس من يتامى السادات، وفاقا لظاهر
الانتصار و النافع و الارشاد (91) ، بل للمشهور على ما صرح به جماعة (92) . لتصريح الاخبار (93) بان الله سبحانه عوضهم الخمس من الزكاة، و المفهوم من هذا
الكلام: اتحاد اهل الخمس و الزكاة في جميع الاوصاف سوى ما صار سببا للتعويض
و هو السيادة، و يتبادر منه كون اهل الخمس بحيث لو لا المنع من الزكاة لاجل
السيادة و التعويض لجاز لهم اخذ المعوض. و لقوله عليه السلام في آخر مرسلة حماد: «و جعل للفقراء قرابة الرسول نصف الخمس،
فاغناهم به عن صدقات الناس » الحديث (94) ، و صرحت بان النصف مقرر للفقراء فيعتبر الفقر
فيه. و قد يستدل بوجوه اخر لا اعتناء للفقيه بامثالها. خلافا للشيخ و الحلي و الجامع (95) ، فلم يعتبروا الفقر فيهم، لعموم الآية. و يجاب بوجوب تخصيصه بما مر. و لانه لو اعتبر الفقر فيهم لم يكن اليتامى قسما براسه. و يضعف باحتمال ان يكون ذلك لمزيد التاكيد كما في آية الزكاة (96) . و ظاهر المحكي عن المنتهى و التلخيص و التذكرة و التحرير و المختلف و المعتبر
و الشرائع و الدروس (97) ، التوقف في المسالة. و اما ابن السبيل فلا يعتبر فقره في بلده اجماعا.و الحق المشهور: اعتباره في
بلد التسليم، للمرسلة، و بها يقيد اطلاق الآية. و من جميع ذلك يظهر اختصاص ذلك النصف بالفقراء من السادات و عدم استحقاق
غيرهم بالمرة.
المسالة التاسعة:
الحق اشتراط الايمان فيه، وفاقا للاكثر، كما صرح به بعض من تاخر (98) ، و عن
الغنية و المختلف: الاجماع عليه (99) . للتعويض المذكور، و لما في مرسلة حماد (100) و غيرها (101) من ان اختصاص الخمس بقرابة
الرسول لكرامتهم و تنزيههم و رفعهم عن موضع الذل، و المخالف ليس اهلا لذلك..الا
ان يقال بجواز اجتماع جهتي استحقاق الاذلال و الكرامة، كما روي من الترغيب
الى اكرام شريف كل قوم (102) . و لقوله عليه السلام في رواية يعقوب بن شعيب-بعد السؤال عمن لم يتمكن من دفع
الزكاة الى اهل الولاية-: «يدفعها الى من لا ينصب » ، قلت: فغيرهم؟ قال: «ما لغيرهم الا الحجر» (103) . و في رواية الاوسي-بعد الامر بطرح الصدقة التي لا يجد لها محلا من اهل الولاية في
البحر-: «فان الله عز و جل حرم اموالنا و اموال شيعتنا على عدونا» (104) . و في رواية عمر بن يزيد: عن الصدقة على النصاب و على الزيدية، فقال: «لا تصدق عليهم بشي ء،
و لا تسقهم من الماء ان استطعت » (105) . و في رواية ابن ابي يعفور: ما تقول في الزكاة لمن هي؟ قال: فقال: «هي لاصحابك » ، قال: قلت: فان فضل منهم؟ قال: «فاعد عليهم » ، قال: قلت: فان فضل عنهم؟ قال «فاعد عليهم » ، قال: قلت: فان فضل عنهم؟ قال: «فاعد عليهم » ، قلت: فيعطى السؤال منها شيئا؟ قال: فقال: «لا و الله الا التراب،
الا ان ترحمه فان رحمته فاعطه كسرة » ثم اوما بيده فوضع ابهامه على اصابعه (106) .
و الظاهر ان المراد السؤال من المخالفين بقرينة المقام، و كراهة رد غيرهم من
السؤال كما قال سبحانه: «و اما السائل فلا تنهر» (107) . و اما قوله عليه السلام في رواية ابي بصير-بعد سؤال رجل: اعطي قرابتي من زكاة
مالي و هم لا يعرفون-: «لا تعط الزكاة الا مسلما، و اعطهم من غير ذلك » (108) .. و موثقته: عن الرجل يكون له قرابة محتاجون غير عارفين، ايعطيهم من الزكاة؟
قال: «لا، و لا كرامة، لا يجعل الزكاة و قاية لماله، يعطيهم من غير الزكاة ان اراد» (109) .
. فلا ينافي ما ذكرنا، لان المسئول عنه لم يكن من السادات، و الا لم يسالوا عن
اعطاء الزكاة، فلا يشمل غير الزكاة-المجوز اعطائه لهم- الخمس، مع ان الخمس في
زمانه كان يحمل الى الامام عليه السلام و لا يعطيه رب المال، و ان قرابة
السائل في الاولى كانوا معينين، و لا يعلم انهم من السادة او الرعية، فلا يعلم
شمول الخمس.
المسالة العاشرة:
لا تعتبر العدالة فيه بلا خلاف يوجد كما قيل (110) ، و قيل: و هو مما لا يعرف فيه مخالفا
بعينه (111) ، لاطلاق الادلة السليمة عما يصلح للمعارضة. و ربما يظهر من الشرائع (112) وجود مخالف، و في المدارك: انه مجهول (113) . و قيل: لعله السيد، فانه و ان لم يصرح باعتبارها ها هنا، و لكنه استدل على
اعتبارها في الزكاة بما يجري هنا، و هو الظواهر الناهية عن معونة الفساق و
العصاة (114) . و قال بعض الاجلة: بعض العبارات يشعر بالخلاف، و كلام ابن فهد في المهذب يصرح
به.انتهى.